|
التحالف الوثيق بين هوليوود والادارة الأمريكية
ماجدة تامر
الحوار المتمدن-العدد: 1208 - 2005 / 5 / 25 - 12:08
المحور:
الادب والفن
تظهرافلام الرعب الامريكية مثل فيلم" جميع المخاوف " الذي يفجر فيه إرهابيون قنبلة نووية ، مدى الروابط الوثيقة بين الصناعة السينمائية في هوليود والسلطات الامريكية المهتمة بتلميع صورتها أمام الرأي العام العالمي . فمنذ احداث الحادي عشر من ايلول ، فان ثلث الافلام تقريبا التي وصلت الى السلطات الامريكية هي افلام حربية .
ان فيلم " سقوط الصقر الاسود " للمخرج " رايدلي سكوت " يعيد للاذهان الهزيمة التي لحقت بالامريكيين في الصومال. كما ان فيلم " لقد كنا جنودا " للمخرج " راندال وولاس" يذكر باحداث الحرب الفيتنامية . كما ان فيلم " جميع المخاوف " للمخرج " فيل روبنسون " يثير من جديد طيف الحرب النووية . وفي الواقع لم تعرف افلام الحروب مثل هذا الرواج والازدهار كما عرفته اليوم وذلك منذ الحرب الفيتنامية في منتصف الثمانينات من القرن العشرين كفيلم " الاغتصاب" وفيلم " هامبورغ " وغيرهما . وما زال البعض يذكر نجاح الفيلم " انقاذ الجندي رايان " للمخرج " سيليرغ " عام 1998 . وما تزال أفلام هوليود منذ عهد " رونالد ريغان " وحتى الآن قريبة من واشنطن بل اكثر قربا عما كانت عليه في السابق . فقد رأينا مؤخرا نائب الرئيس الامريكي " ديك تشيني " ووزير الدفاع " دونالد رامسفيلد " كيف قررا رؤية فيلم " سقوط الصقر الاسود " الذي ظهر قيل احداث الحادي عشر من ايلول عام 2001 . وبغية الاستفادة اكثر ، فقد تم ارسال عدة نسخ من هذا الفيلم الى القواعد الامريكية ، ثـم الى خارج الولايات المتحدة . وكذلك الحال بالنسبة لفيلمي " لقد كنا جنودا " و " جميع المخاوف " ، فقد لاقت مثل هذه الافلام رواجا كبيرا واهتماما واسعا على الصعيد الرسمي .
لقد تم عرض هذه الافلام امام " جورج بوش " و " رامسفيلد " و" كونداليزا رايس " وبعض الكوادر في البنتاغون .
العرض الاول لفيلم " جميع المخاوف" كان قد عرض في واشنطن ، و قد اتخذت هناك كافة الاجراءات اللازمة والتحذيرات الاعلامية من اجل منافسة استثنائية بين الاستخبارات المركزية والبنتاغون ، تلك المنافسة التي اعطت للفيلم اهمية لا نظيرلها.
ان فريق عمل هذا الفيلم ، كان قد توصل الى معلومات من ارشيف وكالات الاستخبارات الامريكية وبمبالغ رمزية ، وكأن الحصول على تلك المعلومات بمثابة حرب حقيقية ناجحة .
لقد استطاع منتجو الفيلم ان يعطوا لفيلمهم درجة من الواقعية الخالصة ، حتى ان معظم جنرالات وزارة الدفاع و الــ " سي آي إيه " كانوا يراقبون بدقة عالية المضمون ، وذلك لاستثماره اثناء حرب افغانستان.
وفي الواقع بامكاننا القول ان شهرالعسل بين هولـيـود والببنتاغون ليس جديدا وله تاريخ طويل . حتى ان المؤرخ العسكري " لورانس دي سود " ذكر تلك الروابط الحميمة بين هوليود والبنتاغون التي يعود تاريخهاالى عام 1915 في كتابه " الشجاعة والمجد " وقد تم تقييم الكثير من المساعدات اللوجستية من قبل متطوعين من وزارة الدفاع الامريكية لفيلم " ولادة امة " للمخرج "غريفيث " وايضا سلسلة من الافلام المتعاقبة التي عرضت اثناء الحروب الاهلية .
وبالرغم من ذلك التحالف القائم بين هوليود والبنتاغون منذ زمن إلا أن استوديوهات هوليود كانت ترفض اظهار انتاجها الذي يصور الارهابيين في اماكن متفرقة واوضاع مختلفة كما في فيلم "مجموعة الاضرار " للمنتج " ارنولد شوارز بنيجر " فقد وضعت كافة مشاريعها المرتبطة بهذه المسائل فوق الرف .
وكفيلم " الانف النازف " للمخرج " جاكي خان " الذي يروي فيه كيف ان عاملا لتنظيف الزجاج قد كشف مؤامرة تهدف الى تدمبر مركز التجارة العالمي .
