أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - استنساخ -سانشو-














المزيد.....

استنساخ -سانشو-


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4251 - 2013 / 10 / 20 - 22:41
المحور: الادب والفن
    


استنساخ "سانشو"



كشفت رائعة الكاتب الإسباني الكبير ميغيل دي سيرفانتس1547-1616" دونكيشوت" عن هشاشة أنموذجين من الشخصيات التي كانت تعيش بين ظهراني الحياة في المجتمع الإسباني، على اعتبارها تعيش الراهن، بروح الماضي، إذ نقع على شخصية ذلك الفلاح البسيط"سانشو" التي يلتقطها "دونكيشوت"، المولع بأدوارالبطولة والفروسية التي قرأ عنها في الكتب، أو سمع حكاياتها، ليرمم قطعة سلاح قديم لآبائه، عثرعليها في إحدى زوايا منزل الأسرة، كما يعدُّ رمحاً، وخوذة، وحصاناً هزيلاً مثله، ليحاكي شخصيات فرسان العصورالماضية، وهنا فإنه يدرك حاجته إلى مرافق له، فلا يتلكأ في العثورعلى" سانشو"الذي سرعان ما يغدوتابعاً له، بعد غوايته، وإغرائه، كي يشاركه المعارك الخاسرة التي يخوضها، ومنها مقارعة طواحين الهواء التي ينبهه مرافقه، أو تابعه إلى ضرورة الكفّ عن مواجهتها، فهي ليست كائنات بأذرعة هائلة، إلى أن ترميه أرضاً، من دون أن يتراجع عن مواصلة حروبه التي خيل إليه أنها ستدخله التاريخ، وهو يعيش عالم الوهم، فهاهو يبصر غبار قطيع من الغنم، يظنه جيشاً جراراً، فيهرع للانقضاض عليه، كي يجهز على بعضه، ليدفع ضريبة ذلك من قبل الرعاة، لطماً، وركلاً، وسوى ذلك، فيفتقد بعض أسنانه نتيجة هذه المواجهة، من دون أن يفلت تابعه هو الآخر من العقاب، لاسيما أن مهمات الحرب قد وزعها "دونكيشوت" بإتقان، إذ تكفل، بنفسه، مواجهة الفرسان، بيد أنه ترك لتابعه مهمة مواجهة الناس العاديين.


شخصية" سانشو"، رغم أن كثيراً من الدراسات قد تناولتها، عبر قرون عدة، على هامش تناولها للشخصية المحورية في رواية" سرفانتس"، هذه، إلا أنها جديرة-هي الأخرى- بالوقوف عندها طويلاً، أكثر، وباستمرار، أمام ظاهرة استفحالها، وانتشارها، لأنها تمتلك قدراً كبيراً من الصفات الخاصة، فمقابل استغراق الشخصية المحورية"دونكيشوت" في انقطاعه عن الواقع، وعيشه في عالم الخيال، وحلمه بتحقيق البطولات، و كبريات الفتوحات، دون أن يمتلك مقوماتها، بدءاً بجسده الهزيل، أو أسلحته القديمة، المهترئة التي لا تنتمي إلى العصر، بل ومن دون أن يكون العصر-نفسه- ملائماً للبطولة، كما أن المكان- هوالآخر- غيرمناسب، وهلمجرا..، فإن تابعه- وإن كان مختلفاً- لكنه، و رغم إدراكه لحقيقة الواقع، وخطل سلوكيات متبوعه، إلا أنه وتحت وطأة حلمه في أن يحقق مآربه، ويغدو حاكماً على إحدى المقاطعات، يتناسى فهمه لطبيعة هذا البطل الوهمي، معلقاً عليه الآمال، وإن كان سيجر أذيال الهزيمة، مرة تلو أخرى، متجرعاً مرارات صدمة الواقع، كي يلتقي هنا: الموهوم، والمحظو بالحدِّ الأدنى من البصيرة، مادام هذا الأخير مدفوعاً بمكاسب فوق واقعية، يريد الوصول إليها من دون امتلاك أدواتها، وشروطها، ومقوماتها.


أجل، هذه الشخصية، الأخيرة-تحديداً- والتي باتت منتشرة على نطاق واسع، تتحمل جزءاً من مسؤولية وزر شرور الشخصية المتبوعة، بل تتقاسمها مرضها، حتى وإن كانت ترى الواقع بعينها، أو حتى لو نقدتها، مادامت منقادة إلى الشخصية التابعة، التي لا يمكن أن تنمو، وتتحرك من دونها، حيث أن لها "شيزوفرينيتها" الخاصة، وهي تصلح لأن يتمَّ تناولها، واستقراؤها من جديد، لاسيما في ظل اندياح دائرة المنتمين إليها، لتكون شريكاً، بل وسيلة بما يلحق الواقع من إذاءات هائلة، لها تفاصيلها في مسارات اللحظة الراهنة والمرصودة.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مختبرات دهام حسن للتحليل النفسي
- جحيم الثقافي فردوس السياسي
- ملحمة النسر
- سلالم النفس
- التاريخ..1
- صناعة الألم:
- موت الذاكرة
- -دائرة الطباشيرالقوقازية-
- حبكة القص حبكة الواقع
- جيل الاغتراب الأكبر.........!
- الطفل الذي قدم أدوات قصته:
- كرد ستريت ترصد آراء المثقفين والسياسيين الكرد حول انضمام الم ...
- أطفالنا والحرب: من يوميات أيان
- اللاكتابة
- الكاتب و أسئلة الطوفان
- الأول من سبتمبر:
- روح الشاعر
- من يتذكرشخصية-شرو-؟.
- الأسد بطلاً قومياً ونوستالجيا أحضان النظام
- رسالة سبينوزا إلى السوريين:


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - استنساخ -سانشو-