وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4224 - 2013 / 9 / 23 - 16:29
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
الطوائف غير المسلمة في ظل العثمانيين
إذا كان كل من الامتداد الجغرافي لتجار بغداد اليهود , وروابطهم مع أبناء دينهم , واحتكارهم للصيرفة , وامتلاكهم لرأس المال , ومنزلتهم ك (( محميين )) تابعين لقوة أجنبية , وفطنتهم في ميدان الأعمال , قد اعتبر سبباً في الهيمنة التي وصلوا إليها , فإن جزءً من الفضل كان يعود أيضاً إلى التسامح النسبي والمدى الذي لا يمكن اغفاله من الحكم الذاتي اللذين كانوا يتمتعون بهما في ظل الحكم الاسلامي .
ففي ظل العثمانيين والمماليك كان يهود العراق , مثلهم مثل الطوائف الأخرى غير المسلمة , يديرون بأنفسهم شؤون مجتمعهم . وكانوا يؤلفون في ما بينهم جماعة معترف بها , أو (( ملة )) لا تتعامل الحكومة معها ككل إلا من خلال قادتها المعينين . وعندما أصبح القانون العثماني في القرن التاسع عشر أقل استناداً إلى القرآن تقلصت سلطة القادة اليهود بعض الشيء , لكنهم استمروا المسؤولين الأوّلين أمام الدولة عن السيطرة السياسية على مجتمعهم .
وكان هنالك على رأس الطائفة اليهودية في بغداد مجلسان , احدهما علماني والآخر روحي . وكان المجلسان موجودين منذ أزمنة قديمة جداً , وكانا لا يزالان يقومان بعملهما في عهد الملكية . وكانا يستمدان صلاحيتهما القانونية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر من ((إرادة )) أي – مرسوم – صادرة عن السلطان سنة 1864 , وفي وقت لاحق من قانون الطائفة اليهودية رقم 77 لسنة 1931 . وكان المجلس العلماني يعرف باسم ((المجلس الجسماني )) ويعرف المجلس الروحي باسم (( المجلس الروحاني )) .
وكان المجلس الجسماني مكلفاً بجباية الضرائب من الطائفة وتوجيه انفاق العائدات . وكان مصدر دخله الرئيسي هو (( الغابيلة )) وهي ضريبة مفروضة منذ القدم , وكانت في الأساس ضريبة على اللحم , وتعود في أصولها إلى أنه بعد أن تذبح الأغنام كان يجب التفتيش عليها من قبل أشخاص مدربين وخبراء مكلفين رسمياً يسمون (( شوحيط )) .
وحتى بداية القرن العشرين , كان زعماء الطائفة مسؤولين عن دفع الضرائب المتوجبة للحكومة , التي كانت تعرف بمجموعها باسم (( العسكرية )) . أي الضريبة العسكرية وكانت هذه في الواقع تتألف من ضريبة أعناق ( جزية ) تدفع مقابل الاعفاء من الخدمة العسكرية .
ومن المثير للانتباه أن الزعماء اليهود كانوا , في الوقت نفسه , وفي أغلب الأحيان , تجاراً بارزين في الطائفة .
وصفي السامرائي
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