أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد سلام - تشويه التاريخ والنصر على الفاشية 8 ايار 1945















المزيد.....

تشويه التاريخ والنصر على الفاشية 8 ايار 1945


محمد سلام

الحوار المتمدن-العدد: 1213 - 2005 / 5 / 30 - 14:09
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الثامن من أيار 1945 هو يوم النصر على الفاشية النازية الذي كان ثمنه حياة 40 مليون شخص، ويوم استسلام النازيين بعد أن دحروا من قبل الجيش الأحمر من الأراضي التي كانوا يحتلوها. نظمت الاحتفالات في الذكرى الستين للقضاء على الفاشية وعلى رأسها الاحتفال في الساحة الحمراء.
ومع محاولتهم تشويه حقيقة هذا النصر الذي أنقذ الإنسانية من الفاشية على يد الاتحاد السوفيتي الذي فقد في سبيله 27 مليون شخص، وعلى يد الشيوعيين الذين ترأسوا المقاومات في البلدان الأوربية، فإن رفع رايات الاتحاد السوفيتي التي تحمل المطرقة والمنجل ورايات تحمل صور لينين خلال الاحتفالات في الساحة الحمراء إنما تبرز نية بوتين لاستغلال القيمة المعنوية لنصر الاشتراكية على الفاشية.

تشويهات بوش وعملاء النازية والعداء للإشتراكية
سبق الاحتفالات تلاسن حول "الديمقراطية والحرية" بين بوش الذي لا يحق له حتى ذكر هاتين الكلمتين وبوتين رئيس دولة روسيا، وبالحقيقة الموضوع يتعلق بفرض الهيمنة على الجمهوريات السوفيتية السابقة.
حاول بوش قبل الاحتفالات في موسكو تظليل النصر الذي حققته الاشتراكية على الفاشية، وتشويه الحقائق التاريخية واستغلال هذا اليوم من أجل توسيع إطار الهيمنة. وقد تحدث بوش الذي يضرب عرض الحائط بالحقوق البرجوازية "الدولية" والتي تعد دولته من مهندسيها، والذي لا يختلف عن هتلر في احتلال البلدان من أجل مصالح الاحتكاريين، والذي حول سجن أبو غريب والعشرات من أمثاله إلى معسكرات الاعتقال النازية، بقوله "تم احتلال كل من دولة استونيا، ولاتفيا، وليتوانيا من قبل الاتحاد السوفيتي"، مقيماً ذلك الوضع بأنه "ديكتاتورية جديدة" بعد القضاء على هتلر. كما صرح في المؤتمر الصحفي الذي أجراه بعد محادثاته مع زعماء دول البلطيق "لن ننسى القمع الذي طبق على مدى خمسين عاماً في كل من استونيا ولاتفيا وليتوانيا من قبل النظام الشيوعي". وهكذا تبين منذ البداية أن غايته من المشاركة في الاحتفالات لم تكن للاحتفال بهزيمة الفاشيين. فهو مشغول في العداء التاريخي للاشتراكية، وبكيفية السيطرة على القوقاز. ولا يمكن التوقع منه أكثر من ذلك. لأن هتلر هو الأخ الطبقي لفصيلة بوش. ومشكلتهما الحقيقية هي مع الاشتراكية.
لم يعد خافياً على أحد مفهوم بوش للحرية، وهو يكرر كذبة الإمبريالية الكلاسيكية بقوله رياح الحرية تلف الأراضي التي أصبحت في معسكر الإمبريالية في أوربا. إلا أنه يستمر بأكاذيبه واصفاً البلدان الأوربية الشرقية التي كانت تحكمها حكومات الجبهة الشعبية بأنها تعرضت لقمع الشيوعية. ومعلناً دعمه لقرار مقاطعة الاحتفالات في موسكو الذي اتخذته كل من استونيا ولاتفيا اللتين تلاقى معهما في عدائه للاتحاد السوفيتي.
