أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فارس محمود - في ذكرى ثورة اكتوبر















المزيد.....



في ذكرى ثورة اكتوبر


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4256 - 2013 / 10 / 25 - 14:20
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


حوار مع فارس محمود
الى الامام: تصادف هذه الايام ذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية التي اندلعت شرارتها عام 1917، ما هي الدروس التي نستخلصها بعد مرور ستة وتسعين عام عليها؟
فارس محمود: ثمة دروس كثيرة مهمة يمكن استخلاصها من ثورة اكتوبر. ان اول درس يمكن استخلاصه هو ان الارضية المادية للثورات الاشتراكية قد ازف منذ زمن بعيد. الاشتراكية هي ليست امر بعيد المنال وحلما وتاريخا مقبلا في يوم غير معلوم وموجلاً. ان الارضية المادية والواقعية للتغيير الاشتراكي للمجتمعات هي قائمة، ماينقص هذا التغيير هو العامل الذاتي فقط، اي ان ترص الطبقة العاملة وتوحد صفها تحت راية اشتراكية عمالية وتدخل الميدان بوصفها قوة سياسية-اجتماعية متدخلة في الساحة السياسية وترسم مصير المجتمع بالضد من كل البدائل البرجوازية المطروحة. اي، بخلاف مايدعيه اليسار وفصائل واسعة من اشتراكيي عالمنا المعاصر الذين يؤمنون بحتمية تاريخية غيبية، بمهدي منتظر اخر، بحتمية تسلب من عملية التغيير الثوري، عنصره الفعال، ارادة الطبقة العاملة واشتراكييها. اويسوق قسما اخراً المبررات الهزيلة لذلك من مثل: تطور قوى الانتاج وغيرها. ان ثورة اكتوبر هي ثاني ثورة ينتزع العمال السلطة السياسية، بعد ثورة كومونة باريس. ان اخفاق كلا الثورتين ليس له ربط بقوى الانتاج وغيرها، بل له ربط بمكان اخر ساتحدث عنه لاحقاً.
الدرس الاخر الا وهو ضرورة تاسيس حزب شيوعي عمالي، لينيني، حزب سياسي ومنضبط، حزب يحشد قوى الطبقة العاملة من اجل السلطة السياسية وقلب المجتمع البرجوازي. ان التحزب والحزبية والحزب السياسي هي شروط لاغنى عنها للثورة والتغيير الاشتراكي. ان الحزب هو رمز الاستقلالية السياسية والطبقية. انه اداة التدخل في الصراع السياسي وحسم مصير المجتمع. حزب يدخل معمعة الصراع على السلطة ويتخذ التكتيكات المناسبة تجاه الاوضاع والظروف المختلفة. ومثلما يؤكد لينين، كدرس اخر ايضاً، في اوضاع الثورة، بوسع احزاب صغيرة ان تتحول الى احزاب مئات الالاف من الناس في اشهر معدودة اذا ما اتخذت التكتيكات والشعارات المناسبة. والعكس صحيح ايضاً، حيث تتحول احزاب كبيرة الى الهامش ان فقدت القدرة على الاجابة على متطلبات اللحظة التاريخية. وان ابرز مثال على ذلك هو الحزب البلشفي الذي تحول من حزب صغير في بداية 1917 الى حزب يستلم السلطة في غضون 8 اشهر. ان لاطروحات نيسان دور مهم في هذا التحول. بدون حزب سياسي للطبقة العاملة، لينيني، فان اي حديث عن تدخل جدي في الثورة، اي ثورة ناهيك عن اشتراكية، هو محال من الاساس. لايمكن مجابهة البرجوازية بشخصيات وحلقات وجماعات صغيرة. من السهل على المجتمع البرجوازي ان يهضمها بسهولة.
جانب اخر اود ان اشير اليه على عجالة، ان تحول الاشتراكية والافكار الاشتراكية وماركس والماركسية على صعيد عالمي واجتماعي واسع لاتاتي عبر اشاعة الافكار الماركسية، رغم اهميتها وضرورتها، بل من طرح النموذج امام العالم. ان ثورة اكتوبر بينت وعلى صعيد عالمي ان ارساء مجتمع اخر هو امر ممكن. ان شرط ذلك هو وعي الطبقة العاملة ووحدتها وافقها الاشتراكي، هذا الافق الذي يتطابق مع حاجات العمال ومجمل الجماهير المحرومة والكادحة في المجتمع. ان الماركسية والشيوعية كانت افكار وتيارات محدودة النطاق في عدة بلدان من اوربا. ان ماجعل ماركس ولينين والافكار الشيوعية يكون لها رواجاً على الصعيد العالمي كتيار فكري وسياسي بعد ذلك هو ثورة اكتوبر نفسها. ان ثورة اكتوبر هي من دفعت بماركس ولينين وبليخانوف الى مقدمة مكتبات العالم، وتم توظيف منهجهم في المراكز الفكرية، وان يكن كل منهم حسب اهدافه.
