أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - ملحمة النسر














المزيد.....

ملحمة النسر


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4240 - 2013 / 10 / 9 - 01:11
المحور: الادب والفن
    


إلى من يحلق في الأعالي
ثمة نصوص إبداعية فريدة، تحمل قيماً جمالية و رؤيوية كبيرة، عصية على الاستنفاذ، إلى الدرجة التي يكتشف قارىء أحد هذه النصوص، مع أية قراءة جديدة لها، أنه أمام نص مختلف، لم يقرأه من قبل، وإنما يقدم نفسه إليه لأول مرة، إذ لا تخلو أية عملية قراءة للنص ذاته، من العثور على دلالات وجماليات يحس بها المرء أمام القراءة الأولى، وهي سمة نصوص استثنائية، كتبت في تاريخ الإبداع.
ولعل رائية الشاعر الكبير عمرأبي ريشة1910-1990" أصبح السفح ملعباً للنسور"، ترتقي إلى قمة الإبداع الإنساني العظيم، سواء أكان ذلك على صعيد الفكرة التي يقدمها، أو على صعيد البناء الفني، والإيقاع، والصور، بل والرموز والدلالات، حيث يمكن اعتبارها- بحق- قطعة موسيقية رفيعة، أو تحفة فنية نادرة، بل فيلماً سينمائياً خالداً، يموربالأحداث، والوقائع، التي تجذب المتلقي إليه، نتيجة عمق الحسّ الإنساني الذي كتب به النص، إذ أنه يسير في ثلاثة مستويات، أولهما رصد الحدث الواقعي، و ثانيهما الدلالة الرمزية المتجددة، و ثالثهما الارتقاء من محلية الفكرة إلى عالميتها، وهي من أمَّات شروط الأدب الإنساني الخالد.
وإذا كانت القصيدة قد بنيت انطلاقاً من فكرة ذكية، يعد التقاطها- بحد ذاته- أحد عوامل إبداع النص، فذلك لأنها تناولت مشهد نسر عنوانه الجبال العالية، يأبى النزول إلى السفوح لتناول قوته، بيد أنه وبعد أن يصاب بجروح عميقة، يضطر إلى الهبوط من عليائه، وأمام الحاجة الماسة إلى الطعام، يحاول الانطلاق لتناول ما يسد به رمقه، غيرأن بغاث الطيرالتي تتهيبه، بداية، سرعان ما تكتشف ما حدث له، فتتهافت لتنقيره، ومحاولة إيذائه، ما يدفع به إلى ثورة من الرفض والغضب، لكي يستجمع قواه ، فينتفض، ويحلق عالياً، وليرتمي، في عليائه، ذاته، جثة هاوية، خامدة، لا حراك فيها..!.

مؤكد، أن النص هنا ، ومن خلال شريط لغوي قصير، لا يتعدى العشرين بيتاً إلا بقليل، يتناول منظومة قيمية، واسعة الدلالة، حيث طائره- الجارح/الجريح ولنقل الكريم تجاوزاً للمصطلح المتداول، بما يليق بقيمته، يأبى الضيم، وهو يعيش في أفقه العالي، سيداً، عزيزاً، لا يقبل المهانة، وهاهو قد خاض معركة حامية الوطيس، قبل أن يرتمي على السفح الذي لم يألف بيئته، وقوانينه، ما دعاه للعودة إلى ذروة مجده، ولاضير، من أن يكون ثمن ذلك أغلى مالديه، أي: روحه.

وبعيداً عن عوالم القصيدة الأكثر أهمية، فإن الأعمال الإبداعية الخالدة، هي تلك الأعمال التي قد تنطلق من فكرة بسيطة، مبذولة، من حولنا، بيد أن زاوية التقاطها، و كيفية توظيفها، وطريقة بناء عمارتها الفنية، وعلاقة الفكرة بالفضاء الذي يعيش فيه المبدع، وإخلاصه له، ومن ثم "علاقة ما هو محلي بما هو إنساني عام"، من العوامل المهمة التي تجعل قصيدة كهذه، لا تزال تحتفظ بحبل مشيميتها، وكأنها كتبت للتو، وإن حبرها لمايجف بعد، بل و هي في متناول أي قارىء لها، وهنا مكمن سر هذا الإبداع الإنساني العظيم.

أجل، قصيدة أبي ريشة-هذه- تشتغل على المفارقة بين عالمي طيور البغاث والنسور، حيث الأولى منها تتوجه إلى الجيف، تلتهمها، ضامنة استمراريتها، بينما الثانية لها قيمها، وإباؤها، وأخلاقها، وتقاليدها، التي لا تساوم عليها البتة، مهما كانت ضريبة ذلك، لتكون دائماً أقرب إلى الخطر، لا إلى طمأنينة الضعفاء، مادام دأبها هو" كتابة ملحمتها"، الملحمة التي لا تكتب إلا من قبل من يرتفع عن الدنايا والأنانية، منصرفاً إلى الأمجاد والمعالي



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلالم النفس
- التاريخ..1
- صناعة الألم:
- موت الذاكرة
- -دائرة الطباشيرالقوقازية-
- حبكة القص حبكة الواقع
- جيل الاغتراب الأكبر.........!
- الطفل الذي قدم أدوات قصته:
- كرد ستريت ترصد آراء المثقفين والسياسيين الكرد حول انضمام الم ...
- أطفالنا والحرب: من يوميات أيان
- اللاكتابة
- الكاتب و أسئلة الطوفان
- الأول من سبتمبر:
- روح الشاعر
- من يتذكرشخصية-شرو-؟.
- الأسد بطلاً قومياً ونوستالجيا أحضان النظام
- رسالة سبينوزا إلى السوريين:
- مجزرة كيمياء الغوطتين من وراء ارتكابها حقاً..؟
- خارج النظرية:
- سقوط معجم الفرقة:


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - ملحمة النسر