لنذكر من باب التوضيح بأن الطبقات المهيمنة في كل من أستونيا وليتوانيا التي قالت "ننتظر الاعتذار" من الاتحاد السوفيتي بعدما وصفته بالمحتل، كانت في حرب التقسيم العالمية الثانية عميلة للنازيين. والحكومات الحالية المضادة للثورة تتبنى ذاك التاريخ، وتنصب التماثيل للعملاء النازيين تشجيعاً للمنظمات النازية على التطور. في هذا السياق كان رد وزير الدفاع الروسي سيرغي إيفانوف على هذه البلدان في محله حيث قال "لو لم نكسر ظهر الفاشية ماذا كان سيحل بكم؟ هل كنتم ستبقون كشعب"، هذا ما يجب أن تسأله ليس تلك البلدان فحسب بل كل شعوب أوربا والعالم.
ولكن الإمبرياليين وعملائهم مبدعون في تشويه التاريخ، وسياساتهم اليوم يبنوها على هذه الأكاذيب مكرسين وسائل الدعاية على أرفع مستوى من أجل تدمير وعي الشعوب إيديولوجياً وسياسياً.
الكلمات التي ألقاها بوش في جمهوريات البلطيق وهولندا، وما جاء على ذكره من أن النصر على الفاشية، واحتلال العراق وأفغانستان يؤديان نفس الغرض، ما هي إلا نوع من الديماغوجيات. فقد أكد أن أمريكا هي التي نقلت الحرية إلى أوربا والآن تنقلها إلى العراق وأفغانستان. فلم تتضمن كلمته بما يقارب الحقيقة سوى عبارة "لا شيء يمكن أن يوجد في العالم أقوى من الحرية." وهذه العبارة بريئة من الإمبريالية الأمريكية.
بالأمس هتلر حاول فرض هيمنة الاحتكاريين على العالم من خلال العنصرية الألمانية، واليوم الولايات المتحدة الأمريكية تحاول تحقيق تلك الهيمنة بدعايات أخرى. لأنهم يحملون إيديولوجية نفس الطبقة.
لهذا السبب لا الولايات المتحدة الأمريكية ولا أية قوة إمبريالية أخرى تملك الحق في إحياء ذكرى الانتصار على الفاشية. ولا يمكن أن يتبنى هذا النصر الذي حققته الشعوب، أولئك الذين دعموا هتلر خفية مسندين إليه مهمة القضاء على الاتحاد السوفيتي، ليتولوا هم هذه المهمة فيما بعد، أوالحكومات الأوربية التي كانت عميلة للنازيين بينما المقاومون الشيوعيون يقاومون.

كيف حققنا هذا النصر؟
من الواضح أن النصر على الفاشية لم يتحقق كما قال الإمبرياليون بإنزال النورماندي، ولا بإلقاء القنابل الذرية على مدن اليابان التي كانت حينها مستسلمة بالأساس. كانت البلدان الأوربية وأمريكا تتطلعان إلى هتلر عندما بدأ بالاحتلال متوجهاً إلى الاتحاد السوفيتي كقوة ستقضي على هذا الاتحاد باعتباره أول جمهورية للطبقة العاملة. فلم تفلح حساباتهم. والاحتكارات الألمانية كانت تطمع بالأسواق الأوربية أيضاً لهذا السبب توجه هتلر إليها. والأهم من ذلك تبين لهتلر أن الاتحاد السوفيتي الذي يحارب بقيادة ستالين يصعب نهشه.
