أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سعدون هليل - حوار مع الدكتور حسام الآلوسي















المزيد.....



حوار مع الدكتور حسام الآلوسي


سعدون هليل

الحوار المتمدن-العدد: 4251 - 2013 / 10 / 20 - 21:10
المحور: مقابلات و حوارات
    


كل فلاسفتنا أحرار حتى الصوفيين فهم فيضيون

الفيلسوف العراقي الدكتور حسام الآلوسي *


حاوره:سعدون هليل


الدكتور حسام الآلوسي من كبار المفكرين، في المجال الفلسفي في العراق والعالم العربي، وهو من الذين يملكون رؤية واضحة عن تطور تاريخ الوعي النفسي والفكر العربي المعاصر، والآلوسي لا يعرف الحلول الجاهزة والاجابات المسبقة ولا يؤمن بالمطلقات الانسانية او الدوائر المغلقة للفكر، منذ ستينيات القرن الماضي، فالقارئ سيجد في هذا الحوار مفكراً موسوعياً في تاريخ الحضارة الاسلامية والفكر العربي المعاصر، له منهجه وخطابه الخاص به، اذ نحن نتحاور مع فكر عقلاني متجدد في الوعي الفلسفي وعلم المعرفة وعلم القيم الانسانية قولاً وفعلاً، مارس الدرس الفلسفي وبشكل خاص في كتابه الشهير: "حوار بين الفلسفة والمتكلمين" و "دراسات في الفكر الفلسفي الاسلامي" و "الفلسفة والانسان" و" حول العقل والعقلانية العربية"
وفي خضم زحمة الاسئلة التي تدور في اذهاننا ارتأينا على د. حسام الالوسي ان يخبرنا من اين نبدأ السؤال فاجاب مشكورا من حيث تريدون على الرحب والسعة.
* قرأنا بعض الدراسات للدكتور حسام الالوسي، في نقد بعض المفكرين العرب – حسين مروة، صاحب كتاب- النزعات المادية في الفلسفة الاسلامية، وطيب تيزيني "من التراث الى الثورة" وكذلك المفكر محمد عابد الجابري "بنية العقل العربي" كيف ينظر المفكر التنويري حسام من خلال منهجه لهذه المشاريع الفكرية الكبرى؟
- الحقيقة النقد مستمر، وتناولت الخطاب الاسلامي عند بعض ممثلي اليسار واليمين، وهناك بحث القيته في المؤتمر الفلسفي في مصر، عن مشروع حسن حنفي، وكان من "عشرة اجزاء" يعتقد انه وصل به مرحلة الاجتهاد.
نقدت هذا المنهج، تناولت قضية التراث، وقضية الفكر العربي المعاصر والمشكلات سواء القديمة والحديثة هذا لا يعني رفضه هناك خطوط مشتركة كثيرة، بيني وبين تيزيني وحسين مروة، كانت مؤاخذتي على حسين في كتابه "النزعات المادية في الفلسفة الاسلامية" تروجه على المنهج الماركسي، وهناك كتاب اسمه "الماركسية في التراث" لمجموعة من الماركسيين منهم – الدكتور توفيق سلوم ونايف بلوز، نقدوا منهج حسين مروة، وطيب تيزيني، النقد في الحقيقة نقد مشترك عند الخروج من المنهج الماركسي، لنضرب مثلا على ذلك القارئ في فكرنا الفلسفي القديم الكلاسيك، واقصد بذلك، فلاسفة الاسلام الذين هم فلاسفة، احرار. ليس فيهم مادي واحد، ماذا قال حسين مروة، وتيزيني، جعلوا هؤلاء يقولون بالديالكتيك كيف يكون ذلك، المسألة الاساسية في الفلسفة وفي السؤال ايهما الاصل. لا يوجد بين هؤلاء الفلاسفة، من الكندي الى مسكويه الى اخوان الصفاء، الفارابي، ابن سينا لا يوجد من نستطيع ان نعتبره ماديا، معظمهم، ما عدا ابو بكر بن زكريا الرازي، وابن رشد، الكندي، كل فلاسفتنا حتى الصوفيين هم فيضيون هؤلاء مثاليون، حثوا بهذه المثالية، وليس بالمادية، فكيف يكون هؤلاء ماديين، عند حسين مروة، وعند طيب تيزيني، لانهم مثلا، قالوا بان الزمان ازلي وبان العالم ازلي بالزمان. او بان الهيولي ازلية الحقيقة هذه.
فالعالم اذا قديم بالزمان ليس له بداية، زمانية في الوجود ولا الحركة وكذلك ماديته، من اين جاءت مادته وزمانه وحركته ثم عندهم مصطلح العالم القديم بالزمان يعني وجود العلة والمعلولة معا لا انفصال بينهما فالعلم دائما الوجود لكنه ليس قديما مستقلا بذاته، يعني وجوده مأخوذ, هو ممكن الوجود يفرقون الوجود عن الماهية ماهية العالم فلا بد له من وجود فاذا الوجود منحة اذا هؤلاء في قلب المثالية حتى ولا مثالية موضوعية مثل ما عند افلاطون.
* هل يحق لنا ان نقول ان ما طرحه حسين مروة، وطيب تيزيني ومحمود العالم، وهادي العلوي، وهشام غصيب بان فلاسفة الاسلام عقلانيون؟
- ليس هناك مقارنة قد يكون مادياً وقد يكون مثالياً، العقلاني يستخدم العقل والحجة والنقاش والتحليل والاعتماد على مصدر المعرفة يعني مصدر المعرفة بشري وعندما نقول ان طرق المعرفة هي الوحي، العقل، العقل حس وتجربة وعندما نقول عقلي او عقلاني هذا هو المقصود حتى تتحدد الالفاظ.
* ايعني ذلك ان هؤلاء عقلانيون؟
- عقلانيون نعم. الحقيقة عند المثاليين ان الوحي هو مصدر المعرفة. ان الانتقادات على هؤلاء كثيرة، مثلا يأخذون الاسمية والواقعية في نظر المعرفة يقولون اسميون، اذا انهم ماديون لا يجوز، هذه ليست مسألة رئيسية.
