كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 4239 - 2013 / 10 / 8 - 17:39
المحور:
الادب والفن
جاءت الصغيرة تشكو لي جور القلب إذا هوى...
قالت صاحبة القلب الغرير و هي تظن قلبي في بحر الهوى غطاس خبير...
:" متعَبةٌ جدا يا عمّة...
منذ أن أحببته و أنا أشقى...يتفنن في تعذيبي و على هجره لا أقوى...يتّخذُ من دوني خليلات و إذا جُننت، يراضيني بقبلة و قطعة من الحلوى!
يهجرني لأيام تطول أبدا و لا تقصر و كلما عاد، عدت كأن شيئا لم يحصل...
كثيرا ما أقسو على قلبي و أدعوه لأن يقسو،،، لأن ينسى،،، لأن يفعل به ما به يفعل...
حاولت كثيرا يا عمّة، حاولت مع قلبي مرارا فلم يقدر!"
( تتنهد الصغيرة المهمومة و ترمي برأسها على ركبتي دامعة محمومة)
:"أعجزني حبّه يا عمّة، فقولي بالله عليك، أحُبٌّ هذا أم همٌّ يوهن الهِمّة؟
في كل مرّة أقول: هذه آخر مرّة.
و يعود لِوَصْلي، فيحنّ له قلبي، و أعاود الكَرّة!
تعبتُ و الله يا عمّة، فأنا قلب ضعيف تُبعثرني نظرة و تُذيبني الضَمَّة!
و لكن حتى متى يا عمّة؟ تُرى حتى متى هذا العناء و عمر الهوى معي دائما لحظة، و دهرا يدوم في قلبي البكاء..."
رفعت الصغيرة رأسها من على ركبتي متثاقلة تثاقل النفس المترعة بالأسى، ثم ارتمت على الأريكة المقابلة متهالكة و قد علقت بثوبها مسبحة كنت أعُدُّ بها، من حين لحين، أيام الصفو في عمر الكدر و الشقاء.
قالت تطرد وجعا و تنسج أملا :"
هذا الهوى، لو تدرين يا عمّة، نصفه سحر و نصفه الآخر بلاء، و إنني اليوم به لمحمومة و لكني لست لأبغي منه الشفاء...إني أريدك فقط أن تُنجديني بحيلة من حيَل النساء، بشيء من كيدهن، لعلني أجعله (...) بيدي يوما، كما العجينة الملساء!"
أجبتها بما أعلم و الله وحده أعلم :"قد سمعتي يا ابنتي عن كيد النساء، قد قيل فيه قدرة لحوّاء على الإيقاع بمن تشاء، مهما عظُم شأنه أو علا.
هذا ما قيل يا صغيرة، لكنني رأيته كيْدا أعزل أمام كيدٍ أقسى و أعظم... كيد منّا و علينا... كيْد يحيلنا بحق إلى عجينة ملساء بيد كل من على القلب قد سطا...انه كيد مشاعر الهوى...تلك التي إذا ما استبدت بنا، فإنها تكسِرُنا دون عناء، بعد أن تعبث بنا كما تشاء إن غيرةً أو شوقا أو بكاءْ... فلا تُعوّلي، يا ابنتي، على كيد النساء إذا ما قبض الحب على قلبك، و أمرك في يده انتهى، إذ كل ما سيُقال لك حينها عن كيدهن، لن يكون سوى نصائح جوفاء
لا يمكن أبدا أن تشفي عليلة سقتها الأيام مُرّ كأس الهوى!"
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