وهكذا، بعد هذه التطورات فتح الإمبرياليون الأوربيون والولايات المتحدة الأمريكية جبهة ثانية في أوربا. الجيش الأحمر الذي هزم الجيوش النازية لم "يهزمها" في ستالينغراد وعلى مشارف موسكو فحسب، بل أخذ يدحرها حتى وسط ألمانيا، مما أفقدها طاقتها، عند ذاك وصل الإمبرياليون إلى ألمانيا بسرعة خاطفة مجتازين العوائق الصغيرة للنازيين. ولم تكن الغاية من ذلك سوى إعاقة تقدم الجيش الأحمر. لقد كانت مقاومة كل من موسكو وستالينغراد اللتين فقد خلالهما الملايين من مواطني السوفييت أرواحهم، بالنسبة للجيوش النازية بداية النهاية. كان قد مات أربعون مليون شخص حتى تاريخ 8 أيار 1945 وهو تاريخ انتهاء الحرب في أوربا منهم 27 مليون من مواطني الاتحاد السوفيتي. وهي حقيقة لا يمكن لأية كذبة أن تغيرها. بمعنى آخر قدم 14% من عدد سكان الاتحاد السوفيتي أرواحهم في الحرب ضد الفاشية. بالنسبة للخسائر في صفوف الإمبرياليين الذين يظهرونهم بأنهم انتصروا على الفاشية هي بمستوى لا يقارن مع ما ذكر. فمثلاً بريطانيا خسائرها البشرية ستة بالألف من عدد سكانها. وخسائر الولايات المتحدة الأمريكية التي تتباهى كأنها "البطل الذي أنقذ أوربا" لم تتجاوز ثلاثة بالألف. الجيش الأحمر هو الذي أنقذ أحد عشر بلداً من بطش النازيين في الحرب. وتقهقرت الجيوش النازية أمامه إلى برلين رغم أن جبهتها المفتوحة ضد الاتحاد السوفيتي محصنة بخمسة أضعاف قواتها الموضوعة في الجهات الأخرى. وأكبر الخسائر التي تكبدتها كانت في تلك الجبهة.
كما رفرفت في بلدان أوربية مثل أيطاليا وفرنسا وفي بلدان البلقان أيضاً راية المقاومة ضد الفاشية من قبل المقاومين الشيوعيين أيضاً.
يسعى الإمبرياليون بتبنيهم نصراً مزيفاً لتشويه هذه الحقائق التاريخية، وللحيلولة في الوقت ذاته دون اكتساب الشعوب أية قيمة معنوية للاشتراكية.

الاحتكارات التي أوصلت هتلر إلى السلطة، اليوم أيضاً هي في إدارة البلدان
أكثر ما أطلق حول النازيين زيفاً هو حصر كل شيء بشخص هتلر و"روحه الديكتاتورية" وغض النظر عن الظروف والقوى التي خلقت آلية تلك الحرب. لهذا السبب الإمبرياليون لا يستطيعون تعريف حقيقة ماهية الفاشية بصورة علمية.
لا يمكن شرح الفاشية بالاقتصار على مجزريتها وعنصريتها. ولا يمكن إطلاق اسم الفاشية لأي نظام قمعي. "الفاشية؛ هي البرجوازية الاحتكارية الأكثر رجعية، والأكثر شوفينية، والأكثر مجزرية، وديكتاتورية الشرائح المعتدية الأكثر قمعاً ودموية". البرجوازية الاحتكارية مثلما تحكم بالديمقراطية البرجوازية تلجأ أيضاً إلى الفاشية. المحدد لذلك هو الظروف الاقتصادية والسياسية وتطورات النضال الطبقي، وبصورة أشمل الشيء المحدد هو نوع الإدارة التي ستحقق مصالح الاحتكارات في الظروف التي تمر بها. لا يمكن أن نتحدث عن الفاشية دون أن يكون هناك احتكارات. الحزب النازي يلقى دعم الاحتكارات الألمانية منذ تأسيسه إلى اليوم الذي حول العالم إلى بحيرة من الدماء. لأن ألمانيا التي هزمت في حرب التقسيم العالمية الأولى كانت تعيش أزمة ثورية في نهاية العشرينات من القرن الماضي. وكانت تحتاج الطبقة الرأسمالية إلى السلطة لتخدع الجماهير من ناحية ولتحافظ على مصالحها من ناحية أخرى. الأحزاب التقليدية كانت بعيدة عن تحقيق ذلك. وبتأسيس حزب الاشتراكي القومي "النازي" برز لهم البديل.
