|
جودي الكناي:أهتم كثيراً بالبورتريت الذي يتناول دواخل الشخصية ج1
عدنان حسين أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4221 - 2013 / 9 / 20 - 13:23
المحور:
الادب والفن
توزّع جودي الكناني منذ بداية حياته الفنية بين المسرح والسينما من جهة، وبين النقد السينمائي من جهة ثانية حيث تخرّج من قسم الفنون المسرحية بمعهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1976، ثم درس السينوغرافياً لاحقاً في أكاديمية الفنون الجميلة بفلورنسا وأخرج عدداً من المسرحيات من بينها "إلى خليل في الغربة" لمصلحة مسرح الأركانو الإيطالي. ثم انهمك في إخراج سبعة أفلام وثائقية وروائية حين انتهى دراسة الإخراج السينمائي في معهد يون لوكا كارجيالي في بُخارست. وحين انتقل إلى اليمن أنجز "180" حلقة تلفزيونية لتلفاز عدن، كما كتب عدداً غير قليل من المقالات في حقل النقد السينمائي، لكنه وجد ضالته أخيراً في الإخراج السينمائي على وجه التحديد، خصوصاً عندما استقر في كوبنهاغن وأنجز عدداً من الأفلام الروائية والوثائقية أبرزها "معرضي الجوال"، "عندما تغضب الجنرالات"، "رحلة إلى الينابيع"، "الأخضر بن يوسف" وفلمه الأخير "السياب" الذي سيرى النور خلال الأسابيع القليلة القادمة. وللتعرف على تفاصيل فلمه الأخير وتسليط الضوء على جانب من تجربته السينمائية التقته "المدى" فكان هذا الحوار:
مراهنة إبداعية *مالذي تعوّل عليه في فيلمك الجديد "السياب" خصوصا وأن قصة حياته وتجربته الشعريه تكاد تكون معروفه للمثقفين العراقيين والعرب على حد سواء؟ أين تكمن قوة رهانك؟ - قلت سابقاً وهذه حقيقه أدركها جيداً ليست مهمتي تقديم سعدي يوسف والسياب إلى الناس فهما لايحتاجان لهذا التقديم. وفي سؤالك الحقيقة التي حدثتك عنها الآن. لكل شاعر أو رسام أو مخرج مراهنات على عمله الإبداعي إلا أولئك الذين يكتبون من أجل الكتابة أو الذين يرسمون من أجل الرسم. العملية الإبداعية تكون مميزة عندما تستند على رؤيا، بمعنى أنها ستكون لها ثمار لاحقاً. قبل أيام اتصل بي طالب فن من البصرة وأخبرني بأنه قرأ سيناريو "السياب" عن طريق أحد الأساتذه الذين عملوا في الفيلم. فسألته: وما الذي وجدته فيه؟ فقال كتابه غير مألوفه عندنا! هنا أود أن أقول إن غير المألوف عند الذين قرأوا السيناريو يعني لي الجديد الذي أعمل على تحقيقه. وأنا أراهن أن فيلم "السياب" سيكون قراءة فنية جديدة لهذا الشاعر الكبير، قراءه غير مألوفه، وهذا الشيئ الذي يهمني كثيراً وأعمل على تحقيقه فأنا معني كثيراً برؤيتي للأشياء وطريقه إيجادي لها.
