أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - قصة خرافية عن موت عمر بن عبد العزيز














المزيد.....


قصة خرافية عن موت عمر بن عبد العزيز


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4231 - 2013 / 9 / 30 - 20:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


طلبت مني ابنتي (برديس) أن أقوم بتدريسها على درس في مادة(التربية الإسلامية) وحين اطلعتُ على الدرس ضحكتُ كثيرا وكادت أنفاسي أن تتقطع من شدة الضحك,ثم أغمضتُ عيوني وغطيت في حزنٍ عميق وتوقفت عن قراءة المحتوى,كان المحتوى يقول: بأن أحد الرعاة -في اليوم الأخير من نهاية حكم الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز الملقب بالخليفة الخامس-قد شاهد ذئبا هجم على قطيع الماعز,عندها أدرك هذا الراعي بأن عمر بن عبد العزيز قد مات, فقلت لأمي وزوجتي:هل أنتم تصدقون هذه الأكذوبة؟ فنهرتني أمي ونهرتني زوجتي وكان هذا آخر إنذار أتلقاه في البيت من أمي وزوجتي,وبعدها لن أقوم بتدريس الأولاد ولا في أي مادة وخصوصا اللغة العربية والتربية الإسلامية والاجتماعيات,فعلى حسب ظن آل بيتي أنا لا أصلح لتدريس مثل هذه المادة.

ولكني لم أسكت وصحت بصوت عالٍ: هذا كذب وافتراء,كيف بالذئب لا يهاجم قطيع الغنم لمجرد أن عمر بن عبد العزيز كان خليفة للمسلمين في ذلك الوقت!! ورجعت إلى الدرس حيث وجدته يقول: بأن عدل عمر بن عبد العزيز بين الناس كان الله سبحانه وتعالى راضيا عنه لذلك كان الذئب يخشى عمر بن عبد العزيز ويعيش مع الأغنام وكأنه قطٌ أليف.

طيب...أوكي..آمنا بهذا الكلام, والسؤال الذي كان يطرح نفسه: من أين كانت الذئاب تأكل؟الذئاب ليست حيوانات عاشبة,بل حيوانات لاحمة وتأكل اللحوم نيئة دون طبخ على النار,يعني خلي اللي يحكي مجنون وخلي اللي يستمع عاقل,من أين كانت تأكل الذئاب والضباع والكلاب والثعالب والحشرات وكل الحيوانات اللاحمة, هذه الحيوانات تعتمد في طعامها على اللحوم, فكيف مثلا عاشت طوال فترة حكم عمر بن عبد العزيز بدون طعام, ثانيا وهو الأهم, أن الإنسان نفسه يعتمد على لحوم البقر والعجول والإبل والنوق والماعز,فلماذا لم تستطع عدالة عمر بن عبد العزيز أن تحمي الحيوانات المُدجنة و(المستأنسة) من أفواه العرب الجياع؟فالإنسان نفسه كان يهجم على الماعز والنعاج والخراف يذبحها لكي يأكل منها, فلماذا لم تمنع عدالة عمر بن عبد العزيز أن تحمي تلك الحيوانات من الإنسان, وأيضا الضباع من أين كانت تأكل؟.

طبعا الناس العوام كلهم يتناقلون في مجالسهم وجلساتهم العائلية هذه الرواية والأغلبية العظمى منهم ينسبونها لعمر بن الخطاب,والبعض ينسبونها لعمر بن عبد العزيز,وسواء أكان هذا أم ذاك فهذا لا يهمنا في الموضوع أي شيء,المهم كيف أننا نزرع الجهل والتخلف في عقول الأطفال ومن ثم يريدون منا أن نصدق هذا الجهل وهذا التزييف وهذه السخافة, ولو أردنا أن نعيد قراءة الموضوع من وجهة نظر أخرى فإنه يتبين لنا موضوعا آخر أكثر بساطة وفهما من هذا الموضوع,وهو أن ازدهار الحياة الاقتصادية أيام عمر بن عبد العزيز قد جعلت الناس يذبحون اللحوم في كل يوم,ويضعون ما تبقى منها في النفايات ويرمونها في السهول لذلك كانت الضباع والثعالب والذئاب تأكل من نفايات الإنسان وتملأ بطنها لحوما وشحوما كثيرة فلا تضطر بمثل هذا الوضع أن تهجم على الحيوانات المدجنة في حظائر في بيوتات الإنسان معرِّضة نفسها للخطر من خلال ردة فعل المواطن تجاهها في كلٍ من: مكة والطائف وخصوصا في دمشق قلب العاصمة الأموية.

