ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4236 - 2013 / 10 / 5 - 16:40
المحور:
الادب والفن
طفل في السبعين .
جماله .. لم يفقد من جماله الكثير .. بل ربما أصبح في السبعين أجمل بكثير ..
العيون جحظت قليلاً .. لكنها مبتسمة طِوال الوقت ..
الشفاه ترهلت قليلاً .. لكنها يفيض منها الشهد ..
الأنف كَبُر قليلاً .. لكن بهيبة ووقار وشموخ .. التجاعيد فرشت لها مساحات على الخد والوجه .. لكنها مساحات من ورق الورد .
هدوءه .. لم يعد يطيق الهدوء ولا يعرف إليه سبيلاً .. أصبح كثير الحركة .. بالرغم من أنها تمنُّ عليه أحياناً وتقسو أحياناً أخرى .. ألا أنه يستطيع أن يشاكس هنا وهناك محاولاً جهده أن ينال منها .. أن يستفزها .. أن يغيظها .. ومحاولاً أكثر من هذا وذاك الانضمام وبشراسة الفرسان إلى قائمة الأطفال المشاكسون .
حديثه .. على قلته فيما مضى .. أصبح الآن يكثر من الحديث .. كأنه تحرر من ضريبة اللغة .. وضريبة الحديث .. فأصبح يتحدث كثيراً .. كثيراً .. دونما حواجز .. دونما خطوط حمراء .. يقفز من فوق السطور .. يتعدى النقاط والفواصل .. ويخدش عن قصد .. أو عن غير قصد علامات الترقيم .. ثم يقف في وسط الكلام ليرسم قُبلة .
أشعاره ..أشعاره في السبعين تضع النقاط على الحروف .. تُكمل ما بدأه طِوال السبعون .. أشعاره التي كانت في الماضي ينقصها توابل الشعر .. وبهارات القصيد .. أصبحت الآن تامة النضج .. نضجت على نار هادئة عمرها سبعون .. ومذاقها عسل مصفى .. وشهد مكرر .. وسكر يخلو من السكرين .
غضبه .. سريع الغضب .. سريع الاشتعال .. سريع النفاذ .. سريع الاحتراق .. وسريع الإخماد .. غضبه باختصار شديد .. زوبعة في فنجان قهوة الصباح .. هبة ريح في صحن الدار .. غيمة عابرة فوق مظلات الصيف .. كمشة من مطر الياسمين .
طفل في السبعين .. أجمل طفل في الأكوان .. يدرك جيداً ما أنتَ تقول .. ويدرك أكثر ما يودُّ هو يقول .. وفي النهاية يحتفظ بكل الحديث في جيبه .. ثم يضع في كفك اليمين .. سكر الكلام .. شهد الكلام .. عسل الكلام .. أطايب الكلام ..
وهذا ما لا يعرفه طفل في الكون ..
إلا طفل في السبعين .
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