عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4254 - 2013 / 10 / 23 - 05:26
المحور:
كتابات ساخرة
عيونُ الجنود الكليلَة
" الجنرالُ في متاهته " .. " ليس للكولونيل من يُراسِلُه " .. " إمرأةُ الملازم الفرنسي " .
هذه عناوين رائعة ، لروايات رائعة ، كنتُ أحبّها جداً .
وبسببها كنتُ أتمنّى ، ولا أزال ، أن أكونَ جنرالاً أو عقيداً أو مُلازماً في الجيش .. وليس موظفاً بائساً ، كما هو حالي الآن .
غير أنّ تاريخي " العسكري " ، قد لايسمحُ لي بتحقيق هذه الأمنيّة .
فخلال المدّة 1976-1978،كنتُ جنديّا " مُكَلّفاً " في " شمال الوطن الحبيب ".
وخلال المدّة 1980-1983، كنتُ جنديّ " إحتياط " في " جنوب الوطن العزيز".
ولأنني كنتُ أرى الجنديّ الأيرانيّ الواحدَ ، وكأنّهُ عشرةُ جنودٍ في النهار ..
ولا أرى أي جنديّ ليلاً .. مهما كانت هويته .
ولأنني لم أعُدْ أميّزُ الصديق من العدو ، إلاّ بعد يومين من بداية المعركة .
فقد أحالوني إلى اللجنة الطبية في مستشفى البصرة العسكريّ .
وجاء في تقرير اللجنة آنذاك ، مايأتي : " إنّ منسوبكم مُصابٌ بعيبٍ خُلُقيّ في العينين ، قد يمارسُ تأثيراً ضارّاً على الروح المعنوية للمقاتلين ، وذلك من خلال تضخيمه لعدد الأعداء المُحْتَمَلين ، وتقليلهِ لعدد الأصدقاء الفعليين " .
وهكذا أصبحتُ خلال المدة 1983-1985 جُنديّاً " غير مُسَلّح " .
ومع ذلك ، لم يتم نقلي من " الجبهة " .. بل أنّ آمر سريّتي قال لي آنذاك : شوف يَوّلْ . عبالك تطلع " سلاح سِزْ " ، وتِخْلَصْ ؟ لا أشو تبقى هنا .. حتّى لو حمّال بـ " الحِجاباتْ " .
خلال المدّة 1986-1987،أصبحتُ "جنديّ أشغالٍ" في مكانٍ قريبٍ من الجَبْهَة. في عام 1987 ، أعادوا فحص بَصَري في مستوصف " شرحبيل " .. ومنحوني شرَفَ حمل السلاح ثانيةً . وقال لي أخصّائيّ العيون آنذاك : إنّ لكَ عَيْناً ، كعينِ الصَقْرِ ياولدي .
وهكذا تم إرسالي ، وأنا نصفُ أعمى ، و" نِصفُ حَمامَة " ، مرّة أخرى .. إلى الجبهة .
في عام 1988 .. لم أعُدْ أرى شيئاً .. فأنتهت الحربُ .. وتم تسريحي من الخدمة .
بربكُم ..
وبشرفكم " المدنيّ "
هل يَمْلِكُ الكثيرُ من جنرالات اليوم .. تاريخاً كهذا ؟؟
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