قد يكون الانسان مثالياً. وهو اسمي وقد يكون ماديا وهو اسمي والعكس بالعكس من هذا المنطق هناك نقاط من هذا النوع الحقيقة ان كتاب حسين مروة- النزاعات.. فيه مادة تعزل الادلجة والتوفيق يبقى، كتاب جيد من حيث المصادر والمراجع، على عكس كتاب تيزيني، وهو مشروع كبير كتاب تيزيني نجده وقد غلبت عليه الادلجة والاحكام، وقلة المصادر والمراجع، لكن كتابه "من التراث الى الثورة" فيه منهجية ممتازة، ونقد للمناهج كلها، في زمانه ولكن في النصف الاخير من الكتاب، عندما يريد ان يطبق نفس المنهجية نجده يقع في نفس العيوب والأخطاء التي انتقد بها المناهج الاخرى، مثل التجزئية او الادلجة او غيرها.
* نشرت في جريدة الاديب البغدادية، جزءاً من مذكراتك وذكرت عن كيفية قراءة النص من خلال المنهج، وكتبت منذ بداية الستينيات، وسبقت الدكتور نصر حامد ابو زيد في ذلك منذ زمن بعيد، هل توضح الامر لنا؟
- الحق انها منشورة متأخراً على ابي زيد، المنهج كان جزءاً موجوداً في مقدمة كتابي "دراسات في الفكر الفلسفي الاسلامي" بعدها اصبح اكثر وضوحاً عندما التقيته في مؤتمر عبر محاضرة فلسفية في عمان- بعنوان " حرية اللا حرية" لكن في الواقع هو مخطوط قديم بـ 60 صفحة حين كنت طالب دكتوراه في جامعة كمبردج وكان مؤتمر قد عقد في لندن حيث يجمع جميع الخريجين او في دور التخرج في اوربا، وكان موضوعي قد اغضب قسماً من المستمعين، الشيء الجيد او المثير في المنهج كيف نقرأ النص يعني "ابو زيد" الشيء الذي جاء به، وانا قلت له ذلك قبل سنتين حين التقيته في الاسكندرية، واشرت الى ذلك في محاضرة سنة 1961 في لندن وكنت طالبا.
ان النص ابن زمانه ومكانه ويقرأ اولا من خلال لغة العصر، لغته والطروحات الفكرية عن الوضع الاجتماعي هل هو مجتمع رعوي؟ ام مجتمع زراعي؟ هذه مجموعة ضوابط تجعلنا نقرأ النص قراءة بحيث يكون النص وهو سيسير مع الزمن الى ما لا نهاية، وهناك تفسير وتأويل، وتكوين، التأويل معروف، التفسير معروف، اما التكوين، وكانت المسألة ما هي الاسباب النفسية، وراء مثل هذا العمل، ان يضع النص مفتوحا الى اخر الزمان، اما الايمان فهو ابن الوحي، صالح لكل زمان ومكان، وعندها يستشعر ان النص اصبح عاجزا عن مشكلات الواقع الحديث. الفكر الحديث يضعه على النص ويخلط الاوراق ويصبح الزمن الماضي، حاضرا وهذا تشويه للماضي وتشويه للحاضر.
ما هو الماضي؟ الماضي احداث استوجنتها اسباب وجاءت لمعالجة مشكلات معينة. الحاضر له منظومته، وله بنيته، وهكذا كانت العملية التي استعملتها، وطبقتها على موضوع حقوق الانسان، بالنسبة للاسلام، وبالنسبة للنظم الحديثة – هيئة الامم المتحدة.
* ان كتب د. نصر حامد ابو زيد، اثارت ضجة كبرى في الوسط الاكاديمي والثقافي، وخاصة موقف الدكتور عبد الصبور شاهين ومحمد عمارة والفكر الاصولي، والسؤال ما هو رد الفعل على نفس منهج الدكتور نصر حامد، ومنهج حسام في بداية الستينات.؟
- الواقع كان الرفض من اكثرهم، وكان الدكتور جلال امين، ابن المؤرخ احمد امين قال انكم تستطيعون ان تردوا عليه ولكن ليس فقط شتائم، ورفض لهذا انتصر عليكم. اعتقد ان كتاب نصر ابو زيد، كتاب اعتيادي، وان قسم اللغة العربية اجازه، لكن عبد الصبور شاهين اعتبره خروجا عن النص.
* هناك في العالم العربي مفكرون كبار، ويقال فلاسفة؟ السؤال اهناك فلاسفة او مفكرون. وهل وجد فيلسوف في العالم العربي المعاصر؟
- هذه المسألة طرحت كثيراً في المؤتمر الفلسفي قبل ثلاث سنوات كان الموضوع مطروحاً في الجمعية الفلسفية المصرية، وكل ادلى بدلوه، وقدمت بحثاً عن انتاجنا الفلسفي، اهو ابداع ام اعادة صياغة؟ هل يوجد فلاسفة عرب الآن، ام هم مفكرون وهذه هي عقدة الخواجة... ونقول عالم الاجتماع الفلاني، المؤرخ الفلاني، الاديب الفلاني لكي لا نقول الفيلسوف الفلاني فمن اختصاصه علم النفس، يسمى عالم النفس ومن اختصاصه الادب يسمى اديباً، لكن في الفلسفة يتحرجون ويطلقون كلمة "مفكر" باعتبارها متواضعة، والحقيقة ان عبد الرحمن بدوي، انه قدم جديداً الى الوجودية ولا اعتقد ان هذه الاشياء كما عرفتها موجودة لدى أي فيلسوف وجودي آخر حتى في العالم الغربي التي تبناها وفي موسوعته الفلسفية قال عن نفسه انه فيلسوف مصري المجتمعون هناك انقسموا... قسم منهم قالوا لدينا فلاسفة مثل ما عندنا ادباء، وعلماء اجتماع. مثل زكي نجيب محمود، وفؤاد زكريا، لماذا لا نسميهم فلاسفة كلمة فيلسوف عندنا كبيرة جداً، ويستعاض عنها بكلمة مفكر فلماذا نطالب فلاسفتنا ان يبدأوا من الصفر، وان يأتوا بجديد مطلق، نعم في أي شيء ان يبدأ من صفر الحضارة وصفر المواصلات وصفر اللغة وصفر الفكر وصفر العلم وصفر الاخذ والعطاء.. الخ. نعم عندنا فلاسفة بمستوى وجودنا لكل، وجودنا الاجتماعي والثقافي والسياسي وبمستوى كياننا العربي المتجدد عبر لغتنا وتراثنا وتاريخنا وذاكرتنا التاريخية، وليس من المعيب لفلسفتنا المبدعة ألا تكون كذلك.
* زكي نجيب محمود، فؤاد زكريا، وصادق جلال العظم، حسام الآلوسي، وغيرهم.. يقال ان هؤلاء مفكرون. لكن الدكتور مراد وهبة صاحب كتاب "الحقيقة المطلقة" الوحيد في العالم العربي هو الذي يسمى فيلسوفاً؟
