عزيز الخزرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4253 - 2013 / 10 / 22 - 07:39
المحور:
الادب والفن
فنُّ آلكتابَةُ و آلخطابَةُ – ألقسمُ ألرّابع(3)
دور نظريّة ألمعرفة في ترشيد ألقوانين:
بحثنا أسس نظريّة ألمعرفة ألأسلاميّة و قواعدها في مباحث سابقة(1) و سنُركّز في هذه آلحلقة على دورها في ترشيد ألقوانين ألمدنيّة و آلتّشريعات ألمُختلفة في آلنّظام ألأسلاميّ ألمُعاصر أو أي نظام إنسانيّ عادل إن وجد؛ لتحصين آلبشريّة من آلدّمار ألمحتوم ألّذي خطط لهُ آلغرب بقيادة ألمنظمة ألأقتصادية ألعالميّة بدقّةٍ مُتناهية بعد عقدين من آلآن لفناء عدّة مليارات من آلبشر ألمستضعفين من أجل بضعة آلاف "ترليونير" مع من يُحيط بهم و يقوم بخدمتهم و إدارة مشاريعهم كآلعبيد(2), لتكون آلأساس ألفكري لكلّ كاتب أو خطيب هادف يريد خدمة آلرسالة ألأنسانية!
من آلأمور ألهامّة جدّاً و آلتي تلعب فيها نظريّة ألمعرفة دوراً حساساً و مصيريّاً هي تصويب ألقوانيين ألمدنيّة و ترشيد ألتّشريعات ألمُتعدّدة لنواحي ألحياة ألمختلفة في آلمجتمع على أصول إنسانيّ عادل و آلتي بموجبها يتمّ ألتقنين من قبل ألفلاسفة ألمعنيين سواءاً عبر آلهيئات ألتّشريعيّة في آلمجالس ألنّيابية أو ألقضائيّة ألمُختصّة .. من حيث أنّ نظريّة ألمعرفة تُسلّط ألضّوء على مُعظم ألجّوانب و آلحقوق ألأنسانيّة و آلحياتيّة ألتي تخصّ كرامة ألأنسان و حقوق آلحيوان و آلنّبات و آلجّماد و قضايا ألمُجتمع ألمصيريّة بما يضمن تحقيق أهدافه و سعادته, حيث تلعبُ دوراً أساسياً و مُباشراً في تعبئة و صياغة ألقوانين بإتّجاه خدمة ألبشريّة و رقيّها فيما لو كان آلحاكمون إنسانيّون و مُؤمنين بآلغيب و بحقوق الأنسان.
من هنا لا بُد و أن يكون ألعضو في آلمجالس ألنّيابيّة أو آلمحليّة أو آلقضائيّة أو آلتّنفيذيّة مُلمّاً بنظريّة ألمعرفة إلى حدٍّ كبير, كي يكون مؤهّلاً لتحمّل مسؤوليّة ألمُشاركة في تصويب و ترشيد ألقوانين للمجتمع بشكلٍ يضمن حقوق آلأنسان و تطور المجتمع و رقيه و سلامته.
دور نظريّة ألمعرفة في نهضة و سلامة ألمُجتمع:
دلّت دراسة حديثة أجرتها إحدى آلجّامعات الأمريكيّة على أنّ ألمجتمع ألّذي تسودهُ آلعلاقات آلأجتماعيّة ألحميميّة و آلرّوابط ألأخلاقيّة ألحسنة يقلّ فيه نسبة ألاصابة بآلأمراض و آلعوارض ألنفسيّة, و إنّ متوسط آلأعمار فيها ترتفع إلى نسبة عالية بآلقياس مع آلمُجتمعات ألتي لا تسودها روابط إجتماعيّة حميميّة, و هذا لعمري يُثبتُ لنا صحّة و فاعليّة ألأحكام ألأسلاميّة في هذا آلمجال .. حيث تأمرنا آلنّظريّة آلأسلاميّة بوجوب ألتّواصل مع صلة ألرّحم مهما كانت ألظروف و آلأسباب, و عدم قطع ألعلاقة مع آلأرحام لأيّ سبب كان, كلّ ذلك لاهميّة و دور مثل تلك العلاقات في سلامتهم و صحّة أبدانهم و أرواحهم.
