أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد البشيتي - -تَمَدُّد الكون- في تفسير آخر ومضاد أَتَقَدَّم به!















المزيد.....


-تَمَدُّد الكون- في تفسير آخر ومضاد أَتَقَدَّم به!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4237 - 2013 / 10 / 6 - 14:54
المحور: الطب , والعلوم
    


جواد البشيتي
"النظرية" هي في الأصل والمبتدأ "تفسير افتراضي" لـ "ظاهرة" يشاهدها الناس، ولا يختلفون، من ثمَّ، في أمْر وجودها، أو حدوثها، فيأتي أحدهم بـ "فرضية"، يرى فيها من "المنطق" ما يجعلها صالحة لتفسير وتعليل "الظاهرة" مدار الاهتمام؛ ولن تتحوَّل "الفرضية" إلى "نظرية"، يَرْتَفِع فيها منسوب "الحقيقة الموضوعية"، إلاَّ من طريق استجماع ما يكفي من "الأدلة" على صوابها.
وبما يوافِق هذا الفهم لـ "النظرية"، ينبغي لنا أنْ نَفْهم أهم نظرية كوزمولوجية (كونية) في القرنين العشرين والحادي والعشرين، ألا وهي نظرية "الانفجار الكبير" Big Bang.
"الظاهرة" كانت (وما زالت) هي الرؤية، بواسطة التلسكوب، للمجرَّات البعيدة تتباعد، وكأنَّها تتنافَر؛ وكلَّما كانت المجرَّات المشاهَدة (تلسكوبياً) أبعد (عن الكرة الأرضية) رَأَيْنا تباعدها (أو ما يشبه ارتدادها بعيداً عن بعضها بعضاً) أكبر وأسرع.
هذه هي "الظاهرة" كما شوهِدَت وتُشاهَد (وكان هابل أوَّل من شاهَدَها تلسكوبياً). وقد تواضَع معظم علماء الكون مع هابل، ومن بَعْده، على أنَّ ظاهرة "تباعد (وتسارُع تباعُد) المجرَّات" هي أمْر لا ريب فيه؛ فشرعوا يبحثون عن التعليل والتفسير؛ لكنَّ "معنى" هذه "الظاهرة" هو ما استأثر بتفكيرهم أوَّلاً. و"المعنى" الذي قال به هابل، وقال به معظم علماء الكون في زمانه، ومن بَعْده، هو أنَّ مجرَّات الكون جميعاً ما كان لها أنْ تتباعَد لو لَمْ تَكُن متقاربة مِنْ قَبْل؛ فهذا الكون الكبير الواسع المتَّسِع في استمرار كان صغير الحجم في القِدَم؛ وهذه المجرَّات كانت في القِدَم (قَبْل بلايين السنين) أقرب إلى بعضها بعضاً.
واستبدَّ بهم التطرُّف في فهم هذا "المعنى" حتى قالوا بولادة الكون كله (و"الكون"، على ما عرَّفوه، هو كل شيء نُدْرِكه الآن، أو يمكن أنْ نُدْرِكه مستقبلاً) قبل نحو 13.7 بليون سنة مِنْ "نقطة (Singularity)"، إذا كان لها "حجم"، فإنَّ حجمها أصغر من حجم "نواة الذرَّة" بملايين المرَّات؛ و"الانفجار الكبير" هو الذي أخْرَج الكون كله من رَحْم هذه "النقطة"؛ ولقد وُلِد الكون متمدِّداً، واستمرَّ في التمدُّد؛ وهو الآن يتسارع في تمدُّده.
والذي يتمدَّد (ويتَّسِع) في استمرار إنَّما هو "الفضاء نفسه"، والذي يشبه "جِلْد الكون"؛ أمَّا ما يَتَبَاعَد فهو "مجموعات المجرَّات"؛ فكل "مجموعة من المجرَّات" ترتد عن سائر "المجموعات"؛ فالفضاء بين "مجموعات المجرَّات" يتمدَّد، فَتَبْدو لنا "مجموعات المجرَّات" في تَبَاعُد (وتَنافُر) متزايد متسارِع.