- الحقيقة انه لم يدع ذلك بكلام صريح ولا حتى أطلق على نفسه مفكراً، الآخرون هم يطلقون على "فلان" مفكراً، نقدم لكم المفكر الفلاني، حتى كلمة مفكر تعني تواضعاً.
* ما الفرق بين الفيلسوف والمفكر؟
- في الحقيقة الفيلسوف يقدم تقريبا مذهبا كبيرا شاملا يغطي كثيرا في موضوع الميتافيزيقيا – الوجود- الاخلاق- لديه منهج معين كأن يكون منهجا تجريبيا او عقليا، هذه عادة حتى ان عدد الفلسفات في اوربا هي بعدد اصابع اليد، كالماركسية، والوضعية المنطقية – الوجودية- هذه المذاهب الكبرى، وسموها ما بعد الحداثة، وما قبل الحداثة، لكن حقيقة الامر، الذي يطلق عليهم كلمة فيلسوف في اوربا كثيرون. لماذا عندما نأتي الى العرب، اذا صار ماركسيا او وضعيا او وجوديا لا يقال له فيلسوفا يعتبروها كبيرة لا بد ان يأتي بفلسفة خارجية عن كل هذه الفلسفات... حتى في اوربا هناك مفكرون وليسوا كبارا وانتجوا كتابا، وشاركوا في النقد الفلسفي وفي المنهج ويمكن ان نطلق عليهم كلمة فيلسوف، واما بالعالم العربي فانهم يطلقون على الفيلسوف كلمة "مفكر" وهناك بحث طويل القيته في ذلك المؤتمر، والان ينشر في كتاب اخر في دار الحرية في مصر.
قلبت كل الاراء ومن يقول عنها عندنا مفكرون او فلاسفة، وما هي الاسباب.. كيف نخلق فلاسفة فالموضوع كبير جدا.
* هل حقا السبب عدم وجود وعي فلسفي، كما يقول زكي نجيب محمود وان الفلسفة العربية هي استنساخ من الفلسفة الغربية؟
- هذا الكلام الان اصبح مملا ولا يتكلم به احد وهذا ورد من قبل المستشرقين وليس كلهم بل من بعضهم وهذا ما ورد ايضا على لسان محمد عابد الجابري – زكي نجيب محمود... وراحوا يشيرون الى بعض المفكرين المسلمين مسكويه عند محمد اركون وابن رشد عند محمد عابد الجابري، كذلك عند زكي نجيب محمود او المعتزلة عند بعضهم بقيت الفكرة لا فائدة منها... ولا توجد اعادة للفكر أي جزء في مشكلات الوجود او مشكلات الاخلاق، عندما تدخل في العمق بجزيئات ستجد هناك جديدا وستجد نظرية الفيض ليست نسخة من نظرية.. فيها اجزاء من افلاطون، من ارسطو.. من كل المعطى الفكري السابق الذي كان والحوارات والجدل بين يحيى النحوي مثلا، للخلق من عدم وبين الذي يقول بقدم العالم، ونظرية الفيض- بروكلس- فورفوريوس- وفلاسفتنا اخذوا من هذا 18 حجة التي قالها- فور فوريوس- لاثبات قدم العالم والمتكلمين وهذا اكثر ما ردده، الغزالي، بان اكثر الفلاسفة اخذوا عن يحيى النحوي الفكرة وطباقها لا يوجد شيء اسمع النسخ... هذا كلام المستشرقين، والبحوث الحديثة تثبت عكس ذلك.. لو رجعنا الى كتابنا "الحوار بين الفلاسفة والمتكلمين". نجد كل مشكلة من المشاكل القديمة، فيها حوار، ونقاش، اخذ، ورد، لا يعرفه ارسطو ولا غيره شيء من تراكم الزمن ومن المدارس ومن الشّراح السبب انه لم يتقدم عن ارسطو، نحن نحتاج الى قطيعة مع الفكر القديم، وان نبدأ من جديد، والجديد ان الفلسفات والتيارات المختلفة، تبدأ وتترجم الترجمة مهمة ثم مرحلة النقد.. ننقد المترجم وعندئذ يصير لدينا نص فلسفي.
* ما علاقة فلاسفة بالثقافة؟
- الفلسفة كانت هي الثقافة في الماضي.. شجرة انقسمت، العلوم، علم الطبيعة، الرياضيات، علم الاجتماع، علم النفس، والبقية لديها مشكلات معينة كان لها تأثير كبير في الماضي ياتي بعد تأثير الفكر والخطاب الديني، يأتي دور الفلسفة في التأثير على الصفوة، واليس في النص، الظروف الاجتماعية في النص، اسباب الحدوث، أي انه مفتوح، ولكن كيف يكون مفتوحاً يأتي ما يستجد في الساحة الثقافية في العالم. فالثقافة لا توجد في فراغ، بل توجد في انسان يحملها ويزاولها، فاذا كان هذا الانسان لا يحقق ادنى درجات الوجود المادي والاجتماعي والصحي فكيف يمكن الحديث عن عقل متفتح متسامح، واخلاقيات وفتن وآداب.
* كتابك "حول العقل والعقلانية في الفكر العربي" طرح منهجاً جديداً ومهماً يسمى بفلسفة التكامل، هل توضح ما هي فلسفة التكامل ومنهجها؟
- الكتاب مجموعة بحوث القيتها في بيت الحكمة، وعمان، وفي مصر، وتونس وهو واحد من ثمانية كتب تطبع الآن في دار الخلود في مصر، واحد هذه البحوث في معنى العقل، وما هي العقلانية العربية الكلاسيكية، ماذا انجز العقل العربي خلال اربعة عشر قرناً. ثم ما هي العقلانيات المتاحة الآن عن المفكرين العرب؟ اما نستقبل العقلانية في العالم العربي؟ بحوث الكتاب فيها أخطاء كثيرة وعندي نية في ان ارفع احد الفصول هو " العلم وفلسفة التكامل للتضاد" لانه لا مكان له بعد " حرية اللاحرية" لان فيه كثير من الاخطاء. عندما طبع لم اشرف على تصحيحه لان الاخطاء تقلبه رأسا على عقب.
* انتقد المفكر المصري الدكتور نصير حامد ابو زيد حول موقفه من اليسار، واتهمته بان نقده، يرجعه الى اليمين ارجو توضيح هذا الالتباس؟
