|
لينين-تروتسكي ...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(14)
ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 4248 - 2013 / 10 / 17 - 18:10
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لقد ظل تروتسكي غريبا وسط الحرس القديم،وهذا ماتبين في المؤتمر الحادي عشر للحزب عام1922،عندما انبرى ميكويان،وهو مندوبا ارمينيا،خلال النقاش،وحينما ندد لينين وتروتسكي وزينوفييف بالخطر الذي يحيق بالحزب والدولة،والتداخل الفج والفوضوي بينهما،وعدم الفصل في وظائف كل منهما،فقال ميكويان عن تروتسكي،بانه:"رجل دولة لاالحزب"فكان ماقاله تعبيرا عن الفكرة العامة والسائدة لدى غالبية اعضاء الحرس القديم،ومن غير ان يصرحوا بذلك علنا،فتروتسكي في نظرهم،كان رجل الدولة لا الحزب،ففي مرآتهم المضببة،لازال تروتسكي خصمهم،وحليف المناشفة سابقا،وزعيم كتلة آب-التي لم تعد موجودة-،والمساجل العنيف،دائم الخطر،وحتى حين يكون معزولا ووحيدا.استحضروا كل النعوت الجارحة،التي تبادلها مع لينين في السنين الماضية،وكل الخلافات القديمة،وجرى تخزين الاحقاد،حتى ادنى وثيقة،تتناول ماضي الحزب،ومهما بلغت تفاهتها،وطرح سؤال عن مدى قبول نشر خطب تروتسكي القديمة،والمعادية للبلشفية-وكأنها مهمة وفي صالح الحزب الان-فالماضي لايموت،عندما تغذيه ذاكرة الحقد والضغينة.فقد طرح اولمينسكي-مسؤول ارشيف الحزب-السؤال على تروتسكي،عندما اكتشف في ملفات الاوخرانا،رسالة تروتسكي الى تشخيدزه،والمكتوبة في عام1912-في ذروة خصومته مع لينين-والتي تصف لينين بال"دساس"و"المشوش"و"المستغل لوضع روسيا المتخلف".وقد عارض تروتسكي نشرها لما تثيره من حزازات مضت،قائلا:"انها خلافات تخطاها منذ زمن بعيد،وانه لم يخطيء دائما في نقده للبلاشفة،ولكنه لايريد الانصراف لتفسيرات تاريخية،وهكذا لم تنشر الوثيقة-استغلها ستالين فيما بعد ابشع استغلال،وبمهارة،لتشويه صورة تروتسكي!!-عرف بها كل الحرس القديم،وقالوا:انظروا،كيف اغتاب تروتسكي الرفيق لينين في رسالة،ولمن؟لذلك الخائن القديم تشيخيدزه!!ويقول انه لم يكن مخطئا تماما!-اي غير نادم-لكن مايغيب عنهم ان تروتسكي كان قد تغير تماما،وقطع شوطا طويلا في التخلي عن ماضيه،ففي عام1920وفي الذكرى الخمسين لميلاد لينين،رسم له تروتسكي صورة دقيقة بحقيقتها السايكولوجية،بقد ماكانت عامرة بالاعجاب والولاء،وكتحية حارة لشخصه.ومع ذلك ظل شبح الماضي القاتم تلاحقه،وكانت تذكر اولئك الذين،لم يكفوا عن عبادة مؤسس الحزب،وكم كان اهتداءتروتسكي للبلشفية حديثا وهشا،وعرضة للتساؤل والشك من قبلهم!لم تكن الخصومات البائدة هي الوحيدة التي منعت الحرس القديم من الاعتراف بتروتسكي كواحد منهم،فشخصيته القوية،وعدم ذوبانه في قطيع بلا تميز،وارائه وافكاره التي تنساب ثاقبة في فرادتها،وطروحاته الاقرب للحقائق،والمجسدة للحلول الانجع،واختلافها عن صيغهم الارثوذكسية التابعة،والتي كان يعتمدها غالبية تلاميذ لينين،فكانت اهتماماته المتنوعة والمتسعة،يثيرا الحسد والحذر والبغض والتوجس،لدى من اعتاد بفعل الانصياع والتقليد،ان يركز على الجوانب السياسية والتنظيمية حصرا،وكانت محدوديتهم،وافقهم الضيق،مصدر فخر لديهم-وكأنها ميزة-،بينما كانت خصال تروتسكي تصدمهم،لمستواهم المتدني فكريا،لتورثهم الشعور المكتوم بالدونية امام قامته السامقة.كان الحرس القديم يشعرون بقربهم من لينين،لانه على الضد من تروتسكي،فلينين كان يراعي مشاعرهم،ويتجنب اثارتهم بتفوقه الفكري والسياسي،بينما كان تروتسكي،يظهر تفوقه،ويكشف دون رحمة او مجاملة اخطاء الاخرين،واشعارهم ببلاهتهم وتخلفهم الفكري-وهذا مايخلق الكراهية على المستوى النفسي،لمن يتعرض للتسفيه او ابراز عيوبه!-.كانت روح تروتسكي المتيقظة والعدوانية تثير الغيظ والاضطراب على الدوام،وحتى عندما كان الحزب يتبنى سياسة جديدة،يقبلوها من لينين ويرفضوها من تروتسكي!