افْتَرَضوا أوَّلاً أنَّ "مجموعات المجرَّات" لا تتحرَّك (لا تنتقل) في الفضاء؛ ثمَّ افْتَرَضوا أنَّ الفضاء بينها هو الذي يتمدَّد ويتَّسِع؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ "مجموعات المجرَّات" تتحرَّك "بالفضاء"، ولا تتحرَّك "فيه"؛ ثمَّ رَأوا في "الطاقة الداكنة (الافتراضية حتى الآن لجهة وجودها)"، التي تملأ الفضاء بين "مجموعات المجرَّات"، سبباً (افتراضياً) لتمدُّد الفضاء نفسه.
والآن، دَعُونا نعود إلى "الظاهرة الأُم"، ألا وهي "ظاهرة التباعد (وازدياد التباعد) بين مجموعات المجرَّات"؛ فهل من "تفسير (افتراضي) آخر" للظاهرة نفسها، يمكن إذا ما أُقيم الدليل على صوابه أنْ يُقوِّض نظرية "الانفجار الكبير" من أساسها؟
أَزْعُم أنَّ لديَّ هذا التفسير، وأَزْعُم تَوافُقه مع "النسبية العامَّة" لآينشتاين؛ لكن من غير أنْ أَزْعُم أنَّه غير قابلٍ للدَّحْض.
في البدء، أقول إنَّ الفضاء لا يتمدَّد، ولا يتَّسِع؛ لكنَّه قابِل لـ "الانحناء (والتقوُّس)"، وإنَّ "مجموعات المجرَّات" لا تتحرَّك، مِنْ ثمَّ، "بالفضاء (المتمدِّد من تلقائه، أو بسبب "الطاقة الداكنة")"؛ وأقول، أيضاً، إنَّ ما شاهده هابل، وغيره، هو أَمْرٌ لا ريب فيه؛ فإنَّ "مجموعات المجرَّات" تتباعَد، مع أنَّ الفضاء بينها لا يتمدَّد، ومع أنَّها (في افتراضٍ آخر ليس بذي أهمية كبيرة) لا تتحرَّك "في (أو عَبْر)" الفضاء.
إنَّنا (وهذا ما نراه أمْراً في حُكْم المؤكَّد) نرى اتِّساعاً (تمدُّداً) لـ "المسافة" بين "مجموعة المجرَّات A" و"مجموعة المجرَّات B"، مثلاً؛ فكلتاهما تَبْعُد "اليوم" عن الأخرى 500 مليون سنة ضوئية، و"غداً"، تَبْعُد كلتاهما عن الأخرى 550 مليون سنة ضوئية.
و"سبب" هذه "الظاهرة" أراه (أيْ أفْتَرِضه) كامناً في "العَيْن" التي ترى؛ لكن، كيف؟
لو شَبَّهْنا "الكون" بمدينة كبيرة، فإنَّكَ تَسْكُن وتُقيم وتعيش في منزلٍ من منازلها؛ ومنزلكَ هذا هو "كَوْنكَ الصغير". إنَّكَ، وبعينكَ نفسها ترى الأشياء (تَنْظُر إليها، وتَنْظُر فيها) أكانت مِنْ "كَوْنكَ الصغير (منزلكَ)" أم مِنْ "كَوْنكَ الكبير (مدينتكَ)".
وهذه "العَيْن" التي في رأسكَ إنَّما هي عَيْن "الزمكان"، أيْ "الزمان ـ المكان" Space – Time، الخاص بكَ، أو الذي إليه تنتمي (وله تَخْضَع).
إنَّ أبعاد المكان الثلاثة (الطول والعرض والارتفاع) المتَّحِدة اتِّحاداً لا انفصام فيه مع "بُعْد الزمان"، هي "البُنْيَة الكوزمولوجية (الكونية) التحتية" لـ "عَيْنكَ" و"رؤيتكَ".
ما هو "الزمكان" الخاص بالبشر؟
إنَّه أوَّلاً، أو في المقام الأوَّل، كوكب الأرض؛ وإنَّه، من ثمَّ، مجموعتنا الشمسية، فمجرَّتنا "درب التبَّانة"، فمجموعة المجرَّات التي إليها تنتمي مجرَّتنا. هذا "الزمكان" الخاص بنا، نحن البشر، إنَّما يشبه "الهرم"، قمَّته "كوكب الأرض"، وقاعدته "مجموعة المجرَّات التي إليها تنتمي مجرَّتنا".