- ليس كذلك.. هو ينقد اليسار في الخطاب الديني الاسلامي المعاصر، فمثلا حسن حنفي، ينقد اليمين في الخطاب الديني ايضا.. الحقيقة ان نصر خاطب حسن حنفي قائلا: "انك تجاوزت الاصول المنهجية في التحليل وفي قراءة النص، وعبرت النص الى زمنا صار تكوينا، انا قلت له يا ابا زيد احاينا تكون اكثر يمينيا وتنتقد حسن حنفي وتكون اكثر يمنيا من حسن حنفي وهو نفسه احيانا يكون متفتحا نحو الحاضر اكثر منك.. ولكن منهج ابي زيد صحيح وكما قلت في محاضرة في سنة 1961 في لندن بمؤتمر الخريجين، حول كيفية قراءة النص الديني واي نص اخر سواء نص بشري ام مقدس.. وما هي الشروط لقراءة النص، لكن لم ينشر البحث وهو مازال موجودا لديه، اكثر مفاهيمه تسربت في كتابي الجديد حرية اللاحرية" والقيته في سنة 1998 للمؤتمر الفلسفي الخامس – عمان وقلت ان الافكار تتلاقح احيانا والناس المفكرون يصلون الى نتائج متساوية، قلت الى ابي زيد هذا منهجكم انا استعملته في محاضرة لي سنة 1961. فلم يجب او يعلق.
* هناك مصطلحات كثيرة حول نهاية الفلسفة ونهاية التاريخ ونهاية الادب ونهاية الايديولوجيا؟ ما هو تفسير الالوسي لهذه النهايات؟
- الحياة دائما مستمرة ولا توجد نهاية لشيء ما اللهم الا اذا بدأت حرارة الشمس تضعف عندئذ ستموت الارض، الحضارات والثقافات والاحياء طالما احياء وهناك بشر وعقول وجامعات وفكر فستوجد ازمات عندئذ، كل شيء يستمر.
نهاية التاريخ عند "فوكوياما" مقصود بها اعلاء النظام الرأسمالي الامريكي بالذات.. نهاية التاريخ عند هيغل تتعلق بـ الدولة البروسية هذه ادلجة، وليست رؤيا علمية، يردون ان يقولوا ما يخص مذهبا معينا او دولة معينة او نظاما معينا ..
لا توجد نهاية للاداب، حركة العدميين في روسيا، الذين قالوا بان لقمة خبز واحدة، احسن من كل شعر بوشكين، وقد اعلن هؤلاء نهاية الفن والموسيقى والشعر، ولكنه استمر والان يزداد.. هذا عطاء بشري ذو فاعلية، ولا يمكن ان ينضب الينبوع. ينبوع الفلسفة والرؤيا.. لكن تقوم مقامه رؤية جديدة.. وفن جديد.. ونظرات جديدة، ضمن جدل الحوار.
* قرأت كتاب، فلسفة التنوير عند اخوان الصفا، للمفكر المصري د. محمود اسماعيل يتهم ابن خلدون في مقدمته ان اخذها من رسائل اخوان الصفا، وفي اعتقاد محمود ان المقدمة تختلف عن كتابة "المبتدأ والخبر" بـ "سبعة اجزاء" علما ان الكتاب احدث ضجة كبرى عند المفكرين العرب وبشكل خاص المغرب العربي، كيف يرى مفكرنا حسام ذلك؟
- هذا بالحقيقة نوع من التجني، هذه الجمل والافكار التي استخرجها اخوان الصفا مبالغ فيها، لان هذه الاشياء والمعلومات يتضمنها التراث القديم وهي موجودة فيه اثر تلك العينة نجدها عن الكندي – اخوان الصفا مسكوبة.. وهي من المعرفة الشائعة، اما انه منهج المقدمة، وتفاصيلها وابوابها وفصولها والعلوم التي تناولتها.. علم.. علم.. وتكلم عنها ابن خلدون ونظريته في موضوع العصبية في علم الاجتماع السياسي فائض القيمة انا قرأت كتاب د. محمود اسماعيل وجدت انه لا ينطبق على ابن خلدون، وايضا لا نجدها عند ابن رشد. ابن خلدون قدم نظرية عظيمة في التاريخ، وفي قراءة التاريخ.. وهذا صحيح عندما اتى بكتاب – المبتدأ والخبر، وجدنا مؤرخا عاديا مثل اي مؤرخ عادي.
* د. حسام تحدثنا عن العلاقة بين الفلسفة والعلوم الاخرى، هل يمكن ان تكون الفلسفة بديلا عن العلم؟ او بالعكس، هل هما متقاطعان ام يكمل احدهما الاخر؟
- اولا الفلسفة هي رؤية شاملة واسعة تمتد الى حقول الانسان والمجتمع، والطبيعة. اما العلم فهو مخصوص محدود موضوعا وهدفا بتلك الخصوصية، وعلينا ان نؤكد ان مجموع علوم جزئية لا يؤدي اليا الى موقف فلسفي شامل، لان كل علم سيبقى ممنفصلاً عن الاخر، من حيث هو معني باشياء مخصوصة ودراسة وقائع محدودة والتناقض المفقود هنا هو الرؤية الشاملة الكلية التي ترتبط الاجزاء في كل، هو حتما اكثر من مجموع الاجزاء.
ان الفلسفة لا تبني هيكلها من العلم فقط، بل تدخل في بينتها كل الخبرة البشرية، كل اشكال الوعي الاجتماعي، فهذه كلها، روافد يأخذ منها الفيلسوف منظورة الشاملة، روافد تتعلق بحياة الانسان والمجتمع والكون كله، من علم، وفن، ودين، وسياسة، واخلاق، وقانون، فضلا عن الخبرة الوجدانية التي يعانيها الانسان وهي خبرة واسعة، ومتجذرة في اللاوعي، وتؤثر في السلوك، وفي الرؤية لكل انسان. لهذا فان طبيعة الحقيقة الفلسفية تختلف عن طبيعة الحقيقة العلمية، وانا لااتحدث عن اختلاف المنهج العلمي والفلسفي، وانما اقصد ان الحقيقة الفلسفية بعكس العلمية تعكس جوانب متعددة ومعقدة جدا، تتسع لكل الروافد، نعم الحقيقة الفلسفية، فيها جانب عقلي، منطقي، وجانب علمي، لكن هذا ليس الا جزءا من بنية الحقيقة الفلسفية، حيث تدخل فيها ابعاد مهمة اخرى اجتماعية وايديولوجية وذاتية.