لهذا يأتي تأكيدنا على ضرورة ألوقوف و آلتّعرف على أهميّة و دور و مضمون نظريّة ألمعرفة في آلحياة ألفرديّة و آلنّهضة الأجتماعيّة و آلعلميّة على حدٍّ سواء, و آلنّظام ألسّياسيّ ألمُتمسّك و آلعامل بتلك آلنّظرية لهُ دورٌ رئيسيّ في تحقيق سلامة ألمُجتمع و أمنه و تطوّره, و أستطيع ألقول بأنّ آلجيليّن ألّلذين عاشا تحت سُلطة حزب ألجّهل ألبعثيّ في آلعراق ما بين عام (1986 – 2003م) قد إحترقا تماماً, فنادراً مّا تجد من عاش خلالها من العراقيين؛ سليماً من آلعاهات ألجسميّة و آلرّوحيّة و آلنفسيّة لكثرة ألضغوط و آلفساد و آلظلامات التي سبّبها ذلك آلنّظام ألجّاهليّ ألبّعثي في آلأمّة, .
دور نظريّة ألمعرفة في إنتخاب هيئة ألنّظام ألحاكم:
ألطّبقة ألمثقفة و حتّى آلمواطن ألمُسلح بنظريّة ألمعرفة لا تهجُم عليه أللوابس, و لا يتسلّط عليهم من ليس بأهله خصوصاً في آلنظام ألسّياسي - ألأجتماعيّ, لأنّه لا ينتخب عضو ألبرلمان أو رئيس ألحكومة أو آلمجلس ألنّيابي أو رئاسة ألجّمهورية إلّا بعد دراية كاملةٍ و تشخيصٍ دقيقٍ و سليمٍ للمُرشّح أو ألجّهة المُرشّحة و آلدّاعمة لهُ لتسنّم ألمناصب ألعليا آلّتي تُعتبر من أخطر ألأمور في تقويم و ترشيد الخطط و آلبرامج و آلخدمات بإتجاه آلخير أو الشّر, ألهدم أو آلبناء, ألأمان و آلرّحمة أو العنف و آلقسوة!
فالمواطن ألمُسلّح بنظريّة ألمعرفة لا يكتفي بآلأشارة إلى مواطن ألخطأ و آلسّلب و آلقيام بآلتّظاهرات ألسّلميّة ألمحدودة ألأثر فقط؛ كما هو حال ألمُتطفّلين على آلفكر و آلثقافة, بل ألمصلحون ألحقيقيون و آلنقابات ألعامة عادةً مّا يفعلون آلخير بحسب آلحكمة ألبوذيّة آلتي تقول: [بَدَلَ أنْ تلعن ألظلام .. إشْعل شمعة], فآلأخطاء و الأنحرافات – خصوصاً حين تتحوّل إلى ظاهرة – تُعَدُّ أموراً يشهدها كلّ آلمواطنين و بشكلٍ شفافٍ لو كان يتواجد فيهم مفكرٌ قدير واحد على آلأقل لأنّهُ يُؤشر على الدّوام لتلك المواطن و آلبؤر, لكون آلمفكر ألحقيقيّ يُعادل بفكرهِ أمّةً كاملةً, حين يسعى لبث ألمعرفة و آلهداية في آلأمة لتحقيق ألكمال ألحقيقيّ, متجاوزاً ألأطر ألتقليديّة ألتي و للأسف تربّى عليها حتّى آلمرجعيّات ألتقليديّة و آلفكريّة للأديان ألسّماوية, فحقيقتهم و كما شهدناها على أرض ألواقع لم تتعدّى سوى كونهم طفليون و عالة على آلدِّين و آلناس, لعدم إدراكهم بأبعاد نظريّة ألمعرفة و أسرارها لذلك نراهم كانوا على آلدّوام عقبة كأداء أمام نهضة ألشّعوب و ثورة ألمفكرين و بآلتّالي عامل تخلّفٍ و هدمٍ في آلمسيرة الأنسانيّة, و ما جرى من أحداث خلال القرن الماضي في العراق و إيران فيما يخصّ موقف المرجعية الدينية في آلنّجف و منذ ثورة ألمشروطة ثمّ ثورة العشرين حتى نجاح الثورة الأسلامية في إيران عام 1979م لخير دليلٍ على ما توصّلنا إليه هذا بآلأضافة إلى ما جرى في أوربا خلال القرون الوسطى بسبب فساد الكنيسة و تخلفها عن نظرية المعرفة.