لو وَضَعْناكَ في مَرْكَبة فضائية، وأرسلناكَ في رحلة إلى كوكب بعيد في مجرَّتنا، فإنَّ هذه المَرْكَبة (لا كوكب الأرض) هي الآن "زمكانكَ"، أو قِمَّة الهرم في "زمكانكَ؛ ولقد اختلفت (تغيَّرت) عَيْنكَ "الزمكانية"، ولا بدَّ، من ثمَّ، لـ "رؤيتكَ" من أنْ تختلف.
افْتَرِضْ أنَّ مَرْكبتكَ الفضائية تسير في خطٍّ (مسارٍ) مستقيم؛ لكنَّ سرعتها تزداد في استمرار. إنَّ عَيْنكَ "الزمكانية"، التي بها ترى الكون والأشياء جميعاً، ستَخْتَلِف مع كل زيادة في سرعة مَرْكبتكَ؛ ولسوف تَخْتَلِف، أيضاً، لو بَقِيتَ على سطح كوكب الأرض، الذي، لسبب ما، زادت واشتدت وقويت "الجاذبية" عند سطحه.
إنَّ "التسارُع (المتأتي من قوى خارجية)"، وبأيِّ وجهٍ أو معنى من وجوهه ومعانيه، وإنَّ "الجاذبية"، بتعاظمها أو تضاؤلها، هما مَصْدَر ومنبع كل تغيير في "الزمكان"، وفي عَيْننا "الزمكانية"، من ثمَّ.
عَيْننا "الزمكانية" تَنْظُر إلى الأشياء نظرة "عِلْمية (موضوعية)"؛ وهذا إنَّما يعني أنْ تَنْظُر لـ "تقيس"؛ وثمَّة "أداتان للقياس"، هما "الساعة" و"المتر"؛ فأنتَ (على سبيل المثال) تقيس سرعة جسم، فتقول إنَّ سرعته 5 "أمتار" في "الثانية" الواحدة. لقد قِسْتَ سرعته، مسْتَعْمِلاً "الأداتَيْن ("الساعة" و"المتر")" معاً؛ لكنَّ "ساعتكَ" و"متركَ" هُما مِنْ نَسْج "زمكانكَ"، أو مِنْ نَسْجِ كل تغيُّر في "زمكانكَ"؛ وإنَّ "الجاذبية" و"التسارع (المتاتِّي من قوى خارجية)" هما مَصْدَر كل تغيير في "الزمكان".
نحن البشر، بعيوننا، ورؤيتنا، و"ساعتنا"، و"مترنا"، ومقاييسنا، أبناء "الزمكان" الخاص بكوكب الأرض، الخاص بالمجموعة الشمسية، الخاص بمجرَّة "درب التبَّانة"، الخاص (أخيراً) بمجموعة المجرَّات التي إليها تنتمي مجرَّتنا؛ وهذه المجموعة هي "نقطة اجتماع وتَرَكُّز للجاذبية"؛ فالفضاء الذي فيه تتموضع "مجموعتنا" أشدُّ انحناءً بكثير من الفضاء بين "مجموعات المجرَّات"، والذي يُعَدُّ فضاءً منبسطاً مستوياً إذا ما قارنَّاه بالفضاء الأقرب إلى "مجموعتنا".
والفضاء الذي فيه تتموضع "مجموعتنا" يَعْظُم ويشتد اتحناءً مع مرور الزمن؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ "الزمكان" الخاص بـ "مجموعتنا" مُنْحَنٍ، ويزداد انحناءً، وأنَّ "الزمكان" الخاص بالفضاء بين "مجموعات المجرَّات" منبسط مستوٍ.
تخيَّل الآن أنَّ "مجموعتين من المجرَّات"، تبعد كلتاهما عن الأخرى 600 ألف كيلومتر، وأنَّ "مارداً كونياً" مَدَّ بين "المجموعتين" أنبوباً (مستقيماً شفَّافاً).
هذا "المارد"، والذي هو ابن "الزمكان" الخاص بالفضاء بين "مجموعات المجرَّات"، متاكِّد تماماً أنَّ طول هذا الأنبوب 600 ألف كيلو متر؛ وها هو يُطْلِق ضوءاً من إحدى فَتْحَتيِّ الأنبوب، فيَخْرُج من الأخرى، مجتازاً الأنبوب في ثانيتين اثنتين، بحسب ساعة هذا "المارد".
