أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - أهذه معارك تستحق اسم الله؟















المزيد.....

أهذه معارك تستحق اسم الله؟


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4223 - 2013 / 9 / 22 - 20:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




يتميز التاريخ البشري في أغلبية صفحاته السوداء بالصراع الديني الذي كان يستخدم اسم الإله والرب في سبيل تبرير وحشية الإنسان وأطماعه وشذوذ طبعه ومعتقداته. فكل أمم الأرض، كلها وبلا استثناء، عند التمعن في تاريخها، نجد تلك الرغبة المتحرقة شوقـاً إلى تصفية الآخر المختلف عنها دينياً أو مذهبياً أو حتى فكرياً. بل الحقيقة هي أنه لا يلزمنا أن نذهب بعيداً عن تاريخ الأديان التوحيدية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام، الأديان الثلاثة التي تحتضن الأغلبية الساحقة من سكان هذا العالم، لنرى هذه النزعة بوضوح. فعند التمعن في تاريخ تلك الأديان، وخصوصاً اليهودية والمسيحية، سوف تصدمنا نصوص ملايين الضحايا، وبعضها إلى حدود إبادة شعوب كاملة من على وجه الأرض، التي سجلها التاريخ باسم (الرب) أو (يهوه) أو (يسوع) أو (الله). فلا أحد، ضمن هذه الأديان الثلاثة، يبدو بريئاً بالفعل وإن ادعى ذلك، أو تصرّف بناءً على وهم وخديعة (الأخلاق الدينية) التي يراها مكتوبة في نصوصه المقدسة وهو لا يعي إطلاقاً معناها الأول الأصلي التمييزي الضيّق عندما تجلت أول مرة على يد كتبة نصوصه المقدسة. ولا يبدو أن أحداً من أتباع هذه الديانات باستطاعته أن يتفكر أو أن يتساءل ناقداً أو مستفهماً: إذا كانت ديانتي ونصوصها المقدسة هي ديانة محبة وسلام (وصلاة لأجل أعدائي!!) فلماذا يبدو إذن تاريخ ديانتي حالك السواد إلى حدود الشذوذ والتقزز والسقوط الأخلاقي لمدة مئات أو آلاف السنين؟! ولا أحد من (المؤمنين) يبدو مهتماً أو حتى واعياً لحقيقة التناقض الصارخ بين ادعاء (الخلاص الإلهي) من خلال الإيمان بما يقوله النص المقدس، وبين محاولته لتفسير هذا التاريخ المشين السادي المليء بالدماء والتعذيب وحرق البشر أحياء وإبادتهم وذلك بواسطة تبني تفسير (سوء الفهم للنصوص) أو (التفرقة بين تصرفات المؤمنين ورجال الدين وبين الدين ذاته ونصوصه) على مدى آلاف السنين. فكأنما هو على الحقيقة يدّعي بأنه وحده (الذكي) بين أسلاف له كلهم من (الأغبياء)، أو أنه وحده صاحب الخلاص من خلال اكتشافه (فهم النص الصحيح) بينما أسلافه جميعهم إلى جهنم وبئس المصير لأنهم عجزوا عن هذا الفهم الذي يدعيه. هذا التناقض (الساذج) الواضح الذي يغيب "بداهة ً" عن أصحاب الإيمان هو ما يدعو الإنسان للتأمل في المسارات العقلية والمنطقية الدينية ومدى كارثية ممارساتها في الصراع الاجتماعي والسياسي المعاصرين في الوطن العربي.

المجموع العام للطوائف الدينية في أوطاننا العربية تتصرف وكأنها تتحرق "شوقـاً" في سبيل القمع السياسي والاجتماعي للطوائف المخالفة لها. والأقليات الدينية في تلك الدول، سواء داخلها أو المهاجرين منها، تتصرف وكأنها تتحرّق رغبة في سبيل (تصفية حساب قديم) وهزيمة مواطنيها المختلفين عنها دينياً سياسياً واعلامياً إلى درجة الشتائم والبذاءات والتحريض السافر المثير للدهشة. والجميع بلا استثناء منخرط حتى حدود الثمالة المريضة البائسة بكل وسيلة ممكنة في سبيل هذا الغرض، من أول ارسال الرسائل الالكترونية، ومروراً بالتسجيلات الصوتية والمرئية، ونهاية بالاستعداد الواضح للانقلاب التلقائي على كل شيء يمثله الآخر المختلف حتى وإن كان صحيحاً مثمراً في ذاته. إنها الرغبة القديمة المتوحشة ذاتها لأتباع تلك الديانات، التي تسعى لتصفية الآخر، ولكن يتم تمويهها وصبغها باسم (الله أو الرب أو يسوع)، وأحياناً، ويا للسخرية، باسم الأخلاق وحقوق الإنسان. ولكن لا أحد من أصحاب تلك المعارك (الإلهية المقدسة) يقف للحظة ليتساءل عن كيف يُعقل أن يكون مقصد الرب هو أن يكون ظلم الآخر المختلف أو تحقيره أو قمعه أو الافتئات على انسانيته وصولاً إلى حرمانه من حياته نفسها هو مقصداً أصيلاً لأي معيار للعدل أو الأخلاق أو الإنسانية أو حتى (الألوهية)؟ إلا أن جميعهم يفعلون ذلك، وبأساليب متعددة. وجميعهم في نفس الوقت يدعي (الأخلاق) من مصدر (إلهي)، ولكنه أيضاً مُحرَج من تاريخه المشين المناقض لِما يدعيه. ولذلك ترى الجميع اليوم، وخصوصاً أتباع العقيدة المسيحية، يتبرأون صراحة من تاريخهم الدموي غير الإنساني. وهذه خديعة من معيار ساذج. والجميع اليوم يدعي بأن الدين نفسه، وبواسطة دافع ذاتي داخلي وليس بسبب ضغط علماني غالب، قد تراجع إلى حدود الإنسانية الأخلاقية. وهذه كذبة من معيار وقح. إذ الدين في ذاته لا يستطيع إلا أن يدفع باتجاه التغلب والتسلط والانحدار الأخلاقي فيما يتعلق بالآخر المخالف، كذا تقول نصوص التاريخ وتؤكد. فلا يمكننا أن نتبرأ، هكذا وبكل بساطة، من التاريخ، لأن حاضرنا هو نتيجة مباشرة له، شئنا ذلك أم أبينا. شخصيتنا، ثقافتنا، قناعاتنا، توجهاتنا، وتصرفاتنا هي كل كلها نتيجة مباشرة للتاريخ. فكيف نتبرأ من التاريخ، كذا وبكل بساطة، بسبب حرج ديني مُخجل؟ أيستطيع أي أحد أن يتبرأ من ذاته وهويته وما عليه هو اليوم؟ إذ كل المعارك التي تتم باسم الإله هي معارك تستهدف (إنسانية) الآخر المختلف، حتى المعارك الخطابية والكلامية، بنوعيها اللفظي والمكتوب، إنما هي نتيجة لهذا الزمان الماضي بكل إشكالاته وإفراز مباشر له. انظروا حولكم فقط لتتأكدوا. هي نتيجة مباشرة للتاريخ الذي يُريدنا (المؤمنون) أن ننساه أو نتبنى تفسيرهم (الساذج) له. ولكن هيهات.

