|
حول توزيع مقاعد البرلمان الدنماركي
حكمة اقبال
الحوار المتمدن-العدد: 4250 - 2013 / 10 / 19 - 10:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من المحزن حقاً إن الجدل والاختلاف القائم بين قوائم الاحزاب السياسية الكبيرة في البرلمان العراقي حول مشروع قانون الانتخابات ، وتأجيل اقراره عدة مرات ، لا ينطلق من المصلحة الوطنية التي تتطلب ان يكون البرلمان ممثلا لفئات الشعب حسب ما تفرزه صناديق الانتخاب ، وان تعكس تشكيلة اعضاء البرلمان خيارات الناخبين وبحجمها الطبيعي في عموم العراق ، بل ينطلق من افكار ضيقة للتنافس بين هذه القوائم للحصول على أي عدد اكبر من المقاعد وعلى حساب مبدأ النزاهة الوطنية المفترضة في السلطة التشريعية . ويتجسد الاختلاف في موضوعة الدائرة الواحدة أو الدوائر المتعددة ، والقائمة المفتوحة أو المغلقة ، ويتمسك الاطراف "حتى الآن" بمواقفهم ، حتى يضغط عليهم الوقت و "ربما" يتوصلون الى صيغة ما ، لكنها ليست بالضرورة تقع ضمن دائرة المصلحة الوطنية ، بل ضمن دائرة المصلحة الضيقة للقوائم الكبيرة .
تمتلك الدنمارك تجربة ديمقراطية راسخة ، منذ اقرار دستورها الاول عام 1849 ، يتربى عليها المواطن منذ الصغر في دور الحضانة ورياض الاطفال وصعوداً ، وتشمل كل جوانب الحياة المختلفة ، واحدى تجلياتها في ان نسبة المشاركة في انتخابات البرلمان بلغت 87,74 % في الانتخابات الأخيرة عام 2011 ، ويكون يوم الانتخابات يوم مهم وله تقاليد محددة . - يتكون البرلمان الدنماركي من 175 عضواً ، يضاف لهم اثنان يُنتخبان في جزر الفارو ، واثنان ينتخبان في كرونلاند ، اللذان يتمتعان بحكم ذاتي ، ولايسمح الدستور بزيادة عدد اعضاء البرلمان . - اعتمد منذ عام 1920 نظام توزيع المقاعد على الدوائر الانتخابية المتعددة والتمثيل النسبي " المقاعد التكميلية "، حيث تكون حصة كل حزب متناسبة مع نسبة الاصوات التي يحصل عليها ، ويضمن هذا النظام توزيع مقاعد البرلمان ، بشكل عادل ، تمثيل كل مناطق الدنمارك ، وحسب نسبة تصويت الناخبين لكل حزب سياسي ، ونسبته على الصعيد الوطني . - اعتمد القانون منذ 1920 طريقة القانوني البلجيكي فيكتور د. هنت ، وجرى تغيير ذلك في تعديل القانون عام 1953 واستخدم نظام عالم الرياضيات الفرنسي سانتيا ليغو ، الذي يعتبر اكثر ملائمة لاحتساب اصوات الاحزاب الصغيرة . وفي عام 2007 اعيد العمل بنظام فيكتور د. هنت بعد الغاء نظام المحافظات وانشاء نظام الأقاليم ، وما تبعه من تغيير تقسيم الدوائر ، ليضمن شمول كل مناطق الدنمارك في التمثيل البرلماني ، وفي نفس الوقت جرت المحافظة على نظام الفرنسي سانتيا دييغو لاحتساب المقاعد التكميلية . - يُقسم القانون الدنمارك الى ثلاثة اقسام وعشر دوائر انتخابية . - يُمنح 135 مقعد الى الفائزين بأعلى الاصوات في الدوائر المتعددة ، وهي عشرة دوائر انتخابية ، وبالعدد المحدد لكل دائرة انتخابية حسب نسبة السكان في تلك الدوائر . - تمنح المقاعد المتبقية وعددها 40 مقعدا الى الفائزين بأعلى الاصوات من القوائم المتنافسة على صعيد الدنمارك ، وهذا يضمن ان يحصل الحزب السياسي على عدد مقاعد تناسب مع عدد الاصوات التي حصل عليها على الصعيد الوطني ، ويعني هذا ان المرشح الذين لم يحصل على مقعد في دائرته الانتخابية ، يمكنه ان يفوز في حال حصل حزبه السياسي على اصوات كافية على عموم الدنمارك ، حسب نظام التسلسل الذي يختاره الحزب . - يُعتمد نظام نسبة الحد الادنى " العتبة" وهي 2% التي يجب ان يحصل عليها أي حزب من عدد المصوتين على الصعيد الوطني ، وتهمل الاصوات التي يحصل عليها أي حزب لا يصل الى النسبة المطلوبة ، ولا تُنقل هذه الاصوات الى احزاب اخرى . ويسمح القانون ان يحتفظ مرشح ما بالمقعد الذي حصل عليه في نظام الدوائر المتعددة مع عدم حصول حزب على نسبة الحد الادنى ، رغم ان ذلك نادر الحدوث . ويجرى نقاش حول هذا النظام وهناك اصوات تطالب برفع النسبة واخرى تطالب بإلغائها . وهذه النسبة متدنية قياسا للدول المجاورة للدنمارك فتكون 5% في المانيا ، 4% في السويد والنرويج ، بينما لا توجد هذه النسبة في دول فنلندا وهولندا . - يحق للأفراد المستقلين الترشح ويعتمد فوزهم على حصولهم على 20 ألف صوت ، وهي حالة نادرة جداً حدثت في عام 1994 حيث فاز الفنان الكوميدي ياكوب هاوكورد بأكثر من 23 الف صوت في محافظة اوغوس بعد ان اعلن عن برنامج انتخابي غير جدي اطلاقا ، وتفاجأ هو والناخبين بهذه النتيجة ، وكان مقعدة في قاعة البرلمان في الوسط بين الاحزاب اليسارية والاحزاب اليمينية . - يمكن للناخب اختيار التصويت للحزب السياسي الذي يرغب وليس لشخص محدد ، وتوزع هذه الاصوات على اعضاء القائمة حسب التسلسل للوصول الى النسبة المطلوبة حسب عدد المصوتين في الدائرة الانتخابية المحددة . - يحق الترشح والانتخاب لكل مواطن دنماركي بلغ سن الثامنة عشر ، يعيش في الدنمارك ، ويمكن للموظفين في البعثات الدبلوماسية او ما شابهها الاشتراك في الانتخابات ، ولا يمكن للمواطنين الذي يسكنون خارج الدنمارك عند موعد الانتخابات المشاركة فيها . - يحق للأحزاب المنضوية تحت البرلمان الترشح للانتخابات البرلمانية ، وفي حال نشوء حزب جديد يرغب بالترشح للانتخابات يجب عليه جمع تواقيع 20 ألف مواطن يؤيدون ادخال الحزب في التنافس الانتخابي .
