أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عبد القادر الفار - غاية التقدم... كشف الإنسان 2















المزيد.....

غاية التقدم... كشف الإنسان 2


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 4228 - 2013 / 9 / 27 - 18:55
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


*القدرة على الدهشة*

إن القدرة على الدهشة تتلاشى كلما أصبحت الأمور مباشرة أكثر، والغموض يملأ مساحات كبيرة من القلب، مساحات تصبح فارغة كلما انكشفت الأمور وأصبحت مباشرة.

فمعرفة كل شيء تفضي إلى الفراغ، ونحن نخاف الفراغ، نخاف السكون الذي يجلبه، والزهد الذي يفضي إليه، لذا نفضل أن لا نعرف كل شيء، نفضل أن نكتفي بمعرفة ما يمكن أن يسيّر حياتنا، ونحتفظ بكثير من الغموض الذي يدفعنا للخيال وللدهشة ويملأ قلبنا بالتوقعات....

الطفل كان قادرا على أن يندهش من كل شيء في البداية، وهناك تلك الأمور الخاصة بالكبار التي يتهامسون بها بينهم ويؤنبون الأطفال إذا حاولوا استراق السمع إليها، مع مرور الأيام اكتشف تلك الأمور، أصابته الدهشة عند الاكتشاف، ثم أصبح الأمر عاديا، وكانت هناك البلاد البعيدة التي تبدو له عالما آخر، كانت هناك الطائرة والباخرة، التي لا يلبث أن يركبها، أو يتعرف على من ركبها، أو يشاهد تفاصيلها على النت أو على التلفاز، لتصبح عادية جدا... وتتفرغ مناطق جديدة من القلب، ويزداد الخوف من الفراغ ومحاولة ملء الفراغ بأي شيء ممكن....

ذلك هو المعنى الوحيد الممكن لرمزية آدم وحواء وبهجة الجهل وشجرة المعرفة التي قادت إلى حياة لم يعد من الممكن أن يملأها سوى كدح يكدحه الإنسان حتى يلاقي ما كان يخاف منه، الفراغ، ليعود وينسى، وتعود إليه بهجة الجهل والنسيان القادرة على بعث الاندهاش من جديد....

*العلم والاكتشاف يدفعنا باتجاه الفراغ*

كانت الشمس والقمر والنجوم والسماء والمطر كلها أشياء غامضة، تبعث على الدهشة، وتملأ القلب، وتتيح الخيال والأساطير...

تلك النجوم والأضواء التي كان الناس يخلقون حولها الخيالات والعجائب تبين انها اجرام سماوية لا احداث عليها وهي غازات هائلة، الخ

ومع اكتشاف حقيقتها، مساحات كبيرة من القلب تفرّغت....

وبماذا امتلأت؟ الفن؟ الموسيقى؟ السنيما؟ الرواية؟ إن كل مفردات الفن مستعارة من هذا الواقع المحدود...

ونحن فعليا لا نخاف المحدود لمحدوديته، الحدود شيء مطمئن للعقل الخائف من الفراغ (من المطلق اللامحدود الذي ليست له ملامح) فالحدود شيء مضاد للفراغ رغم أن العكس قد يبدو صحيحا... لأن العالم غير المحدود هو عالم منفتح تماما، كل شيء فيه مكشوف ومباشر، وهذا المطلق هو فراغ...

فهذا العقل المشروط بالثنائيات والقطبيات يريد عالما محدودا ولكنه قادر على إنتاج الدهشة من خلال أشياء غير مكتشفة، يعني يريد عالما ظاهره محدود وباطنه غير محدود، لكن الظاهر المحدود فيه له إطلالة غير مباشرة على الباطن اللامحدود....

وقبل اكتشاف جغرافية الأرض ورسم خرائط كاملة لها، كان بوسعنا أن نتصور تلك الجزر الخيالية التي يحدث فيها ما لا يحدث هنا، ما يمكن أن يملأ القلب... قبل اكتشاف كل الارض وكرويتها الخ كانت هناك تصورات عن جزر بعيدة سحرية جميلة ثم انكشف العالم واصبح هناك خرائط جوية ولم يعد هناك جزر ولا ما يحزنون، ومع اكتشاف كل الأماكن، عدنا إلى الفراغ....

ونحن نعلم أننا لو اكتشفنا كواكب خارج تحدث عليها أشياء عجيبة فتصيبنا دهشة مؤقتة، ليعود الفراغ ويحل محلها..

انكشاف السباب الاشياء يقود الى الفراغ...

*الواقع الافتراضي اليوم،،، ورؤية أفكار وغرائز الآخر بشكل مباشر غدا؟ *

لنعد إلى لحظة الخروج من وحدة الوجود إلى التعدد وإيجاد الآخر (حين اكتشف الله أنه الله)... قلنا وقتها أنه ما ان أصبح هناك آخر، حتى انتهت الحرية المطلقة وتم خلق الغموض لأن الآخر ظاهرة غريبة... هو من جهة آخر شبيه بنا ..... وهذا مطمئن، وهو من جهة أخرى ليس نحن (ظاهريا)، وهذا يخلق إمكانيات الصراع والحركة....

رغم اضطلاع العلم بكشف كل شيء تدريجيا، يبقى الآخر ظاهرة قادرة على إنتاج نوع من الغموض والدهشة التي تملأ القلب، حتى مع اختفاء الجزر السحرية والكائنات العجيبة ....