أمَّا المراقِب الموجود على سطح الأرض (والذي هو ابن "الزمكان" الخاص بالأرض، والخاص بالمجموعة الشمسية، والخاص بمجرَّة "درب التبَّانة"، والخاص، أخيراً، بمجموعة المجرَّات التي إليها تنتمي مجرَّتنا) فيرى الأنبوب أطول (يرى طوله، مثلاً، 900 ألف كيلومتر). ويرى، أيضاً، أنَّ الضوء قد اجتازه في نِصْف ثانية، بحسب ساعته؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ سرعة الضوء، بحسب قياس المراقب الأرضي لها، 1800000 كيلومتر في الثانية الواحدة.
ومع كل ازدياد في جاذبية "مجموعتنا"، أيْ مع كل ازدياد في انحناء الفضاء الذي تتموضع فيه، أو مع كل ازدياد في انحناء "الزمكان" الخاص بها، يرى المراقب الأرضي أنَّ ذاك الأنبوب يزداد طولاً؛ إنَّه يرى (ما رآه هابل). إنَّه يرى أنَّ "مجموعات المجرَّات" تتباعَد، وأنَّ تباعدها يزداد ويتسارع.
ولا بأس من أنْ نُضيف سبباً آخر (لكن أقل أهمية) توصُّلاً إلى مزيدٍ من التعليل والتفسير للظاهرة نفسها؛ فكل "مجموعة" من "مجموعات المجرَّات" تزداد انكماشاً وتقلُّصاً، في حجمها، مع مرور الزمن؛ وهذا يرفع من منسوب "الجاذبية" فيها، ويُوسِّع (ولو قليلاً) المسافة بين كلِّ "مجموعتين".
ظاهرة "التباعد بين مجموعات المجرَّات" أَسَّست، في أذهاننا، لنظرية "الانفجار الكبير"، مع ما تَفرَّع واشْتُقَّ منها من مفاهيم ونظريات كوزمولوجية؛ لكن، أليس ممكناً (نظرياً) أنْ نَفْهَم (ونُفسِّر) الظاهرة نفسها على أنَّها انعكاس لـ "زمكاننا"، الذي بـ "عينه" نرى ونقيس ونَحْسِب؟!
دَعُونا، أوَّلاً، نَفْهَم (ونُحْسِن فَهْم) سرعة الضوء؛ فنحن حفظنا عن ظهر قلب العبارة الفيزيائية الشهيرة "يسير الضوء في الفراغ بسرعة 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة".
299.792.458 كيلومتر في الثانية الواحدة هي بالضبط (وعلى وجه الدقة) سرعة الضوء، التي هي "السرعة القصوى" و"الثابتة" في آن؛ وخاصية "الثبات" هي التي يجب أنْ تستأثر بالاهتمام الفيزيائي والكوزمولوجي.
متى نقيس سرعة الضوء فنجدها 299.792.458 كيلومتر في الثانية الواحدة؟
عندما يكون هذا الضوء يسير في فضاء (فراغٍ) يخلو من "المادة"، أيْ من الأجسام كالنجوم والكواكب، ويخلو، من ثمَّ، من مَصادِر ومنابع وحقول الجاذبية؛ وعندما يكون المراقب الذي يقيس سرعة هذا الضوء موجوداً في "هذا" الفضاء، ويكون بمنأى عن "قوى خارجية" تجعله "يتسارَع". هذا المراقب يجب أنْ يكون بمنأى عن "الجاذبية"، و"غير متسارِع (تسارُعاً متأتِّياً من قوى خارجية)".
الآن، تَصَوَّرْ الضوء "رصاصة" تُطْلَق من "مُسَدَّس"؛ وتخيَّلْ شخصاً يَقِف على سطح كوكب، الجاذبية عند هذا السطح أقوى وأشد من الجاذبية عند سطح الأرض بمئات المرَّات. هذا الشخص أَطْلَق من "مُسَدَّسه" تلك "الرصاصة"؛ ولقد شاهدتَّ أنتَ هذا "الحادث" من مُخْتَبَرِكَ غير المتسارِع، والموجود في فضاء بعيد، يخلو من "المادة"، ومن "الجاذبية"؛ فَكَمْ تكون سرعة "الرصاصة (أيْ الضوء)" لدى قياسكَ لها؟
إنَّها لن تكون أبداً 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة؛ ستكون أبطأ بكثير؛ فهي قد تكون، في قياسكَ لها، 75 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة.