ان ثورة اكتوبر اضرمت شرارة الثورة في بلدان واسعة من العالم. ايمانا من جماهير تلك البلدان بان طالما العمال في روسيا قد انتصروا وانتزعوا السلطة السياسية، فهذا يعني امكانية اندلاعها هنا وامكانية انتصارنا. اذ بوسعنا ان نرى بسهولة كيف انها اججت المد الثوري والانتفاضات العمالية والتحررية على الصعيد العالمي ومنها انتفاضات الفلاحين والانتفاضات المناهضة للاستعمار والامبريالية وغيرها.
بيد ان اهم درس تعلمه ايانا ثورة اكتوبر هو الذي نستخلصه من اخفاقها وهزيمتها. اي الدرس الاساسي الذي علمتنا اياه الثورة هو ضرورة قيام الطبقة العاملة بالتغيير والقلب الاقتصادي للمجتمع بعد انتزاع السلطة السياسية. ان ميزة الثورة الاشتراكية والتغيير الاشتراكي عن الثورات البرجوازية هي مسالة التغيير والانقلاب الاقتصادي في المجتمع. ففي الوقت الذي تكتفي الانظمة البرجوازية المتعاقبة في التغيير السياسي او الاكتفاء ببعض الاصلاحات الاقتصادية الجزئية هنا وهناك والتي لاتتقاطع مع قدسية الملكية الخاصة وادامة العمل الماجور، الطبقة العاملة مدعوة لتغيير وقلب المجتمع اقتصاديا عبر الغاء العمل الماجور وارساء مجتمع اشتراكي. لقد انتزع العمال في روسيا السلطة السياسية ودحروا البرجوازية ومقاومتها، ولكن لظروف معينة، خارجة عن نطاق هذه المقابلة، لم يتمكن العمال من الغاء العمل الماجور وبالتالي، اديم الاقتصاد الروسي استنادا الى نمط اخر، الاقتصاد الذي يستند الى البرمجة الاقتصادية وتدخل الدولة، اي راسمالية الدولة في منتصف عشرينات القرن المنصرم، وهو الامر الذي ادى الى الحاق الهزيمة السياسية والاجتماعية بالثورة في حينه.

الى الامام: هناك ثورتين عظيمتين حدثتا في القرن العشرين هما ثورة اكتوبر والثورة الايرانية عام 1979، بماذا تختلف الثورتين عن الثورة المصرية والتونسية في القرن الواحد والعشرين؟
فارس محمود: اولاً لاتي على ثورتي اكتوبر والثورة الايرانية. ان وضعهم في سلة واحدة نوعا ما هو غير دقيق برايي. ان ثورة اكتوبر ذا اختلاف جدي عن الثورة الايرانية سواء من حيث ظروفها، الاوضاع العالمية والصراع بين القوى الامبريالية في وقتها وتحديدا الحرب العالمية الاولى ونتائجها، الازمة السياسية والفكرية للقومية والليبرالية بوصفها ابرز التيارات البرجوازية في عصرها، مدى الازمة السياسية التي تعصف بالبلد، الاختلاف في وجود معارضة برجوازية وحجمها ونفوذها وتاثيرها، درجة حضور الحركة الشيوعية وتيار الشيوعية العمالية على الصعيد العالمي في كلا الثورتين، درجة مشاركة الطبقة العاملة وحضورها السياسي، وجود حزب شيوعي وعمالي جماهيري والخ.
اذ حتى ان حدوثهما في قرن واحد لايعفي عن الاختلاف الكبير الذي طرا على طبيعة المجتمعات من بداية القرن الى قسمه الاخير. فالعالم تغير كثيرا خلال تلك الحقبة على جميع الاصعدة وبالاخص نضج البرجوازية العالمية وبالاخص فيما يتعلق كيفية قولبة اذهان البشرية باطر ومفاهيم ومقولات الطبقة الحاكمة وتشويه الوعي لدى الجماهير العمالية والكادحة بمصالحها الحقيقية والتي ساعدها في هذا التطور التكنولوجي والاتصالاتي والمعلوماتي الذي طرا من اوائل القرن حتى عقديه الاخيرين. اتعظت البرجوازية العالمية كثيرا من ثورة العمال في روسيا وكذلك الحال مع الثورات اللاحقة التي جاء قسم غير قليل منها بتاثير هذه الثورة.
ولهذا لتسهيل الامر، ساتطرق الى اختلاف الثورة الايرانية في 1979 عن الثورتين في مصر وتونس. لقد اشتركت كل هذه الثورات بكونها بدأت بوصفها ثورات عامة، ثورات "الجميع" على الديكتاتورية والقمع والاستبداد السياسي والفساد وغيرها. ثورات ترى بوضوح وبالاخص في الثورة الايرانية الطابع المعادي للامبريالية وامريكا بالذات. لم يسلم الشيوعيين من وهم معاداة الامبريالية وامريكا، واذا توخينا الدقة كانوا شيوعيين معاداة الامبريالية اساساً، وان التيار الوحيد الذي كان شيوعيا واضحا تجاه هذه المسالة هو اتحاد المناضلين الشيوعيين (المنظمة التي اسسها منصور حكمت مع رفاق اخرين في اواخر السبعينات)، الذي كان تيارا صغيرا في وقته وفي الحقيقية في بداياته.
