|
وزارة شؤون المرأة الفلسطينية في مواجهة جرائم الشرف
زياد نزال
الحوار المتمدن-العدد: 1210 - 2005 / 5 / 27 - 12:52
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
يخضع المجتمع الفلسطيني كجزء من المجتمع العربي إلى ثالوث من المحرمات (الجنس والدين والسياسة) وفي ما يتعلق بالجنس فإن هذا الضلع من المثلث قد يكون أشدهم حساسية، ولكن المميز فيه ونقصد هنا التمييز السلبي أن معاييره أشد قسوة وأكثر إجحافاً بحق المرأة، وما يسمى بجرائم الشرف المطبقة على النساء أحد تلك المعايير. إن هذه الظاهرة رغم قدمها إلا أنها أخذت بالازدياد خاصةً في ظل الظروف السياسية التي يعيشها المجتمع ووجود العديد من المؤسسات النسوية والحقوقية ساعد في الكشف عن مثل هذه الجرائم، بالرغم من أن المخفي ما زال أعظم، حيث تشير الأرقام التي أصدرها قسم رصد الشكاوى في وزارة شؤون المرأة من خلال رصده للبلاغات والشكاوى المقدمة من قبل النساء لمراكز الشرطة في كافة محافظات الضفة وقطاع غزة خلال الفترة الواقعة بين أيار العام الماضي وحتى آذار لهذا العام، إلى وقوع 20 حالة قتل على هذه الخلفية في الضفة والقطاع، إضافة إلى نحو 15 حالة شروع بالقتل على نفس الخلفية، ومع أن هذه الأرقام لا تعكس حقيقة ما هو على أرض الواقع بسبب عوامل اجتماعية وسياسية، إلا أنها تضعنا أمام معطيات رقمية كبيرة ينبغي أن تقلق المجتمع الفلسطيني، وتستفز قادة الرأي العام من مؤسسات رسمية وغير رسمية وفصائل العمل الوطني وإعلاميين ورجال الدين.
ولا شك أن العمل لمواجهة هذه الظاهرة معقد بتعقيد أسباب المشكلة ذاتها، فهي ذات أبعاد اجتماعية وموروث ثقافي مشوهين وواقع قانوني سيء، بالتالي فهذا يعني أن طريقة العلاج يجب أن تأخذ بكل هذه الأسباب، ومن هذا المنطلق فإن الوزارة دأبت ومنذ تبنيها لهذا الموضوع على السير بالتوازي بين عملية التثقيف بشأن مخاطر هذه الظاهرة مع محاولة تغيير الوقائع على الأرض من خلال تعديل القوانين ذات العلاقة، انطلاقا من أن الواقع الاجتماعي هو الذي يحدد الوعي الاجتماعي لذلك قامت الوزارة بحملات توعية مجتمعية بحقوق المرأة والترويج للإصلاحات التي تخول المرأة وتزيد مشاركتها في عملية صنع القرار في المجالات السياسية والاقتصادية، وتضمنت هذه الحملات عقد المؤتمرات وورش العمل التدريبية والحملات الإعلامية، كل ذلك بالموازاة مع محاولة إحداث تغييرات قانونية من داخل مراكز القرار في السلطة الفلسطينية، حيث استطاعت الوزارة بعد رفع عدة مذكرات لمجلس الوزراء أن تحصل على تكليف من المجلس باعتمادها كمرجعية أساسية وبالتشاور مع وزارات الشؤون الاجتماعية والعدل والداخلية لإعداد بنود قانونية تضمن تغييرات ايجابية فيما يتعلق بقانوني الأحوال الشخصية والعقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960 والذي ما زال معمولاً به في فلسطين حتى الآن، بحيث ستضمن تلك التغييرات سن القوانين الرادعة بحق مرتكبي هذه الجرائم، وذلك من خلال إلغاء نص المادة 340 من ذات القانون وتحديداً في الباب الثامن المتعلق بالعذر المخفف والعذر المحل، حيث تترك هذه المادة للقاضي حق السلطة التقديرية عند تطبيق الحكم على القاتل في كل قضية بالسجن لمدة لا تتجاوز بكل الأحوال 3 سنوات، ومعاقبة من يرتكب هذه الجريمة بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد مما سيردع العديدين من الاستخفاف بالقانون والتهويل من حياة النساء.
