طالب عباس الظاهر
الحوار المتمدن-العدد: 4252 - 2013 / 10 / 21 - 08:58
المحور:
الادب والفن
لم يشعر بمثل هذا التشتت يجتاحه في وقت سابق من سنوات عمره مثلما يشعر الآن، ربما لأنه يحيا دوّامة أزمتين معاً تكالبتا للنهش في قلبه المكلوم، أزمة زوجية وهي تضرب وجه حياته بقوة كالزلزال، وبذات الوقت أزمة بدؤه بمشروع بناء وترميم بقية سنوات عمره الأخيرة الآيلة للسقوط.
فبالأمس وعند عودته الى بيت أبيه مساءً حيث يسكن بعد مفارقة قسرية لبيته، كاد أن يجتازه بمسافة، وقبل ذلك أخذته سيارة الركاب العمومية الى بيته لولا تنبهه في آخر لحظة ونزوله وعودته، فقد كان نهباً للهواجس، تتقاذفه تيارات الأفكار، وتتنازعنه شتى المشاعر.
هل حقاً وصل قطار العمر به الى محطته النهائية؟ أم إنها البداية لا غير؟
ساءل نفسه بحيرة.
وها هو عن طريق المصادفة تماماً ينتبه الآن الى إن تاريخ اليوم هو ذاته تاريخ ميلاده، أي إنه يوم مولده! فراح يدندن مع نفسه بألم اسطوري : (عدت يا يوم مولدي ... عدت يا أيها الشقي!).
ثم يتساءل مع نفسه بألم:
ـ هل إن هذا اليوم هو يوم عيد ميلاد؟ أم إنه بدء لتاريخ الشقاء؟!
فرغم مصادفة يوم مولده هذه السنة مع ثالث أيام العيد، يعني عيد بعدين كما يقال، إلا إنه أحسّ بالألم يتغلغل عميقاً في عروقه، ويحتل مساحة ذاكرته ووجوده بأكمله.
فيتساءل مرة أخرى:
ـ لماذا يا ترى هذا الشقاء يتبعني ... يلازم خطوي كما الظل؟ بل لماذا لا أحاول أن أكون أقل تشاؤماً؛ فأحيا متفائلاً مثل السعداء؟ أو الأغبياء؟!
ويعاود التساؤل من جديد:
ـ أإنه يوم سعد أم نحس هو ذلك اليوم البعيد القريب الذي جئت به الى هذا العالم الغريب؟ وقررت فيه المقادير أن تقذفني جنيناً في رحم هذي الحياة ، بعدما أمضيت ما أمضيت من شهور في بطن أمي؟
هو لا يستطيع الإجابة خاصة في خضم هذا التشابك المرير لمشاعر الحزن والسعادة في ذاته، ووسط تصارعها العنيف على أديمه، وها هو يجد نفسه محتاراً الآن، وعاجزاً تماماً عن إدراك ماهية المشاعر التي تتضارب في داخله ضاجه.. متوترة.. حزينة .. فرحة .. متفائلة.. متشائمة.. و.............!
فمن يستطيع ضبط ايقاع مشاعره على لحنٍ معين في مثل هكذا يوم استثنائي، لكي يستطيع هو الآن... والآن بالخصوص؟!
[email protected]
#طالب_عباس_الظاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