ألعامل ألمُخلص و آلموظف و آلمسؤول ضمن إطار نظريّة ألمعرفة لا تغرّهُ آلأموالُ و آلرّواتب و آلمناصب و آلنّساء, و لا يستطيع أحداً من إستغلاله أو دفعه للتّلاعب بحقوق آلله و آلأمّة, و يتحقّق ذلك في أبرز مصاديقه ألعمليّة في مجتمع معيّن من خلال مدى نزاهة و إستقامة ألشّخصيات ألمُرشحة للرّئاسة و آلمُؤيدة من قبل ألأولياء ألصّالحين في آلأمّة كمرشدين حقيقيين(3), و بآلمقابل مدى أنسجام أصوات ألناخبين و إتفاقهم على آلمُرشّح ألشّرعي ألأفضل و آلأتقى لاستلام زمام ألرّئاسة و آلأمور في آلحكومة, و هذا آلأصل يرتبط مباشرةً بآلقائد ألمتصدي لأمورِ ألمجتمع, و هو ما أشار لأهميته ألكبرى الأمام الصادق(ع) في حديث متواتر بآلقول:
[بني الأسلام على خمس؛ على آلصّوم و آلصّلاة و آلحجّ وآلزّكاة و آلولاية, و ما نُودي بشيئ مِثلَما آلولاية].
أنّ ما حلّت بآلبشرية من مآسي و ظلامات و سرقات و إستغلال لحقوقهم ما كانت لتكون إلّا بسبب ألأنتخاب ألخاطئ للحاكمين .. هذا في حال وجود ألنّظام ألدّيمقراطي, و لا نبحث كُنه ومخلفات ألأنظمة الدكتاتورية, و آلمؤمن بنظريّة ألمعرفة هو الوحيد الذي بإمكانه إنتخاب المرشح ألأتقى و الأعرف و الأرحم على مصالح الناس و مستقبلهم, لأنّه العارف ألذي لا تهجم عليه أللوابس حتّى و إنْ إتّخذ قراراً بشأن أبسط ألأمور ما لم يَدْرس جميع جوانبهِ و أحتمالاتهِ و نتائجهِ .. فكيف لو كان آلأمر يتعلّق بحكم آلنّاس و سياستهم و مُستقبلهم و آخرتهم؟
أنّ نظريّة ألمعرفة لما تحويها من أسسٍ رصينة و تطلعات أنسانيّة تجعل ألمؤمن بها قادراً على قراءة ألأمور ألمستقبليّة بشفافيّة عالية و بدقّة مُتناهية و كأنهُ يعيشها و يراها, من هنا يكون رأيهُ حكيماً و قراراته و إنتخابه هو آلأقرب إلى آلحقّ لتجاوز ألمظالم و آلخسائر ألماديّة و آلمحن ألكبيرة ألتي يتعرّض لها آلمُجتمع بسبب تصدّي آلفاسدين لمقدراته.
أمّا آلمعايير ألّتي تُؤكّدها نظريّة ألمعرفة في شخصيّة المُرشح ألذي سيكون حاكماً فهي:
أولاً: أن يكون المُرشّح طيّب ألمولد و آلمنشأ, و لا يكون من أبناء ألحرام بشقّيه؛ أبناء الزنا ألمُتولدين من أبٍ و أمٍ زانية, أو أبناء آلحرام ألذين إستغلوا و أكلوا أموال ألناس و آلفقراء بذرائع شتّى لأسعاد عوائلهم و ذويهم.
ثانياً: أن يكون مؤمناً بنظريّة ألمعرفة في آلحياة و لهُ آراءاً إيجابيّة فيها.
ثالثاً: أن يُشاع عنه الصلاح و آلخير و آلعدل.
رابعاً: أن يكون متواضعاً مع آلنّاس و يخاف الله تعالى.
