|
انت في اسرائيل.. اذن انت سعيد!!
يوسف فرح
الحوار المتمدن-العدد: 4222 - 2013 / 9 / 21 - 09:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لعل الامر الوحيد المضحك فعلاً لشدة مفارقته وغرابته، ان العالم كله منشغل في منع ضربة الجنون الامريكية هذه، ووحدها الجامعة العربية تستعجل شيخ القبيلة الامريكي اوباما، في ايقاع الضربة القاضية، ربما تجنباً لحرج قد يصيب هذه الانظمة، بسبب زواجها غير الشرعي (ربما هو جهاد النكاح!!) من المنحرف الاسرائيلي!!
- الم تمت؟ يسألك بعض المعزين المتفاجئين، ممن كانوا يعرفونكما او يعرفون احدكما. - ليس بعد، تجيب غير متفاجئ، فيضحكون وتضحك. ذلك ان شقيقك الاكبر، الذي رحل عن الدنيا مؤخراً، كان شديد الشبه بك، او كنت شديد الشبه به. نسخة تكاد تكون طبق الاصل. ورغم فارق السن، كانت تقع بلبلات كثيرة، يسألونه عن مقال ما، او يتجنبونه ولا يطرحون عليه السلام، بسبب مقال كتبته واغاظهم، فاعتقدوا ان الكاتب اخوك. ولطالما سالوك عن الاقامة في شفاعمرو، ولماذا رحلت الى هناك وتركت مسقط رأسك، فترد عليهم انك ما زلت في سخنين وستظل فيها. تغتصب بسمة او ضحكة خفيفة، رغم انك ما زلت في فترة الحداد. رغم صعوبة الفراق الابدي تضحك، مع انك يجب ان تكون سعيداً. فالدولة سعيدة، وانت جزء من هذه الدولة، رغم ان سلطاتها لا تعترف بمواطنتك. ورغم انك اقدم منها بكثير في هذه الارض، وجذور اجدادك تمتد عميقاً في تربتها. -الدولة سعيدة؟ كيف؟ -لسنا اشطر من الجامعات الامريكية، فاحدى هذه الجامعات في كولومبيا، قررت ان دولة اسرائيل "تحتل" المرتبة الحادية عشرة في سلم السعادة العالمي، بينما هي في المرتبة الاولى من حيث احتلالها لدولة مجاورة، صارت عضواً في بعض مؤسسات الامم المتحدة. دولتنا هي الحادية عشرة من حيث السعادة من بين مئة واربعين دولة! لأول مرة تسمع ان دولة محتلة وسعيدة في نفس الوقت. فما عليك والحالة هذه الا ان تكون سعيداً كما قررت لك الجامعة الامريكية. البوارج الامريكية تملأ شرق البحر المتوسط، على متونها مئات الطائرات المقاتلة والصواريخ الذكية، ترغي وتزبد كالبحر الهائج الذي يحملها، مهددة متوعدة سوريا، بسبب سلاحها الكيماوي! كأنما نسوا ما فعلت ذرتهم في كوريا وفيتنام واليابان. ونسوا ما فعلوه في العراق وليبيا وافغانستان. نسوا تجاربهم الذرية في المناطق الجزائرية المأهولة. نسوا ما اعترفوا به انهم كانوا يلقون بالثوار الجزائريين في نهر السين.. ومع ذلك يجب ان تكون سعيداً!! هذا السلاح الكيماوي وغيره من الاسلحة "فضلة خير الغرب" نفسه: قد يتم استخدامه لدى اول موجة من اموال الجنون الامريكي، فيصيب القلاع البحرية (ثمة ما زال في العرب مثل جول جمال! اتذكرونه سنة 56؟) ويصيب سكان القلعة البرية (اسرائيل)، ممن كانوا في آخر طوابير الكمامات ولم يحصلوا عليها. وربما يصيب جيوب الممولين في السعودية وقطر. ومع ذلك يجب ان تكون سعيداً لأن جامعة امريكية قد درجت الدولة في المرتبة الحادية عشرة في سلم السعادة العالمي! اسلحة اسرائيل الذرية –الله يذكرها بالخير- قد تنطلق من عقالها، فتشعل النيران المميتة في سوريا ولبنان وايران، (لو كانت تقدر بمفردها لانطلقت من زمان) وربما يرتد بعض غبارها "المبارك" نحونا في اسرائيل، فيموت "كل من انتهى عمره"! ومع ذلك يجب ان تكون سعيداً، لأن جامعة امريكية قررت ان تكون دولتك سعيدة!! نصف الشعب هنا يعيش تحت خط الفقر، واكثر من نصف اطفاله تحت هذا الخط. لا يجد المسن ثمن الدواء الذي يجب ان يتناوله فيستغني عنه مرغماً. ولا يجد الطفل ساندويتشاً يلتهمه في ما بين الحصص المدرسية، لأن الدولة تريد شراء الغواصات الالمانية والصواريخ الذكية، ومع ذلك فما عليك الا ان تكون سعيداً، بل وتضحك ايضاً!! العالم يعيش على اعصابه، بترقب وهلع، يتساءل: هل يفعلها هذا السافل المستعمر الجديد اوباما؟ فيلحق سوريا بالعراق بسبب كذبة!! المظاهرات الصاخبة تنطلق في كل عواصم الدنيا تنديداً بالضربة الامريكية المحتملة، حتى في دول الشر ذاتها، كالولايات المتحدة وبريطانيا! ولعل الامر الوحيد المضحك فعلاً لشدة مفارقته وغرابته، ان العالم كله منشغل في منع ضربة الجنون الامريكية هذه، ووحدها الجامعة العربية تستعجل شيخ القبيلة الامريكي اوباما، في ايقاع الضربة القاضية، ربما تجنباً لحرج قد يصيب هذه الانظمة، بسبب زواجها غير الشرعي (ربما هو جهاد النكاح!!) من المنحرف الاسرائيلي!! ومع ذلك، عليك ان تكون سعيداً وتضحك! معركة انتخابات السلطات المحلية، تكاد تبذل فيها الارواح، وتبذل فيها الاموال الطائلة، التي لو انفقت في مجالات التطوير الحيوية، لتجنبنا مرافقة اطفالنا الى كرمئيل الرابضة على اراضي نحف والدير والبعنة ومجد الكروم، لحضور مسرحية، لأن مدينتنا تفتقر الى مسرح. هي معركة تستيقظ فيها كل الترسبات العائلية، وكل الاحقاد والضغائن المنطلقة من مقولة "من ليس معي فهو ضدي" وهوبالتالي عدوي. قد ينجح الرجل غير المناسب في معركة تسود فيها الوعود الكاذبة، والمخالفات القانونية في مجالات البناء والحدائق الخضراء والشوارع! معركة نتحدث فيها عن الطهارة والاستقامة والنقاء، ونشتري الضمائر والذمم، والدفع من تحت الطاولة!! والصوت بآلاف الشواقل! ونحن شعب يتحلب ريقنا لمرأى النقود! كأننا لسنا في معركة "حضارية راقية" كما يطالب الجميع، بل في حرب ضروس. ومع ذلك فعلينا ان نفرح ونضحك لأننا سعداء حسب قرار الجامعة الامريكية! طمأنني احدهم انه ليس فقط لن يصوت لمن يدفع له المال، بل سيبقى على خطه السياسي و"ليبلط البحر"! فهو لا يستطيع ان يعيش بدون انتماء وبلا جذور. اليس المال الذي دخل البلد، يقول، يخص الشعب هناك؟ أولست واحداً من هذا الشعب؟ فليعتبروا ان ما وصلني هو حصتي من تلك الثروة، وبدون شروط!! اليسوا يدفعون تكاليف الحروب التي يشنها الغريب على شعوبنا؟ فلماذا لا يعتبرون ما اقبضه حصة الصمود والمقاومة السلمية، التي ابديها انا وصحبي في هذا الاتون!! في كل اسبوع يغلق مصنع ما، ابوابه، فيلقى بالكتل البشرية العاملة فيه في دنيا الشتات والجوع، الا اذا قامت السلطة بتسديد العجز المالي الناتج عن امتصاص الحيتان لدم العمال، لاطالة عمر المصنع بعض الشيء، ويغلق فيما بعد! تستشري البطالة ويستشري العنف والتحشيش والانتحار، ومع ذلك فما عليك الا ان تضحك لأنك سعيد، لأن جامعة امريكية قررت وقرارها نافذ، ان دولتنا سعيدة، فافقع في قبرك ايها الفيلسوف الرسام الأديب القائل: "وما السعادة في الدنيا سوى شبح". نحن باختصار قاعدون فوق فوهة بركان لا يدري احد متى تنطلق حممه في اقفيتنا، ومع ذلك يجب ان تكون سعيداً وتضحك،لان جامعة امريكية قررت لك ذلك!! فسامحني يا اخي ان ضحكت خلال الحداد عليك، فالعم سام قرر لي اني سعيد. وسلام لك وسلام عليك. وليكن مكانك – كما كنت تؤمن- حيث الصديقون والصالحون والابرار...
#يوسف_فرح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لبنى، ايتها المرأة المتمردة
-
شكرًا أمريكا، شكرًا اسرائيل!
-
وليس غدا
المزيد.....
-
حماس تعلن مقتل 4 من مقاتليها بغارات إسرائيلية في الضفة الغرب
...
-
-5 شبان يمارسون التأمل-.. مقطع فيديو قد يفك لغز حرائق كاليفو
...
-
-أيها الدموي.. يا وزير الإبادة- هكذا قاطعت سيدتان خطاب أنتون
...
-
سفن -أسطول الظل- تتحدى العقوبات الغربية وتحافظ على تدفق الأم
...
-
عرض نتنياهو لا يُفوّت.. ما هو ثمن بقاء سموتريتش في الحكومة و
...
-
زيلينسكي يزور بولندا لحل قضية استخراج رفات بولنديين قتلوا عل
...
-
أردوغان يطالب إسرائيل بالانسحاب من أراض احتلتها ويتحدث عن أك
...
-
فيتسو سيحضر احتفالات 80 عاما على النصر في موسكو على رأس وفد
...
-
رئيس بردنيستروفيه: روسيا ستزود بلادنا بالغاز كمساعدات إنساني
...
-
تقرير يتحدث عن شروط مصر لتطبيع العلاقات مع سوريا الجديدة
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|