|
عاش.. عاش
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 4256 - 2013 / 10 / 25 - 20:12
المحور:
كتابات ساخرة
في حدقة الإنتصاب الشعبي، يمر الأمير الجارح، الملك أو الرئيس، القائد الولهان.. فتصيح الجماهير: عاش... عاش،عاش،عاش.. تيمة صوتية في الأمازيغية للرعاة لردع قطيع من المعز،، على وزن غاض، غاض ،غاض.. التي هي تيمة صوتية للغربان.. من الكذب المحاق أن لغة الضاد هي لغة العرب، الغربان أيضا تنطق تيمة الضاد في نعيقها.. لذلك لا غرابة أن يكون الفكر أحيانا نعيقا.. في المغرب تداهم المواكب أفرشة وضعت في الطرقات، أفرشة هي أغلى ماتملكه الأسر الوضيعة التي أخذت منها سنة النوم المميت، أو الخضوع الورع، أقصد هذا التظاهر بالموت لفصيلة خاصة من الحشرات المغلوبة على أمرها.. الأفرشة تدهمها كل دواجن الموكب، فتصيح الجماهير: عاش.. "عاش" تيمة للقطيع حين يندلع في الغارة، حين تقتحم العنز سنابل الزرع، تنادي القبيلة : عاش ، عاش، عاش..! "عاش" بخلاف في اللغة، في قاموس التدجين: في الأمازيغية مثلا تقال للمعز المغير لتحذيره من غزوه للزرع، في ماعدا ذلك، تقال في أروقة أخرى، الامازيغ أيضا حين يمر موكب القائد، يصيحون :عاش فهل هي إذن، صدفة الهوية..؟ عاش السلطان..، تليه تيمة صوتية تأكيدية: عاش بتشديد وسكون الحرف الأخير، وهي حتما تلك التيمة الصوتية للتنبيه،، الله أعلم..!، في المغرب عادة الشعب لا ينطق بل ينعق، أما إذا نطق فتلك هي لغة أخرى.. يصبح الشعب ناطقا ادميا لكن ما يحيل إلى ورع الخنوع أكثر هو الصفيق،، الصفيق المتميز بلغة وجدانية عميقة.. يخطب القائد، يصفق الجميع.. في الديموقراطية يصفق الفريق لقائده، اليمين يصفق ليمينه واليسار يصفق ليساره.. هي معادلة نسبية للفرقاء ومفهومة من طرف الجمهور، وماذا بعد؟ هل تلزم هذه التصفيقات مجتمع متهالك يعرف مسبقا أنها مسرحية مفضوحة، في البرلمانات الكل راض لقوة نهيق حماره، أقصد فقط الفرق البرلمانية "المنتخبة" والصفيق صداه ملازم، لكل مداخلة مع ملاحظة خاصة، بعض دواجن البرلمان ميزتها التصفيق، وتبدو جلية حين يصفق أحد النوام لنقيضه مع اعتباري الخاص للنوم في البرلمان من حيث هو صفة محمودة ومعبرة في نفس الوقت، فالنوم أحيانا وإن كان يحدد صفة التخصص في التصفيق البرلماني، إلا أنه يوحي بما يناقض الصفة: “أنا لست من هذا العالم"، أقصد النائم"، هو في غارة أخرى تتطلب تلك الصيحة الجميلة للجمهور: عاش.عاش.عاش.. "عاش" الأمازيغية.. لقد قلت بانها تقال في الأروقة أيضا، لم أكذب قط إلا أن للتصفيق أمر خاص، صفيق العامة له وجدان خاص، القائد النقابي، القائد السياسي الموالي مثلا ذي الإستدلالات القوية التي تمس حيض المجتمع، تلقى تصفيقا حارا وقوي مثل قوة الجماهير، مع أن القائد أصلا مهيأ بحزمة تصفيق، عندما تراه يطلع في المنصة ترى التصفيق حارا في وجهه قبل أن تهله الجماهير.. بدليل فاضح: تعبر عادة تلك اللهفة المحيقة من الإنفلات اللسني القبلي قبل التهيؤ للكلمة في المنصة، تصيح بعض الحناجر: عاش..القا..