أميل كيردوف هو مالك أكبر المناجم لاستخراج المعادن، ومدير الصندوق السري المعروف باسم "ميزانية روهر" التي شكلت من أجل الحفاظ على مصالح أصحاب مناجم المعادن ضد الطبقة
العاملة، وهو أحد الذين دعموا هتلر بمبالغ طائلة منذ عام 1926. وفريتزتهيسن رئيس التروستات للفولاذ أيضاً بدأ بمساعدات مالية هائلة لهتلر منذ عام 1923. المصدر المالي لهتلر بين عامي 1930-1933 في الفترة التي كان يتهيأ فيها لاستلام السلطة هو أيضاً الاحتكارات وخاصة احتكارات الفحم والفولاذ. وضح فولتر فونغ رئيس Reichsbank الذي قدم شهادته في محاكم نومبورغ التي تم فيها محاكمة النازيين سبب هذه المساعدات من خلال كلماته "كنت وأصدقائي الصناعيين نؤمن بأن الحزب النازي في المستقبل القريب سيتولى السلطة."
كما كتب فريتز فون تهيسن الذي يترأس إحدى أكبر الاحتكارات ذكرياته كما يلي: "دعمت مؤسسات عسكرية مختلفة من أجل محاربة الميول الثورية والفوضوية. ومن بين هذه المؤسسات كان الحزب الاشتراكي القومي "النازي". كنت كما العديد من اليمينيين الآخرين اعتقد بأن هتلر سيلعب دوراً فاعلاً في تنمية ألمانيا. وهذا هو السبب وراء تقديم الدعم المتزايد له. وكنت أتوقع بشكل كبير قيام دولة تنال فيها السلطة الاحترام التقليدي لدى شعب ألمانيا، وهكذا كنا سنتجاوز هذه الأزمة الثورية.
أفشى صاحب بنك فونغ أسماء الكارتيلات التي دعمت هتلر بما يلي في محاكم نورنبورغ: "I.G.Farben الكارتيل العملاق في مجال الكيمياء (اليوم اسمه BASF, Hocest, bayer)، وكارتيل في مجال صناعة البوتاسيوم August Rosterg, August Diehen؛ وكارتيل في الملاحة البحرية بين هامبورغ وأمريكا CUNO؛ الصناعة لفحم لينييت الألمانية المركزية؛ مصانع الإطارات Conti من أكبر الاحتكاريين في كولونيا Otto Wolf؛ Kِln Bank, Deutsche Bank, Commerz und Privat Bank, Dresdener Bank, Deutsche Kredit Gessellschaft، و Allianz. أكبر شركة تأمينات في ألمانيا (شركة Allianz تقوم اليوم بشراكة مع مجموعة قوتش في بلدنا في مجال التأمينات).
وعد هتلر أثناء الاجتماعات التي عقدها مع رجال الأعمال بأنه "سيقضي" على الماركسيين ويؤسس مجدداًً الجيش الألماني. وهكذا في هذا التسلح فتح باب الربح الهائل للاحتكارات مثل Krupp, I.G.Farben ورابطة الفولاذ. عندما منحته الاحتكارات هذا الدعم بالطبع كانت تعرف جيداً جموح هتلر نحو الهيمنة على العالم، ورؤيته حول ألمانيا. طرح هتلر جميع آرائه في كتابه الذي يحمل اسم كفاحي في عام 1925 ودافع فيه عن عدوانه تحت اسم "النظام الجديد"، و"ساحة الحياة". "على ألمانيا أن تتوسع نحو الشرق على حساب روسيا بشكل أكبر... هذه الأراضي هي من أجل الشعب القادر على أخذها" هكذا برر هتلر احتلاله التوسعي. وهذا يعني الاستيلاء على مصادر المواد الخام والطاقة وأسواق جديدة للاحتكارات وقمع الشيوعيين في الداخل. غير أنه عندما كان هتلر ينفذ ما صرح به من آرائه الواحد تلو الآخر استمر دعم رأس مال الألماني له. وهتلر أيضاً كبر قوة الاحتكارات من خلال سياساته الاقتصادية والصناعة الحربية التي أنشأها. (حيث لا يوجد سياسة اقتصادية خاصة للفاشية).