فهو يعري"تناقضاتها الديالكتيكية"ويستخلص النتائج،ويظهر الصعوبات والمشاكل الجديدة،ويطالب بقرارات اخرى اكثر عملية وملائمة،كان مشاكسا بالفطلرة،ومع ان احكامه كانت صائبة في اغلب الحالات،الا انها كانت تثير ردود فعل مقاومة ورفض،وتولد الغل والغضب،ومع انه كان غريبا في مو سكو،فقد كان من الحرس القديم،والى جانب لينين كان هو ايضا مهيمنا على مسرح الثورة.في نيسان1922 ادى امر عارض لتعكير العلاقة بين لينين وتروتسكي،فخلال جلسة للمكتب السياسي،اقترح لينين تعين تروتسكي،نائبا لرئيس مفوضي الشعب،ولكن تروتسكي رفض ذلك،وبشيء من الترفع،فازعج ذلك الرفض لينين،وغذى هذا الحدث الخلافات الجديدة،اظافة الى ماهو مختزن من العداءات القديمة،مما قسم المكتب السياسي،فلينين كان يتوقع قبول تروتسكي للمنصب،فقد كان يعتبره انسب شخص يحل محله في رئاسة الحكومة،وقد عرض ذلك بعد اسبوع من تعينه ستالين امينا عاما للحزب،وكانت وظيفة الامانة العامة من الناحية النظرية هي:تطبيق قرارات اللجنة المركزية والمكتب السياسي،وكانت الغاية من تعين ستالين كامين عام لتقوية الانضباط داخل الحزب،فلينين كان ينتظر من ستالين تطبيق سياسة التحريم التي قررها المؤتمر العاشر في جلسة سرية لمواجهة المعارضة العمالية،وكان امرا محتوما،ان يضطلع ستالين بسلطات حزبية واسعة وملزمة،وقد اثار تعين ستالين مخاوف لدى لينين بالرغم من انه هو الذي عينه لذلك المركز،ولكي يوازن بين الحكومة والحزب،قرر وضع تروتسكي في مركز مؤثر ومماثل في مجلس المفوضين،ومن الممكن ان يكون لينين اعتبر ذلك كنوع من الفصل بين الدولة والحزب،والذي دعا له بالحاح خلال المؤتمر،ولكي يكون الفصل فعالا كان يجب ان يقوده رجل بحجم تروتسكي،ويمتمع بذاك الوزن الاعتباري ذاته الذي يملكه من يقود جهاز الحزب.كان لينين راغبا باصرار على تعين تروتسكي كنائب له،بحيث كرر الاقتراح عدة مرات خلال التسعة اشهر منذ نيسان،ولم يكن المرض قد داهمه بعد،ولم تكن مشكلة خلافته قد خطرت في باله حتى ذلك الوقت،كان مرهقا ويعاني من الارق.قبل نهاية ايار اصابته النوبة الاولى من الفالج،ولم يتمكن من استئناف عمله قبل تشرين الاول،الا انه اتصل بستالينفي11ايلول،وكان لايزال مريضا،وطلب منه ان يطرح مجددا امام المكتب السياسي،مسألة تعين تروتسكي،بشكل اكثر الحاحا،وفي بداية كانون الاول اعاد لينين طرح المسألة مرة اخرى على تروتسكي في لقاء خاص جمع بينهم،وبصورة مباشرة،حيث بدأت مشكلة خلافته تقلقه بشكل حاد.لماذا رفض تروتسكي؟رفض ان يكون مجرد ظلا،فلينين قدم له ظلا لاغير،مثله مثل باقي نواب الرئيس العديدين والتابعين،والذي لم يجد تروتسكي لكثرتهم اي مبرر،هذا الكم من النواب،والوظائف غير المحددة،والمتداخلة الصلاحيات،بينا كل موسسات الحكومة كانت تحت قبضة سكرتارية الحزب،اي بين يدي ستالين!.لقد استمر التضاد بين تروتسكي وستالين،بعد انتهاء الحرب الاهلية،وكان يتجدد اثناء المناقشات السياسية،والنزاع بخصوص التعينات التي كان على المكتب السياسي ان يبت فيها-بينما كان ستالين يتصرف وفق مزاجه وتعين المقربين منه!-.كان تروتسكي مقتنعا بانه حتى كونه الشخص الثاني بعد لينين،فسيكون خاضعا لقرارات الامانة العامة للحزب،والتي كانت تختار الموظفين البلاشفة لمختلف الوزارات،وكانت تشرف عليهم فعليا.كان سلوك تروتسكي متناقضا حول هذه المسألة،شأنه شأن لينين:كان يريد من الحزب او الحرس القديم،بنحو خاص ان يمسك حصريا بزمام الحكم،ولكنه كان يسعى من طلرف اخر،لمنع الحزب من التدخل في اعمال الحكومة،وليس من سبيل للتوفيق بين هاتين الرغبتين المتناقضتين!!.فآلة الحزب في جزء كبير منها بين يدي الحرس القديم،وبعد رفضه لمقترح لينين،اقترح هو اولا خطة لاعادة تنظيم للادارة،ولكنه ايضا لم يكن ينتظر ان تحقق خطة كتلك اي نتائج ايجابية متوخاة منها،طالما لاتحد من سلطات الامانة العامة ومكتب التنظيم.كانت العداوات الشخصية مرتبطة كالعادة،بالخلافات السياسية،وبالعكس،وكانت الشؤون الاقتصادية،هما رئيسيا للمكتب السياسي،ولم تكن سياسة(النيب)موضع جدل،فشيوعية الحرب اخفقت وثبت فشلها،وينبغي استبدالها باقتصاد مختلط ومتعدد،واقرار النيب لم يثر اي خلاف بين تروتسكي ولينين وباقي القادة،فتروتسكي دافع عن المباديء التي اعمدتها النيب قبل عام من اقرارها،وتبني اللجنة المركزية لها.