المقال التالي هو ترجمة لما نشر في صحيفة الصانداي تايمز عن الجرائم البشعة والتعذيب والإغتصاب الذي يمارس بحق السجناء السياسيين العراقيين نقلا عن عناصر مخابرات هاربين من العراق .. ومن باب المسؤولية وجدت نفسي ملزماً بترجمته وعرضه على الرأي العام العربي والإسلامي خدمة للحقيقة وإنصافا للضحايا والمعذبين.
· الفريق الركن طه الأحبابي مدير الأمن العراقي أحد ضحايا صدام؟
· تقنيات طبية حديثة للتعذيب وتخدير النساء قبل إغتصابهن؟
· هنالك سؤال لايمكن لضباط المخابرات العراقية الإستفهام عنه من ضحاياهم ( الأشخاص الذين يتم التحقيق معهم) ... لايسألون أبدا لماذا تتحدون وتعارضون صدام؟
· الوحشية أصبحت هي الثقافة المألوفة التي إتبعها صدام في الحكم ومنفذوها لايشكون أن يكون الشر الذي يرتكبونه طبيعيا أم لا ! إن مقابلة الهاربين عن النظام العاملين في مراكز القوة والأمن يتضمن السماع الى العديد من المعاملات غير الإنسانية : عندما قال أحد ضباط المخابرات العراقية بأنه كان يعمل في دائرة الإجرام , تصورت إنه المكان الذي يتم فيه القتل , والحقيقة إنه كان مركزا للتحقيق مع معارضي صدام ! هناك عدة قصص مروعة عن العراق ,
· صدام أطلق الرصاص على نصف أعضاء القيادة والوزراء عند وصوله الحكم غام1979
· عدي إبنه البكر إغتصب وقتل إمرأة تم إعطاء عائلتها سيارة كتعويض.
· قصي إبنه الثاني أمر بتنظيف سجن أبو غريب وتم إعدام ألفين سجين خلال أربعة وعشرون ساعة.
هذه القصص تبرز الإضطهاد اليومي الذي يعاني منه ستة وعشرين مليون عراقي والأشخاص الذين يرتكبون الأعمال الوحشية يقولونها وكأنها أشياء طبيعية , عمر إسماعيل , الآن هو لاجئ في أحد بلدان أوربا الغربية عمل لمدة أربعة عشر سنة في المخابرات العراقية وهو برتبة نقيب قبل هروبه منذ ستة أشهر مضت.
إنه ليس شخصا بدون مشاعر , فهو يتحدث بكل عاطفة عن عائلته وزوجته وإبنه مصطفى البالغ من العمر تسع سنوات ,غير إنه لايملك أي شعور بالأسف لعمله الذي يعتبره طبيعيا ! إسماعيل شهد مقتل العديد في السجون العراقية , لم يترك إسماعيل العراق لكونه معارضا لصدام , بل خوفا أن يصبح الضحية ؟ آخر مهمة له خارج العراق تشكل تنبيها مخيفا لأي مدى وصل إليه النظام العراقي بتخطيه حدود المناخ الإنساني والحضاري , فكانت مهمة إسماعيل السفر إلى لندن لإغتيال عناصر في المعارضة العراقية, تم تدريبه لأسابيع مع أربعة عشر عنصرا من المخابراتيهيئون جميعهم لمهمات مماثلة , كان عليه تقديم نفسه كلاجئ سياسي في لندن ومن ثم يتقرب لأقطاب المعارضة العراقية , تدرب أسابيع عدة في مراكز المخابرات في منطقة سلمان باك على ماسيقوله في المقابلات وإقناعهم بأنه لاجئ سياسي , زود بجواز سفر جديد يشير لكونه من الطائفة الشيعية في جنوب العراق , وأخبر بأن عليه الإيحاء بأنه سجن لإلتحاقه بالإنتفاضة الشعبية التي أعقبت هزيمة صدام في حرب الخليج الثانية , وتعلم لهجة اهل الجنوب, والمخيف أكثر هنا هو تدربه على السلاح كاتم الصوت والثاليوم .. السم البطئ المفعول الذي إستخدمه النظام في الإغتيالات في داخل وخارج العراق .. يضيف إسماعيل بأنه قد أخبر بالذهاب الى لندن والبقاء فيها لمدة شهرين لتثبيت نفسه هناك وقالوا بأن الحكومة البريطانية تدفع قليلا من المال وعلي أن أعيش على هذا المبلغ فقط وأتقرب من ثلاث أشخاص في المعارضة , أروني ملفات سميكة لهؤلاء الأشخاص , وهم في لندن. غادر إسماعيل عن طريق شمال العراق المنطقة الواقعة تحت سيطرة الأكراد وكان يتم تزويده بالمال من قبل أحد العملاء في أنقرة, وكان عليه الإتصال ببغداد إسبوعيا إذا أراد السلاح أو مركب الثاليوم , وكان يحمل رقما للإتصال في قبرص لتزويده بالأوامر الجديدة.
