|
مليون عام بعد يوم القيامة
ديار ئهرهدنى
الحوار المتمدن-العدد: 4254 - 2013 / 10 / 23 - 01:39
المحور:
الادب والفن
مليون عام بعد يوم القيامة
قصة قصيرة
ديار ئه ردنى*
ترجمه : خالد علي سليفانى
على بغتة رأيتُ ملاكاً أتاني، ثم قال لي بصوت ساحرٍ جميل: -عذراً، سنعيدكَ إلى الحياة تارة أخرى، لكن لن تولَد من جديد، ستذهب إلى دنيا غير التي رأيتها، قد تغيّرت كاملةً، لأن البشر لا يعيشون فيها، والعلة من عودتك انك قد متّ قبل موعدك بساعة. -صدقتَ القول، فعندما.... -لا تقل(صدقتَ القول) فالملائكة لا يكذبون. -عذرا، عندما كنتُ في الحياة، وروحي تخرج من جسدي، سمعتُ صوتاً يقول:ليس هو...ليس هو...إنما أخوه. - لكن لا أريد أن أرى الدمَ يُسفك مجددا ، فلقد اكتفيتُ من رؤية الدماء، لا أريد أن تخترق الرصاصات صدري مرةً أخرى. -لا، لن تجد الدماء، لأنك لن ترى فيها البشر، إنه عالَم آخر مغاير لكل ما رأيت سابقاً، كائنات أخرى تعيش فيها، هي عين الدنيا التي خرجتَ منها، لكنها دمرت عن بكرة أبيها، وأُعيد بناءها على أجمل شكل وهيئة، سنبددُ فيك شعور الخوف، كي لا يعتريك شيء منه لأنك سترى مناظر لم تسمع عنها إلا في قصص الأساطير التي كانت تُروى لكم، ستكون هيئتك على هيئاتهم، لكنك سيبقى في داخلك إنساناً سوياً كما كنتَ. لكننا لن نرسلك هناك وحدك، الملاكان اللذان كانا فوق كتفيك سيرافقانك، وقبل أن تذهب، تفضل بالإمضاء على هذه الصفحة. مع كلامه رأيت صفحة تُخلقُ من العدم، تحولت يدي اليمنى إلى قلم وأمسكت اليسرى الصفحة وهذا ما ورد فيها مخطوطا: ليس لك في ذلك العالَم أن ترفع من صوتك، ولا أن تبكي، لأنه ما من كائن هنالك قد سمع صوت البكاء، وآخر بند كان فيها:لا يجوز أن تترك في ذلك العالم أي أثر لك. وقعت في أسفل الصفحة، اختفت الصفحة أمام عيني، أتت ريحٌ من خلفي وفي لحظات قليلة وجد نفسي في مكان آخر. مكان لا يشبهه أي مكان، روائح زكيّة،أشجارٌ بيضٌ مرتفعة وناطقة، صوت الناي يداعب مسامعي، وكان أمامي ماء زلالٌ يتلألأ،ارتفع موج منه كلوحة أسطورية وقف أمامي رأيت وجهي فيه أردت أن أقبله، لذا ألقيت بنفسي فيه، لكن سرعان ما قذف بي الماء منه قائلاً: اعذرني، فقد أعجبتني ملامحك عندما ظهرت فيّ، لكن لم أحب رائحتك، تأتي منك رائحة كائن قد تفل فيّ منذ سنوات، كان يسفك الدماء أمام ضفافي، كان يدنسني بجسده،آهٍ كم كان كائنا كذّابا و دمويّا سفاحا. سمعتُ صوتا آخر: -لا تلمس أي شيء في هذا العالم كي لا يعرفون أنك إنسان. -من أنت؟ -أنا الملاك الذي فوق كتفك. شيئا فشيئا بدأت أشعر بإنسانيتي، رأيت الكثير من الكائنات التي تشبهني، كانوا طوال القامة و يمشون فوقي آفاقاً، سمعت صوت الملاك مرة أخرى سائلا: -أتريد أن تحلّق وتطير مثلهم؟ -نعم. -اطلبْ من الريح. - قلتُ بصوت خافت: يا ريح، أريد الطيران. وفجأة ارتفعت وطرتُ، كم كان جميلا عندما نظرت من السماء إلى التراب، كأنه ليس بالتراب الذي رأيته في الحياة الأولى. حتى طيورها لم تكن كطيورنا،كانت تحلق معي،كل شيء هنا يطير،الشجر،الماء،الجبال، وباستطاعة الكل أن يمشي، الغيوم، الرياح، حتى النجوم كانت تصغر وتمشي. وإذ أنا أطير سمعت الجبل يقول: -يا أيها الكائن المقدس، تعال وغنِ لي أغنية. - اعذرني فأنا لا أجيد الغناء. -هل لي أن أطير معك، أو أنت تمشي معي؟ -أنا أحب الطيران، تعال أنت وحلق معي. طرنا ورأينا جمالا لا يحد وغنى الجبل لي وتحدث لي عن الشروق، مررنا فوق مكان كان يعج بكائنات مثلي،لذا التمست من الجبل مفارقته وقد ودعني بسعادة غامرة. اتجهت صوب ذلك المكان ورأيت احدى تلك الكائنات، تأكل من فاكهة شجرة فأردت أن آكل معها، وعندما اقتربتُ خاطبتني الشجرة قائلة: -أتريد أن يتكون احدٌ آخر منك، هل تريد أن تموت؟ - لا. -رأيتها تحمل ثمارها من أمام ناظري واختفت. سمعت صوتاً يصدر من فوق كتفي : -أتعلم أن من يأكله من تلك الفاكهة سيخلق منه احد آخر؟ -ضحكت في نفسي وقلت:لكنني ذكر؟ -أعرف أنك ذكر،لكن هذا العالم تتجرد فيه الذكورة والأنوثة، فعندما يعرفون أنهم عجزوا على تقديم شيء لهذا العالم وان وجودهم لا جدوى له،يأتون ويأكلون من فاكهة هذه الشجرة وبعد أكلهم الفاكهة يتغير لونهم و دواخلهم بمعنى أنهم بهذه الصورة يقدِمون على رحيلهم الأخير. - كائنات غريبة. رأيت ريحا قادمة وقائلة: -لقد انتهت ساعتك هنا، هل أنت مستعد؟ -أريد أن أبقى في هذه الحياة، لا اعتقد ثمة حياة أسمى وأجمل من هذه. -لا، فهنالك حياة أخرى أجمل من هذه، هي التي لا يموت فيها الإنسان. رويدا رويدا التحفتني الريح وأخذت بي نحو ساحة المحشر.
*قاص وشاعر كردي شاب.
#ديار_ئهرهدنى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا
...
-
الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي
...
-
-تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار
...
-
مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني
...
-
تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة
...
-
“Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة
...
-
اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن
...
-
والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|