حميد حران السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 4253 - 2013 / 10 / 22 - 16:50
المحور:
كتابات ساخرة
حرج المرحوم عوفي في موسم نضج التمور يتكرر كل عام فأبناءه دون كل ابناء القريه يعانون الحرمان , جميع الصبيه يخرجون الى (الداره)_وهي مكان تجمع الاطفال عصرا_ وكل منهم يملأ جيبه بما يجود به نخيل اهله ويتفاخر الاطفال بحلاوة (الخلال) أو النضج المبكر لل(رطب) او تمورهم (المكبوسه) بعد نهاية الموسم , ودونا عن الجميع (يتحسر) ابناءه على الثمر الطيب المذاق المختلف الوانه , وحين يعودون الى كوخهم يبثون شكواهم الى الاب الذي لاحول له ولا قوه , تترقرق في عينيه الدموع ويشعر بألم اللوعه والحرمان الذي يعانيه (زغب الحواصل) , لكنه يبقى معلق بامل الفسيله التي غرسها في باحة الدار ويُطمئِن بنيه بان القادم من الايام سيشهد وجود مايعانون نقصه اليوم , وعند ذاك لايكون لسواهم فضلا عليهم , ويأمل ويأملون حتى جاء ما تصوره الفرج , جاءت البشرى في موسم الطلع , فقد حملت الفسيله ثلاثة عذوق , وعمت الفرحه جميع افراد العائله , واخذ الرجل على عاتقه ريها وتشذيبها بينما كان الاولاد يتحلقون حوله وهم يناقشون بعضهم عما سيفعلون بالثمر القادم , يقترح احدهم ان يُقسم الحاصل الى قسمين يتناولون الاول رطبا وُيخزنون الثاني تمرا , ويرفض الاخر هذا الاقتراح مُصرا على ان يتمتعوا به بالداره كما يفعل سواهم , والاب غاية في السرور إذ يلحظ على وجوههم هذا الامل الواثق بان عناءهم قد ولى الى غير رجعه مع تباشير العذوق الجميله , وذات صباح خرجت الام نحو تنورها القريب من النخله فلاحظت ان احد العذوق قد انشق غلافه , عادت مسرعة للكوخ وايقظت (عوفي) وزفت له البشرى فنهض نشطا حيويا على غير عادته , وبما انه حديث عهد بالنخيل واسراره فقد قصد احد جيرانه ممن حباه الله بعشرات من اجود الاصناف , رافقه الجار حتى اقترب من النخله , تفحصها جيدا ثم التفت نحوه قائلا : ان نخلتك مصابه بمرض (الخياس) وهذا المرض معدي وما عليك إلا استئصال العذوق لكي لا ينتشر المرض في نخيل القريه وتحرم الناس من الموسم القادم ... أصيب المسكين في مقتل واصفر وجهه وعلت قسماته علامات الاحباط وغالب دمعته وهو يفكر بما سينتاب ابناءه من حزن حين يعرفون بما قاله الجار الخبير , تحامل على جرحه وقال:
طَلَعَت بس اخياس وسفه بعثكها...وطفاره لابعد جار يوصل لثكها
وسلامتكم
#حميد_حران_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