Hitler-Spende "صندوق الانفاق الخاص بهتلر الذي سينفق منه هتلر متى يشاء" الذي أسس بدعم احتكارات الألمان وعلى رأسها Krupp لا ينظم فقط الآلية الدعائية الهائلة والحملات الانتخابية بل ينفق أيضاً لرواتب مئات من الموظفين العاملين في الحزب. وهذا العدد سيزداد إلى أكثر من مئة شخص في أواخر الثلاثينات من القرن العشرين أي تلبى جميع التجهيزات لجيوش القوات الخاصة في كل من الجيش والأمن S.A, S.S الذين سيصبحان أكثر عدداً من الجيش الألماني.
نواصل بتقديم الأمثلة:
الأسرى الموضوعين في معسكرات الاعتقالات كانوا يستخدمون كأدوات للتجربة من قبل احتكارات المواد الدوائية والكيميائية، وعلى رأسهم تروست الكيميائي I.G.Farben. ثمة تنافس شديد بين الاحتكارات من أجل تأسيس منشآت الموت في معسكرات الاعتقال. مثلاً؛ في معسكر Auschwitz الذي قتل فيه الملايين فازت شركة اسمها I.A. Topf وأولاده التي تعمل في صناعة آلات التسخين في منطقة Erfurt بمناقصة إنشاء محرقة Krematorium. وقد جمعت أسنان الذهب للمحروقين وأضيفت إلى "تجميع رأس المال"، بعد تجميع ذهب الأسنان والمجوهرات كانوا يصهرونها ويرسلونها إلى بنك Reichsbank. الدكتور فولتر فونغ رئيس بنك Reichsbank كان يفتح حساب لهذه الأموال باسم مستعار Max Heiliger وهذا كان يجرى حسب ما اتفق به مع النازيين. وسبب اختيار المكان شركة I.G.Farben من أجل مصانع النفط والفحم الصناعي ومصنع الكاوتشوك في Auschwitz كان لتشغيل الأسرى مجاناً.
حسناً، أمام هذه الوقائع الموثقة كلها، ودماء الشعوب التي أريقت من أجل هيمنة الاحتكارات على ساحات السوق ومصادر المواد الخام، والبلدان التي احتلت أية عقوبة أنزلت بحق الإداريين في هذه الاحتكارات في محاكم نورنبورغ؟ فبينما تنزل عقوبة الإعدام بحق أغلب النازيين الذين قدموا لهم الدعم وأوصلوهم إلى السلطة، هم تمت تبرأتهم أو نفذوا بخمس سنوات سجن مثلما حدث في مؤسسة Krupp. رغم أن القرار اتخذ في المحكمة بمصادرة مؤسسات Krupp لم ينفذ ذلك القرار إلى اليوم. لأن سلطة الاحتكارات مستمرة.
الاحتكارات التي كانت تدعم هتلر في الماضي، والاحتكارات الحالية التي تملك نفس الإيديولوجية تسيطر اليوم على إدارة الدول الإمبريالية. مثلاً عندما تحتل أمريكا أي بلد تفيض خزائن احتكارات النفط والطاقة وعلى رأسها الاحتكارات الأمريكية.

الثمن الكبير الذي قدم ماذا وعمن يدل؟
النقطة الأخيرة التي نريد التطرق إليها في ذكرى انتصار الشعوب على الفاشية، هي أن هذا النصر كلف ثمناً باهظاً. وهذا النصر تحقق من خلال الدفاع عن المدن والشوارع وحتى منزلاً منزل بشعار "لا يخطى خطوة واحدة إلى الوراء" حسناً، لنسأل، هذا الثمن الذي قدم ماذا وعمن يدل؟
مثلاً الذين يقولون اليوم "نحن ضد الموت والقتل" أو الذين يقولون "نحن ضد شتى أنواع العنف والحرب"، أين كانوا سيقفون في هكذا مقاومة؟ تخيلوا هذا ولو لحظة النقطة التي سيصل إليها هذا النهج في تلك الظروف أمام الفاشية، كانوا سيقومون فقط بتفنيد نظريات جديدة للتملص من المقاومة. هذه العقلية لا يمكن أو تفهم أيضاً. لماذا فقد سبعة عشر مليون شخص والثمن الذي دفع من أجل الدفاع عن منزل واحد فقط في ستالينغراد.
