|
بلاد كان يا ما كان
حبيب العربنجي
الحوار المتمدن-العدد: 4241 - 2013 / 10 / 10 - 19:25
المحور:
كتابات ساخرة
كان يا ما كان...كانت هناك بلاد من البلدان..يمر فيها نهران، نهر الدم ونهر الغم ، من شرب من نهر الدم مات بالدم ومن شرب من نهر الغم مات من الغم ، ومن شرب من النهرين فقد قـُتل !. يقولون أنها كانت أرض السواد لسواد بخت ناسها، وقيل لكثرة لافتات النعي فيها، وقيل لسواد قلوب حكامها وكثرة عمائمها، لكن الرواية الاكثر صدقا أن هذه التسمية جاءت بعد أن وقف الأسود العظيم البيتنجان وقفة صابرة محتسبة أيام الحصار الذي حاصر حتى البسمة من الشفاه فكان صحن فطورهم أسود وصحن غدائهم أسود وصحن عشائهم أسود وكانوا يأكلون قشور الأسود العظيم البيتنجان مع الشاي بدل الكعك. زارها الرحالة ابن فطوطة فقال أنها بلاد ما بين القهرين، قهر الماء وقهر الكهرباء كما زارها المغامر العظيم إبن فراش الدوشكي فسماها بلاد الراقدين لحب ناسها أن يناموا في أتعس الظروف الحياتية والكهربائية والصيفية والسياسية، بل قيل أن أحد أعضاء فريق نادي الكهف الأسطوري للأرقام القياسية قد خرج سراً من كهفه ليلاً بعد أن نام كلبهم فزار بيته زيارة حميمة، وكانت نتيجة تلك الزيارة الليلية أن الناس في هذه البلاد كلهم من نسل تلك المرأة وذلك اللقاء الحميم و العضو الهارب من الكهف ! هناك أخترع الناس الكآبة، كانت تلك البلاد آم الكآبة وخاصة الكآبة المسمارية وهي نوع من الكآبة كأنها مساميرَ تــُدق بچاكوج التشاؤم فوق الرؤوس. هذه الكآبة ومساميرها تجعل أهل هذه البلاد متشنجين متعصبين وقافلين على الراسين رغم إختلاف المقاهي الذي لعبوا فيها لعبتهم الدومينو ورغم إختلاف اللاعبين..وحين لا حل في القفلة، كان اللاعبون يتفقون على أن يتراصفوا كقطع الدومينو...قطعة قطعة...ثم ينادون على أول شخص غريب يرونه فيأتي ويضرب القطعة الأولى أو الشخص الأول، فيتبعه الآخرون...وهكذا سقطوا تباعاً ولم ينهضوا، مسحورين بلعبة السقوط وغارقين في نشوة السقوط ! خرج من أرضهم دفق أسود كأنه دبس تمر، شربوا منه فكان سمأ قاتلاً، لكن ذاك الدفق قد جلب كلاب الأرض كلها، لأن أصحاب مزارع الكلاب أكتشفوا أن الكلب يحب أن يمسح خصيانه بذاك السائل اللزج كي يقدر أن يتناسل مع خنزيرة، وللعجب، فأن الكلب الذكر في ذاك الزمان كان يحب أن يجامع خنزيرة اكثر مما يحب أن يجامع كلبة، فأصبحت البلاد بلاد عيشة كلاب ترافقها أفواج خنزيرات شبقة، وكانت نتيجة الجماع كلاباً مخنزرة...تخنزر على كل شيء يتحرك، تخرج من أفواهها نتانة قذرة، يصاب من تنزل عليه قطرة من تلك النتانة بمرض الذلة ، كما أن تلك الكلاب المخنزرة تتجاوب مع من يحكمها، وتصيحه بتسميات مبجلة : الزعيم الأوحد..الرفيق القائد..الأب القائد...دولة الرئيس..دولة رئيس الوزراء...مولانا...سيدنا..شيخنا..وحتى حبيبنا وتاج راسنا ! في تلك البلاد...كانت تنزل على الناس ألقاب من السماء، وكانوا يحبون أن يناموا فوق السطوح في الصيف، ونتيجة تلك العادة البدائية نزلت عليهم من السماء ألقاب وصفات سماوية وأرضية وعسكرية ودينية ، كما كان لبعضهم ظلال وارفة صلى الناس كثيراً ليديم الله ظلهم الوارف ليجلسوا فيه في أيام الحر وقطع الكهرباء، كما كان لبعضهم أسرار طلسمية مقدسة ذهبت معهم...فكانوا من الذين قدس الله سرهم، كما كان فيهم الجهبذ الهمام في معرفة كيفية قتل الأنام...