ولو أنتَ أَطْلَقْتَ "الرصاصة"، وقاسها ذاك الشخص، لَوَجَدَ سرعتها أكبر بكثير من 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة؛ فهو قد يَجِدَها 1200000 كيلومتر في الثانية الواحدة؛ ولا تفسير لهذه الفروق في القياسات إلاَّ "الزمكان"، لجهة ما يُحْدِثه من تغيير في "الساعة" و"المتر".
لدينا الآن "حُجْرَة صغيرة شَفَّافة طويلة"، وفيها "مراقِب"، معه "ساعة" و"متر (على شكل قضيب)". الحُجْرَة موجودة في فضاءٍ يخلو من "المادة"، أو من "الأجسام" كالنجوم والكواكب؛ ويخلو، من ثمَّ، من كلِّ مَصادِر ومنابع وحقول "الجاذبية".
"قوَّة ما"، من خارج هذه الحُجْرة، شرعت الآن تَدْفعها (أو تسحبها). لقد دَفَعَتْها دَفْعَةً قويةً واحدةً، فسارت الحُجْرة في هذا الفضاء (في خطٍّ، أو مسارٍ، مستقيم) بسرعة ثابتة (100 متر في الثانية الواحدة مثلاً). "إلى الأبد"، ستظل هذه الحجرة تسير، وبالسرعة نفسها.
لقد انتقلت الحُجْرة من "السكون" إلى "الحركة"؛ فهي الآن تنتقل من نقطة إلى نقطة في الفضاء؛ والمراقِب الموجود في الحُجْرة لا يشعر بفَرْقٍ بين حالتيِّ "السكون" و"الحركة المُنْتَظَمَة (أيْ سَيْر حُجْرَته في خط مستقيم، وبسرعة ثابتة)".
قوَّة الدَّفْع الخارجية اسْتَأنَفت دَفْع الحُجْرَة، واستمرَّت في دفعها دَفْعاً متزايداً في شِدَّته، فزادت سرعة الحُجْرَة، واستمرَّت في الازدياد (هذا وجه من وجوه "التسارُع").
ومن طريق هذا "التسارُع" تَولَّدت "جاذبية" في الحُجْرَة (في داخلها). وكلَّما زادت سرعة الحُجْرَة، اشتدت "الجاذبية"؛ مع أنَّ الحُجْرَة في "وسط (هو هذا الفضاء)" يخلو "تماما" من "الجاذبية".
مراقِب خارجي موجود في "زمكانٍ" آخر (على سطح كوكب الأرض مثلاً) يراقِب منه هذه الحُجْرَة، التي في طريقها إلى كوكب بعيد؛ فماذا يرى؟
يرى أنَّ كل زيادة في سرعة الحُجْرَة تُنْتِج زيادة في كتلتها، وفي كُتَل كل الأجسام التي في داخلها. حتى كتلة المسافِر تزداد. ويرى انكماشاً وتقلُّصاً في طول الحُجْرة (وهذا الانكماش يعتري الحُجْرَة في اتِّجاه حركتها). والانكماش يعتري، أيضاً، "المتر" الذي مع المسافر، وسائر ما فيها. حتى المسافر نفسه ينكمش. وبسبب ازدياد كتلة الحُجْرَة، وانكماش طولها، تزداد كثافتها، أيْ كثافة مادتها؛ فانكماش الطول يعني تضاؤل الحجم؛ كما يرى تباطؤاً (أو تمدُّداً) في الزمن؛ فعقارب ساعة الحُجْرة تتحرَّك أبطأ؛ والثانية الواحدة في الحُجْرَة تَعْدِل (مثلاً) ثانيتين اثنتين على سطح الأرض. وكلَّما زادت سرعة الحُجْرة تباطأ الزمن فيها أكثر؛ وقد تصبح الثانية الواحدة في الحُجْرَة تَعْدِل، من وجهة نظر المراقب الأرضي، سنة واحدة أرضية. وتباطؤ الزمن إنَّما يعني أنَّ كل الأحداث في داخل الحُجْرة تتباطأ؛ فالمراقِب الأرضي قد يرى أنَّ قَلْب المسافر ينبض نحو 70 نبضة ليس في الدقيقة الواحدة، وإنَّما كل 5 دقائق بحسب ساعة الأرض.