خامساً: أن تكون حقوقهُ و حياتهُ عاديّةً كعموم ألشّعب.
سادساً: أن يكون آلأعلم من بين أقرانهِ, و إلّا فمقولة الأمام عليّ(ع) ستنطبق عليه و على حكومته, حيث يقول:
[يُسْتدلّ على إدبار ألدُّول بأربعٍ: تضييع ألأصول و آلتّمسك بالغرور و تقديم ألأراذل و تأخير ألأفاضل].
سابعاً: أن يكون مواسياً و مشاركاً لهموم ألنّاس من ناحية ألمَأكل و آلملبس و آلمرتب ألشّهري و آلأمكانات ألأخرى.
لأنّ آلناحية ألأقتصاديّة و آلجانب ألماديّ بآلذّات هي من أهمّ ألعلامات ألتي من خلالها يُعرف حقيقة ألمسؤول و آلحاكم أو آلمُرشّح, فلو إستغلّ منصبه من أجل ترقية نفسه و ذويه و حزبه أو عشيرته فأنّ هذا الحاكم يكون فاسداً و غير صالحاً للحكم, لهذا فأنّ ألحالة الأقتصاديّة و آلماليّة هو آلعامل ألأبرز ألذي لهُ دورُ مباشر في معرفة إستقامة ألأشخاص ألمُرشّحين أو فسادهم و هي المحك لمعرفة أخلاصهم و صدقهم في مدّعياتهم.
ثامناً: أن يكون مؤمناً بولاية ألفقيه كصمام أمان في مسير ألعمليّة ألسّياسيّة و آلأقتصاديّة و آلأجتماعيّة و آلعلميّة, و لعلّ هذا آلأصل هو آلأهم من بين جميع ألأصول و يتقدم على غيرها لكونها تعتبر فروعاً له.
دور نظريّة ألمعرفة في ترشيد ألأقتصاد و آلثّروات الطبيعيّة:
تُولي نظريّة ألمعرفة أهميّة خاصّة للبُعد الأقتصاديّ كما للبعد آلأخلاقي و آلأجتماعيّ في حياة ألشعوب و آلأمم, لما للأقتصاد و آلمستوى ألمعيشي دوراً رئيسيّاً في تقويم شخصيّة ألمُجتمع و أخلاقه و تطوره, و إنعكاساته آلمباشرة في حياة ألنّاس ألسّياسيّة و آلأجتماعيّة و آلعلميّة, و لعلّ أنتصار ألمعسكر ألغربي (ألرأسمالي) ألظالم على آلشّرقي (ألشيوعي) ألظالم أيضاً كان بفعل قوّة ألأقتصاد ألغربي ألذي يتحكم فيه مجموعة ألـ 1% ألمدعومة من آلضّرائب ألمأخوذة من كدّ آلناس و عرق جبينهم و لذلك تركّز همّها آلأكبر خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي على آلتخطيط للقضاء على النظام الشيوعي بآلتخطط من الداخل لشراء ذمم ألأعلاميين و آلسّياسيين و آلعلماء بغية آلأعداد للأنقلاب ألذي نجح بآلفعل هذا بجانب ألضغوط ألأقتصادية, و قد تمّتْ المخططات بنجاح كبير من قبل الأدارة الأمريكية و جهود مخابراتها آلعالميّة ألـ سي آي أي, و كان لكورباتشوف دوراً رئيسيّاً في تمرير تلك آلمؤآمرة, و الجّدير بآلذّكر أنّ الأمام ألخميني(قدس) أرسلّ في وقتها وفداً خاصاً نيابة عنه إلى القيادة ألرّوسية قبيل آلتغيير ألمُفاجئ يُحذّرهم و يدعوهم للأسلام للتحصن أمام آلغرب و تنبيههم من عدم الوقوع أسرى بأيديهم, و قد حذّرهم الأمام من آلمخططات ألغربيّة ألتي كانت تعدّ آلعدة في وقتها للأنقضاض عليهم لتغيير آلنظام و تفتيت معسكرهم و وحدة ألمقاطعات ألرّوسية, لكنّ تلك آلدّعوة ألألهيّة ألتي أرادت صون كرامتهم و عزّتهم لم تلق آذاناً صاغية, فتمّ القضاء على أسس النظام ألأشتراكي في ليلة و ضحاها, لكن ولاية ألفقيه أعدّت ألكَرّة ثانيةً بدعوةِ ألرّوس مجدداً للوقوف بوجه ألمعسكر ألغربيّ للدّفاع عن سوريا حصن ألمقاومة ألعربيّة ضد إسرائيل و آلمطامع الأمريكيّة, و قد إستجابت مؤخراً لتلك الدّعوة ألتي حققت نتائج كبيرة على آلمستوى ألدّولي و آلعالميّ بعون الله تعالى.