شارك العمال في كل هذه الثورات بشكل واسع وكبير، ولكن ليسوا بهويتهم وبدورهم ولا افقهم ولارايتهم وشعاراتهم المستقلة، ولم يتحلوا براية واضحة. علما ان مشاركة الطبقة العاملة حية وواضحة. ولكن يرى المرء بوضوح ان الوعي الاشتراكي للطبقة العاملة ابان الثورة في ايران هو اكبر كثيرا مقارنة بعمال مصر وتونس، درجة الحضور والمطالبة العمالية المستقلة ابرز واوضح بكثير. لجأ العمال فوراً، وجراء وجود ميل اشتراكي قوي داخل الطبقة العاملة رغم اوهامه ونواقصه ومحدودياته الفكرية والسياسية كان عاملاً اساسيا في توجه العمال والطبقة العاملة الى تنظيم حركة المجالس مباشرة. اي دون التفكير بمسالة النقابات والاتحادات العمالية من الاساس. ان يدلل هذا على شيء يدلل على سعة الحركة الراديكالية والاشتراكية في الطبقة العاملة في ايران انذاك وتاثيرها ونفوذها الواضحين. ان الشعار الاساسي لعمال ايران ابان الثورة هو "كاكر نفت ما، رهبر سرسخت ما"-عاملنا في النفط، قائدنا الصلد-. اي ترى تعاطفاً عريضاً للعمال في ايران مع الاشتراكية والافكار الاشتراكية.
فيما يتعلق بتيار الاسلام السياسي، ينبغي ان ابين تيار خميني كان معارضة برجوازية اساسية ونشطة مليتانت لنظام الشاه، وقف تيار خميني مناهضا ومطالبا بازاحة الشاه للاخير دون القبول باي تراجع او مساومة. من جهة اخرى كانت الاوضاع العالمية مهيئة جدا لبروز تيار خميني وتسلمه للسلطة. ان الثورة الايرانية جرت ابان الحرب الباردة، كان الدفع بتيار اسلامي واستلامه للسلطة ذا اهمية خاصة بالنسبة للغرب في حينه للوقوف بوجه النفوذ السوفيتي والشيوعي في المنطقة، تيار بوسعه في بلد محاذي للاتحاد السوفيتي ان يقيم دولة اسلامية مناهضة بصورة قحة للشيوعية. لكن التيارات الاسلامية سواء في مصر او تونس كانت في مراحل كثيرة جزء من السلطة، تملقت للسلطة، لها اناس وحضور في البرلمان، اي معارضة هزيلة للسلطة الحاكمة، لحد انه في المراحل الاولى للثورة، اصطفت بجانب مبارك في مصر بوجه الثورة و"التخريب" وغير ذلك.
ان تيار خميني كان اكثر انسجاماً ومليتانت مقارنة بالاخوان المسلمين والنهضة. من الجدير بالذكر ان كان مجيء تيار خميني والجمهورية الاسلامية على انقاض ثورة من اجل الحرية والرفاه ومناهضة للديكتاتورية قد ادى الى الدفع بتيار الاسلام السياسي وشيوع الافكار الداعية الى "الاسلام هو الحل" وبروزه على صعيد المنطقة وتحوله الى تيار سياسي ينشد حصته من السلطة على صعيد عالمي، فان عام واحد من حكم الاخوان المسلمين في مصر وحكم النهضة في تونس كان كافية لقلب وازاحة الاول والضربات الموجعة التي تتلقاها النهضة في تونس، وان هذا ادى الى فرض تراجع سياسي واجتماعي جدي على الاسلام السياسي في المنطقة والعالم والحق بهم هزيمة نكراء. من الممكن ان في حالة ايران، لم يكن الاسلام السياسي تم تجريبه واختباره في مكان ما وفي تجربة سابقة عنه، وليس للجماهير تصور عن ماهيته العملية والواقعية، فيما ان الجماهير في مصر وتونس والمنطقة، ونظرا للخلفية والتجربة المرة للجماهير مع الاسلام السياسي الذي راته بام عينيها في ايران، افغانستان والعراق واليوم في سوريا قد تركت تاثيرا على وعي الجماهير بهذا التيار ذا السجل الدموي الكالح.
فيما يخص الجيش، لم يساور ثوريوا ايران على اختلاف مشاربهم السياسية ولا الحركة الاحتجاجية في ايران ابان الثورة اي توهم بالجيش. ان التوهم بالجيش والمؤسسة العسكرية في مصر هو توهم قوي نابع من سيادة الافكار الوطنية والقومية وغيرها. كما ان صلة الجيش وعلاقتها بالسلطة الحاكمة تختلف في ايران عنها في مصر. ان السلطة الحاكمة في مصر ومنذ اكثر من 6 عقود هي بيد مؤسسة الجيش من الناحية الواقعية، وان هذه المؤسسة لشدة اخطبوطيتها الاقتصادية والسياسية، بحيث من السهولة الحديث عنها كدولة داخل دولة. ان الحال في ايران الشاه او حتى في تونس بن علي لم يكن كذلك.
لا تتشاطر الجماهير في البلدان المذكورة الوهم بمبارك والشاه وبن علي. بيد انها تشترك بالوهم (وان يكن بدرجات متفاوتة) بالبرجوازية وتياراتها. لقد كان التوهم قويا بتيار خميني، ولكن التوهم باللاخوان والنهضة على صعيد المجتمعات في مصر وتونس لم يرتقي يوما الى درجة الوهم بتيار خميني.

