أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - رثاء














المزيد.....

رثاء


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4256 - 2013 / 10 / 25 - 16:54
المحور: الادب والفن
    


كان يحدثني عن درجة ’العالمية‘ العلمية التي لا أزال لا أعرف ماذا تكون حتى الآن. وقد حدثني أيضاً عن سنوات إعارته مدرساً إلى الجزائر، ومن قبل ذلك عن السنوات الطويلة التي قضاها في خدمة الوطن مجنداً بالجيش المصري منذ قبل نكسة 67 حتى بعد العبور في أكتوبر 1973.
كان يحكى لي أيضاً عن سنوات طفولته بإحدى قرى مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية، ثم انتقاله للإقامة بحي المطرية بالقاهرة، والتدريس بإحدى المدارس المرموقة بمدينة نصر لتلاميذ تدرجوا فيما بعد حتى مناصب الوزراء والفنانين والكتاب والمفكرين والمهنيين البارزين. كان، بعد السبعين، أمامه متسع هائل من الوقت لكي يحكي ويستفيض في الحكاية بينما أنا مشغول على الدوام لا أكاد ألتقيه حتى أتمنى فراقه كي أعاود التركيز في عملي المستعجل.
كان مثلي من أصول ريفيه ولديه ابنتان ولم يرزقه الله أولاداً ذكوراً. كان كلما قابلني بصحبة ابنتي عائدين من دار الحضانة المجاورة ضحك في وجهي مداعباً: لا تكون كما الفلاحين، البنات زي البنين. الذي يربي بنتين ويحسن تربيتهما سوف تدخلانه الجنة!
كان قد زوج إحدى ابنتيه بينما كانت الأخرى لا تزال مخطوبة. في إحدى المرات التقاني مغموماً محسوراً وحدثني عن مشكلة مع الخطيب أدت إلى فسخ الخطوبة. كان مكتئباً بشدة، لدرجة أن حدثني عن التفكير في الذهاب إلى أقاربه في ’البلد‘ حيث لا يزال يحتفظ ببيت ملكه والبحث عن عريس مناسب من هناك لابنته سيئة الحظ هذه. في ذلك الوقت قال لي بنبرة تنم عن أسى وجدية: بقولك إيه. حاول تنجب ولد مع البنتين. آهه برده يخلي باله منهم ويسندهم لما يكبر! وهقولك على طريقة أكيدة إن شاء الله. أكثر من الحمد والاستغفار، لأن الله عز وجل يقول: " قلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمددكم بأموال وبنين..."؟
بعد عدة أشهر عاد الخطيب أدراجه، وأنجبت ابنته الكبرى زياد، ورزقني الله أيضاً الولد الذكر- إسماعيل. هنأته وهنأني ورأيت في عينيه سعادة غامرة بحفيده زياد. من ساعتها قد أصبح زياد شغله الشاغل، الذي تسبب في انقطاعه عن زيارتي بالأسابيع.
لكن هذه المرة الغيبة طالت. هي المرة الأولى التي ينقطع عني أشهراً متصلة. قلقت عليه وكان لابد من السؤال. أجابت زوجته: الأستاذ أحمد مات.
لا أنسى تحديه السمح لي أثناء ثورة 25 يناير أن الله سوف ينصر حسني مبارك ويحفظ مصر آمنة من الثائرين والمخربين أمثالي، من الإخوان المسلمين الخونة والمتآمرين المتأمركين حلفاء الإمبريالية والصهيونية. ثم، للمفارقة، في أثناء التحضير لمظاهرات 30 يونيو لإسقاط نظام الإخوان، تحداني مرة أخرى أن الله سوف ينصر السيد الرئيس د. محمد مرسي علينا ويحفظ مصر آمنة. هذه المرة مات قبل أن يرى محمد مرسي في نفس محبس حسني مبارك بعد عام وحيد في قصره. كان، بحكم طول التجربة مع الزمن، يكره الثورة والفوضى وينشد السكينة والأمان.
لم أحضر جنازته وإلى اليوم ذكراه لا تفارقني. أشعر بالندم لأني لم أنصت له أكثر. في كل مرة كان يريد أن يحكي المزيد، لكني كنت دائماً مشغول عنه. ما كنت أظن أن يأتي يوم ولا أجده. لعله يجد الراحة والسكينة في مثواه الأخير.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كبير الإرهابيين، إمام المغفلين
- في حب الموت
- حين تعبد الديمقراطية
- في آداب القتل الشرعي
- أنا الله
- جمال عبد الناصر، خيبة أمل نصف العرب
- القرآن دستورنا
- حاكموا لهم إلههم، أو أخلوا لهم سبيله
- إطلالة من الخارج على المزبلة السورية
- معاقبة التدخل القطري في الشأن المصري
- إمارة قطر، محمية أمريكية أم شوكة عربية؟
- وهم أسلمة الكافر بطبعه
- في آداب الصراع المسلح بين الدولة والثوار
- الدولة الرب
- الإخوان لا يتعلمون الدرس
- على طريق الإصلاح الديني-3
- على طريق الإصلاح الديني-2
- على طريق الإصلاح الديني
- المقدمة إلى الإصلاح
- ليبرالية مفلسة من داخل الصندوق


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - رثاء