و لا بأس هنا ألأشارة إلى أنّ آلمنظومة ألأشتراكية كانتْ تمتلك نظريّة معرفيّة غيري متكاملة و فلسفة للحياة على آلرّغم من أنّها لم تكن شاملة بسبب إقصائها لكلّ ما يتعلق بآلميتافيزيقا و آلغيب و آلأخلاق و إيمانها بآلمادة و الأنتاج المادي و وسائل الأنتاج فقط لذلك رأينا سيطرة النظام الرأسمالي ألفاقد لأية نظريّة معرفيّة بسهولة عليهم بسبب ضعف آلأقتصاد الرّوسي, و لم يجد الغرب صعوبة للنفوذ في أوساطهم و من نفس المتبنيات المادية (الأقتصادية) تلك و لكن عبر نظرية ماديّة أوسع ممّا آمنوا به.
إن مأخذنا آلأساسي على آلنّظام ألغربي(الرأسمالي ألديمقراطي)هو في كيفية التعامل مع حقوق الأنسان!
فآلنظام الرأسمالي و على الرغم من إيمانه بآلحقوق الطبيعية ألدنيا للمواطن و كما ورد في مثلث"ماسلو" و نظريّات "آدم سمث" و "فوكوياما" إلّا أنّنا نرى آلأحداث و آلوقائع تعكس غير ذلك, حيث يتعامل الحاكمون بعيداً عن المثل و القيم مع المحكومين من أجل الهيمنة عليهم و إستغلالهم بإتجاه منافعهم العظمي مقابل تأمين حاجياتهم و معيشتهم ضمن الحدود الدنيا, بحيث يكون قادراً للعيش فقط لأداء عملٍ معين ضمن آلنظام ألديمقراطي ألحديدي المرسوم له بكل تحديد تحت عباءة ألديمقراطية المستهدفة و آلموجهة لحماية آلطبقة ألرأسماليّة.
إن طغيان ألنظام ألرّأسمالي بقيادة ألمنظمة ألأقتصاديّة ألعالميّة لا يتوقف عند هذا آلحد .. بل وصل إلى خارج حدودهم للسيطرة على آلموارد ألطبيعيّة ألأساسيّة كالنفط و آلغاز و آلمعادن و حتّى آلثّروات و المنتوجات الزراعيّة خصوصاً في أفريقيا و الخليج و آلدول الأسيوية .. لسلب كلّ قدرة إقتصاديّة من شأنها تحصين إستقلال ألأمم و آلشعوب و توحيدها بإتجاه الخير و بآلتالي جعلهم على آلدّوام رهن إشارة الطاغيين ألمستكبرين ليسهل عليهم ألتّحكم بها و تسير شؤونها بما يضمن لهم ألأستمرار في التسلط على مقدراتهم.
بآلـتأمل في آلحقائق الآنفة الذكر فأنّ نظريّة المعرفة آلتي نحن بصددها تسعى لفتح آفاق الأنسان كي يتمكن من آلولوج في حلبة آلأقتصاد و المال و آلسياسة و آلديمقراطية الهادفة لا آلمستهدفة بآلطرق ألشرعية ليكون من المتمكنين .. لنشر الفضائل و الخير و المحبة و الأخلاق الفاضلة .. لا من أجل التمتع بشهوة الرئاسة و الحكم و آلأموال و المصالح ألضّيقة لأشخاصٍ أو أحزابٍ سياسيّةٍ لم يفهم آلمُتصدين فيها أبجديّات نظريّة ألمعرفة و أبعادها على كلّ صعيد!