طرأتبدل على مواقف تروتسكي خلال عام،فخلال النصف الاول من عام1922 كان تروتسكي مناصرا للانضباط كبلشفي قح،ولكنه في الجزء الثاني من العام،خاض نزاعا ضد انصار الانضباط،وتكمن كثير من المفارقات في مواقف تروتسكي!ففي بداية نفس العام هاجم المعارضة العمالية باسم المكتب السياسي،ولكنه في نهاية العام تبنى معظم افكارهم،قمع المعارضة في البداية،ثم هاهو يهتدي الى ارائها،ويصبح الصوت الاكثرسموا ونبلا في صفوفها.كان تروتسكي يسعى جاهدا للتوفيق والموازنة بين الانضباط البلشفي،والديمقراطية العمالية،بين السلطة والحرية-دون جدوى-وكلما كان الميزان يميل للاول كان هو يميل للثاني،والوقائع الكثيرة والحاسمة التي جرت في سنوات21-23 هي التي دفعته تدريجيا لدعم مطالب ديمقراطية من المعارضة العمالية،كان يتصدى للمشاكل الفعلية الملموسة،ولكنه يواجهها بشكل مختلف عن السابق ومن الجهة المعاكسة تقريبا.بدأيحتج ضد كليانية الدولة والافراط في المركزية،وصعود البيروقراطية الشرس،وكبت الاصوات المعارضة،ويدافع عن حقوق الامم الصغيرة،حين انتهكت تلك الحقوق-طبعا على يد ستالين لاغيره!-،واصطدم بجهاز الحزب،حيث اصبح الجهاز مستقلا عن الحزب،فابتلع الحزب والدولة!!!................................. .......................................................................... يتبع.. وعلى الاخاء نلتقي....
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(13)
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(12)
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(11)
-
كرنفال الديالكتيك،وصياح الديك!!!
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(10)
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(9)
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/الارشيف الملعون!!!(8)
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/الارشيف الملعون!!!(7)
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/الارشيف الملعون!!!(6)
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(5)
-
لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(4)
-
لينين-تروتسكي..العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(3)
-
لينين-تروتسكي..العلاقة والخلاف/الارشيف الملعون!!!(2)
-
لينين-تروتسكي..العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(1)
-
اللومبنبروليتاريا/ مقاربة اجتماعية اولية للمفهوم..(الاخير)
-
اللومبنبروليتاريا/ مقاربة اجتماعية اولية للمفهوم..(3)
-
اللومبنبروليتاريا/ مقاربة اجتماعية اولية للمفهوم..(2)
-
اللومبنبروليتاريا / مقاربةاجتماعية اولية للمفهوم..
-
المرأة وخيوط ارديان!/المتاهة والوعي...(3)
-
كل عام وانتم بأنتظار الخير!!ويأس مديد!!
المزيد.....
-
وسط ترقب لرسالة أوجلان.. ماذا يريد حزب -ديم- الكردي من زيارة
...
-
تركيا تشترط القضاء على حزب العمال الكردستاني لإعادة النظر في
...
-
مراقبون للشأن اللبناني: مهاجمة المتظاهرين السلميين عمل مشين
...
-
إضرام النار في الجسد: وسيلة احتجاجية تتكرر في تونس بعد 15 عا
...
-
حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمناسبة اختتا
...
-
افشال السياسة العنصرية لترامب واسرائيل بحق الفلسطينيين مهمة
...
-
الحزب الشيوعي يرفض اتفاق إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان
...
-
-ميول إسلاموية- ـ المشتبه به يقر بتعمد دهس متظاهرين في ميوني
...
-
كلبة الفضاء السوفييتية -لايكا- تشارك في -يوروفيجن 2025-
-
جبهة البوليساريو تنفي تواجد مقاتلين تابعين لها في سوريا
المزيد.....
-
الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية
/ رزكار عقراوي
-
نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل
...
/ بندر نوري
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
المزيد.....
|