أَفْتَرِضْ أنَّ الحُجْرَة تسارَعَت (بمعنى تزايدت سرعتها) حتى بَلَغَت سرعتها (وهي تسير في خط مستقيم) 200 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة؛ فتوقَّفَت، عندئذٍ، قوَّة الدَّفْع الخارجية عن دفعها؛ فما هي النتائج والعواقب؟
الحُجْرة هي الآن غير متسارعة؛ مِنْ داخلها اخْتَفَت "الجاذبية" التي كان المسافر يشعر بها، والذي يشعر الآن بانعدام الوزن؛ فالجاذبية في داخل هذه الحُجْرة (التي تسير في فضاء لا جاذبية فيه) إنَّما هي وليدة التسارُع المتأتِّي من قوى الدَّفْع (أو السَّحْب) الخارجية. وليس لدى المسافِر الآن في حُجْرته ما يسمح له بتمييز "السكون" من هذه "الحركة المنتظَمة" لحُجْرته؛ لكنَّ الحُجْرة (مع كل ما فيها من أجسام) ظلَّت تَحْتَفِظ بـ "مكتسباتها"؛ فكتلتها ظلَّت على كِبَرِها؛ لكنَّها ما عادت تزيد الآن؛ وطولها ظلَّ على آخر انكماش بلغه؛ لكنَّه ما عاد ينكمش الآن؛ والمسافة بينها وبين الكوكب الذي تتَّجِه إليه ظلَّت على آخر تقلُّص بلغته؛ لكنَّها ما عادت تتقلَّص أكثر الآن؛ أمَّا في شأنْ الزمن فاحتَفَظَت بآخر تباطؤ بلغته ساعتها؛ لكن هذا التباطؤ ما عاد يزيد الآن؛ كما احتَفَظَت بالفروق الزمنية المُكْتَسَبَة؛ فلو كان لهذا المسافِر توأم على سطح الأرض، فإنَّ توأمه الآن أصبح أكبر منه عُمْراً بأربعين عاماً مثلاً؛ وهذا الفرق في الُعْمر يبقى ويزيد؛ لكنَّ زيادته لا تتسارع؛ فتسارعها مشروط بعودة الحُجْرة إلى التسارع.
هذا المسافر هو الآن مراقِب غير متسارِع، في فضاء يخلو من "المادة" و"الجاذبية"؛ فلو قاس سرعة ضوء يسير في هذا الفضاء لوَجَدَها 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة (مع أنَّ متره متقلِّص، والزمن عنده تباطأ).
حَجْرَته يمكن تَسْتَأنِف تسارعها (أيْ زيادة سرعتها) لكنَّها مهما تسارعت لن تبلغ أبداً سرعة الضوء؛ ومع بلوغها سرعة تُقارِب (ولا تَعْدِل) سرعة الضوء، يبلغ تباطؤ الزمن فيها حدُّه الأقصى، وتبلغ الزيادة في كتلتها حدها الأقصى.
ما الذي يراه، ويشعر به، المسافِر في أثناء تسارع حُجْرته؟
إذا استمرت الحُجْرة تسير بسرعة متزايدة فإنَّ هذا المسافِر يشعر بالجاذبية، فهو اكتسب وزناً، ولو تَرَكَ شيئاً يَفْلَت من يده لسقط إلى أرضية الحُجْرة بسرعة متزايدة.
ولو كانت حُجْرته غير شَفَّافة (فلا يرى، من ثمَّ) شيئاً في خارجها) ولو لَمْ يَرَ قوَّة خارجية تَدْفَع حُجْرته في استمرار، لظَنَّ أنَّ حُجْرته تَقِف على سطح الأرض (إذا ما كانت الجاذبية المتولِّدة فيها تَعْدِل الجاذبية الأرضية).
عدا شعوره بالجاذبية لا يشعر بأيِّ فَرْق آخر؛ فكل شيء عنده يراه كالمعتاد، وكل حادث عنده يحدث كالمعتاد. الزمن عنده، ومن وجهة نظره، لم يتباطأ؛ فَقَلْبه ما زال ينبض نحو 70 نبضة في الدقيقة الواحدة بحسب ساعته؛ وها هو يُدخِّن سيجارته في 5 دقائق بحسب ساعته. ولَمَّا قاس (بمتره) طول حُجْرَته وَجَدَ أنَّ طولها لم يتغيَّر (لم ينقص). كان طولها وهي على سطح الأرض 100 مترٍ مثلاً؛ ولَمَّا قاسه الآن وجده 100 مترٍ (المراقب الموجود على سطح الأرض هو الذي رأى الانكماش في طول الحُجْرَة؛ لقد كان طولها 100 متر، وأصبح الآن 50 متراً مثلاً).