إنّ آلذي نتوقّعه بعد عشرين عاماً من آلآن – لو إستمرّ آلوضع على هذا آلمنوال – هو جعل كرامة آلأنسان أرخص شيئ في آلواقع لعدم حاجة ألشّركات آلكبرى و آلمعامل التي معظمها ستكون تابعة لملكيّة أعضاء آلمنظمة الأقتصادية العالمية إلى فنيين و مهندسين و أيدي عاملة و لا آلمستشفيات إلى أطباء و مُمرضين, حيث سيحلّ الأنسان ألآليّ(ألريبوت) للخدمة بدلاً من الأنسان ألحقيقيّ, و بآلتّالي فلا أهمّية لأيّ صوتٍ أو مُدّعٍ للحقوق حينها من آلمليارات ألمظلومة من شعوب ألأرض للوقوف بوجههم لأنّها لا تملك إرادتها أو أسلحة مُضادّة لأسلحتها(4) و تكون مهدّدة بآلفناء ألجّمعي من قبل عدّة ألوفٍ من آلمتسلطين ألظالمين ألّذين أعدّوا خططاً جهنّميةً لتلك آلمواجهة ألمصيرية من آلآن.
و لو وصل ألوضع في آلمستقبل إلى تلك آلنقطة؛ فحينها لا أحد يعرف طريقاً للحلّ – و لو كان يعرف – فلا حول و لا قوة له على التغيير أو آلتّبديل لأنّهُ مسلوب ألأرادة و آلأمكانات و آلقدرات و آلأسلحة ألمتكافئة, بل أنّ معظم ألنّاس و بسبب جهلهم و إهمالهم لنظريّة المعرفة لا يبحثون عن سرّ و أسباب تلك آلمحنة ألّتي ستكون محنة ألمحن في مستقبل و مصير ألبشريّة على آلأطلاق.
نظريّة ألمعرفة و مُستقبل ألبشريّة:
إنّ ما يشقى به ألعالم أليوم من إرهاب مُنظّم و خلافات فكريّة و سياسيّة و أقتصاديّة و عسكريّة و فقدانٍ للمروءة و آلأخلاق و آلنّيات ألحسنة و من تهاونٍ بكرامة ألشّعوب و رعبٍ من قيام حربٍ نووية شاملة يكون ضحيّتها عشرات بل مئات الملايين في آلشعوب المستضعفة .. و إنّ ما قامتْ بها بآلفعل ألقوى الكبرى من شنّ حروبٍ شُبه نووّية في آلعراق و أفغانستان و بلاد الشام و ربّما بلدان إسلاميّة أخرى بإستخدامها للقنابل ألمشعة و آلكيمياوية و آلعنقودية , للهيمنة على آلحركات و آلحكومات ألثّوريّة ألّتي تعمل من أجل حقوق و كرامة ألشّعوب؛ لهي نتيجة طبيعية للمبادئ ألفكريّة ألسّائدة ألّتي تبنتها آلمنظمة الأقتصاديّة تحت غطاء ألنّظام ألدّيمقراطي ألمُستهدف بقيادة أمريكا و التي لا تؤمن بآلأنسان كلّه – بل تؤمن بآلأنسان من آلدّرجة ألثانية و حتّى آلعاشرة – فهي لا تتعامل قانونياً بآلتساوى مع جميع ألمُواطنين .. بل هناك قيمةٌ ماديّةٌ و درجاتٌ معياريّة لكلّ إنسان في آلمُجتمع ألغربيّ بحسب ألثّراء و مقدار ألمال ألّذي يملكهُ سواءاً بآلحرام أو ألحلال!
و خلاصة آلموضوع لم يبق أمام آلبشريّة سوى طريقان:
ألأوّل: ألأستمرار – لو قُدّر لها البقاء – في مأساتها حائرةً مُتخبطةً .. مُستسلمة أمام مُخططات ألمنظمة آلأقتصاديّة ألتي تُحاول عولمة ألعالم من خلال إرهابٍ مُنظّم و حكوماتٍ ذيليةٍ ذليلةٍ و كيانات سلفيّة منقرضة لا تفهم من فلسفة آلحياة شيئاً ولا تعمل طبقاً لنظريّة ألمعرفية ألتي أشرنا لها تفصيلاً فيما سبقْ.