اليوم ينكشف هذا الآخر لنا بالتدريج، علم النفس أصبح قادرا على أن يتنبأ بما يخبئه الإنسان في قلبه عن طريق قوانين تحكم عقل هذه الإنسان، لتصبح كثير من ردات فعله متوقعة، أي ليصبح قادرا لتحليل "علمي"، بل ونشأت مواد قادرة على التأثير في مزاجه وأفعاله عند تعاطيه لها، وبدا أن كثيرا من ردات فعله تحكمها كيميائية معينة....

ثم تطور الأمر ليصبح هناك من هو قادر على قراءة ما هو داخل الإنسان من خلال قراءة حركات جسمه ووجهه، قارئو الأفكار mentalists مثلا ...

ورغم أن مسائل التخاطر telepathy لا تزال في حيز العلوم الكاذبة أو شبه العلم pseudo-science بالنسبة لمؤسسات العلم الرسمية السائدة، إلا أنها قد تتحول مع تحقيق المزيد من الاكتشافات إلى علم يمكن عبره قراءة أفكار الناس وتسجيلها وربما قراءة رغباتهم ومخاوفهم والتحكم فيها، وربما تسجيل أحلامهم أثناء النوم ووضع تفسير لكل ذلك .....

حين يصبح الإنسان مباشرا ومكشوفا إلى كل هذه الدرجة، هل سيعود الفن قادرا على ملء الفراغ؟ هل ستعود التسلية والرياضة والentertainment والسياحة قادرة على ملء الفراغ؟

الاكتشاف سيجعل كل شيء مباشرا، فأنت تتلذذ بالسياحة وتغيير المكان لأسباب نفسية سيتم تسجيلها وقراءتها، وأنت تستمتع بملمس الماء وباللون الأخضر لأسباب محددة جدا معرفتها المباشرة ستخلق مكانها فراغا كبيرا...

الجنس نفسه، حين يصبح مباشرا جدا لدرجة يفقد معها الليبيدو ما تبقى من غموضه الذي تم انتهاكه حتى الآن، إلى أن يتم انتهاك الأورجازم والتحكم فيه وتسجيله...فهذا قد يهدد مصير هذه القوة الدافعة على الحياة والمنتجة لكثير من الغايات المتعلقة بها، حتى لا يعود الكبت هو المشكلة، بل تصبح المشكلة تجاوزا للجنس، يشبه ما يتنبأ به فيلم مثل Mr Nobody 2009، أن ينتهي الجنس في المستقبل، sex becoming obsolete.

إذا كانت غاية التقدم هي كشف الإنسان، فهل سيقودنا هذا في نهاية المطاف إلى لحظة "نسي الله أنه الله" من جديد، أي لحظة انتحار الحضارة، اختيار النسيان.... حتى نعود من جديد ..... إن دعوات العودة إلى الطبيعة هي أول خطوة، مجرد مؤشر ...
في فيلم Sphere 1998، وحين تتورط مجموعة العلماء باكتشاف أصبح عبئا عليهم، بمعرفة تشكل خطرا عليهم، وهذه المعرفة في هذا الفيلم هي "قدرة" على تجسيد الأفكار إلى واقع، فإنهم يقررون استخدام "القدرة" من أجل "النسيان"... "القدرة على النسيان"...

التبشير بفكرة اختيار النسيان نجدها أيضا في فيلم Eternal Sunshine of the Spotless Mind 2004 وفي هذا الفيلم يقوم العلم نفسه بتطوير إمكانية لاختيار نسيان ذكريات معينة، وكأن الحضارة تحمي نفسها وتبحث عن طريقة تتجنب بها الانتحار...

حين لا يعود النوم (النسيان اليومي المؤقت) كافيا، وقد تحدثنا في موضوع (النوم كغاية يومية) عن أن النوم حالة صيانة يومية لحماية ما هو كائن ....

نحن إذا نتجه إلى اللحظة المتجددة "نسي الله القادر العارف أنه الله القادر العارف"... حتى يتاح له البدء في عالم جديد بذاكرة جديدة، وتجارب جديدة.... كآدم جديد....


• ملاحظة: البعض ينتقد الاستشهاد بأفلام هولي وود ويعتبر وكأنني أقدمها كدلائل، وأنها في النهاية مجرد أفلام، وللتوضيح: إن الفن هو ساحة اختبار للأفكار الفلسفية ومفرداته كلها مستعارة من هذا الوجود كما ذكرت في هذا المقال، كما أن منبرا مثل منبر هولي وود، يقدم أفلاما يشاهدها الملايين لا نستبعد ابدا ان تمر من خلاله بعض نداءات الاستغاثة وان يجد العلم الكوني طريقا إلينا من خلاله، تماما كما تجد الكثير من الأفكار الاستهلاكية والتدميرية طرقا من خلاله..

http://1ofamany.wordpress.com



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غاية التقدم... كشف الإنسان
- نظام إنتاج الخوف – الماتريكس
- وهم القصة الواحدة
- خمر وصلاة 2003
- الصوفي المتمرد
- الإفلات من إله الشر - الماتريكس
- الماتريكس الحقيقي – الشيطان
- هل الكون يتآمر عليك - عودة للماتريكس الحقيقي
- اليأس من وجود الله
- حين اكتشف الله أنه الله
- تناسخ الأرواح، تلك المعضلة
- معنى النسيان
- معنى الذاكرة
- دوامة الوعي
- المتصوف المتمرد 5
- النوم كغاية يومية
- ثوري .. وهذه الثورات لا تمثلني
- المتصوف المتمرد ... 4
- المتصوف المتمرد ... 3
- صهيونية، بما لا يخالف شرع الله


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عبد القادر الفار - غاية التقدم... كشف الإنسان 2