، عاش الإتحاد.. عاش اتحاد القائد بالمنصة. هي مفارقة صعبة في التصفيق من حيث الكم، القائد وحده كم والجمهور كم آخر.. هل تصح المقارنة؟ ملايين التصفيقات، آلاف، مئات، مقابل نهقة واحدة: عاشت الإشتراكية، "عاش”..ت بلغة الردع الأمازيغية، تصبح شيئا آخر، أقصد "عاش" ذات الدلال العنزي. بعض التصفيق الودي، التعبير عن الإعجاب، مذل للذات نفسها.. ملكة الجمال نفسها حين تطل مشعة بابتساماتها الدلالية، محاطة بآلاف.. يا إلهي.! هل نحن في زمن القرابين..؟ يقترن ظهور التزين عادة بطقوس قديمة، قداس قديم توزف فيه المرأة لله عبر وكالة الكاهن، تنكح للكاهن بتيمة غراب: تنكح للإله، وكانت عند شعوب أخرى توزف لله مباشرة: يعني الأمر تماما، توزف للموت، قد يكون منظر تقديم قربان خلاصا يستحق التصفيق، أي أن تكون في مستوى الذهنية المدجنة مفركة الجناح التي تفهم جيد منطلقات الخلاص، لكن أن يصبح القربان والقداس مهرجان صفيق فتلك أرجوحة أخرى تصب في نفس التهذيب النفسي الذي يعني ببساطة أن تضع مسافة بينك وبين الآخر، ان تشعر بالنعمة الخلاقة في حظيرتك حين تشع في وجهك ابتسامة امرأة ملكة أو قائد أو سلطان أو نجم سبارطكي، حين تصفق، عادة تحدد موقعك التحتي تجاه الآخر.. أليس مفخرة كبيرة عند الناس ذكرى بزقة قلم وقع به كبير أو كبيرة؟ ملكة الجمال امرأة كانت بالأمس شهية الآلهة، الآن ابتسامتها بروك ..، لا أريد في الحقيقة أن أجحف في حق ملكات الجمال في مجتمعات تنتمي إلى الأنساق الكلبية..إنما أردت أن أكرس جهدا فارغا لتأسيس سيمة التصفيق المقرونة ب"عاش" الرعوية في اللغة الأمزيغية.. فهو حالة احتفالية بكل المقاييس، لكنه احتفال مدجن بغريزة الردع الفعلي في الحياة، ملكة جمال تحمل في المخيال الجمعي هذه الدلالة التاريخية من العهر التاريخي، رمز لقداس الموت، وبالتالي إحالة خفية لعشق موت الذات وارتكانها..ردع ذاتي، يصبح فعل عاش، التيمة الصوتية فعل ارتداد.. عاش القائد..!.. عاش.! تصبح ال"عاش" الثانية ارتداد ا، لا مشكلة في الأمر لأنها فقط تخضع لتيمة صوتية ومع ذلك هي في المغرب معبرة تماما.. تيمة نعيق من نوع بشري
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإنسان كائن عنصري
-
سوريا والهمج المتوحشون
-
مواقف وقضايا: في الفخ البروليتاري2 أسئلة أخرى
-
مواقف وقضايا: فخ البروليتاريا
-
انهيار الرأسمالية:انهيار أم وهم
-
الموقف مما يجري في مصر
-
مواقف وقضايا: القضية الأمازيغية
-
مواقف وقضايا: حول الثوابت المغربية
-
حركة تمرد المغربية وحركة 20 فبراير
-
الشرعية الثورية
-
مدخل إلى الديموقراطية التشاركية
-
الدولة الإشتراكية هي الدولة الرأسمالية، نقطة نظام
-
حوار مع صديقي المومن 1
-
الميثولوجيا الإلكترونية: سوريا نموذجا
-
تعويذة ضد الصمت
-
أبوليوس، هينبال والفراعنة، خواطر حول ثورات الشعوب في شمال إف
...
-
المرأة بين المنطق الذكوري والمنطق الأنوثي
-
عظمة الراسمالية: دورة الزمان البنيوي للرأسمالية (2)
-
عظمة الراسمالية: دورة الزمان البنيوي للرأسمالية
-
في بيتنا....قرد، قراءة نقدية
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|