قال إسماعيل كنت أعرف بأن علي إغتيال هؤلاء الأشخاص الثلاثة وذلك لأسباب
أولا : لماذا تدربت على إستخدام كاتم الصوت والثاليوم.
ثانيا : أٌخبرت بأن ليس هنالك داع للقلق على عائلتي فسوف يتم الإهتمام بهم.
ثالثا : الطريقة التي تم بها إعدادي للمهمة في بغداد ليكون بإمكانهم إنكاري في حالة الإعتقال.
قرر إسماعيل الهرب وكان يعرف ماسيحدث له فقد كان تقنيا يسجل جلسات التعذيب ويساعد في إعداد المعدات الكهربائية أثناء التحقيق مع المتهمين المعارضين لصدام , هذا الجهاز مستورد من ألمانيا من خلال وزارة الصحة يستعمل لإعادة ضربات القلب بواسطة الرجات الكهربائية .. طوّر من قبل المخابرات العراقية لإعطاء رجات أقوى ؟! كل جلسة تعذيب كانت تسجل وترسل نسخة الى مكتب قصي الذي يرأس منظمة الامن الخاص , مثل النازيين تماما يسجل النظام العراقي تفاصيل جرائمه في إرشيفات خاصة , هذه الإرشيفات والسجلات قد تكون مهمة لدى أي محكمة تبحث جرائم صدام ضد الإنسانية . أحيانا كان عندنا عمل كثير لم يكن بإمكاننا تسجيل كل شئ ولكننا أرسلنا عدد كبير من هذه التسجيلات لقصي وذائما كان السؤال لمصلحة من تعمل؟
كانت الأقطاب الكهربائية توضع على الرأس والأعضاء التناسلية , وعند عدم الإجابة على السؤال كنت أزيد كمية التيار الكهربائي .
وظيفة تكشف عن حجم نزعة العنف والإضطهاد عند السلطة.
في نيسان لسنة 1998 راقب إسماعيل وأربعة عملاء آخرون الفريق الركن طه عباس الأحبابي مدير الأمن العام . أعيبر الأحبابي متساهلا مع المعتقلين ويقول إسماعيل لم نجد أي شئ يشكل دليلا ضده بعد شهرين من المراقبة فسجلنا شريط فيديو لإبنته تمارس الجنس مع رجل وكان علينا إعطائها مخدرا أولا !! . عندما أرسل الشريط الى الأحبابي ذهب مباشرة لمقابلة صدام وقصي ولم يشاهد بعدها إلا عند وصول جثته الى العائلة على أساس وفاته بجلطة قلبية .
الإعدامات كانت متواصلة ذون توقف , كانوا يوضعون في غرفة ويقتلون من قبل رجل يفتح النار عليهم ويرشهم بالرصاص . قال إسماعيل ثم يأتي شخص آخر ويطلق عليهم رصاصة واحدة في رأس كل منهم للتأكد من وفاتهم , في إحدى المرات رأينا أحدهم مات دون رصاص ... من جراء الخوف والرعب كما أعتقد! ...
في مناسبة أخرى أمر إسماعيل وزملاءه من عملاء المخابرات لمشاهدة إعدام إثنين من زملائهم . أعتقد جعلهم مثلا حيا. كانت قصة إسماعيل مذهلة لو لم يقدم عملاء آخرون في المخابرات روايات مشابهة .
خالد الجنابي لاجئ في الأردن كان يعمل ضابط في المخابرات العراقية حتى مغادرة العراق العام الماضي أخوه كامل الجنابي , أطلق قصي عليه النار بعد أن شعر صدام بأن للجنابي شعبية لدى البعض.
كلاهما خالد الجنابي وإسماعيل النعيمي هما أولاد النظام فيذكر إسماعيل تجنيده منذ أن كان طالب في الجامعة , أما الجنابي فكان عمره ستة عشر سنة ... يقول .. أخبرتني العشيرة بأن صدام إختارني وكنت فخوراً بهذا ! يذكر الجنابي بأنه بدأ بكونه من الحماية الشخصية لبرزان التكريتي ( شقيق صدام والرئيس السابق للمخابرات العراقية) ثم تدرج ليصبح ضابط في المخابرات يكلف بمهمات متنوعة ضد العراقيين .. كشف عن الكثير منها وعن عمليات مكثفة لتخدير نساء يقربون الى مسؤولين في الحكومة أو في الجيش وتم تصويرهن يمارسن الجنس وأستخدمت بعض الأشرطة للإبتزاز وبعضها لإبقاء التشديد والسيطرة على المسؤولين .
الاتعذيب الذي شاهده خالد في السجون يتدرج من قلع الأظافر الى نزع الجلد وقد اللحم , وأضاف الجنابي إن السجون العراقية كأنها مقابر إذا دخلت فيها لن تخرج أبداً.
_______________________________
صحيفة الصاندي تايمز-14-10-2001