أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العصبيةُ والعمران(3)














المزيد.....


العصبيةُ والعمران(3)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4221 - 2013 / 9 / 20 - 08:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حين بدأت الدول العربية تتململ من سيطرات القوى التقليدية الكبرى خاصة السلطنة العثمانية جاءت القوى الغربية مدعيةً الحداثة وإنتاج عصر جديد.
لم تكن لبريطانيا عَصبية أو هيمنة تقليدية في المركز لكنها في سيطرتها على بعض الدول العربية كرست تلك الهيمنة عبر التعاون معها وتصعيدها.
إنها تستنهض وتعمم القوى التقليدية، لهذا فإن علاقات الإنتاج الإقطاعية سيُعاد تشكيلها مع تصعيد العلاقات البضاعية الرأسمالية في جوانب معينة.
إن التكوينين التقليدي والحديث المزيف سيُربطان في بنية اجتماعية واحدة، تخضع لتطورها التاريخي، وصراعات القوى الاجتماعية داخلها وحولها.
في العراق الذي هو مثال واضح قوي على هذه العملية المركبة المتناقضة تحول المندوب السامي لسلطة مطلقة يهيمن على ما يصدر من تشريعات ويكون المَلكية التابعة، والوزارة والمؤسسة البرلمانية الذيلية له.
لقد قيل بأن العهد الجديد يهدف للخروج من هيمنة عثمانية (إقطاعية شديدة الاستبداد والتخلف والتعصب القومي والديني والطائفي، وفي مجتمع ما يزال يرزح تحت سيادة العلاقات البدوية الأبوية والإقطاعية البالية)، (فهد والحركة الوطنية العراقية: كاظم حبيب وزهدي الداوودي، ص26، دار الكنوز).
ليست العلاقات الإقطاعية بقايا بل هي نمط إنتاج، هي علاقات مسيسة مشكلة للبنية الاجتماعية، ولهذا حين يغدو المندوب السامي مكان الخليفة العثماني أو الوالي، فإنه يواصل إنتاج البنية في ظل ظروف مختلفة.
تباين النمط مع العلاقات البضاعية الرأسمالية هو تباين غير تناحري، فالنمطُ يهيمن على تلك العلاقات بأشكالها الجديدة ويخضعها لقوانين تطوره.
ولهذا تحدث ظاهرات متناسقة، فالجيش البريطاني يهيمن ويضعف التطور العسكري الوطني، وتغدو له امتيازات مثل القرون الوسطى، ولهذا تغدو مفردات مثل(البرلمان) والصحافة الحديثة والأحزاب على غير مسمياتها الحقيقية، ويصير النفط كثروة حديثة مثل الخراج، فهيمنة الشركات البريطانية تزحزحُ الشركات الألمانية مثلما توقف سكة الحديد وتندفع الحكومة الأمريكية هجوماً على سيطرة الإنجليز على النفط حتى تُستبدل بالشركات الألمانية.
الفوائض النقدية النفطية تتجه للغرب وتُوسع السوق العراقية الداخلية للمنتجات البريطانية، وتُرفع فئاتُ التجار المستوردة لها، وتغدو هذه الفئات هي المالكة للصحافة والممثلة في البرلمان.
فيما تُحارب المحاولات الصناعية الحرة إلا في أثناء الحرب العالمية الثانية حين تدعو الحاجة لها، وحين يتصاعد النضال من أجل التصنيع والتحرر الوطني.
كما أن الارتباط بالمركز البريطاني والمركز الأمريكي يؤدي لجلب ظاهرات مشكلات الرأسمالية وهي في بلدانها، حيث تؤدي أزمة 1929 إلى مشكلات اقتصادية وطنية كبيرة.
وفيما تنهب شركات النفط جسم الثروة الوطنية الرئيسية وتمنع حدوث التراكم الرأسمالي الوطني الإنتاجي، توسع الاستهلاك البذخي، وتصعد فئات زعماء القبائل ورجال الدين، نظراً لقيامها بهدم البنية التحديثية في مجالات العلاقات الاجتماعية وأنماط الوعي، وإضعاف أشكال الفكر والفلسفة العقلانية.
تقوم السلطة المسيطرة بإعادة العلاقات الإنتاجية العامة السياسية، فتخلق الكابحَ الكلي الذي يؤدي على مدى عقود التاريخ القادمة لتحجيم حتى العلاقات الرأسمالية التي تشكلت.
وهذا الكابح يتجسد في بروز قوى العشائر والقوى الدينية وصعودها في ظل سيطرة دولة حداثية كبرى، فهذه القوى التقليدية المُعطى لها فرص الانتشار وإعادة تجديد خلاياها القديمة تتوسع في المدن وتتغلغل في المؤسسات السياسية والفكرية والاجتماعية، ثم تصعد قياداتها بعد عقود كما تتوج الأمر في السيطرة الأمريكية التالية.
إن الأشكال الوطنية والنهضوية تقاوم، فتظهر برامج حكومية لتطور الصناعات ودعمها، رغم هشاشة ما يُخصص لها من أموال على مدى عقود، وأغلبها في الصناعات الخفيفة، كما أن الحكومات التالية والجمهورية تتوسع في الصناعات لكنها لا تحدث هدماً لعلاقات الانتاج البنيوية.
هكذا عمدت العصبية البريطانية وقد لبست لبوس الشرق التقليدي في إنتاج عمران ملتبس متناقض، يزدهر أغلبه في بلدها، عبر استنزاف المواد الخام النفطية والزراعية، بينما يموج بالتناقض والحصار في البنية الوطنية المحلية، وهي بنية مماثلة للدول العربية الأخرى حسب مستويات تطورها، ولن يحدث فيها تبدل كياني ساحق.
لهذا كله تزداد العودة للوراء لأن العلاقات البضاعية لا تصل لذروتها عبر سيادة رأس المال الصناعي مع كل نتائجها التحديثية، فتغدو المراوحة التاريخية، حتى يضعف الجسم الوطني من الضربات ويتدرج في الانهيار.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصبيةُ والعمرانُ (2)
- العصبيةُ والعمرانُ (1)
- هيكل والقومية
- النكوصُ الحضاري
- عوائقُ التغييرِ
- ضياعُ المقاييس والعدالة
- الذكورةُ والصحراءُ
- تيارات اجتماعية وليست فقط جماعات
- المسيحيةُ والإسلامُ تجريداً وتحليلاً
- الوعي والتغيير
- صراعٌ غيرُ بناءٍ
- المذهبيةُ في الفكر
- المرجعيةُ الفكريةُ ل«حزبِ الله»
- مهزلةُ أوباما السورية
- نموذجانِ مأزومان
- جمودٌ مطلقٌ
- المثقفون والتحولات
- رأسماليةُ الدولةِ العسكرية
- تذبذبٌ حارقٌ
- قراءةٌ غيرُ موضوعية للتاريخ


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العصبيةُ والعمران(3)