أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - وعّاظ على خطى نيرون














المزيد.....

وعّاظ على خطى نيرون


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 4235 - 2013 / 10 / 4 - 19:18
المحور: كتابات ساخرة
    


توقفت في أحد نقاط التفتيش ليلة أمس ,وحين هممت بمغادرتها , طرق مسامعي صوت أحدهم بالسؤال: أستاذ الله يخليك , أنتَ راجع للبيت ؟
ألتفت أليه : نعم ؟
قال بلهجة توسّل:هل بأمكاني أن أرافقك ؟
أجبته بعد أن أجريت مسحا فوريا تتطلبه الظروف : نعم , كان شرطي مرور , شكله مألوف , حين ركب بجواري دققته كان ضئيلا أشبه بـ (عصفور) تبلل من مطر ليلة شتائية زمهريرة , أنموذجا عراقيا أتعبته السنين , أخبرني أنه يعرفني و كثيرا ما شاهدني , ويعلم على وجه الدقه الوقت اللذي أمر به حين أعود متأخرا من الجامعه عند أنتهاء الدوام المسائي
أستغربت فعلا , فأمام الآلاف من السيارات التي تمر يوميّا من هذا الحاجز , من الصعب أن يتذكر أحدهم مرور شخص مثلي متواري ومغمور, فأي ذكاء يمتلكه هذا المخلوق , أذا فهم يتواصلون مع المارّة , يمتلكون وجدانا و أحاسيس, ليسوا كما نتصوّر , مجرد آلات تنظم المرور , دفعني الفضول لأستدراجه بالكلام ,و لتكن مجرد ثرثرة فالطريق يكون أطول مع الصمت الرهيب ونجحت الى حد ما .
أكتشفت أنه أحد الجنود المجهولين اللذين يعملون بصمت , دون أكتراث لما يقدمون , مكابدات وطرائف و حكايات لاتنتهي ختمها كلها بحسرة تعلن عن شعور بالمرارة مشوبا بالخوف .
سألته : لِمَ أنتَ هنا , أقصد أنك تعمل في مكان بعيد عن محل سكناك .
أجابني: تم نقلي على أثر عقوبة
سألته بطريقة المزح : ماذا فعلت من (مكسورة ) هل أخذت رشوة .
قال: قمت بتغريم أحد السواق , كان يسير بالأتجاه الخاطيء عكس السير , والقانون يفرض غرامة ليرتدع المخالف فهو بذلك يعرض حياة الناس للخطر
ضحك وهو يلفت ألي قائلا : كنت ساذجا فتصورت أن لاسلطة تعلو فوق القانون , أنه حظّي العاثر , أوقعني به فقد كان شخصا قريب للسلطه ومن متنفذّي هذه الأيام أتّصل فورا بالمسؤولين , وتم نقلي على أثرها كمجاملة له , حصل الأمر منذ شهرين , أقترح زملائي أن أبحث عن بيته وأعتذر منه لكنني رفضت , ربما أعتذر منه مدير المرور ... سادنا صمت لبرهة
قطعته لأواسيه: وهل تشعر بالمرارة لذلك , الخير والشر متصارعان منذ الأزل و الحرب سجال فالنصر لأحدهما نسبي , متفاوت بين الهزيمة والغلبه . هكذا يسير واقع الحياة , خصوصا عندنا نحن المتأخرين
وواصلت مواساتي له :هل تعلم أن شخصية شرطي المرور هي أحدى تراثيات بغداد فقد نشأت بولادة الدولة العراقية مع دخول أول سيارة للعراق في العام 1911 , وأن المطرب حضيري أبو عزيز كان شرطي مرور أتى من الناصرية ليعمل في بغداد , حدثته أيضا عن نوري سعيد حين قام بأصدار قرار بزيادة رواتب الموظفين , لكنه أستثنى الشرطة , وبضمنهم شرطة المرور , وحين سألوه لماذا أستثنيت الشرطة : أجابهم ضاحكا ,أنهم يأخذون الرشوة , ذولي واشرات ماينخاف عليهم .