كان الإنسان يذبح كثيرا من اللحوم في حاضرة الخلافة الأموية وكانت الناس في قلب العاصمة ميسورة الحال اقتصاديا,وهذا أهم شيء,لذلك كانوا يتخلصون من اللحوم الزائدة عن الحاجة من خلال مكبات للنفايات,وكانت الحيوانات القمامة(الزبّالة) تخرج ليلا ونهارا إلى هذه النفايات متتبعة رائحتها عند بُعد عدة كيلومترات,وكانت تشبع وتملئ كرشها فلا تضطر لمهاجمة الماعز والنعاج,وهذا هو سر الموضوع.

فلو قامت وزارة التربية والتعليم بتدريس هذا الدرس للأطفال في المدارس فأنا أضمن خلال ربع قرن ثورة علمية كبيرة في بلادنا(الأردن) وستتفتح عقول الشباب على عصرٍ جديد وتقدم هائل خصوصا في علم الاجتماع,ومع أن نظرتي وتحليلي للموضوع هو الصحيح إلا أن هذه الظاهرة لم تحدث في يومٍ وليلة, فهذه بحاجة إلى نصف عام كي تظهر للناس بعد وفاة عمر بن عبد العزيز,لأن الناس لم تصاب بالفقر في يوم وليلة بل كانت ما زالت قلب العاصمة الأموية تدخرُ فيها الناسُ كثيرا من النقود,طبعا هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الخليفة الذي خلف عمر بن عبد العزيز كان بخيلا على الشعب ولا يعطيهم ما يكفيهم من النقود.

صدقوني نحن في الدول العربية نخاف جدا من مادة علم الاجتماع والتاريخ,فلا تقوم الدولة عندنا بتدريس علم الاجتماع بالشكل الصحيح, وبالعودة إلى الموضوع من جديد,نضرب مثلا من العصر الحديث وهو أن أسلافنا (جدودنا) كانوا يعانون قبل عصر التطور بتطفل الضباع على القرى,وحين وصلنا إلى التطور توقفت الضباع عن مهاجمة ومداهمة بيت الإنسان,والناس يرجعون السبب إلى أن الضباع تخاف من الضوء,ولأن الشوارع مليئة بالإضاءة فلا تخرج الضباع إلى الشوارع وتخافُ من مداهمتها,وهذا هو تحليل الناس للموضوع,غير أن علم الاجتماع يقول شيئا آخر وهو أن الإنسان انتقل إلى أكتاف الوديان لتربية الدواجن والأبقار وكل أصناف الماشية, والحيوانات التي تمرض وتموت بما فيها الطيور كثيرة, مما يدفع بالمزارعين إلى إلقاء تلك الجثث في الأدوية فتخرج الضباع والكلاب والطيور اللاحمة إلى تلك المكبات وتأكل منها,وهذا يكفيها مشقة الدخول في القرى,زد على ذلك أن الإنسان تم منعه رسميا من تربية المواشي في الأحواض السكنية داخل التنظيم,وبذلك بنى الإنسان مزارعه في مناطق نائية خارج التنظيم,وهذه القصة مثل تلك القصة,ولكن أغلبية الناس عندنا ما زالوا يؤمنون بأن الذئب هاجم قطيع الماعز لمجرد أن عمر بن عبد العزيز قد مات,وما زال أهلنا مقتنعين بأن الضباع لا تدخل شوارعنا لأنها مضاءة.فكيف سنقوم بتأسيس نهضة فكرية على قاعدة غير صحيحة؟,ومتى سنقوم بتدريس نظريات وتحليلات صحيحة في علم الإجتماع؟.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل شيء مدهش ومثير
- أين شفقة نبي الإسلام؟
- الجمال من أجل الجمال
- لتعش إسرائيل إلى الأبد
- عندي حساسية زائدة
- الأخطاء بين الآلهة والبشر
- مصيبة المرأة
- حوار بين مثقف وزوجته
- يجب أن ندخل اليهود إلى قلوبنا وبيوتنا
- الأيام الأخيرة من حياة عمر بن الخطاب
- نبذة عن محمد والمسيح
- ما أجمل إله المسيحيينْ!
- بعض الناس أفضل من الأنبياء والرسل
- الإسلام سبب تخلفنا
- صكوك الغفران أو الإحساس بالذنب
- حيرة الإنسان
- لا شيء يعجبني
- الدولة الدينية والدولة العلمانية
- هؤلاء هم العرب
- الثالوث المقدس


المزيد.....




- -غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق ...
- بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين ...
- تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف ...
- مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو ...
- تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات ...
- يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض ...
- الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع ...
- قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
- ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
- ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - قصة خرافية عن موت عمر بن عبد العزيز