الى الامام: سؤال طرحناه من قبل وهو ان قادة الحزب البلشفي قد ردوا على الكثير من المعضلات النظرية امام الطبقة العاملة الروسية مثلما جاء في كتابات لينين على سبيل المثال لا الحصر" المادية والنقد التجريبي، الامبريالة اعلى مراحل الراسمالية، الدولة والثورة.." هل كما يقول عدد من الكتاب والمحللين القوميين بأن احدى مشكلات او معضلات ثورتي مصر وتونس التي حالت دون تطورهما هي عدم وجود منظرين للثوريتين مقارنة مع ثورة اكتوبر؟ او اذا طرحنا السؤال بشكل اخر هل ان اية ثورة لا تنجح بدون منظرين او الرد على المعضلات النظرية التي تقف حائلا امام تطور الثورة؟
فارس محمود:
اولا اريد ان اوضح مسالة نختلف بها جدياً مع سائر فصائل اليسار. لاتتحول النظرية تتحول الى امر جماهيري وحاشد للقوى عبر الافكار ونشر الافكار، عبر النظرية بحد ذاتها. فليس بوسع الف نظرية ونظرية ان تغدوا شيء مادي ومؤثر في المجتمع الا من خلال قناة واحدة في المجتمع، السياسة. فعبر هذه القناة فقط تتحول النظرية الى امر جماهيري. ان مايردده لينين كثيرا حول "ليس ثمة حركة ثورية دون نظرية ثورية" لايعني ان النظرية هي قناة جماهيرية تيار ما او انتصار ثورته. ان هذا الفهم هو اقرب الى فهم مثقفين منه الى فهم يستند الى الية حركة المجتمع والثورة التي تندلع فيه هي ظاهرة اجتماعية معقدة قبل ان تكون ظاهرة تنبع من ميدان الفكر.
ان الصلة مابين الاوضاع الاجتماعية والنظرية الاشتراكية هي اذا كانت هذه النظرية تتطابق مع حاجات الطبقة العاملة في هذه المرحلة الخاصة، فبوسع هذه النظرية ان تتحول الى امر جماهيري في فترة قصيرة. اذ من المقرر ان تقوم النظرية بحل معضلة اجتماعية تمسك بخناق المجتمع وطبقاته، ولهذا ينبغي ان تتحول باديء ذي بدء الى برنامج عمل، وهذا البرنامج العمل تتبناه حركات اجتماعية تعتبر تلك النظرية اساس لها، يطرح على شكل بدائل سياسية واجتماعية امام المجتمع تختارها الجماهير، من بين برامج عمل اخرى كثيرة في المجتمع، عبر عملية ومجابهات سياسية وطبقية جدية. اي ان يتم الامر عبر السياسة وليس النظرية بصورة مباشرة. كلنا نعرف ان الطبقة العاملة في روسيا لم تسر وراء البلاشفة انطلاقاً من النظرية، بل انطلاقا من حاجات الطبقة التي تلخصت في السلم ابان الحرب العالمية الاولى والخبز وغير ذلك والتي رد عليه حزب سياسي، الحزب البلشفي. اي انه رد على حاجات هذه الطبقة في لحظة تاريخية معينة، فتحول من حزب على هامش الاوضاع والتحولات الى حزب انتزع السلطة في غضون اشهر قلال.
لناتي الى الامر من زاوية مشخصة ومحددة. المسالة الاساسية هي ان ثورة مصر وتونس لم تخرج لحد الان عن نطاق الثورة العامة، اي ثورة كل الساخطين على النظام. ان المشاركين في هذه الثورة هي طبقات وفئات واسعة بمطاليب وحاجات متفاوتة. ان الطبقة العاملة هي صاحبة المصلحة الاساسية في ادامة الثورة وتعميقها لتحقيق اهدافها في الحرية والمساواة. للاسف، لم يتم تسيير هذه الحركة، ولم يطرا فرز سياسي وطبقي جدي واضح على الثورة. بقت في نطاق الثورة العامة. من جهة اخرى، اذا اردنا انتصار الطبقة العاملة في هذه الثورة، فانه يستوجب اول مايستوجب هو وجود هذه الحركة السياسية والاجتماعية وان يقف حزب سياسي على راسها. اذ ان الحزب السياسي هو اداة هذه الحركة في الصراعات السياسية والتدخل السياسي وتحقيق الاهداف السياسية والاجتماعية لهذه الحركة.
المسالة لاتتعلق اطلاقا بمسالة وجود او عدم وجود المنظرين. ان تناول المسالة بهذا الشكل يوحي على ان المسالة هي مسالة فكرية، وفي ميدان الذهن والفكر (المجرد) اغلب الاحيان، تختزل المسالة الى اشخاص مفكرين واكاديميين والخ. ان هذا التناول يجافي الحقيقة والواقع تماما. ليس هذا وحسب، بل مخادع كذلك. لانه يختزل عملية سياسية واجتماعية معقدة في مجتمع يرسف بطبقات وصراع طبقي عارم الى افراد، الى "عبقرية" و"الهمة النظرية" لافراد. ان هذه ليست الدينامية الواقعية والحقيقية للمجتمعات فيما يخص التغيرات والتطورات الطارئة عليها. ان هذا التصور يفصل عمليا النظرية والتنظير عن الحركات الاجتماعية ويحيلها الى عمل افراد، نظريات افراد، عبقرية افراد، وبالتالي الانتصار مرهون ومقترن بافراد. ولهذا اذا تنسب انتصار الثورة للينين، فان اخفاقها يقع على كاهل لينين، وفق هذا المنطق. بيد ان هؤلاء الافراد لايمكن فصلهم عن الحركات الاجتماعية التي يعبرون عنها، او يسعون للتعبير عنها بصورة دقيقة او غير دقيقة. انه تصور غير اجتماعي وغير ماركسي لا للمجتمع ولا لدور الفرد في حركة التاريخ. ان منصور حكمت ينطلق في تقييمه لثورة اكتوبر مثلاً، وبرؤية ومنهج ماركسي عميق، من المجتمع ومن الطبقات ومن الحركات الاجتماعية والاهداف والامال الاجتماعية الواقعية للطبقات، ومن هناك ياتي على ميدان الافكار ودور الافراد وغير ذلك.
من المؤكد اني لا اقصد ان اقلل من اهمية النظرية. بل اود ان اعطيها المكان الواقعي الذي لايعطيه هذا التصور. النظرية بحد ذاتها لاتعمل شيء، والافكار بحد ذاتها لاتعمل شيء. اذ يجب ان تتحول هذه النظرية الى شيء مادي. اذ اني ارى ايضاً ان ليس ثمة حركة ثورية دون نظرية ثورية. بيد ان النظرية الثورية هي منهاج للعمل قبل ان تكون شيء مجرد او تجريدي. وان هذا المنهاج هو السياسة. ولهذا، فان الرد على المعضلات الفكرية والنظرية التي تواجه اي حركة يعتبر امرا مهما في صياغة وبلورة وشفافية الحركة وتعزيز انسجامها ولحمتها الداخلية، وبالتالي اقتدارها. بيد ان الامر ينتقل الى مستوى اخر، مستوى الممارسة العملية.

الى الامام: واذا صح هذا ما هي اهم المعضلات النظرية امام الطبقة العاملة في مصر وتونس كي تنتصر ثورتها؟
فارس محمود: لم تكن معضلة عدم انتصار الطبقة العاملة في مصر وتونس نظرية بمعنى ما. انها في المطاف الاخير ترتبط بنواقص ومعضلات نظرية، حين يتعلق الامر بتقييم دور الشيوعية في هذه الثورات. ان عدم انتصارها نابع من عدم حضور حركة او قوة ثالثة سياسية وفكرية واجتماعية في المعادلة السياسية.
لاورد لك مثلا عن مصر. في مصر تستطيع ان ترى ان هناك جبهة الثورة وجبهة الثورة المضادة. اطراف جبهة الثورة المضادة معروفين: المجلس العسكري، الاخوان المسلمين وسائر قوى الاسلام السياسي، والقوميين والليبراليين المصريين (والفلول عموماً) الذين يلتفون حول المجلس العسكري. وجبهة الثورة هي جبهة واسعة وعريضة من فئات واقسام وشرائح واسعة في المجتمع. من الطبقة العاملة، للبرجوازية الصغيرة، للساخطين على الجوع والفقر، على الاستبداد السياسي والداعين للديمقراطية وحقوق الانسان. انه طيف عريض وواسع لجبهة عامة وواسعة.
ان تراجع الحركة الثورية في مصر وتونس قد تم في ميدان السياسة والصراع السياسي. لم تتسلح الحركة بافق خارج اطر الافاق المطروحة من قبل الثورة المضادة في احيان كثيرة، ناهيك عن التسلح بافق اشتراكي واعي. لم تفصل الحركة افقها عن الحركات البرجوازية القائمة سواء من حيث مطاليبها وشعاراتها او حتى ممارستها السياسية. عم التشوش هذه الحركة في مقاطع كثيرة مختلفة. فمثلما اكدنا دوماً ان قوى الثورة المضادة تعرف ماذا تريد وكيف تقوم به، ولكن قوى الثورة لا تعرف ماذا تريد وكيف تقوم بتحقيق ماتريده. ان اخفقت الثورة في مصر وتونس، فانها لانها وقعت اسيرة الطروحات والبدائل البرجوازية القائمة. بعد ان اطاحت بزين العابدين ومبارك، وقعت فريسة الوهم والفخ الذي وضعته لها البرجوازية، وانساقت وراء وهم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وصياغة الدستور والخ واكتفت بالاطر التي وضعتها البرجوازية بوصفها اطرا مقدسة. وصعد الاخوان المسلمين ومرسي للسلطة في مصر والنهضة في تونس ليقولوا للجماهير: "هاهي الثورة قد بلغت خاتمتها وجلبت من يحكمون البلاد عبر اصوات الشعب، عبر اصواتكم وارادتكم، اذهبوا لبيوتكم، الثورة انتهت!" لم نرى اي طرح بديل وناقد لهذه العملية، لم نرى قوة ما، حركة ما، تيار ما يقول: ياجماهير ان هذا السبيل الذي يطرحوه امامكم هو سبيل وأد الثورة. او حتى اذا كان ثمة صوت مثل هذا، فللاسف كان من الخفوت درجة لم يسمعه المجتمع على صعيد اجتماعي واسع، ولهذا لم يترك تاثيره. لقد كان الوهم بالبرلمان والبرلمانية والديمقراطية البرلمانية البرجوازية، ولازال، كبيراً بحد بحيث دفعت الحركة الثورية في مصر وتونس ثمنا باهضاً لها لانعدام الوضوح والتشوش الفكري-السياسي هذا.
بيد اننا نعرف ان مسارات الثورة هي دائمة مسارات معقدة واكثر تشابكا وتعقيدا من ان تقول بسهولة ان الثورة قد انتهت مع تكتيك البرجوازية هذا. ان الجماهير الثورية، وجراء العجز الفاضح للاخوان والنهضة في الرد على ابسط مطاليب الجماهير وانعدام صلتها بالجماهير الثورية وحاجاتها في الحرية والرفاه، تخطت وبسرعة هذا الاطار الذي وضعته البرجوازية على الاقل في مصر لحد الان (الحركة الجماهيرية المليونية العارمة في 30 حزيران)، وان هذا الامر في تونس لهو بطور التبلور والتصاعد.
جانب اخر هو سيادة الاوهام القومية البرجوازية، وبالاخص الوهم بمؤسسة الجيش في مصر مثلا. لم ينتقد الجيش والمجلس العسكري بوصفه قطب اساسي من اقطاب الثورة المضادة، بوصفه مؤسسة قمعية واستبدادية ذات مصلحة اساسية في قمع الثورة. انساقت اقسام واسعة من قوى الثورة وراء خديعة المجلس العسكري والسيسي بتفويضه بـ"تطهير مصر الثورة من الاخوان" ناسين او متناسين ان مايجري في واقع الحال هو "تطهير مصر من الثورة"! كما تناسى طيف واسع من قوى الثورة ان الخطر الاساسي والمباشر بالاسلام السياسي الذي يتلقى ضربات موجعة على صعيد جماهيري واسع من جهة وفي الوقت ذاته جراء هجمة المجلس العسكري عليه، بل ان خطرا ماثلاً وهائلاً يتمثل بالقومية والنزعات الوطنية البرجوازية التي هي صاحبة اليد الطولى في الحياة السياسية للبلد طيلة عقود.
كما ان احد الاشكالات الجدية التي تركت اثارا كبيرة على مسارات الثورة وانتصارها هي قصر ميدان النضال على ساحة التحرير والاقتصار على عدد من الساحات العامة، في الوقت الذي كان ينبغي اخراج احتجاج الجماهير من هذا النطاق المحدود والخطير ودفع الثورة نحو ابعاد اجتماعية اوسع، نحو دفعها الى اعماق المجتمع، الى قلب حياة الناس ومناطق معيشتهم وعملهم وسكناهم وجامعاتهم. ولهذا ما ان اوصد المجلس العسكري الابواب امام حق التظاهر حتى وجدت الجماهير الثورية لاتعرف ماذا تعمل؟ اذ انها كانت ترى الثورة من عوينات ساحة التحرير فقط. اعتمدت قوى الثورة المضادة والمجلس العسكري على سياسات وتكتيكات المماطلة والتسويف وكسب الوقت والارهاق المستمر للثوار، ونجحت في حركتها هذه لحد الان.
واجمالاً ان اجهضت الثورة في مصر وتونس (ولو برايي انه لمن السابق لاوانه اطلاق حكم مثل هذا لان الثورة مثلما قلت ظاهرة معقدة ويمكن لعوامل اخرى لاتخطر على بال احد الان ان تجعلها تندلع) فانه لايعود الى الاستقامة النظرية، ولا الى هجمة المجلس العسكري ولا الى النهضة، بل جراء اوهامها في ميدان السياسة والصراع السياسي.
هل للامر صلة بالنظرية؟! نعم. انه يعكس في المطاف الاخير تشوشا وضعفا نظرياً لدى الطبقة العاملة وميلها الاشتراكي العمالي.
الى الامام: الا تعتقدون ان الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها العالم الرأسمالي هي نفس الظروف عشية ثورة اكتوبر ومن الممكن ان تتطور الثورة في مصر او تونس او اي بلد اخر الى ثورة اكتوبر؟
فارس محمود: الجواب على هذا السؤال بنعم مباشرة. ان الارضية المادية لثورة اكتوبر اخرى موجودة منذ امد بعيد. ان الراسمالية تحتضر. انها تحتضر فعلاً. انظر الى المجتمعات التي ترسيها اليوم. انها لاتستطيع العيش دون الاستبداد السياسي السافر والمبطن، دون الفقر والجوع والحرمان، دون البطالة وبيع الجسد والفساد، دون عمل الاطفال، دون التنكر لابسط الحقوق السياسية والمدنية، دون دونية المراة، لاتستطيع ان تديم عمرها دون السجون والمعتقلات والارهاب، دون الدين والخرافة وتشويه اذهان البشر ومسخها. انه مجتمع متعفن ويحتضر.