لكنهم جميعا كانوا سخط الله على أهل تلك البلاد ... كما كان فيهم من كان بائع ثلج في المساء فصار الفريق الاول الركن في الصباح وهو لا يعلم الفرق بين المسدس والبندقية ويحسب أن البندقية نوع من الحلويات فيه نسبة عالية من البندق ..ليس لبراءته بل لجهله في العسكرية... وكان فيهم من لا يتكلم (الضاد) فنام في المساء ليصحو على منصب وزير الأسفار...وإليه ينسب نحت جمع داخ العلماء فيه كثيرا، وهو جمع كلمة (الدكتاتور) حتى جاء هذا فقال لهم أن جمع الدكتاتور هو : الدكاترة ! أما الشهادات هناك..فكانت توهب هبة ومكرمة وإكراماً وهدايا في مناسباتهم الكثيرة.. وكان فيهم من لا يعرف (الظاء) من (الطاء) فجائته هدية كريمة فأصبح وزيراً للتعليم ذي الكعب العالي! كما أن أحدهم قد أضاف كلمة (الريوگ) إلى الأسماء الخمسة وأتى في ذلك بحجة قوية : أحب الريوگ - مبتدأ مرفوع بالواو..أكلتُ الرياگ.. مفعول به منصوب بالألف...ولا أحب البيض في الرييگ – أسم مجرور بالياء...فكان هو ممثل تلك البلاد في الإجتماعات الدولية بدرجة دكتوراه في اللغة العربية، كما أنه أخترع معجون الفصاحة...ملعقة منه كان يجعل الأخرس ينطق بالإنثيالات والماهية والتساوق والتماهي والتشظي في فلك أهليليجي متماوج في اللاوعي الإنخراطي! هناك...أخترعوا الفافون...وجدوا وصفة الفافون وطريقة صنعه في مسلة قديمة، غير أنهم كانوا أكثر الناس بعداً في إحترام الفافون وحبهم له، بل أن زمناً قد جاءهم فكان فيه الفافون يصنع من المطاط، يكبر ويصغر بحسب طلبات الملك. حتى جاء عصر كان يسمى عصر دولة الفافون...وكان حينذاك طن الفافون بدينار لكثرته ورداءة نوعيته ! وشعب تلك البلاد أبدعوا ملحمة تأكل الناس كالمثرمة، فكانت لحومهم التي تخرج من تلك الملحمة منتشرة في مقابر معلومة ومنسية في قبور مجهولة، وفي الطرقات وبطون الاسماك ، بل كنت لا تستغرب حين تجد أطفالاً في الشارع وهم يدحرجون رأس قتيل كان في الأمس يلعب معهم ! وأستمرت الملحمة في ثرم أهل تلك البلاد، فأصبحت ملحمة خالدة إلى أن أصاب الناس الملل. في تلك اللحظة الحاسمة من تاريخ أمتهم المجيدة وتتويجاً لنضال جماهير أحزابهم وشعاراتها، تجمعوا فاخترعوا دولاب الزمن ليطردوا عنهم الملل ، دولاب عملاق، صعود فنزول، غير أن الناس في تلك البلاد السحرية حين نزلوا أدمنوا النزول فأستمروا في النزول حتى نزلوا إلى نفق مظلم أكتشفوه في إحدى مغامراتهم إلى صحراء التيه فتاهوا في النفق وأصروا على أن يجدوا الضوء في نهايته لأن مشعوذا قد خدعهم وقال لهم أن في نهاية كل نفق ضوء قوي يجعل الظلام نهاراً ! وقيل أن آخرهم حين دخل النفق كان يلبس حزاماً ناسفاً ليغلق باب النفق لكي لا يجد الناس ذلك المدخل السحري ! فوقف في مدخل النفق وأطلق صيحة كانت " أريدها بيضة وما تتعب وما تگول لا" !..دون أن يعرف الناس ما كان طلبه... ففجّر نفسه وأنفجر النفق بمن فيه، فكانت تلك نهاية النفق ! وربما نهاية بلاد سمعنا عنها..والآن هي : كان يا ما كان !
#حبيب_العربنجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسؤولية تك گول
-
عذابات إضطرابات خيبات
-
طاح صبغك
-
الشعليانيزم
-
العراقي أبو الدودة
-
عربنجيات رمضانية
-
حياة بلا پردة
-
راسب مطرود
-
يا حوتة يا منحوتة
-
ترانسفير
-
صوچ البوصلة
-
مظاهرات ديليفري
-
المال ...للصومال
-
حكاية تهميش كونترولية
-
كلا كلا للتيار
-
الله أكبر فردي لو زوجي ؟
-
أنا...وأصدقاء...وألفيس بوك
-
سوپر فقير العراق
-
إللي تلدغه الحية بيده يخاف من جرة الحبل
-
ذكرى نائب عريف سلمان
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|