ان القول بان تكاملية العلم/ فلسفية، يمكن ان تتحقق عن طريق، فلسفة العلم، والفلسفة الطبيعية او المذهب الطبيعي في الفلسفة. هو قول مشروع، ولكنه لا يكفي، ولا يفسر كل مدلولات ومطالب الفلسفة،انها محاولات انقاذ، لكن كليهما يدخل في باب تفسير الكل بالجزء ففلسفة العلم هي جزء من الفلسفة فقط، والمذهب الطبيعي من الفلسفة هو احد مذاهب الفلسفة وكلاهما يقعان ضمن حدود الفلسفة، علم بينما الفلسفة اوسع من ذلك، وتكفي العودة الى خصائصها لمعرفة ذلك، وفي كل الاحوال ماقلناه يبرر، ويؤكد ان الفلسفة والعلم يكمل احدهما الاخر، وانه مهما تقدم العلم فلن يحجب الفلسفة، بينما تبقى الفلسفة بدون مستندات العلم وعالم الوقائع ضربا من الخيال، بل والبناء الذاتي الذي يقربها من الاساطير والاحلام.
* في كتابكم ((حول العقل والعقلانية)) حددتم العقلانية بانها منهج او فعل يقوم به العقل مستقلا عن سلطة غير سلطته هو. وذلك يفسر باختلاف الفلسفة عن الدين لكنكم ايضا تحدثتم في نفس الكتاب عن عقلانية تكاملية تعددية ذات مستويات مختلفة، كيف توفقون بين العقلانية كمنهج والعقلانية التكاملية كأطار للعقلانيات المتعددة؟
- انا اقصد بالعقلانية هنا وبشكل يزيل كل لبس فعل التفلسف المعتمد على العقل الحر، الذي هو منيع ذاته وفيصل نفسه ومقياس رؤاه فيما يقبل او يرفض، وبشكل اعم تقصد منهج التفكير الفلسفي في مقابل منهج التفكير الديني.
ويمكن ان نظيف ان العقل عام ومشترك بين البشر، انه عام وشامل يحكم ماهيته ذاتها، بينما الايمان خصوصي بطبيعته، والعقيدة تسري على فئة محددة من الناس هي فئة المؤمنين، مع انها تضفي على نفسها طابع الشمول والوحدانية، لكنها تجد في مقابلها عقائد اخرى تدعي لنفسها هذا الطابع ذاته. ويمكن ان نظيف ان لكل عصر او مدة تقصر او تطول عقلانيتها بل ربما لكل فيلسوف مقياس الخاص للعقلانية عند اهل النص.
* د. حسام ما هي اهم العقلانيات في العالم العربي والاسلامي؟
- هنا لابد من تحديد اهم انواع العقلانيات.
1- هناك عقلانية تجاوزية او متعالية، تتجاوز العقل وتسفهه وترى في السري والغامض واللامفسر وفي الاذعان للغيبي بدون نقاش منتهى العقلانية. هذه العقلانية التجاوزية متوفرة بشكليها بل هي الغالبة على العقلانية عبر تاريخنا والى اليوم.
2- وهناك عقلانية دينية مفتوحة او مرنة. ترى ان الدين والعقل او الشريعة والفلسفة لا يتضادان، لكنها تنطلق عن مصادره ومسلمة هي، ان الدين او الوحي هو الذي يحدد ويقود العقل. وهذه متوفرة عندنا باشكال مختلفة وابرز ممثل لها الكندي الفيلسوف والمعتزلة وآخرون.
3- وهناك عقلانية لاهوتية "ولم اقل دينية هذه المرة" تعتمد على العقل فقط لكنها تعترف بأهم فكرة دينية اعني الاقرار بوجود منظم لهذا الكون، وربما وجود خلود روحي وعالم اخر بعد الموت. وهذه متوفرة ايضا عندنا، من ممثليها الرازي الطبيب وابو العلاء المعري، وابن الراوندي وآخرون.
4- عقلانية علمانية، تقول بفصل الديني عن الدنيوي وحصر الديني في علاقة فردية بين الانسان والله، ولا اعرف ممثلا لهذه العقلانية عند مفكرينا القدامى، ولا ادري ان كان يوجد مثل هذا عندنا اليوم.
5- هناك عقلانية، عقلية خالصة، تتجاوز كل سلطان او سلطة سوى سلطة العقل، وهذه اقسام:- عقلانية شكية، منهجها الشك، ولا شيء مقدس ولا تقبل شيئا الى بعد عرضه على العقل والتمحيص الدقيق، ولا اجد لها ممثلا عند فلاسفتنها ولا يدخل شك الغزالي ضمن هذا الفريق.
6- هناك العقلانية الحقوقية: واقصد بهذا تأكيد لوائح هيئة الامم ومنظماتها العالمية الافق، على حقوق الفرد في الاعتقاد والرأي الفردي، بلا قيد ولا شرط.
واعتقد ان معظم ما يدور في الساحة منذ عصر النهضة العربية يدور في افق تقريب الماضي من الحاضر، وفهم الماضي من خلال الحاضر، وكان التاريخ لا يسير او انه ينقلب على عقبيه، او يدور حول نفسه فتفقد اللغة دلالاتها الزمانية والمكانية، وكذلك المذاهب والمنهاج والافكار، بل الاحداث، وحتى الكشوف الواضحة الحداثة وتخلط الاوراق، ويفقد الاحساس بالتغير والتطور والنمو والنضوج، فيصبح الحاضر قيما وعالة على الماضي.
* هناك بعض المفكرين العرب لهم ثقل في دراسة الفكر العربي والاسلامي منهم هشام جعيط:- محمد اركون- عبد الله العروي- فؤاد زكريا- برهان غليون، محمد عبد الجابري:- السؤال هو كيف يرى فيلسوفنا. حسام هؤلاء في الفكر العربي؟
- ان هشام جعيط يرى الديني يقود السياسي عبر حضارتنا، وتراثنا والى اليوم ففي، معرض كتابه "اوربا والاسلام" يقول جعيط: ليس من الثابت ان سيطرة الفكر المتزمت على السياسي والعقلي والاجتماعي هو الذي يسبب انحطاط الثقافة الاسلامية بل هناك عدة عوامل ادت الى تقلص في الحضارة تقلصا كان دون شك ضمانة لبقائها. ويشير الى الغليان الرائع في حرية الفكر في القرنين العاشر والحادي عشر يبرهن على الفن الشاسع للثقافة الاسلامية، ويشير الى التيارات الثورية للخوارج، والقرامطة، وسواها التي حاربت التزمت السياسي الديني، كما يشير الى تحرر الفلاسفة. لكن ثمة خلطا شاملا في ذهن هشام جعيط بين الاسلام، وحضارة اسلامية وبين دين اسلامي وتاريخ اسلامي، وبين ثقافة دين وثقافة حضارة، ومن الممكن قبول ا بي العلاء مفكر اسلامي، وباي معنى، مفكر ينتمي لفترة اسلامية لمجتمع اسلامي لحضارة اسلامية، لكنه قطعا ليس منتميا اسلاميا، كما ان بشار ابن برد والرازي الطبيب وابن الراوندي.