المسافِر نَظَر إلى حُجْرَة مماثلة لحجرته طولاً، وتَقِف على سطح الأرض، فلمَّا قاس طولها وَجَدَه 200 متر (أيْ أنَّ طولها زاد). إنَّ المسافِر لا يُدْرِك انكماش متره، وانكماش حُجْرته في اتِّجاه حركتها؛ لكنه يُدْرِك أنَّ المسافة بينه وبين الكوكب الذي يتَّجِه إليه تَنْكَمِش وتتقلَّص وتُخْتَصَر.
لِنَفْتَرِضْ أنَّ الحُجْرة تسير الآن (في خط مستقيم) وبسرعة متزايدة نحو كوكب يبعد عنها 100 مليون كيلومتر، وأنَّ سرعتها القصوى كانت 270 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة؛ فمتى تَصِل إلى هذا الكوكب؟
سَتَصِل إليه بعد 15 ثانية (مثلاً) من بدئها الرحلة (بحسب ساعتها). إنَّها لَمْ تَسِرْ بسرعة تفوق سرعة الضوء؛ فهذا أمر مستحيل؛ لكنَّ المسافة بينها وبين هذا الكوكب انكمشت وتقلَّصت في اتِّجاه حركتها (أو سَيْرها). وكلَّما أسرعت، انكمشت وتقلَّصت هذه المسافة أكثر.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأُمُّ الأصغر من ابْنَتها!
- إيران التي -ساعَدَت- أوباما في سورية!
- لنتعلَّم -الديمقراطية- في -مدرسة الطبيعة-!
- هل يَشْهَد العالَم ولادة -قيادة جماعية-؟
- هل يَتَّحِد -المعتدلون- من الحكومة- و-المعارضة- في قتال -الم ...
- -الطبيعة- كما تُقَدِّم إلينا نفسها!
- حياتنا الاقتصادية.. حقائق بسيطة وأوَّلية
- أخطر ما في هذا العداء لمرسي!
- لماذا يبدو الشعب الأردني أَحْكَم وأَعْقَل من حكومته؟
- -تمثيلية أردنية-.. العمدة والزَّبَّال!
- مصر.. عندما ينادي خَصْما -الدولة المدنية- بها!
- بعضٌ من حقيقة -الحقيقة-!
- شيء من -الجدل- ينعش الذِّهْن
- الصراع السوري في -تركيبه الكيميائي الجديد-!
- عِشْ ودَعْ غيركَ يَعِشْ!
- بشَّار الذي فَقَدَ ترسانتيه -المنطقية- و-الكيميائية-!
- كَمْ من الولايات المتحدة يَقَع في خارج حدودها؟
- طاغوت
- -عناقيد المجرَّات-.. لماذا لا تغادِر أماكنها؟
- معنى -الضَّرْبة-.. ومعنى -المبادرة-


المزيد.....




- يقي من حصوات الكلى..5 أسباب ستدفعك لشرب ماء جوز الهند بانتظا ...
- إجهاد يديك الزائد قد يسبب هذه المشكلات تجنبها
- لولو تقدم أروع الأغاني في الاجازة..تردد قناة وناسة كيدز لمشا ...
- أبرز مسببات الجلطات.. عادات تمارسها يوميا اعرفها
- 7 علامات تدل على أن نظامك الغذائى غير صحى
- إنفيديا تفقد الصدارة من جديد لحساب مايكروسوفت
- عيش جو الأكشن والإثارة.. تحميل لعبة كول أوف ديوتي Call of du ...
- “نزلها وفرح أطفالك” تردد قناة كراميش على الأقمار الصناعية لم ...
- كن اجتماعيا.. أضرار العزلة على الصحة النفسية والجسدية
- شعرك بيقع.. نصائح صحية مذهلة لإعادة نمو الشعر وتقليل تساقطه ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد البشيتي - -تَمَدُّد الكون- في تفسير آخر ومضاد أَتَقَدَّم به!