بورتريت شخصي * وصفتَ أملامك الوثائقية ذات الطابع الثقافي بالبورتريت السينمائي. ما الذي تعنيه بـمصطلح البورتريت السينمائي وما هي أبرز خصائصه وسماته؟ - البورتريت في السينما هو نوع من أنواع الأفلام التي تركز على شخصية واحدة بحيث يتم تناول أدق التفاصيل في حياتها الشخصية، يومياتها، وعلاقاتها الخاصة، وطريقة حياتها، ونمط تفكيرها، ونتاجها الخاص سواء الأدبي أم الفني أم منجزها الذهني وكل العناصر الأخرى الموجودة في الفيلم هي جزء من عناصر التركيز على هذه الشخصية. وهناك الكثير من المخرجين الذبن طوّروا الشكل الأولي لهذا النوع من الأداء السينمائي. في البدايه كان التركيز على الشخصية فقط ودراسة عوالمها الشخصية الداخلية، وكيفية تعاملها مع المحيط. لاحقاً تطور العمل بإتجاه دراسة شكل التفاعل بين الشخصية ومحيطها، ونوعية التأثير المتبادل بين المحيط والشخصية. أنا شخصياً أهتم كثيراً بالبورتريت الذي يتناول دواخل الشخصية لأنني أعتقد أن التأثير الحاصل من قبل الشخصية على الواقع الاجتماعي كبير ارتباطاً بمستوى الشخصية التي نعمل عنها البورتريت رغم أن التأثير يبدأ أولاً من المحيط على الشخصية من أجل بلورة البدايات الذهنية الأولى لهذه الشحصية. في رومانيا عملت بورتريتاً عن رسّامة أسميته "المعاصر" وكان بورتريتاً تعبيرياً يتناول الدوافع الشخصية لهذ الرسامة واختيارها فن الرسم للتعبير عن دواخلها. فيلم "الاخضر بن يوسف" هو بورتريت، لكنه شكل موسع بحيث قدمنا قراءة الشاعر للأحداث التي أثّرت في نتاجه الشعري وقراءتي له كمخرج. أما فيلم "رحلة الى الينابيع" فهو بورتريت بحدود أضيق، بمعنى تقديم تجربة المخرج البياتي في إيطاليا من دون التوغل بعيداً في علاقته مع المحيط لأنها تجربه لا تشبه التجارب الذاتية للشخصيات التي عملت عنها افلاماً، أي التركيز على جهده الشخصي وأخير أود أن أقول إن مستوى أي عمل فني والتوسع فيه والبحث عن تفاصيل كثيرة في الشخصية التي نعمل عنها بورتريتاً مرتبط أيضا بحجم الإنتاج.
موقف شجاع *لماذا لم يُعرض فيلمك الوثائقي الطويل "الضحيه الحي" ؟هل ثمة إشكالات في موضوع الفلم وقصته أم أن هناك أسباباً اخرى؟ - كان في فيلم "الضحيه الحي" الكثير من المغامرة، ربما مغامرة لم تكن نتائجها محسوبه بدقه من قبلي. مادة الفيلم فيها تحدٍ صارخ لكل مفاصل المجتمع الدنماركي وخاصة اليمين المتطرف الذي يحاول إيجاد أي سبب مهما كان تافهاً وبسيطاً للهجوم على الأجانب. في عام 1986 حدثت في كوبنهاكن "جريمة" لم يكن مخططاً لها وهي أن شاباً عراقياً وديعاً ومسالماً جداً أعرفه شخصياً من كثب قد التقى باصدقائه في كافتيريا ليحتفل معهم بالحصول على الإقامة اضطرته الحالة أن يدافع عن نفسه أمام اثنين من الشباب الدنماركيين الثملين وقد حاول كثيراً تفادي الاصطدام معهما، لكنهما هاجماه بشراسة وقذفاه بأبشع الألفاظ العنصرية الأمر الذي اضطره للمواجهة وضرب الأكثر تطرفاً فيهما فجرحه وتم نقله إلى المستشفى وفارق الحياة وأُعلن لاحقا أن القتيل شرطي. لم يهرب العراقي، بل سلّم نفسه إلى الشرطة. وكانت فرصه لليمين من أجل أن يواصل الهجوم بغية تشديد القوانين على الأجانب ثم أصبحت هذه الواقعة حديث الساعة وحتى عملية الدفن كانت استعراضية فقد توافد المئات من رجال البوليس لإلقاء