في الحقيقة يشعر الانسان المتأمل لكلام جعيط حتى الان ان ثمة غموضا وانتقالات من موضوع الى اخر وربما رطانه.
- محمد اركون:- يرى اركون ان العالم الديني بحد ذاته ليس حقيقة ملموسة يمكن ملاحظتها، هو تعابير واشارات وكلام عند التحليل لا يبقى منه الا الشخص الذي يمارسه. اي ان الدين هو البشر الذين يتحدثون به ويفسرونه.. الخ. ينتبه اركون الى مسألة مهمة وربما تعتبر نقطة اساس لموضوع الحرية وكتبها وسيادة قوة اللاحرية، مركزا، هذه المرة على دور المثقف والذي هو دور سلبي، خائن ومرتكز لتغطية سلوكه هذا – على الاعتذار لنفسه بقسوة السلطات وسيطرة انصار الفكر التقليدي.
ان اركون يبالغ في مسألة قراءته للنصوص وفعاليتها، وعلى العكس نجد المستشرق جولد تيسر مثلا: يرى ان الفقهاء والمتكلمين وسائر فروع المعرفة والعلوم الاسلامية هي تطوير وتوسيعاً يمثلون تطويراً للمعنى الاصلي للنص البسيط والساذج وربما المتناقض في امور العقيدة.
ويعتقد اركون ان اسقاط الحاضر في الماضي الموجودة في العالم الاسلامي، بما فيهم الماركسيون – التوفيقيون- متفقون على ثلاثة مسائل، هي:-
1- الاسلام هو الدين الحق والقانون الكامل "الشريعة" لكل المجتمعات.
2- ان ذروة السيادة لا يمكن لها ان تتواجد الا في الاسلام.
3- لقد مزقت الامة في الماضي وينبغي الرجوع الى القرآن فهو يحتوي كل العبارات الواضحة والمتعالية التي يفترض ان تطبقها الحكومة الاسلامية.
ان جراءة اركون هنا لا نهاية لها فهو يدعو الى ادخال هذه السيادة العليا، الاديان ضمن شبكة استقصاء شامل حول طبيعة ووظائف البعد الديني.
- فؤاد زكريا: في كتابه "الصحوة الاسلامية في ميزان العقل":
يتساءل فؤاد لماذا الكل ينهض ما عدا العالم الاسلامي، هل هو خطأ الاسلام ذاته، ويجيب – الاسلام هو ما يصنعه به المسلمون، ويستعرض موقف المفكرين الليبراليين والماركسيين والقوميين، من الموجة الجديدة لاحياء القيم الاسلامية كمرشد وموجه للمجتمع ويكاد بزواج بين العلمانيين والليبراليين.
ويجيب قائلا – لماذا فشلت الليبرالية، بسبب العسكر والعشائر، ولانها ليست في جوها، اي ان المجتمع العربي ليس متطوراً رأسماليا كافيا وايضا بسبب غياب الحرية. والماركسية فشلت لانها لم تلتفت الى الواقع. ويلاحظ فؤاد ان الجهد هنا ضائع لاننا علينا ان ننتظر حتى تكشف النظرية العلمية بالمجهود البشري ثم نهتدي اليه. ويضيف فؤاد ان صور تشويه انصار التراث متعددة ويشوهون معنى الحاضر والماضي على حد سواء، اذ ان الماضي في نظرهم له وظيفة حرة فعالة، ويظل فيها محتفظا بطابعه الخاص، ولكنه يؤثر في الحاضر ويتحكم فيه بطريقة مضادة للتاريخ.
- برهان غيون:- في كتابه "الدولة والدين" يعتقد "ان على طول مسار البشرية كان هذه هي النظرية الجوهرية في كتاب غليون الدولة والدين، وعلى هذا الاساس يرسم فصول كتابه بحسب تسلسل الاحداث من وفاة الرسول، والفترة الراشدية، ثم الاحداث منذ الدولة الاموية، اي ان الدولة نشأت منذ بدايات او نهايات الحكم الراشدي، بحيث عادت السيادة للدولة على الدين رسميا وان ظل الدين له وجوده في الوعي الشعبي. وفي المنطقة التي لا تقع مباشرة تحت سيطرة الدولة. في اعتقادي ان هذه النظرية غريبة ومن الصعب جلب الادلة والبراهين، وشهادة المؤرخين لتأييدها وفعلا فان قارئ كتاب غليون على الاقل في فصوله الاربعة الاولى تدهشه قلة النصوص والشواهد، ذلك انها منظور افتراضي، وربما املائي. ونلاحظ ان هذه النظرية بعيدة عن الدراسات المعاصرة.
فليس فيها قراءات سيولوجية او نفسية او تاريخية او ما شئت من العلوم الاجتماعية والانسانية والحديثة، كما انه بعيد عن نظريات معروفة في الاستشراق وبعض العرب.
- محمد عابد الجابري:- ان الجابري يغلو في امور تحجيم العقل العربي، وان الدراسات الحديثة ترى انه عقل فاعل انتج في ميادين مختلفة، خارج الاطار اللاهوتي الخالص ومن الخطأ تصور ان العقل العربي يساوي العقل الديني او المرجعي، ففلاسفتنا، لا شأنلهم بفلسفة دين اسلامي ومسيحي، انهم لاهوتيون حسب المرحلة العالمية لكنهم فلاسفة مستقلون بمعنى الكلمة. ونقطة ضعف اخرى. فبدلا من ان يجد الجابري اسر عقلنا العربي في المقياس عليه ويصب جام غضبه على الوسيلة اي القاعدة الصورية التي يسميها قياس الغائب على الشاهد. نقطة اخرى مهمة نخالفه فيها، هي وهم وجود قطيعة ايستمولوجيته بين مخرب العالم الاسلامي ومشرقه. يعتقد ابن سينا وفلاسفة المشرق ظلاميون لا عقليون، وابن رشد وفلاسفة المغرب، عقليون.. الخ
