أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الحاضر الغائب -رواية-21-














المزيد.....

البحث عن الحاضر الغائب -رواية-21-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4238 - 2013 / 10 / 7 - 20:09
المحور: الادب والفن
    


خرجنا . كان الخارج هذه المرة يختلف عن سواه . ليس هو نفس الشارع الذي عبرته قبل قليل ، قبل أن أدخل للحانة ، حتى الناس لم يعودوا هم أنفسهم . ونحن نعبر الشارع الرئيسي للمدينة ، أحسست أن البنايات نفسها تغيرت ، والمقاهي والدكاكين . حتى السيارات كانت تعبر أمامي بشكل سلس وهرموني . الهواء لطيف ، ورائحة العطر التي تنبعث من ثوب سعاد يهيأ لي انها تنبعث من جسدها . لأول مرة يدور موضوع جسدها في ذهني .
أحسست بسعادة لم أتذوقها من قبل ، لم يكن الأمر يتعلق بالجسد ، فقد لفظت موضوعه بسرعة ، وانما لأنها تمشي بجانبي هذه المرة بصفتها حبيبتي . هي التي أعرفها منذ أكثر من سنتين ، ولم يسبق لي مرة واحدة ان أحسست بما أحس به الآن من نشوة وانا بجانبها . كنا قريبين من بعضنا ، أقرب من أي وقت قضيناه معا في العمل . كان هناك جدار يفصل بيننا أحسه الآن منهارا . رغم أنني كنت احس باحترام شديد لشخصيتها وشخصها ، لكنني كنت أكبح اي فكرة قد تزيد عن كونها زميلتي في العمل. الآن هي كائن آخر أشعر بدفئها ،بأنفاسها ،بنبضات قلبها . وهي تمشي بجانبي الآن أحس أنها امرأة صارت تبتلعني كما يبتلع بحر غريقا مقبلا على حياة جديدة في أعماق لم يعش فيها غيره . أعماق حقيقية .
انها اليوم حبيبتي . نظرت الى وجهها ونحن نجتاز شارع البرنوس ، لم يكن هو نفس الوجه ، كثير من الملامح تغيرت فيه ، هو الان أصغر مما اعتدت على رؤيته ، تعلو خداها مسحة من اللون القرمزي مع بياض شديد أسفل الوجنتين . شفتاها تشبهان خوخة مكناسية ، عيناها يشوبهما نوع من الحياء الأنثوي الفظيع . هل سعاد تستحيي مني ؟ . انا مصطفى الذي خدمت معها في نفس المكتب الصحفي بطنجة مدة تزيد على السنتين . فلم الخجل مني ؟.
عندما يتغير نوع العلاقة ، تتغير فينا اشياء باطنية كثيرة . انها نفس الفتاة الطموحة التي تمتلك ذكاء فطريا لم اره في فتاة أخرى . لكنها اليوم تختلف كثيرا عن تلك التي عرفتها ،قبل اليوم ، حتى صورتها تغيرت في ذهني . ابتسامتها المقتصدة ، وهي التي كانت تطلق لها العنان قبل اليوم كسمفونية غجرية ، انكماشها الأنثوي الأخاذ ، وكأنها عروس في أولى ليالي الولوج . مشيتها صارت أكثر ثباتا . حركات يديها لم تعد بتلك الطلاقة . وكأن الجهاز المتحكم في نشاطها الجسدي أصبح يتحكم في كل حركاتها .
دارت كل هذه الأفكار في رأسي ونحن نتوجه نحو الشاطئ . مررنا بشارع المسيرة ، انحدرنا نحو الأدراج المؤدية الى مسرح سرفانتس ، وقفنا نتأمل واجهة المسرح المقفول . قالت لي ، وقد كانت أولى كلماتها معي منذ خروجنا من الحانة :
- حرام أن تظل هذه المعلمة مقفلة الى ما لا نهاية .
كنت انا أتأمل تلك الرسوم الاسبانية على الحائط الذي يعلو باب المسرح وقد توسطته أرقام " 1936" . تاريخ بناء المسرح . سبق لي ان دخلته في أحد الأيام مع أبي حين كان يشتغل مع احد اقطاب الاقتصاد بطنجة ، وهو من جهة سوس . كنت صغيرا آنئذ ، لكنني لم أنس شكله الداخلي ، وتلك الرسوم التي تملأ جدرانه وسقفه . مسرح واسع ، له جنبات مخصصة للجلسات الثنائية والعائلية تحفه أروقة . تتوسطه كراسي رفيعة للعموم . هناك أصوات قليلة تطالب باعادة فتحه ، لكنها غير مؤثرة ، وليس هناك من يستمع اليها . هنا في طنجة سباق محموم لبناء الشقق المفروشة والبنايات السكنية ، اما ما يخص الثقافة والفن ، فقد ابتكر المسؤولون طريقة تخصهم وحدهم ، باستيراد كل شيئ جاهز . كثيرة هي مهرجانات الغناء والمسرح والسينما التي تقام في طنجة ، كباقي مدن المغرب ، لكن جميع المغنين والممثلين والفنانين مستوردون من الخارج .
يبدو أني ذهبت بعيدا ، هذا حال بعض الناس ، كل شيئ يغريهم بسرد كينونته . خاصة اذا كانوا ينتمون الى مملكة الكتابة . لكنني اليوم استدعيت سعاد لتخلصني من ثقل سرد ممنوع على البوح .
اجتزنا عقبة "البلايا " ، واتجهنا نحو رمال البحر ،ر بما يسعفني البحر بغموضه وسطوته وجماله وشساعته على انشراح صدري ، لا بد أن اخبرها بنية كتابة رواية عن المخابرات المغربية .
جلسنا فوق الرمال الذهبية الرطبة . للآن منذ ان خرجنا من الحان لم نحدث بعضنا .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأم خط أحمر
- كأنه الموت .....
- شعرية الانفجار عند ايمان الونطدي -2-
- لاسقوف للعبارة
- المغرب وريح الشركَي
- عالم جديد في طور التكوين -3-
- انصفوا عمال الانعاش الوطني
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-20-
- عن الدخول الثقافي بالمغرب
- اعدموا الصحفي علي انوزلا
- البحث عن الغائب الحاضر -رواية -19-
- تجربة العدالة والتنمية الفارغة
- لذة السقوط
- عالم جديد في طور التكوين -2-
- طريق النسيان
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-18-
- سفر في مقهى -الرايس -
- عالم جديد في طور التكوين -1-
- وجع بوجهين
- لماذا تم تأجيل الهجوم على النظام السوري ؟


المزيد.....




- -فيلم ماينكرافت- إيرادات قياسية وفانتازيا صاخبة وعمل مخيب لل ...
- هكذا قاد حلم الطفولة فاطمة الرميحي إلى نهضة السينما القطرية ...
- ستوكهولم: مشاركة حاشدة في فعاليات مهرجان الفيلم الفلسطيني لل ...
- بعد منعه من دور العرض في السينما .. ما هي حقيقة نزول فيلم اس ...
- هل تخاف السلطة من المسرح؟ كينيا على وقع احتجاجات طلابية
- تتويج أحمد حلمي بجائزة الإنجاز في مهرجان هوليود للفيلم العرب ...
- فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي
- خسر ابنه مجد مرتين.. مشهد تمثيلي يكشف -ألم- فنان سوري
- -مقبولين، ضيوف تومليلين- فيلم وثائقي يحتفي بذاكرة التعايش في ...
- السينما العربية تحجز مكانا بارزا في مهرجان كان السينمائي الـ ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الحاضر الغائب -رواية-21-