|
نجوم الرقص - برنامج سوري- من سحر آسو - فيينا
هيثم حموي
الحوار المتمدن-العدد: 4242 - 2013 / 10 / 11 - 13:44
المحور:
الادب والفن
في فيينا يُعرض في هذه الأوقات برنامجٌ ترفيهي أسبوعي اسمه “نجوم الرقص”. يشارك في هذا البرنامج نجوم من المجتمع النمساوي في مختلف جوانبه الرياضي والفني والإعلامي. ولا شك أن يشد هكذا برنامج اهتمام النساء بالدرجة الأولى لما يظهر فيه المشاركون من أزياء الرقص ورشاقة وخفة حركة وجمال ...الخ وهذا شيء طبيعي، حيث يتبارز الفنانون كأزواج رقصٍ أمام لجنة تحكيم ويخرج من الجولة من يجمع أقل عدد من النقاط، والجمهور في المنازل يمكنه أيضاً أن يشارك بالاختيار. هكذا الحياة هنا في الغرب، مزيج من الإنتاج والبناء والترفيه والرياضة والإبداع الفني والتكنولوجي والأدبي وحتى الترف الثقافي. يعني ببساطة ما تنتجه الحرية في مجتمع ديموقراطي. طبعاً أرجو ألا يعتقد القارئ أنني أعتبر برنامج "نجوم الرقص" هذا ترفاً ثقافياً، لا بل إنه ثقافة فعلية وحقيقية، وهو يعكس إحدى أوجه حياة المجتمع هنا. التمس العذر هنا فحتى الآن لم يستفد السيد عمار قربي المعتقل في سجون الاحتلال "عفواً أقصد سجون الصخرة التي تتحطم عليها مؤامرات الرجعية والإمبريالية، كما تعلمنا صغاراً" من القصة أعلاه، كما لم يخفف النص حتى الآن عن آلام السيدة يزبك الكاتبة المحترمة التي تعرضت للضرب لأنها "قالت" ما قالت أمام القصر "العدلي" في دمشق يوم التاسع من مارس 2006، ولا عن آلام زملاءها وأخوتنا في المواطنة الذين كانوا معها. أعتذر وأستطرد بأن موضوعنا هنا هو بأنني شاهدت مرةً مقاطع من البرنامج هذا، وباعتبار أن أغلبنا في الغرب يعيش كابوساً أسمه "سورية" يتألم لها يومياً ويعتصر قلبه لحالتها ومستقبلها ولشعبها وتنتابه حالات من الهستريا عند سماع آخر الأخبار من الوطن فقد تبادر إلى ذهني مباشرة برنامجٌ مماثل يمكن أن يعرضه التلفزيون السوري، حيث يقوم به رجال المجتمع السوري (نجوم الفن والرياضة والثقافة والأدب) بالمبارزة بأحسن ما لديهم لكسب الجائزة. وتبادر إلى ذهني ... بأي شيء يا تُرى يمكن أن يتبارز نجوم المجتمع في سورية؟ وليكن ببرنامج اسمه "نجوم المجتمع السوري" أو "شيله حطّه" أو "شيلا طبّت". وباعتبار أن فناني التلفزيون والإذاعة، الممثلين والممثلات، والمذيعين والمذيعات السٍمان والسمينات، الأميين والأميات، الحاصلين على شهاداتهم بالواسطة والنقل والحاصلات، والصحفيين والصحفيات، المتلعثمين والمتلعثمات، والمزوّرين للحقائق والمزوّرات، والمختلقين للأحداث والأخبار والمختلقات، والرياضيين والرياضيات، الفاشلين والفاشلات، المحرومين من المواهب والمحرومات، والمتحدثين والمتحدثات، الملتزمين بما كتب لهم والملتزمات، والظاهرين على الشاشات الرسمية والظاهرات، والكاتبين الذين تتبناهم السلطة والكاتبات، وأبطال التحرير والبطلات من المظليين والمظليات، أو من الضباط، وجميع من يُصنَعون ليُصبحوا نجوماً، كل هؤلاء لا يملكون إلا معياراً واحداً ومؤهلاً وحيداً وهو "الولاء" وأحياناً "الإنتماء"، لذلك فإن جُلّ ما يمكن أن يتبارى به هؤلاء في برنامج ترفيهي هو المبارزة بـ "الواسطة"، فيجلس كل واحد منهم ومنهن ويتبارى أمام الجمهور بمقدار الانحطاط الأخلاقي والخلقي لواسطته - التي دعمته وتدعمه ليصبح ويبقى ويدوم - ووحشيتها وحجم إجراميتها ومقدار نهبها وربما عدد الجثث التي مشت عليها أو عدد العائلات التي شردتها أو الأطفال التي يتّمتها بجدارة أو بحجم الكرش التي يحملها كل نجم ونجمة أو بحجم كرش واسطته أو واسطتها. أما الجمهور الكريم فلا مشكلة بتدبيره فهذا أسهل ما يمكن، فقد تم دائماً تدبير جماهير غفيرة للتصفيق والتهليل أو للضرب بالعصي والهراوات على رأس أناسٍ مهذبين محترمين. وإليكم عينة من برنامج التسلية والترفيه لنجوم المجتمع السوري: عندما يقول النجم للآخر: "فتح عينك أنا واسطتي نهب خلال سنوات أكثر من أربعة مليارات دولار وتمكن من تهريبها كلها إلى خارج سورية"، تواجهه النجمة المقابلة له وتقول "هذا لا شيء. لا تتبختر وتشوف حالك، فأنا واسطتي قتل عشرين ألف مدني، وفي روايات أخرى أربعين، وجمّع أكثر من واسطتك بكثير". هنا يصفق الجمهور مرحاً مؤيداً وصارخاً طالباً من الخاسر أن يخرج من الجولة ليلتقي الفائزون في الحلقة القادمة، ... وهكذا. وهذا البرنامج - كما هو الحال في البرنامج النمساوي "نجوم الرقص" - يعبر أيضاً عن جوانب الحياة في المجتمع السوري، مزيج من الهدر والتخريب والضغط النفسي وتفشي الأمراض وتراجع العناية الصحية والتخلف في المجال الفني والتكنولوجي والأدبي والثقافي، يعني ببساطة ما ينتجه نظام الاستبداد في مجتمع مقهور مقيد لا يعرف للحرية طعم
#هيثم_حموي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العدو المنقذ- خلق العدو الإرهابي حسب الطلب
-
حرية من الله – غصبا ً عنّك عبد الله
-
مواقف شجاعة مطلوبة في القضية الكردية السورية!
-
برنامج الديكتاتورية ، 10 نقاط لتدمير الديموقراطية، من تجربة
...
-
ثورة العبيد، ديموقراطية العبيد، السادة العبيد
المزيد.....
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|