أجابني والمرارة تزداد في نفسه مع الحسرة : أستاذ , أنا في الوظيفه منذ سنين , وكل هذا لا يحز في نفسي بل جعلني أتفانى في الالتزام لأغير الفكرة ببذل مزيدا من الجهود , لكن الأمر أخطر مما تتصور .
مستغربا سألته : ما الأمر اذا ..
أستاذي العزيز : أحد (مشعولي الصفحه) ممن يسمون أنفسهم شيوخا أو خطباء أصدر فتوى بهدر دمائنا , وقد قتل بعد تلك الفتوى عشرات من صنفي , أنا لا أخشى على نفسي بقدر خشيتي على عائلتي فهي عرضة للقتل أو التشّرد في أي وقت . ولذلك تركت سيارتي في المنزل ولا أركب مع أحد اخر الا مَن أثق فيه ..
معقوله , ضحكت طويلا" حتى ركنت سيارتي من الضحك على جانب الطريق , أستغرب الشرطي كثيرا" ونظر الي بأمتعاض وتمعّن , فأجبته:
عفوا أخي , فالمشهد هو المضحك وليس شخصك الكريم :
ما أضحكني هو نهج هؤلاء الذي يصدرون الفتاوى , فقد أوغلوا وتجاوزا كل مباديء المنطق , فتلك الأحكام تضاف الى ماقبلها , تستدعي العجب والضحك المرير , بعد أهدارهم لدماء المطربين والحلاقين و عمال الأفران ومعهم البقالين و الجنود والموظفين هاهم يصدرونها لأستباحه دماء شرطة المرور , ربما لصاحبك الذي كدت أن تعاقبه يد فيها , سيبقى البلد غارقا في الفوضى وأعجب أنهم لايخشون على أنفسهم منها , لايمكننا تصوّر أنفسنا من دون شرطة مرور..
سألت الشرطي : هل تعرف نيرون .
أجابني : كلا .
فبادرته : نيرون أحرق روما وجعلها رمادا في هشيم وفي النهاية أنتحر لأنه لم يجد شيئا يعيش من أجله لينهي برعونته و أنانيته أكبر حضارة عرفها التاريخ .
أجاب بأقتضاب : أنهم يفعلون ذلك ولازالوا يفسدون النفوس ليحرقوا كل شيء ..( نازل براس الشارع بدون زحمة) , كنت طلبت منك أن تتفضل معي لـ أقم بالواجب , لكن , أعذرني لأنني أعرف أنك لن تفعل وأنا كذلك أخاف عليك ....
فيما الله ... وعساكم سالمين



#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراقيون أم بدون
- مكالمة هاتفية من الجنّه الهويّه
- حين أنقذ أستكان الشاي مدينة بريئة
- رسالة لص متقاعد الى جماعتنا
- فجّر فاتحة وأربح بايسكل
- لولا لحاهم طرّحناهم
- المسودن ماينسى سالفته
- خربشات على مسّلة صماء
- شبعت زبيد وطَرطرَت
- الشعب حي لم يمت .. ياخايبين الرجا
- تساؤلات في ليلة سقوط الفراشات
- أم سعد وحملها الثقيل
- سؤال من صديقتي في بيفرلي هيلز
- بصاق مختارين المحلة
- عراقيون بسرعة الضوء
- تعلولة عراقية تماشيا مع دعوة شيل وشمر
- مرحبا- بكم في مصانع تعليب الأرهاب
- آسفين يا جدعان الأعلام الغربي خاين من زمان
- الحدائق الخلفية تغادر العراق
- ماع المسمار .. يا أحرار


المزيد.....




- - كذبة أبريل-.. تركي آل الشيخ يثير تفاعلا واسعا بمنشور وفيدي ...
- فنان مصري يوجه رسالة بعد هجوم على حديثه أمام السيسي
- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - وعّاظ على خطى نيرون