لطفي حداد
الحوار المتمدن-العدد: 1213 - 2005 / 5 / 30 - 04:40
المحور:
الادب والفن
لكلِّ رأسِ طفلٍ ينفجرُ
ترتفعُ البورصة واحداً في المئة
يا إلهي
كم هذهِ الصفقةُ دنيئةٌ
يا إلهي
كم هذهِ الصفقةُ دنيئة
***
في «سوق النصر»
أمطرت السماءُ
هدايا للأطفالِ
لكنّهم لفرطِ الفرح
انفجرتْ أمعاؤهم
وتكسّرت أضلاعُهم
وعند المساء
كانتِ البرّاداتُ تغصّ بهدايا السماء
في اللحومِ السمراء الطريّةِ
***
في كربلاء
تجدّدَ موتُ الإمامِ الحُسين
وقُطّعتْ شرايينُ أوصالِهِ
وارتحلَ السيفُ في أعناق أطفالِهِ
واصطبغت حجارةُ الطريقِ
وأضيفت إلى يومِ كربٍ وبلاء
نيرانُ الحرائقِ
***
وجهُكَ أيُّها الإلهُ الصغيرُ المحتضر
أيقونةٌ مقدّسة
مكسّرةٌ محطّمة
ملطخةٌ بالوطن
نازفة باكيةٌ صارخة:
«أنا جائعٌ»
«أنا عطشانُ»
«أنا خائف»
وجهك أيُّها الإله الصغيرُ الخائفُ
شوهته نارٌ وقذيفة
لكنه صار أيقونةً مقدّسةً
مقدّسةً.. مقدّسة
***
الأرضُ تصرخُ: اقتسموني
مزّقوني
اغتصبوني
هدّوا الجبال.. أحرقوا الغابات
اشربوا النفطَ
انهبوا الحضارةَ
لكنني أرجوكم
أرجوكم
لا تقتلوا الأطفال
السماء تصرخُ:
اخترقوني
اسكنوني.. فجّروني
لا تتركوا سحابة
ولا نجمة.. ولا قوس قزح
خذوا أجنحة الحمام
خذوا الرعود والأعاصير والمطر
لكنني أرجوكم..
أرجوكم
اتركوا للفقراء القمرَ
واتركوا للأطفال الفرح
***
لدينا احتمالاتٌ قليلةٌ
حين نرى وجه الإلهِ الصغيرِ
المحتضرِ المحزون
إما أن يُصيبنا الجنونُ
وإما أن يُصيبنا الجنونُ
وإما أن يُصيبنا الجنون
***
نعم عربٌ ونخجلُ
لأنّ عشرينَ لاعباً عملاقاً
خسروا كرةَ القُدسِ
وكُرةَ العراق
أمامَ لاعبٍ واحد
***
يصطفُّ حولَ مبنى الطاقةِ في بغداد
رجالٌ ونساءٌ يحبّون من لا يعرفون
ينامونَ في العراءِ
كي لا تنامَ المدينةُ في الظلام
ويصطفُّ السماسرةُ العرب
أمامَ المكتبِ الأبيض
ليقبضوا عمولتهم
عن قتلِ الحمائم
***
ليس في التاريخ العربيّ من جديد
فالتماثيلُ نفسُها والأسماءُ والصور
وتأليهُ الشخصيات..
ولم نعدْ بحاجةٍ لتذكّرِ الحقب
وأسماءِ الزعماءِ والانقلابات العسكرية
والمرتقب القادمِ
فهناك حقبةٌ واحدةٌ لكل بلد
واسعةٌ كعمرِ أبي الهول
وإلهٌ واحدٌ لكلّ بلد
يرعى ملايينَ الأغنام
وصار المفكرون
عاطلينَ عن الحضارة
صاروا يلمّعون الأحذية
مشغولينَ عن فضحِ الموت
في السجونِ والأقبية
مشغولينَ عن البحثِ
عمن فقدوا
في المجازر والمقابر
من يهتمُّ في هذا الوطنِ المسجون
بذاكرةِ حقوقِ الإنسان؟!
***
#لطفي_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