|
صناعة سوفييتية -في بناء الانسان 1
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4251 - 2013 / 10 / 20 - 15:25
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
صناعة سوفييتية – في بناء الانسان مقدمة لا بد منها حينما كتبت مقالي السابق لم يخطر ببالي بأنني أُهاجم الاشتراكية أو الاتحاد السوفياتي ، بل كان هدفي وما زال ،هو الاشارة الى الامراض التي ادت الى تقويض الاشتراكية ودولها ، وتحديدا العوامل الذاتية او "السياسات " التي انتهجها حزب الطليعة ،وهي سياسات قامت على فكرة الحزب القائد وقائد الحزب الذي لا يُخطئ(ولا يهم اسم هذا القائد ، فقد كان تقديس الجميع دون استثناء ديدن الحزب منذ وفاة لينين) . ولو تم الانتباه الى مخاطر عبادة الشخصية ، وتقديس اقوال هذه القيادات ،حتى لو كانت ستصيب الدولة في مقتل ، لو تم تدارك هذه الاضرار في حينه ، فلربما حافظت الدول الاشتراكية على مواقعها ، وهذا ما يُضايقنا ويُزعجنا بشكل شخصي!! وكذلك عاتبنا اخ عزيز وبقدر من الصدقية ، بأننا اغفلنا ذكر انجازات الدولة الاشتراكية ، وعُذرنا الوحيد هو ، أن هذه الانجازات قد اشبعها في حينه الجميع ، مدحا وتمجيدا فاق لربما حجمها الطبيعي ، وتم "تجنيد " هذه الانجازات لتصب في صالح الزعيم المُلهم والقائد الفذ ، وتم تجاهل الكادحين الذين لم يُوفروا جهدا من اجل تحقيق هذه الانجازات والتي هي بعض من طموحات هؤلاء الكادحين . لكن هذا لا يعني بأننا لن نتطرق الى هذه الانجازات ولكن من زاوية مختلفة . خاصة وان الانجازات المادية والعلمية لم تكن مقصورة على البلدان الاشتراكية ، وانما كانت من نصيب المنظومتين اللتين كانتا في سباق محموم من اجل احراز التفوق في هذا المجال وفي غيره من مجالات الحياة . وبداية وقبل الخوض في الموضوع الشاق ، الا وهو بناء الانسان ، وما صاحبه من "فرضية " لم تثبت صحتها ، بل ثبت العكس منها ، الا وهي الفرضية القائلة بأن الانسان الشيوعي ، هو انسان لا ذاتي ، بل ويجب عليه أن يتخلى عن ذاته والا ...!! لكن ولكي تكون شيوعيا ، هل عليك حقا ،أن تكون بلا لون أو طعم او رائحة ؟؟ نعم هذا ما يتضح لنا عند قراءتنا تعريفا تمجيديا لمصطلح اللاذاتوية التي ميزت القائد الاوحد ، هذه اللاذاتوية التي يتغنى بها البعض ،ويأتون بالمثال الشهير حول رفض ستالين مبادلة ابنه الاسير يعقوب بجنرال نازي ، اذن فضل "الاب القائد " ترك ابنه في الاسر على مبادلته بجنرال ،فضل "الدوس على مشاعره " ، مفضلا المصلحة العسكرية !! يعني ضحى بفلذة كبده على مذبح الوطن !! لكن هل يُشير هذا السلوك الى أن على الاباء " التضحية " بأبنائهم ، أم أن واجبهم هو حمايتهم والحفاظ عليهم ؟؟؟ شخصيا لا استطيع الحسم في هذا الصراع الذي وجد ستالين نفسه فيه ، لكنني أقول وأُعيد بأن واجب الاب حماية ابناءه من كل شر ، هذا هو الامر الطبيعي في الوضع الطبيعي . لكن تحويل السلوك في الظرف الطارئ وغير الطبيعي الى سلوك يُحتذى حذوه في كل الاوضاع ، فهذه حالة غير طبيعية وممارسة غير طبيعية ايضا !! الانسان الشيوعي لا يشي بوالده ، ولا يُسلمه للمشنقة !! وهذه الديماغوغيا الرخيصة هي التي اوصلت الاحزاب الشيوعية الى الدرك الاسفل ، وحولتها الى دين جامد لا يتقبل نقاشا ولا نقدا ، واقوال القائد هي الحقيقة المُطلقة والتي لا مُبدل لها !! وعودة الى الذات ، فالذات هي الانا وهي الهوية ، فلكي تكون شيوعيا يجب ان تكون ذاتويا ، يجب أن تكون ذا ذات مميزة ، ذات تملك صفات مختلفة عن الذات المُناقضة او النقيضة ، الذات الشيوعية وحسب رأيي المتواضع ، هي ذات صاحبة منظومة قيمية اخلاقية سامية ، هي ذات تستطيع التخلي عن رغباتها او بعض رغباتها لكي تُحقق رغبة كبيرة وعظيمة ، رغبة الجميع في تحقيق مجتمع العدل والمساواة ! وهل يستطيع من لا ذات له، بناء مجتمع يعتمد على المساواة والعدل ، المجتمع الشيوعي ، اي خلق ذات جمعية جديدة ومغايرة ،ثم اليس افراد المجتمع هم الذين ينتقلون بمجتمعهم الى مرحلة ارقى من سابقه ؟؟ هل ينشا هذا المجتمع الفاضل والذي له لون وطعم ورائحة ، من ذوات غير محددة أو ملغية لا لون ، طعم أو رائحة لها؟؟!! قد يكون القول الذي يقصده البعض هو غياب حب الذات لدى الشيوعي ، وأود هنا أن اطرح سؤالا : كيف لمن لا يحب ذاته ،أن يحب ويضحي من اجل الاخرين ، فلكي اضحي بشيء يجب علي ان اعرف قيمته المادية والمعنوية ، فقمة التضحية هي التضحية بحبي لنفسي او لذاتي من أجل قضية اعتبرها قضية سامية . اما الذي لا يحب نفسه او الكاره لها فيستطيع ان يُفجر نفسه في مجموعة من الابرياء !! فالذي يفجر نفسه مثلا ، هو كاره لنفسه وتبعا لذلك فهو كاره للأخرين وللمجتمع !! وفي رأيي ، الشيوعي يحب مجتمعه لأنه يحب ذاته اولا وقبل شيء ، يحترم نفسه وذاته ، يحافظ عليها ، ينميها ويطورها لكي تكون مؤهلة لمحبة الاخر والتضحية من اجله اذا اقتضت الضرورة ذلك !! ولعل محاولة الدولة "محو ذات " الافراد قابلتها ردة فعل تمسكت بذاتها الفردية كنوع من صراع البقاء الدارويني ، وعلى سبيل المثال ، هل تمكن الحكم السوفياتي من الغاء حب التملك الفردي ، من الذات الروسية ؟؟ لذلك لم تنجح ولم يكن بإمكانها النجاح في خلق نمط واحد لا ذات له ، لأن الامر يُناقض ماهية وجوهر النفس البشرية !! فالتقدم نحو ذات جديدة ، لا يعني بالضرورة ، محو الخصوصية الفردانية ، والغاء الفروق الشخصية !! فلكل ذاته المميزة ، التي تتماهى مع الذات الجمعية ، بكامل رغبتها وارادتها ، دون اكراه ، لكن بحالة وعي رائعة !! ولنا لقاء أخر مع نجاحات على صعيد بناء الانسان ، وهناك نجاحات !!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صناعة سوفييتية - في النقد الذاتي
-
عيدية الحكومة للرأسمال الكبير ..
-
السعيد ، كل يوم عنده عيد .
-
ألحق (الذنب ) على الامبريالية ..!!
-
لماذا جيفارا ؟؟
-
لا لتعدد الزوجات ...لا للزواج المبكر
-
جحا أولى بلحم ثوره
-
الأزمة المُفتعلة ورأسمالية القوة ..
-
النعي المبكر للرأسمالية
-
تعلق قلبي في ...الخليجيات !!
-
موسم خروج العفاريت ..!!
-
القاموس الفلسفي للطبقة العاملة الحداثوية !!!
-
الديالكتيك وعمال العمار
-
في انتظار عبرة
-
كونك عربيا يعني ... تقصير عمرك !!
-
سفير .. وسفيرة فوق العادة !!
-
يتسحاق بيشفيتس زينغر ...كاتب وتاريخ أضاءة على مقال الاستاذ
...
-
-الرقصة في قطر ..!!-
-
ابوس الأرض تحت نعالكن م ..
-
نفي النفي ..والفرق بين النكاح والمناكحة
المزيد.....
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
-
تسعة شهور من الحبس الاحتياطي.. والتهمة “بانر فلسطين”
-
العدد 590 من جريدة النهج الديمقراطي
-
اليمين المتطرف يحتفل برحيل أونروا من إسرائيل
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
-
تسع خطوات عاجلة لـ 10 نقابات مهنية مصرية ضد تهجير ترامب للفل
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|