وكانت صحيفة " لوس انجلوس تايمز " قد اشارت قبل احداث ايلول في مقالات مسهبة لها الى ان الميل قي صناعة الافلام الكارثية قد اختفت .
وها هو احد المنتجين في شركة " دريم وورك " السينمائية يشير الى ان العصر الذي كانت فيه الاستوديوهات ا لهوليودية تقوم بانتاج افلام الرعب قد مضى عهده .
ولكن يبدو ان هوليود كانت مستعدة للرضوخ ، بعد الهجمات الارهابية في ايلول الى عقوبة تستحقها لانها تستبق الاحداث .
الا ان الادارة الامريكية قد قررت غير ذلك . فبدلا من معاقبتها كان تم تجنيدها والاستعانة بها لخدمة السياسات الامريكية .
وبعد احداث الحادي عشر من ايلول بقليل تولى معهد الابداع التكنولوجي في جامعة كاليفورنيا وتحت اشراف البنتاغون تنظيم عدة اجتماعات مع كل من المخرج " ستيفان دي سوزا " الذي اخرج الفيلم " مصيدة الكريستال " وكذلك فيلم "58 دقيقة للعيش" .
والمؤلف "جوزيف زينو " الذي ألف عدة افلام استراتيجية منها فيلم "دلتا فورس" وفيلم "الاجتياح الامريكي" و "الافاق البعيدة" وكذلك كل من المؤلفين " ديفيد فينشر " و " سبيك جونز" .
والهدف من هذه الاجتماعات التي كانت تدار من قبل الجنرال "كينيث بيرغويست " ، هي امكانية وضع عدة سيناريوهات لهجمات ارهابية ثم ايجاد الرد المحتمل المناسب لها .
المخرج " لورانس سود " يروي لنا كيف ان واشنطن تقترب بصورة منهجية من هوليود فترة الحرب . وهكذا وخلال سنوات الستينات وبعد ظهور فيلم " نقطة الصفر" للمخرج " ساندي لومي " وفلم "فولامور" للمخرج " ساتنلي كابريش" في فيلمه " 6 ايام من ايار " للمخرج " جون فرانك هيمر " الذين قدموا صورة نقدية ساخرة عن واشنطن وخاصة البنتاغون .
وعندها تدخل الجنرال " كورتيز لومي " لدى المنتج " سي بارتليت " من اطلاق افلام تمجد القوات الجوية الامريكية ، كفيلم "الهاتف الاحمر " للمخرج "روك هادسون" .
ان الجديد اليوم هو ليس ذاك التعاون الفريد بين البنتاغون والـ سي آي إيه وصناعة الافلام في هوليود ، ولكنها الطريقة التي تبدو فيها واشنطن وقد طورت استراتيجية اتصالاتها مع هوليود . وهكذا فان النائب العام " جون اشكروفت " كان قد انتظر اسبوعا كاملا بعد نهاية عرض فيلم " جميع المخاوف" للمخرج" فيل روبنسون " لكي يعلن توقيفه لناشط ارهابي في موسكو ، ذكر بان هذا الناشط كان مرتبطا بتنظيم القاعدة وكان يدير مؤامرة شبيهة بتلك التي ذكرها "روبنسون " في الفيلم.
والاغرب من ذلك فان "جون اشكروفت " كان موجودا انذاك في موسكو كما لو انه كان صدى لفيلم "جميع المخاوف " الذي يظهر فيه التعاون الروسي ــ الامريكي من اجل انقاذ العالم من الفوضى على حد اعتقادهم .
فهل ان الادارة الامريكية اطلعت على اجندة الافلام " الكارثية " الهوليوودية وقد اختارت منها ما يناسبها من اجل شن حرب على العراق ؟
#ماجدة_تامر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العولمة ليست مرفوضة بذاتها وانما بنوعها
-
اقتصاد الظل ظاهرة من ظواهرالتخلف في البلدان النامية
-
التجارة بالشباب والعمر الضائع
-
الحركة العمالية ... المقدمات والآفاق
-
المرتزقة : جنود الثروة
-
البرامج التجسسية الجديدة للاستخبارت الامريكية
-
الصين : القوة الآسيوية الاولى
-
اوروبا أمام مشكلات الهجرة
-
لماذا تعتبر اوروبا مهد الحداثة ؟
-
- الادارة الامريكية الجديدة و- تأليه القوة
-
التحديات الجديدة للأوروبيين
-
آراء حول تعريف الامبراطورية الجديدة
-
أزمة المجتمعات الحديثة
-
تحديات المنتدى الاجتماعي العالمي
-
نحو عالم آخر ممكن
-
إشكاليات المجتمع المدني
المزيد.....
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|