عنزة جاسم

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4226 - 2013 / 9 / 25 - 14:46
المحور: الادب والفن
    

عنزة جاسم _ قصة قصيرة

عرف جاسم طعم المال لأول مرة وهو يبيع عنزته التي وهبتها جدته له نذرا , كانت قد صرحت سابقا بذلك حينما غاب أبوه طويلا في حرب الشمال .. اثنان وأربعون ليلة مرت منذ أن لف أبو جاسم حقائبه ليمضي وحيدا حيث لا يدري ما يضمر له القدر... كانت جدة جاسم تملك أربع عنزات وأربع نعاج ترعاهن ويتكلف هو بالرعي في أطراف القرية كل يوم ليعود مساءا ينتظر الأخبار التي تبشره باستحقاقه للعنزة الصغيرة . كانت دميمة ونحيفة جدا لا تشبع ولا تترقى برغم مما يمنحها من اهتمام استثنائي.
حاولت الجدة أن تماطل في الوفاء بنذرها خاصة وأن ابنها الوحيد لم يسرح من الجيش فهي تهبها كلما تأخر ولدها ولكن عندما يحضر توعده بما ستلد (الدبسة) كانت هي أكبر وأقدم العنزات في قطيع العجوز الجدة ,حتى جاء أبو جاسم في المرة الأخيرة حاملا لصك البراءة من الذهاب مرة أخرى للشمال , كان عليها أن تبر بنذرها هذه المرة بدون تردد.
حملها جويسم كما يحلو له أن يسمعها من الأخرين وذهب ليبيعها بدينار وربع ,ثروة كبيرة حطت عليه من السماء لم يكد يصدق أن ما بين يديه من كنز سيكون له ,ينفق منه ما يشاء حتى حل المساء عندما طلب منه والده أن يقرضه المبلغ حتى حلول موسم التمر ,تهشمت أحلام جاسم وهو يسلم ثروته بانتظار حلول موسم التمر الذي ما زال طلع أبيض.
يشعر أحيانا أنه بهذه الثروة سيكون له حضور وحظوة خاصة كلما نظر في عين والده المنهكة وهو يبادله ابتسامة رضا على طاعته له فتسكن في قرارة نفسه حالة اطمئنان بعد أن أوعده أن يزيده على المبلغ قليلا كي يشتري بها ما يشاء أو يذخرها كي تنمو ليصبح جويسم بنك صغير لمن يحتاج.
كلما مر موسم التمر تتبخر أحلام جويسم لينتظر موسم أخر لعله يجود بشيء يعالج به خيبته حتى جدته العجوز تخلت عن أن تنذر له ليتجدد الحلم أو يعوض ما فات .. لا تكاد تمر أيام على بداية موسم الصيف حتى سمع من الناس عن كلمة جديدة أستغرب معناها أول مرة .. أبو جاسم احتياط ,ذهب مسرعا لجدته العجوز يستفهم معنى كلمة احتياط فشاهدها واجمة وقد أكل الغضب من محياها القروي البسيط شيئا , تكاد تنفجر غضبا لكنها واجهت جاسم بصمت كأنه حيرة , لم يفهم جاسم شيء مما يدور حتى علم أخيرا أن أباه سيرجع للشمال كما مضى من قبل, أستشعر جاسم بشيء من الحزن لكن برقت في خاطرة فكرة غريبة إنه سيحصل على عنزة جديدة أخرى.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات