أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد النعاس - البصاق














المزيد.....

البصاق


محمد النعاس

الحوار المتمدن-العدد: 4255 - 2013 / 10 / 24 - 17:40
المحور: كتابات ساخرة
    


لم يكن ليفعلها لو كان في بلادٍ أخرى.

عندما قرر أنّه لم يعد يحتمل كامل البذاءة التي تجرعها منذ أن لقمته أمه الثديَ البلاستيكي بدلاً عن ثديها، وعندما مرّ شريط حياته رأى كل البصاق الذي تلقاه- لم يكن يدري لماذا تذكر البصاق فقط!-، تذكر تلك المرة التي بصق عليه مدرس التربية الإسلامية والتصق البصاق على جبينه كملصق لمنتج رخيص عندما صرخ في وجهه لأن لم يكن يحفظ الآيات جيداً " اختفوا عليك يا حمار!"، تذكر المرات الكثيرة التي بصق فيها والده عليه، وتذكر الشرطيَ الذي بصق عليه ذات كبسة في الحمرا، فقرر أن يكون شرطياً ليبصق على الناس ولكنّ الثورة وما أحدثه جعلته مبصوقاً عليه من الجميع، حتى أنّه تذكر أحد من يسمونهم الثوار كان يريد مخالفته، بصق عليه بقوة، كانت خضراء مليئة بالوخام قال له " تفوا عليكم يا عبيد معمّر!". تذكر المفتي وقد بصق على الشرطة بفتاويه وتصريحاته حول شرعية الثائر الذي بصق عليه، تذكر الحكومة وقد بصقت عليه مجازياً، والكثير من البصاق الذي لم يتذكر منه تلك البصقة التي ألصقتها في وجهه صديقته القديمة خدّوجة عندما صرفقاته كف قائلة " تفواعليك، ما تجيش راجل!".
تذكر كل هذا وأكثر، فأصبح يملأ شدقيْه باللعاب حتى جفت غدته المفرزة للسائل الشبيه بالصابون، أصبح يتملق الوخامة العالقة بين بلعومه وصدره حتى تختلط بلعابه ليتماسك السائل أكثر، حتّى أنّه اضطر أن يتقزز ليقوم بالتقيؤ ويحبسه مع الخليط، توسع شدقيه، توسعا حتى أصبحا كبالون فتحولا لكرة فمنطاد، لم يعد يحتمل كل هذه السوائل الممزوجة داخله، تذوق في لسانه بعض من جوانح الدجاج المقلية من مقهى الضيافة وأحس بلدغة مايونيز، حتى أنه كان يعتقد أن القيء الموجود يعود لآلاف السنين، ألاف من الإيترات تتميع بين ضرس عقله وضرس قلبه، وجهه أصبح غير مرئي، جسده أيضاً، كل ما هو مرئي منه شدقان يتدلدلان بالسوائل مغطيان مساحة واسعة بالظل، وفي لحظة قذف به حتى ملأ المدينة ودخل حواريها وأزقتها، ماتت أسماك الميناء عندما امتزج السائل بماء البحر الملوثة في الأصل، وأصبح الصيادون يلعنون حظهم السيء عندما امتلأت جيوبهم بحبّات من الفاصولياء دبقة بالسائل الأخضر الصابوني الفقاعات، يقال أنّ ميزران والوادي أصبحا كالبندقية وأنّ ميدان الشهداء أصبح بحيرة مليئة بالشهداء، عمك فتحي أصبح يصنع فروبّي من السائل معتقداً إياه نوع جديد من الفواكه المخلوطة.

السائل اللزج الناتج غطى الأبواب ومدقاتها، النوافذ المليئة بالملصقات ودعوات التظاهر، وبائعو طواسي الشاهي في طريق الشط أصبحوا لا يفرقون بين الشايْ والسائل الدبق، المساجد غطّت على حلوقها الإفرازات، والسيارات المتهورة منها والبذيئة صارت تطوف داخل اللعاب الوخامي اللون.

خرج عجوز يكاد يشبه الزومبي قائلاً " يا ولاد الربي" ناظراً إلى السماء، اعتقد ملتحي في كفره لكنه لم يكن ليتحرك ضده لأنه كان لاهياً في تخليص لحيته وملابسه القصيرة من النجاسة حتى يلحق صلاة الظهر، يُروى أنّ بائعة هوى تحت جسر الودان نفضت عنها ملابسها لأول مرة وأصبحت تعوم مبرزةً جسدها بجلدها الأفعواني، صرخ مجنون كان جالساً تحت نافذة لسكن شبابي قائلاً " ما تعرفوش إديروها في حمامتكم يا فروخ الحرام" معتقداً أن السائل هو سائل منوي لأحدهم، ثم أضاف " الـزززز" لكنه توقف ولم يستطع أن يكمل الكلمة، امرأة كانت حبلى اعتقدت أن السائل الملطخ جسدها والمكان إنما هو السائل الخارج مع وليدها، طبطبت على بطنها فوجدتها لازالت مكوّرة، استغربت، ومضت تبحث عن طفلها داخل البصاق.

قال مسئول أمني لإحدى المليشيات الشرعية : نطمئن الأهالي أن البصاق إنما كان نتيجة انفجار إحدى أنابيب البصاق الآتية من الجنوب لتصب في الشمال!
قال ناشط جهوي : حتى في البصاق لا نتساوى! تهميش لابد منه، حلّ عليكم الخراء !
أضاف المفتي: البصاق وتماسكه يذكرنا بالتمسك بالشرعية!
ثم قال أحد أعضاء المؤتمر الوطني التابع لتيار كهربائي ما: من فعلها هم أصحاب التيار الكهربائي المعاكس!
ويقال أنّ عريش سعيد قال : قد بصقت السماء علينا بعد أن قادت الثورة.
وأنّ ناشطة حقوقية في صفحتها على الفيسبوك قالت: لماذا لا نرى سوائل أنثوية؟ لماذا لا يفعل ذلك إلا الذكور!
ناد شيخ جامع قائلاً: هذا ما تبقى من طوفان نوح!
لكنّ ناشط سياسي قال: رائحة الجري تدل على رجعية، لماذا لا تستخدمون الحمامات يا جهلة؟
صرخ أحد المعتصمين الدائمين أمام رئاسة الوزراء وقال: يبصق زادان !

لكنه هو وحده الذي نام مستريحاً يومها متخلصاً من كامل البذاءة التي ورثها طيلة 100 عام، رأى في حلمه أنه بعد البصق الواسع المدى المعبي بالوخامة أنظف وأطهر وأقدس من الجميع، ولم تكن رائحة " الجري" العامة المكان لتوقظه!



#محمد_النعاس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من النافذة
- مؤامرة مفضوحة!
- الحياة من وجهة نظر بيضة


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد النعاس - البصاق