ليس بوسع برجوازية مثل العراق ومصر وتونس، او مجمل تلك البلدان التي تستند في تراكم ارباحها على العمالة الرخيصة والخانعة بالقمع السافر، ان تكون ديمقراطية، ان تتحلى بسعة الصدر والتحمل السياسي او بحريات سياسية مهما ادعوا بالديمقراطية وحقوق الانسان. كان من المقرر ان ياتوا بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان في العراق بعد الحرب والاحتلال الامريكي؟ لماذا لايستطيعون؟! المسالة لاتتعلق بسوء اخلاق المالكي والجعفري والصدر، المسالة تتعلق بان هذه الادعائات تتناقض مع عمالة رخيصة وخانعة ببساطة. ولهذا نقول دوما ليس بوسع البرجوازية ان تؤدي هذه المهمة في بلد مثل مصر والعراق وتونس. انه يعني تقليل ارباحها، اي انتحارها. ولهذا فانها مهمة الطبقة العاملة وفقط ال-بقة العاملة. المسالة ببساطة انه لو فتحت ادنى ابواب الحريات ستهب الطبقات والشرائح والفئات الاجتماعية المختلفة مطالبة كل منها بحقوقها. سترى اي هبة جماهيرية من قبل الطبقة العاملة مطالبة بتحسين ظروف الحياة المعيشية والاقتصادية، مطالبة بحق التنظيم والاضراب والتجمع، ستنهض النساء اللائي يعشن في قرون استعباد قووسطي للمطالبة بلا اقل من مساواة المراة والرجل، وسينتفض الشباب المتطلعين لحياة عصرية ومدنية، حياة لاربط لها بالقيم البالية والمتهرئة المفروضة عليهم. هاهم عمال وتحرريوا وشيوعيوا مصر وتونس وفي ظل اكثر الاجواء الاستبدادية ينتفضون ويعلنوا ثورتهم ويطيحوا بزين العابدين ومبارك وغيرهم، فكيف سيكون عليه الحال لو توفرت الحريات السياسية؟!
المسالة لاتتعلق بمدى توفر الظروف الموضوعية برايي لثورة اكتوبر اخرى. انها ومثلما ذكرت سابقاً، يعود للنقص في العامل الذاتي، اي قوى الثورة نفسها، اي وحدة صف الطبقة العاملة ووعيها بمصالحها الطبقية، وتسييد تصورها ونموذجها للمجتمع المنشود عبلا صعيد المجتمع، مجتمع يتعارض جديا مع استغلال الانسان للانسان والعمل الماجور، مجتمع اشتراكي. انه يستلزم ان تفصل الطبقة العاملة صفها عن سائر صفوف الطبقات المالكة الاخرى وبرامجها وشعاراتها وطروحاتها وبدائلها السياسية. انه يستلزم ان تسيّد افق اخر على صعيد المجتمع، افق راديكالي وتحرري، افق شيوعي. ان ارضية هذا موجودة. فمثلما يقولون الطبقة العاملة تقف على ارضية واقعية ومادية، بيد ان الاوهام هي مكتسبة، هي من عمل التيارات البرجوازية ودعاياتها وافكارها وخرافاتها. ان توفر العامل الذاتي مرهون بتحييد عمل واثر الدعاية البرجوازية هذه من جهة، ووضع حد لانطلاء مناورات ومشاريع وخطط ومؤامرات البرجوازية على الطبقة العاملة. انها مهمة الشيوعيين ومهمة التيار الاشتراكي داخل الطبقة العاملة الذي ينبغي عليهم، من اجل دخول ميدان الصراع على السلطة وحسم مصير المجتمع، ان ينظموا انفسهم في حزب سياسي راديكالي للطبقة العاملة. ليس بوسع التيار الراديكالي الطبقة العاملة الذي هو اكثر اقسام الطبقة العاملة حزما على قول ماركس ان يدخل معترك الصراع حول السلطة دون حزبه السياسي.
ثمة عامل ذا اهمية خاصة في ثورات مصر وتونس ينبغي ان لايفوت عن بالنا. ان مجرد اندلاع ثورات بهذه الضخامة في هذين المجتمعين هو بحد ذاته ذا اهمية قصوى، حتى وان اخفقت (في اسوأ الاحوال). ان الثورات تعطي للمجتمع احساس عالي بالارادة، بالثقة، بالقدرة، باحترام النفس، بعزة النفس المجتمعية، بالكبرياء وتعزز الاحساس بالكرامة التي هي ضرورية لمقاومة الجماهير ومقارعة معادي الجماهير. انها تجعل من مسالة التظاهر والانتفاضة والثورة شيء بديهي في حياة المجتمع. (بديهي لابمعنى انه يجري كل يوم). بل طالما انها استطاعت القيام به يوما ما، يعني ثمة امكانية للقيام به مرة اخرى والانتصار. تجعل الثورة جزء من الوعي الاجتماعي العادي للمجتمع. ان كان هذا الامر اليوم وضد مبارك ومرسي وزين العابدين والغنوشي، فغدا ضد سلطة البرجوازية وتياراتها السياسية. ان اخفقت بالامس، ستبحث عن العبر والدروس من هزيمتها وتعد العدة لمعركة الغد كي تنتصر. ان هذه دينامية حركة الجماهير والثورات.