التحية الأخيرة وفي كل عام يضعون المئات من باقات الزهور في المكان الذي سقط فيه. لم يحظَ العراقي بمحاكمة عادلة وهذه قناعة المحلفين أيضاً، ولكن وزارة العدل التابعة لحزب المحافظين مارست ضغطاً كبيراً على المحكمة من أجل إدانة موقف العراقي كجريمة مع سبق الإصرار علماً أن الحادثة كانت دفاعاً عن النفس، وأنا شخصياً قد اتصلت لاحقاً ببعض المحلّفين الذين كانوا في المحاكمة وأكدوا مظلومية العراقي. ثم اتصلت بالحاكم الذي حكمه ثماني سنوات علماً أن الاتفاق مع المحلفين هو أن يُحكم سنتين فقط. رفض الحاكم بشكلٍ قطعي مقابلتي مما اضطرني أن أسجل محادثه معه من دون أن يعرف ذلك، أو أن يعطي موافقة وكانت هذه إحدى النقاط القانونية التي لم تكن لصالحي، فعندما سألت الحاكم عبر الهاتف عن حجم المظلوميه التي وقعت على العراقي أجابني بشكل فيه الكثير من الاستهزاء بمعنى ظلم وثم ماذا؟. رفض التلفزيون عرض الفيلم بحجة أن المحكمة انتهت، ولكن قناعتي ليس هذا هو السبب الحقيقي إنما هم لم يكونوا راغبين بفتح جبهة سياسية ضد حكومة ائتلاف اليمين. المهم أن الفيلم يسلط الضوء على معاناة هذا الشخص الذي أؤمن ببراءته. وعلى الرغم من أن الفيلم لم يُعرض لكنني سعيد بموقفي الشجاع تجاه هذا الإنسان الذي تنصّل عنه الآخرون.
عجلة السينما العراقية *هل تعتقد أن عجلة السينما العراقية قد تحركت الآن خصوصاً وأن وزارة الثقافة قد دعمت ثلاثة عشر فيلماً لمناسبة بغداد عاصمة الثقافة العربية؟ - ثلاثة عشر فيلماً ليس رقماً بسيطا في عملية الإنتاج السينمائي في بلد ترتبط حياة شعبه بالمناسبات. وبغداد عاصمة للثقافة العربية هي مناسبة مهمة تستحقها بغدادنا، لكن إذا كانت هذه الأفلام سببها هذه المناسبه فأنا شخصياً أتمنى أن تكون حياة العراقيين كلها مناسبات حتى تستمر عجلة السينما العراقيه بالدوران. أنا أثمِّن كثيراً هذا الدعم وأتمنى أن ترسم الدولة إستراتيجية من أجل تطوير هذه الصناعة التي يشارك السينمائيون في رسم معالمها.
#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السينما فن تعبيري أكثر تعقيداً من الفنون الإبداعية الأخرى
-
الواقعية التعبيرية في لوحات الفنان إبراهيم العبدلي
-
-الصمت حين يلهو- لخولة الرومي
-
الخصخصة وتأثيرها على الاقتصاد العراقي
-
قصيدة للشاعر صلاح نيازي في العدد التاسع من مجلة -Long Poem-
...
-
المعيار المنهجي للناقد عبد الرضا علي في النقد والتقويم
-
تقنيات الخط العربي وأشكاله الجمالية
-
قراءة نقدية في المجموعة الشعرية الثالثة لسلام سرحان
-
مدينة كاردِف تحتضن أمسية ثقافية عراقية منوعة
-
بدايات المنهج العلمي ومراحلة منذ عصر النهضة وحتى الوقت الراه
...
-
الطاقة في جسم الإنسان
-
بغداد عاصمة الثقافية العربية بعيون أبنائها المغتربين
-
البصمة الذاتية والصوت الخاص للفنان أمين شاتي
-
أمل بورتر في ندوة في -بيت السلام- بلندن
-
مشاكل المرأة العراقية في المملكة المتحدة
-
احتفاءً بالمنجز الأدبي للشاعر الراحل عبد السلام إبراهيم ناجي
-
تاريخ عربستان وثقافتها
-
الثابت والمتغير في واقع ما بعد الثورة في تونس
-
همسات مقدّسة في المركز الثقافي العراقي بلندن
-
في أمسية بالمركز الثقافي العراقي بلندن (ج4)
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|