يعتبر الدنماركيون ان نظامهم الانتخابي هو من أفضل الانظمة على الصعيد العالمي ، ومما لاشك فيه ان الوعي الانتخابي عند المواطن الدنماركي ، وشفافية الحملات الانتخابية ، والتعامل الحضاري بين المرشحين ، والتزامهم بالقوانين والقواعد المنظمة للعملية الانتخابية ، يجعل من عملية انتخابات البرلمان مناسبة وطنية يهتم بها الناخبون ، ويمارسونها بفرح واهتمام كبيرين .
قبل أيام قال رئيس الوزراء " ان انتخابات مجالس المحافظات انتجت حكومات محلية فاشلة " ولا ادري كيف يمكن تقييم هذه الحكومات ولم يمضي على تشكيلها سوى اشهر ، وبعضها لم يستكمل تشكيل لجان العمل المطلوبة ، قال ذلك لأن قائمته خسرت عدد من مقاعدها على صعيد المحافظات مجتمعة ، ويعتقد هو وبعض الآخرين ان نظام سانتيا دييغو لا يوفر لهم ما يريدونه من الاستحواذ على اكبر عدد من المقاعد ، ولا يرغبون ان يشاركهم فيها بضعة ممثلين عن احزاب صغيرة ، لن يؤثروا كثيرا على سير العمل ضمن "التوافق الديمقراطي" في عمل البرلمان القادم .
اذا لم تضع القيادات السياسية مصلحة الوطن فوق جميع الاعتبارات ، واذا لم تتخلص من مفهوم الاستحواذ ، والمحاصصة ومحاولة السيطرة والتفرد والغاء الآخر ، واذا لم تعتمد مبدأ ان الشعب مصدر السلطات ، واذا لم تعتمد مبدأ الفرز بين السلطات ، واذا لم تقتنع ان الديمقراطية هي اساس الحل ، وهي الطريق لبناء العراق ، فان كل ما يصدر عن البرلمان والحكومة سيكون ناقصاً ، وربما مدخلاُ لأزمات جديدة ، تعبِ الشعب منها ويتمنى حياة كريمة ، توفرها لها ميزانية الدولة ، وخيرات البلد الكثيرة والمتنوعة .
حكمت حسين 19 تشرين الأول 2013
#حكمة_اقبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات دنماركية 23
-
شكراً جزيلاً لنوري المالكي
-
يوميات دنماركية 22
-
يوميات دنماركية 21
-
بالروح بالدم من جديد
-
ثقافة الترشح والانتخاب
-
يوميات دنماركية 20
-
إمرأة واحدة على الأقل
-
عالم زهاء حديد في كوبنهاكن
-
الديمقراطيون ؟؟؟؟
-
تيار الديمقراطيين بعد عامين
-
برنامج المالكي في اربيل
-
بعد عشرة أعوام
-
انطباعات الحاجة ام باسم ، الاسلام هنا
-
ذكريات من الزمن الجميل
-
يوميات دنماركية 19
-
سوء في التفكير
-
يوميات دنماركية 18
-
كبوة فخري كريم
-
يوميات دنماركية 17
المزيد.....
-
أمينة خليل والسعدني وشاهين بمسلسل -لام شمسية- في رمضان
-
أحمد الشرع يكشف ما بحثه مع محمد بن سلمان في الرياض: -لمسنا ر
...
-
نعيم قاسم: تشييع حسن نصر الله وهاشم صفي الدين يوم الأحد 23 ف
...
-
إيران تسدل الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو
...
-
ترامب يقر بتداعيات حرب الجمارك وشولتس ينتقد تقسيم العالم بحو
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع بعد لقائه ولي العهد السعودي في الري
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن -مدينة صاروخية- جديدة تحت الأر
...
-
إسرائيل تفجر عددا من المنازل في مخيم جنين (فيديو)
-
إعلام: نتنياهو يسعى لإقناع ترامب بتأييد خطته لمواصلة الحرب ع
...
-
وزارة النقل الأمريكية تصف نظامها لمراقبة الحركة الجوية بأنه
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|