لا التفاصيل ولا المقارنات تؤيد احكامه، التي على اساسها قال بالقطيعة بين شرق وغرب اسلاميين الى مسألة الحدوث والقدم، فاستحال استحالة كاملة ايجاد اية فروق جغرافية او حضارية لتقسيم الحلول لهذه المشكلة على اساس مشرق ومغرب.
- عبد الله العروي:- العروي يرى في كتابه مفهوم الحرية في الفقه وعلم الكلام يدور حول الفرد وعلاقته مع نفسه وخالقه، ويلاحظ العروي ان الليبراليين في هذه الفترة اولوا افكار غير ليبرالية تأويلا ليبراليا. وهكذا فعلوا بالتراث الاسلامي وبالمذهب الماركسي وبالمدرسة الوجودية مثلا وهذا يعني بحسب العروي ان الليبرالية العربية ليست متولدة عن الليبرالية الغربية تولدا آلياً انما هي ناتجة قبل كل شيء عن حاجة متولدة في المجتمع العربي شعر بها عدد من الناس عبر عنها بالاستفادة الواعية من تجارب اجنبية مماثلة والدليل على هذا التولد غير الالي هو ان الكتاب العرب لم ينقلوا بامانة الليبرالية الاوربية المعاصرة لهم بل تعاملوا مع ما كانت تحمل من وعي بتناقضاتها الذاتية، انهم كانوا في حاجة الى ليبرالية متفائلة حازمة واثقة بذاتها فاولوا ليبرالية عصرهم المتشائمة الباهضة حسب رغبتهم.
في الاستنتاجات يقدم العروي جملة ومنها ضرورية واولها عن مدى تحرر المواطن العربي. يتفق الدارسون على انها ضعيفة جدا وان المجتمع العربي لم يتح له بعد مراقي التحرر التي كشفت عنها تجارب مجتمعات اخرى معاصرة.
* د. حسام ما هي الديمقراطية وكيف نعرفها، وهل نحن اليوم في مجتمع ديمقراطي؟
- ان الديمقراطية اصبحت كلمة تتردد بابتذال وبطريقة تشعر ان من يقولها على علم جيد بشروطها وبنيتها وتاريخها علما بانها وليد جديد نشأة وترعرع وما زال في دور النمو، منذ بدأت العصور الاوربية الحديثة. لكن الجوهري هو انها بناء ديناميكي لا يتجزأ، وفقدان عضو منه او غياب شرط من شروطه يجعل العملية كلها عكس المراد منها، واهم هذه الشروط هي ما يتعلق بالوعي وثقافة الانسان والظروف المهيأة للاختيار، والظروف المعيقة لاختيارات. ان بلدا لم يزاول الديمقراطية بهذه المواصفات والاشتراطات، بل وحتى باقل منها وبدون الكثير منها مثل العراق يصبح الحديث فيه عن ديمقراطية زولت او في طريق المزاولة صحكا على الذقون، لانها نمط حياة، بل هي ثمرة نمط حياة يزاول اهلها الحوار ويتميزون بالمرونة الفكرية ويحترمون الاختلاف، ويرون الاشياء بعقولهم، يرونها بعقل فردي، اقصد ان كل انسان يتعقل الامور العامة براية الخاص ولا ياخذ هذا الرأي تابعا لشيخ عشيرة او لفتوى مفتين او توجيه سلطة او ذوي سلطة اجتماعية او مالية معاشية او ضيقية او ما شئت من سلطويات في مجتمع متخلف ما زال على اعقاب الانتقال نحو مجتمع حديث ورجله الاخرى غائطة في العصور الوسطى ووشائج عصور التخلف والامية، والتقليد، والوعي المعكوس الذي يوجه وجهة للماضي ويعطي ظهره للحداثة بابسط اشكالها.
نحن بحاجة الى حركة تنويرية، بحيث نجد الفرد العراقي الواعي المتنور الذي لا تؤثر فيه اي من هذه للولاءات، بشكل يعطل ولاءه الاول والاكبر، الولاء للانسان كأنسان، وللوطن وللمواطنة. ولا بأس عن ذكر خمسة نقاط للديمقراطية:-
1- الديمقراطية ابنة الحداثة واوربا، ولا وجود لها قبل في اي مكان.
2- الديمقراطية جزء من بنية كلية في بناء عضوي من لحمة المجتمع الحديث القائم على العلمانية.
3- الديمقراطية لا توجد بدون احزاب حرة وتنوع.
4- لانجاح لبناء الديمقراطية في مجتمع لا يعرفها الى زمن طويل واجراءات عميقة في صلب بنية المجتمع وخلق ظروف معينة.
5- لا تحقق الديمقراطية اذا لم يتوفر الناخب الفرد الواعي المتنور الذي لا تؤثر فيه ولاءات تقف على الضد من الولاء وللمواطنة والانسان كانسان.
سؤالنا الاخير: دكتور حسام ما هي نظرية التطور في الفكر الفلسفي المعاصر؟
يمكن الحديث عن تطورية الكون ونظريات التطور ومنها نظرية دارون. تصور هرقليطس العالم واحد ازليا في حركة وتغير دائمين وفقا لنواميس محددة. ولكن فلسفة افلاطون وارسطو وفلوطين واتباعهم والتصورات الكنسية استبعدت هذا المفهوم واقامت بدله تصورا، مثله احسن تمثيل بطليموس في نظريته المعروفة. وان مفهوم التطور لم يقف عند هذه الميادين، ففي الكيمياء ايضا اوضحه نظام العناصر الدوري لمندلييف وفي المجتمع اوضحته المفاهيم التطورية سواء عند سبنسر او سواء، فقد تحقق في القرنين اواخر القرن الثامن عشر الى القرن العشرين مفهوم التطور في الطبيعة وكمل بالاكتشافات الكبرى الاتية:
1- اكتشاف الخلية الحية التي تتطور عنها الاجسام المعقدة واتاح ذلك تصور الانتقال من الجسم الكيمياوي الى الجسم الحيوي.
2- اكتشاف تحول الطاقة وبقاء المادة وان كل القوة الفيزيائية والكيميائية مظاهر لحركة المادة.
3- اكتشاف تطور الانواع الحية الذي قضى على الحاجز الميتافيزيقي بين مختلف الانواع. وكذلك اكتشاف نظرية للتطور عامة للكون والعضويات على انه تطور تاريخي طبيعي وان المادة تتصاعد في نمو تاريخي.