لهذا السبب تلك الشرائح الرائدة في عدائها لستالين بعيدة كل البعد عن فهم الحرب والمقاومة المستمرة ضد الاحتلال في كل من العراق وفلسطين وضد سلطات الطغمةالحاكمة والملكية في كل من نيبال وكولومبيا وتركيا.
نأمل أن تكون ذكرى الستين للنصر على الفاشية إيقاظاً للواقعين تحت تأثير الإيديولوجية الإمبريالية والذين دمرت أدمغتهم تحت هيمنة الإيديولوجية الإمبريالية!!!

الإمبرياليون يخدعون أنفسهم بالاحتفال بالنصر على الفاشية دون ذكر ستالين. القائد العام للجيش الأحمر الذي رمى الفاشية في مزبلة التاريخ، والإرادة الفولاذية التي أعلنت "لا يخطى خطوة واحدة إلى الوراء" في خنادق ستالينغراد التي كسرت ظهر الجيوش الهتلرية، هل بإمكانهم نسيان قائد جند عشرات الملايين المسلحين بإيمانهم بالاشتراكية والوطنية؟ في الثامن من أيار حاولوا ألا يذكروا اسمه. حاولوا من جهة أن يخفوا ستالين الشيوعي والذي كان يرى بنفس الأثناء المقاومة ضد الفاشية في اراضي السوفييت هي "مساعدة لجميع الشعوب في أوربا التي تئن تحت هيمنة الفاشية الألمانية" ومن جهة أخرى حاولوا إخفاء الحقيقة بأن الإمبرياليين في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية في حينها قد غضوا النظر عن هتلر، وقاموا بحسابات مصلحية اتجاهه. غورباتشوف هو أحد أكبر الخونة الذين شهدهم التاريخ عكس حالتهم النفسية وارتباكهم قبل الاحتفالات بالعبارات الآتية: "قد يذكر اسم ستالين كثيراً في احتفالات الذكرى الستين ولكن علينا أن لا نتوصل إلى حد أن نقول بأننا مديونون إليه بهذا النصر. ويجب ألا يستغل هذا الحدث الهام من أجل مدح ستالين" (صحيفة جمهوريات 9 أيار).
ولكن الشعوب تعرف هذه الحقيقة وتحيي ستالين. حتى لو أن بوتين منع الشعب الروسي من الدخول إلى الساحة الحمراء، ومنع المسيرات التي ترفع صور ستالين، وحتى لو أزيل تحت ضغط الشرطة تمثال ستالين الذي نصب في مدينة Krasnoyarsk الشعوب تتبنى ستالين، وكان المثال لهذا نصب تمثال ستالين في الجمهورية ذات الحكم الذاتي Yakutistan في الاحتفالات التي نظمت في مدينة Mirni في شرق سيبيريا شارك رئيس الدولة تشيتروف إلى جانب الشعب في الكلمات التي ألقيت مدح ستالين، واصطف الشعب من أجل وضع أكاليل من الزهور على التمثال. رئيس بلدية Mirniعبر عن حسرة الشعوب اتجاه الاشتراكية وقائدها بالعبارات التالية: "ننصب هذا التمثال لذكرى الأبن الكبير لروسيا الذي ضحى بما يملك من أجل هذا البلد وشعبه. وعند موته لم يكن في جيبه قرش واحد ولا حساب في البنك ولا أثاث منزلي فخم..."



#محمد_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد سلام - تشويه التاريخ والنصر على الفاشية 8 ايار 1945