تتسبب التفجيرات في العراق وأفغانستان في قتل العديد من الضحايا المدنيين الأبرياء من المسلمين وتهجير غير المسلمين، بينما تتسبب الحرب الأهلية الدائرة في سوريا في قتل وتهجير مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء من جميع الأديان. ذنب هؤلاء الوحيد هو تصادف وجودهم في مكان تنفيذ العلميات العسكرية التي يتم أغلبها زوراً تحت اسم (الله)،في العراق وأفغانستان وبعضها في سوريا، أو بسبب انتمائهم لمذهب إسلامي مخالف في العراق وأفغانستان وبعض مناطق سوريا (مدينة حطلة مثلاً)، أو بسبب دين مخالف (مدينتي معلولا ومرمريتا المسيحيتين مثلاً). هذا الجنون هو جزء من معركة بدأت على الحقيقة من تنافر ديني أو مذهبي استمر قروناً طويلة، تغذيه كتابات ونصوص دينية وما يرافقها من تفاسير، ومواقف تخوين واتهامات بالعمالة، وفتاوى وخطب مجانين رجال الدين واصحاب العقد منهم، ومعهم كل من يتطلع لأن يبرز سياسياً أو اجتماعياً على جثث بني البشر. إلا أن ما يثير الانتباه في وسط كل هذا الجنون المريض الذي يتم باسم (الإله) هو تباين ردود الأفعال عند المسلمين، بين سنتهم وشيعتهم وباقي طوائفهم، وبين مسيحييهم، المهاجرين منهم والمواطنين. فلا يبدو إطلاقاً ضمن هذه الطوائف أو الأديان أنها تتأثر "إنسانياً" بما يحدث في غيرها من فضائع أو مآسي. ترتفع النبرة ومعها ردود الأفعال عندما تكون الضحية فقط من نفس الدين أو المذهب، أما إذا كانت من مذهب أو دين مختلف فإن نفس تلك النبرة تخفت وتتلاشى تقريباً ردود الأفعال. قارن نتاجهم المرئي والمكتوب على الأحداث الجارية، وسوف تصل إلى هذه القناعة مباشرة. هذا التشوه في (الأخلاق) مسؤول عنه تربية دينية بحتة متأثرة بمناخات الصراع والتصفية، ودعك من ادعاءات (موعظة الجبل) و (لقد كرمنا بني آدم)، فالجميع يدّعي، حتى الكنيسة وشيوخ الإسلام، ما لا يؤمنون فيه على الحقيقة. كذا هو واقع شعوبنا اليوم أو مَن ينتمي لهم ثقافياً.

معارككم، القتالية أو الكتابية والخطابية، التي تتم باسم (الله) أو (الرب) أو (يسوع) هي مخجلة إنسانياً وأخلاقياً وساقطة. تلك هي الحقيقة. ولا عجب، فقد كتب أحد المستشرقين عنكم أن "هزيمة الفكر يجرد أي أمة من الحصانة ويتركها فريسة لأي مرض أو وباء". وأقول أنا: أنتم مهزمون فكرياً وأخلاقياً، ولهذ أنتم على ما أنتم عليه. وجزء كبير من هزيمتكم الفكرية مسؤولة عنها التربية الدينية ذات المعايير المزدوجة والمشوهة إنسانياً. تلك هي الخلاصة.




#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التشخيص النفسي كأداة لنقد الإنجيل
- إشكالية ذهنية التخوين في الوطن العربي
- خاطرة - لا تصلح كمقالة
- معلولا ... والدونية الإنسانية المتطرفة
- في مبدأ احترام النفس البشرية
- في مشكلة الفشل الحضاري العربي
- إعادة اكتشاف الغباء الجماعي
- في الأزمة الأخلاقية العربية
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 6
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 5
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 4
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 3
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 2
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس - 1
- مشكلة نقد النصوص المقدسة
- مشكلة الآخر المختلف في الإسلام
- مصطلح الثوابت الإسلامية
- يسوع والمسيحية والمرأة – 2
- يسوع والمسيحية والمرأة - 1
- من تاريخ التوحش المسيحي – 2


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - أهذه معارك تستحق اسم الله؟