حياته:

ولد الدكتور حسام محي عبد الله عبد الحميد الالوسي عام 1934 في تكريت انتقل بعدها عام 1952 الى بغداد لاكمال دراسته الجامعية ودخل جامعة بغداد، كلية الآداب – قسم فلسفة، عمل مدرسا في متوسطة طويريج، ثم تكريت ثم ثانوية كربلاء، وفي عام 1961 سافر الالوسي ببعثة على نفقة الدولة الى بريطانيا لاكمال دراسته العليا، حيث دخل جامعة كمبردج وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1965 عن اطروحته "مشكلة الخلق في الفكر الاسلامي".

سيرته العملية:

عمل استاذا في قسم الفلسفة جامعة بغداد منذ عام 1968 وترأس القسم في اوقات متفرقة.
عضو الهيئة الادارية لجمعية العراق الفلسفية، والمسؤول عن الجانب العلمي والانتاج العلمي في الجمعية.
نائب رئيس الجمعية الفلسفية العربية التي مقرها الاردن، وعضو مشارك في الجمعية المصرية الفلسفية.
رئيس قسم الدراسات الفلسفية في بيت الحكمة منذ 2006.
اشرف على العديد من طلبة الدراسات العليا، الماجستير والدكتوراه – خلال ميرته التدريسية.
مستشار مجلة دراسات معاصرة في كندا.
مستشار مجلة "اوراق فلسفية" التي تصدرها جماعة اوراق فلسفية جامعة القاهرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• نشر هذا الحوار في مجلة "فكرحر" التي يصدرها التجمع الثقافي في شارع المتنبي العدد 5 عام 2008. وتقديرا لجهود المفكر والفيلسوف حسام الآلوسي ولسوء حالته الصحية، نعيد نشره، مع تمنياتنا له بالشفاء العاجل.. الطريق الثقافي



#سعدون_هليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطروحة الاستبداد النفطي حوار مع الدكتور سليم الوردي
- حوار مع الاستاذ الدكتور سليم الوردي
- الفلسفات الآسيوية
- حوار مع المفكر محمود شمال
- اسماعيل ابراهيم العبد ورصيد التحولات
- اليوتوبيا معيارا نقديا
- حوار مع الناقد حميد حسن جعفر
- حوار مع القاص قصي الخفاجي
- حوار مع الشاعر والناقد ليث الصندوق
- حوار مع الباحث الدكتور أحمد أسماعيل عبود
- حوار مع الدكتور فيصل غازي
- حوار مع الناقد علي الفواز
- حوار مع الناقد والشاعر مقداد مسعود
- حوار مع فارس كمال نظمي
- الماركسية في البحث النقدي
- حوار مع الدكتورة لاهاي عبد الحسين
- حوار مع الباحث ثامرعباس
- عبدالوهاب البياتي
- حوار مع الناقد شجاع العاني
- استعادة ماركس


المزيد.....




- العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500 ...
- ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
- حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق ...
- نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي ...
- اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو ...
- مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر ...
- بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
- لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
- الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
- تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سعدون هليل - حوار مع الدكتور حسام الآلوسي