كذلك ستضمن التغييرات المقترحة تعديل القانون الأساسي وتضمينه مواداً قانونية تحمي النساء المعنفات وتوفر لهن البيوت الآمنة، علاوة على ذلك سيتم اقتراح بند في قانون العقوبات فيما يتعلق بجرائم الاغتصاب بحيث لا يسمح القانون المقترح أن تسقط العقوبة عن مرتكبها بالتقادم، إضافة إلى جملة من التغييرات القانونية التي ستساهم في إيقاف أو تقليص هذه الجرائم إلى حد كبير وتحقيق الأمن الاجتماعي والمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات في الأمور المتعلقة بالزواج والواجبات الأسرية، حيث أن القانون الأساسي الفلسطيني والذي يعتبر بمثابة القانون الأعلى الذي يسمو على القوانين والتشريعات الأخرى التي تصدر عن المجلس التشريعي بما فيها قانون الأحوال الشخصية، ينص في المادة 9 منه على " أن الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة " كما نصت المادة 10 على " أن تعمل السلطة الفلسطينية دون إبطاء على الانضمام إلى الإعلانات والمواثيق الإقليمية والدولية التي تحمي قانون الإنسان "، وبناء على النصوص السابقة الصريحة والواضحة تعمل الوزارة على عدم الإبقاء على أي شكل من أشكال التمييز ضد المرأة في القوانين والتشريعات الأخرى التي ستصدر عن مؤسسات السلطة بما فيها قانوني الأحوال الشخصية والعقوبات اللذان ينطويان في صيغتهما الحالية على الكثير من التمييز ضد المرأة ويظهر ذلك في الكثير من البنود القانونية، فعلى سبيل المثال وليس الحصر فإن قانون العقوبات يصنف الجرائم التي تقع ضد المرأة تحت بند ما يسمى "جرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة " وهذا يعني أن الجرائم الواقعة على المرأة كجرائم القتل على خلفية ما يسمى " بشرف العائلة" أو جرائم الاغتصاب مخلة بأخلاق وآداب المجتمع وليست جرائم بحق انسانة لها كرامتها، بينما قتل النساء على خلفية ما يسمى " بشرف العائلة" جاء تحت بند "العذر في القتل" مما يتيح لمرتكب هذه الجريمة على هذه الخلفية أن يستفيد من العذر المحل أو المخفف، وذلك على الرغم من أن العديد من ضحايا هذه الجرائم هن ضحايا لسفاح القربى والاغتصاب.
كما أن الوزارة تعمل من خلال قسم رصد الشكاوى على بلورة مؤشرات محددة لقياس حجم هذه المشكلة ومدى التقدم المحرز عبر البرامج والمشاريع المقدمة للتصدي لها ومعالجتها، كذلك دعت الوزارة إلى إنشاء وحدات خاصة بالعنف الأسري داخل مراكز الشرطة وتأهيل وتدريب الشرطة للتعامل مع هذه القضايا من منطلق حقوق الإنسان وبحساسية أعلى لقضايا النوع الاجتماعي، إضافة إلى تعديل المناهج الدراسية لتتضمن مفاهيم المساواة بين الجنسين وتخصيص الدروس التثقيفية لتوعية الطلبة/ الطالبات بمخاطر الزواج العرفي و تعريفهم بأشكال العنف المختلفة وكيفية التعامل مع التحرش الجنسي والعمل على إصدار تقرير وطني سنوي حول ظاهرة العنف ضد المرأة لتعميمه على المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، كذلك تبني وثيقة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وأخيراً توثيق التعاون بين الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بالوصول إلى كافة المناطق، حيث أنه وعلى الرغم من الدور الهام الذي تلعبها هذه المؤسسات في مساعدة النساء المعنفات إلا أنها لا يمكن أن تشكل بديلاً عن المؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية التي هي محرك الأساس لوضع السياسات والقوانين الواضحة التي تستهدف معالجة بشكل جذري.
#زياد_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
-
فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
المزيد.....
-
العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا
/ وسام جلاحج
-
المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما
...
/ محمد كريزم
-
العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا
...
/ فاطمة الفلاحي
-
نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟
/ مصطفى حقي
المزيد.....
|