أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - أنا وأنتِ - قصة قصيرة














المزيد.....

أنا وأنتِ - قصة قصيرة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4237 - 2013 / 10 / 6 - 15:59
المحور: الادب والفن
    



نجلس أنا وأنتِ إلي المنضدة التي تجمعنا كل يوم، صامتين، كعادتنا منذ سنوات. نستعد للإفطار. أنا وأنتِ . تمدين بصرك إلي الجدار الأزرق الفاتح خلف ظهري. أتملى وجهك بعمق وحب ويأس. أروح وأجيء أجلب أطباق الطعام من المطبخ. يجلد قلبي أمل لايموت. أجلس أمامك. أنا وأنتِ. عيناك تنظران بشرود خلف ظهري. لا ترينني. أرفع لقمة إلي فمي ولا أحنى رأسي، ليظل وجهك أمامي، فلا يغيب عني حزنك الذي يشبه شعاعا ينكسر. أنا وأنتِ.
تفلت من الشرفة هبة هواء تلامس وجهينا بقبلة ثم تنزلق إلي بياض خزف الفنجانين. ثمت ذكريات تتقلب. تطرف بعينيها. تتمطى بكسل على سرير الزمن. ثمت قلق ومحبة وعزلة مؤلمة. ينتفض النبض في شريان رقبتك التي كانت تغمر وجهي بالعرق من انفعالك وهي تتلوى مثل طائر يحترق. تجري إلينا من فروع الشجر الممتدة إلي الشرفة سعادة ، فنشعر أنا وأنتِ أننا كتلة واحدة اقتطعها القدر من صخرة قديمة، من برق قديم. نشعر رغم أنك منذ سنوات تمدين بصرك إلي الجدار خلفي أنه ليس لنا سوانا. أنا وأنتِ. وأن موتنا سيكون كانغلاق عينين في اللحظة ذاتها. لا أحد منا يسبق الآخر. أنا وأنت.
تناولتُ قطعة من الجبن. أنتِ لم تمد يدك إلي سلة الفاكهة. لم تتناولي تفاحة خضراء. لم تمسكي السكين. لم تبدأي في تقشير التفاحة. أخيرا أنتِ بدأتِ لا تقضمين منها بأسنانك. أصبُ الشاي وأنا أسمع صوت أنفاسي. أقلب السكر في فنجانك بالملعقة التي اشتريناها أنا وأنت منذ سنوات وكانت مذهبة وانطفأ وهجها. أنظرُ إليك. تواصلين التطلع وراء كتفي بحزن. كأننا لسنا سعداء. كأننا لسنا عاشقين. أرتشف رشفة من فنجاني. أنتِ لن تقبضي على يد فنجانك. ثم لن ترفعي الفنجان إلي شفتيك. وأخيرا لن ترتشفي شيئا بهدوء. لو أنني أعلم فقط السر الذي يجعلك بعيدة هكذا؟ لو أعلم إلي أين تتطلعين طوال الوقت وراء كتفي؟
أنهينا إفطارنا. حان الوقت لكي لا تنهضي. لا تتجهي إلي المطبخ. لا تقفين هناك تغسلين الأطباق. ألحق بك. أناولك الأكواب. لا تأخذينها من يدي. لاتضعينها قرب الحوض. أظل واقفا خلفك أخفق من الشريان الذي في رقبتك. أطبع قبلاتي وراء أذنك الصغيرة الدقيقة. أرتدي ملابسي لأتجه إلي عملي. أنتِ لن ترافقيني حتى باب الشقة. ستظلين جالسة على المقعد تنظرين بشرود. أرجع متأخرا في المساء ممتلئا بغرامي بك. نتناول العشاء، أنا وأنتِ، بقلق ومحبة وعزلة مؤلمة . نتنشق رائحة الخبز الساخن فوق المنضدة. ذكريات في طريقها إلي النوم تتقلب على السرير. نهاية يوم طويل جعلنا جزءا من ذكرياته. يخطر لي أن المخيف في الموت هو الوحدة. مسيرة المرء وحده في ذلك الوادي. لكن ذلك لن يخيفنا لأننا معا أنا وأنتِ. لأنه كانت لنا لحظات مشبعة بالغرام والعذوبة، بالهوء الذي يتدفق من من الشرفة بلون المساء، مؤرجحا أطراف الستارة البيضاء.
أتملى وجهك بحب وعمق ويأس في حجرة النوم. تمدين بصرك من فوق كتفي إلي صوان الملابس. تضعين رأسك على الوسادة. تطفئين المصباح الصغير. يظل قلبي متيما بك لا يموت فيه أمل. فقط لو تقولين لي من منا الذي مات ولم يعد يرى الآخر؟
***



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواجهة الإخوان من الجغرافيا إلي التاريخ
- فض الاعتصام الفكري للإخوان في مصر
- كائنات الوهج الالكتروني
- مصر.. خطوة للأمام .. عشر خطوات للوراء
- رمق صغير لشعب كبير
- رؤوس الفن المقطوعة .. أم كلثوم وأبو العلاء وطه حسين
- انبذوا العنف .. حين نمارس العنف ضدكم !
- حكايات النفوس الميتة
- مرحلة انتهت بحكم الإخوان .. ومرحلة تنهي حكم الإخوان
- إنهم يقتلون الأدباء .. أليس كذلك؟
- معركة القضاء المصري معركة الثقافة
- والله طيب يا حمص أخضر !
- ثقافة الهوان في دستور الإخوان
- دعونا نجرب عاما جديدا
- الطوابير المؤنثة .. وصانعة المستقبل
- استفتاء شعبي آخر .. وتصبح - لا - قوة مؤثرة
- مصر والدستور .. زكيبة الدقيق والعصا
- مرسي والإخوان .. كلهم تكلموا باسم الدين !
- ومض
- الثقافة والجلافة فيما جرى مع علاء الديب


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - أنا وأنتِ - قصة قصيرة