ألثّاني: أنْ تُعيد ألنّظر في عقائدها و مقايسها و نظمها و تُؤمن بآلله إيمان وعي و تبصّرٍ و تُعلن عبوديتها لهُ تعالى فقط و تتمسّك بشريعته في كلّ عملٍ و مجالٍ في آلحياة ألفرديّة و آلعائليّة و آلمجتمعيّة و آلسّياسيّة, و كما قال عليّ(ع) في نهجه ألقويم:
[عليكم بتقوى الله و نظم أمركم], و تحقيق هذا آلأمر لا يكونُ إلّا بوجود ألقائد و آلمرجع ألأعلى ألذي يُمثّل ألولاية شبه آلمطلقة على رأس آلنّظام السياسيّ – ألأجتماعيّ ألحاكم بإعتبارها آلعمود و آلمرتكز في نظريّة ألمعرفة آلأسلاميّة – ألأنسانيّة(5) و آلتي تشرف على آلنظام ألدِّيمقراطي ألهادف و ليس آلمُستهدف و كما هو آلحال في آلنظام ألدّيمقراطي ألغربي لتحقيق أهداف ألطبقة ألرّأسمالية و لا حول و لا قوّة إلّا بآلله العلي العظيم.
عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) للأطلاع على الموضوع, راجع ألحلقة ألسّابقة و كذلك: مؤلفنا؛ [ألأسس ألأثنيّ عشر لنظرية ألمعرفة].
(2) حين تكتمل آلحلقات الأخيرة أو آلشُّبه ألأخيرة للتكنولوجيا لأدارة أعمال الشركات و المستشفيات و المعامل و آلدّوائر و حتى آلبيوت و آلمزارع و غيرها؛ عندها لا يبقى مجالاً للعمل لعموم الناس, لأن الرّبوت و آلكاميرات هي التي تقوم بأعمال الأنتاج و الرّقابة, يلحقها من جانب آخر إزدياد أعداد ألمستهلكين ألذين لا يجدون مجالاً للعمل أو لقمة آلخبز خصوصاً في القارات المتخلفة كأفريقيا و معظم قارة إسيا و بعض أوربا و آلقارة الأمريكية الجنوبية؛ لذلك لا بُدّ من التخلص من مئات الملايين من هؤلاء المستهلكين و الذين قد يموتون بشكلٍ طبيعي لقلة الغذاء و و الفيتامينات و الدواء و الأمكانات, من هنا تتحقّق نبوئتنا هذه فيما لو لم يقوم المخلصون و على رأسهم الدولة الأسلامية المباركة من الدفاع عن حقوق آلأنسان و عدم ترك الساحة للقوى الكبرى للتحكم بها عبر قدراتهم النووية الخارقة, و ليعلم القارئ بأن محاربة إيران الثورية لعدم إمتلاك السلاح النووي يأتي لهذا السبب .. لا كما يدعي المجرمون في المنظمة الأقتصادية و الأتحاد الأوربي بكونه دفاعاً عن الأنسان! لأنهم أساساً لا يؤمنون بآلأنسان.
(3) لقد تجلّتْ تلك آلحالة في معظم آلولاة ألّذين عيّنهم الأمام عليّ(ع) في آلأمصار, و كذلك في معظم آلمسؤوليين الذين تمّ تأييدهم من قبل ولي أمر ألمسلمين ألأمام الخامنئي في آلدولة الأسلامية المعاصة, و آلسيد أحمدي نجاد رئيس الجمهورية الأسبق و أمثاله من المسؤوليين خير مثال على ذلك.
(4) للتفاصيل و آلمزيد من آلتّوضيحات, راجع مباحثنا تحت عنوان؛ [مستقبلنا بين الدِّين و آلدِّيمقراطية] القسم الثامن و آلتاسع.
(5) للأسباب أعلاه نرى وقوف الغرب بقيادة أمريكا ضدّ آلنشاط النووي الأسلاميّ ألأيراني بلك قوة و حزم, خوفاً من آلتصدي ألأسلاميّ لمخططاتهم الجهنمية التي بدؤوا بآلأعداد لها ضد آلبشريّة منذ بضع سنين!
#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