يتوقف الامر كله على تامين العامل والعنصر الذاتي للثورة والتغيير الثوري والاشتراكي للمجتمع.
الى الامام: ما هي المسافة بين اندلاع ثورة في العراق وثورة اكتوبر وخاصة هناك تقليد او محاولة لمحاكاة لما حدث في مصر او تونس وبلدان اخرى واعادته في العراق؟
فارس محمود: ان اوضاع مصر وتونس ليست بالضرورة ان تنتقل الى العراق. اذ مايحدد المسارات السياسية عوامل متنوعة ومعقدة جدا منها درجة الازمة الاقتصادية والسياسية للسلطة الحاكمة، الاوضاع العالمية والاقليمية، توازن القوى على الصعيد الاجتماعي والسياسي، التيارات السياسية والفكرية السائدة على المجتمع، حدود المزاج الثوري للجماهير، درجة تنظيم الطبقة العاملة خصوصا والجماهير عموما، وعيها ووحدتها، وجود حزب سياسي يرد على هذه الاوضاع او قادر على دفع الاوضاع نحو الجهة التي تنشدها الجماهير ويكون نقاله لظهور وبروز الطبقة العاملة في هذه العملية ويقربها للسلطة وغيرها من عناصر مهمة تصيغ لحظة تاريخية معينة. من المؤكد ان هذه العناصر ليست ثابتة، بل متحركة ويمكن ان يطرا عليها تغيير جدي سواء جراء التناقضات القائمة على صعيد صراع القوى العالمية والاقليمية والمحلية او تطور العملية الثورية والمبادرة الثورية للجماهير في العراق واولها الطبقة العاملة. وان مجرد اندلاعها في بلدان مثل مصر وتونس لايعني بالضرورة انتقالها لبلد اخر.
ان سعي الثوريين واشتراكيي الطبقة العاملة يتمثل دوما بخلق اوسع مستلزمات التدخل نحو دفع الاوضاع لصالح الحرية والمساواة. ان علينا كشيوعيين هو دوما تامين مكونات ومستلزمات العنصر الذاتي، العنصر الواعي وتطوير والارتقاء بالطبقة العاملة بوصفها قوة سياسية واعية ومنظمة على الصعيد المهني بشتى الاشكال الممكنة واكثرها راديكالية وكذلك على الصعيد الحزبي والسياسي. ان هذه مهمة روتينية وفورية ويومية للشيوعيين تجاه الطبقة العاملة.
ولهذا، فاني في الوقت الذي اؤكد على ان التغيير والتحويل الاشتراكي للمجتمع هي مسالة فورية وغير قابلة للتاجيل بالنسبة لنا، بيد اننا لانشكل كل اللوحة. فاذا اخذنا مجمل الامور بنظر الاعتبار لانستطيع ان لانقر الان بوضع ان المسافة واسعة نوعا ما بين اندلاع الثورة في العراق مقارنة باكتوبر. ان هذه السعة مرتبطة بدرجة تنظيم الطبقة ووحدة صفها، بسيادة الافق الاشتراكي-العمالي عليها، بوجود حزب سياسي راديكالي وتحرري قادر على الرد على مستلزمات اللحظة وعلى حشد قوى الطبقة العاملة حوله. انه مرهون بابطال مفعول الدعاية البرجوازية وخدعها والاوهام التي تسعى لتعميمها على صعيد المجتمع والخ. انه مرهون بلجم استهتار البرجوازية ومليشياتيها بحياة المجتمع عبر التفجيرات والمفخخات واعمال القتل اليومية والخ.
ان تتسع او تقرب هذه المسافة مرهون، في جانب منه، بالمبادرة الثورية لشيوعيي الطبقة العاملة وحزبهم الشيوعي العمالي.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقدم الثورة في مصر مرهون بتصفية الحساب مع اوهامها بالدرجة ال ...
- على شيوعيّي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!
- على شيوعي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!
- حول ثورة مصر
- كلمة بمناسبة رحيل سيئة الصيت تاتشر!
- حول نظرية الشيوعية العمالية فيما يخص التنظيم
- في جواب على سؤال حول اوضاع سوريا الاخيرة!
- ان الصف الموحد هو، مرة اخرى، الرد الوحيد على التطاول على الع ...
- مجتمع مصر وثوريوه نبراس انطلاقة جديدة لدحر الاسلام السياسي!
- فارس محمود - عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراق ...
- أ للانحطاط حدود؟!!
- نقد لبيان صادر من قبل الاشتراكيين الثوريين
- انها اسلمة للمجتمع بالقوة، لن تجلب ثمارها!
- تنامي الثورة في مصر من جديد.... مسار بدء وبحاجة ماسة لافقه ا ...
- ان -مركز الشيوعية البروليتارية- هو ضرورة سياسية ملحة!
- طنطاوي... ان مايجب ان تستعد له جماهير مصر هو حربها ضد قوى ثو ...
- ليس لهذه البضاعة المستهلكة من شارٍ!
- انه تفسخ سلطة وليس -افراد-! ان هذه السلطة هي من يجب ان تولّي ...
- الاهداف الحقيقية وراء قرار اعدام مسؤولي النظام السابق!
- انها القومية... وليس لوث عقل اندريس بريفيك!


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فارس محمود - في ذكرى ثورة اكتوبر