|
الفرق بين روايات ماركيز وسلمان المنكوب
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 4220 - 2013 / 9 / 19 - 01:02
المحور:
الادب والفن
الفرق بين روايات ماركيز وسلمان المنكوب نعيم عبد مهلهل
الغرام الحقيقي هو ما تعطيه وأنت تمسكَ الجمر لتحرق من معكَ وسلمان يغني لكم من شفتي شاكيرا ليصنعَ مثل هذا الغرام ، فيما غابريل ماركيز يحسبه خصما روائيا لدوداً فالنفس البشرية تعطي عندما تشعر أن في جوعها بلاغة لكلام يشبع الآخر عطرا قبل أن يشبعهُ خبزا وجسدا ..! الله جعل حواء مكملا لما يحتاجه آدم ...وحين أخطأت ... فكرَ آدم ليجعل من خطيئتها حاجة اكبر ...وعندما حملت في رحمها من آدم ...الله علم آدم النسيان قبل التذكر ...ليكون يومه معها جديداً..! آخرَ العلاج الكي ...وآخر رعشة في هذهِ السمفونية ... شاكيرا تتحضر لزفافها ..وماركيز يعاود كشف الاحساس المخفي بوصيته وسلمان في القبر بدون كهرباء ..
مقطع من نص قديم
عام 2012 صدر كتابي القصصي ( غراميات شاكيرا وسلمان المنكوب ) في ردِ فعلٍ روحي مني أزاء فقدان واحد من أجمل صناع الشجن العراقي في سمفونيته السومرية الهائلة والآتية اصلاً من مشاعر ما تعكسهُ لنا ( ملحمة جلجامش) عندما فقد الملك الأوروكي خلهِ انكيدو وصارَ يمرُ كل يوم على بيتهِ فيجدهُ فارغاً ، فجاءتْ أغنية المطرب الراحل سلمان المنكوب ( أمرن بالمنازل ..منازلهم خلية ) ومنذ قبعة الجيش وخواطر عرفاء الفصائل المغرمينَ بأغانيَّ هذا ( المغني ). أشعرني صوت سلمان بطاقةٍ هائلةٍ في ليل الضجر الشمالي لأمضي في أستذكار ايامي على شكل حكايات اجمع بعض من تفاصيلها في رواية يخطلها قلم الرصاص ، وأشعر أن صوت ( سلمان ) وبحته الشجية يصحح معي التفاصيل والمشاهد والفصول ويقودني بفطرتهِ وطيبته الجنوبية الى أبعد ما أريد الوصول اليه في جعل المحكي الذي انتجه قريب من قناعتي بصناعة ما أوده وأشتاق اليه ويجعل الاضواء مسلطة عليَّ بولادة كاتبٍ موهوبٍ صنعَ من جحيم حروب الرواقم ومياه الاهوار الضحلة وغابات البعوض في بحيرة الاسماك ومخافر تلال سلسلة حمرين روايات وقصائد هي السيرة الذاتية وخداع حماسنا في شعورنا أن الوطن يهددهُ الاخرون وعلينا أن نتحول الى مشهدين في نهارات الوطن ، أما نعوشا أو عشاقاً يعرفون تماماً كيفية ممارسة الغرام بفنيةٍ عاليةٍ. في ذلك الزمن عندما كانت الحروب تسجل خواطرها بحبر الشظايا وجمال ونحافة الليدي ديانا سبنسر اميرة ويلز وظهور الساحر ماردونا في ساحات كرة القدم وامتلاء حوانيت الجيش في الوية المقاتلة بصناديق علب الببسي كولا بسعرٍ مدعوم . جاءتنا رواية غابريل ماركيز ( مائة عام من العزلة ) لتدخل دهشتها وغرائبيتها في ذائقتنا القرائية وترغمنا على التحول والانبهار وحتى التقليد بجعل فنتازيا غابريل السحرية من بعض وقود الكتابة الابداعية عندنا ، لنستقبل منه اسحاراً اخرى في ( خريف البطريق ، وليس للعقيد من يكاتبه ، وفي يوم نحس ، ورائحة الجوافة ) حتى صارت تلك المدونات الساحرة ملازمة لحقائبنا ونحن نلوذ بجهات الحرب مع رعب الموت ورعشة صوت سلمان المنكوب ومطاعم الطريق التي تقدم لسواق الحافلات الأكل الجيد ولنا تقدم لحوم الحصان والرز البائت . كان لماركيز رواياته على شكل كتب توقظ فينا اللحظة الانسانية بشكلها العابر للقارات حاملة معها دهشة اللغة وحداثة المخيال ووقائع تكاد تقارب تماما واقعنا ولكن برؤية عالية التناول والغرابة والرومانسية ، فقد كانت رواية ( مائة عام من العزلة ) حدثاٍ على مستوى البناء الروائي شكلا وحدثا ولغة وفنتازيا غرائبية لم نعتادها في كلاسيكيات وواقعية ما كنا نقرأه منذ هوميروس وحتى كولن ويلسن. وكان لسمان المنكوب رواياته ايضا ، حنجرتهُ المليئة بقارات الحزن والحكايات وسعال دخان سكائر الجنود وهم يكتبون من وحي المنازل الخالية رسائلهم الى حبيباتهم وزوجاتهم واهاليهم. وقتها شعرت أن لهذه الحرب شاهدين يقظيين وفاعلين هما روايات ماركيز وحنجرة سلمان التي افترضها اليوم راوية ساحرة لماتنطق به مشاعر الجنود وتحسه. حتى أن سلمان في قدرته على منحنا طاقة الروي ، وربما يكون هو الراويَّ يتفوق في بعض ساعات الليل على الاعادة المكررة بالنسبة لنا في قراءة عزلة ماركيز لمزيد من المتعة فيكون التمازج الشعوري واللاشعوري قائمٌ في الجمع بين الروائي والمطرب في نص واحد ونحن نناجي الامكنة البعيدة التي تركناها هناك وصرنا في هذا الليل نتعلق مثل نجوم الثريا على ربيئة في جبل تاريار بمنطقة بنجوين سماها الجنود ( المنازل الخالية ) ربما لانها تطل على قرية كردية هجرها اهلها بسبب مدافع القصف المتبادل وكان اسمها قبل هذه التسمية الجديدة ( ثدي الغزال ): ((أنت يا أمي ..الأغنية العاطفية الأشهى في جلسات كل برلمانات العالم ...أنت يا نغم الوشم الصيني في صحن خزف عليه صورة ( الملك والزعيم ) ، وأين الوصي ...؟ العرفاء يعرفون مصيره .. ديغول يقول :كل ملكية زوالها قسوة الدمعة .وكما عند المعري هذا ما جناه أبي ...لويس السادس عشر يكررها : هذا ما جناه مخدعي وسرير نومي..)) مخدع أمي في صوت سلمان ومنازل التي جعلتها الحرب خالية ..هناك فوق نهود جبال الله المرتفعة كهامات السحب السكرانة والنعسانة والعريانة أمازج بين نبيذ كولومبي وشيئا من حنجرة سلمان .هذا توافق الاشتياق المميز بطاقاته الجنسية ، حتما لا تصنعه غير أمهات من الضوء والنواح وشق الثوب من الصدر... أو تلك الفنتازيا التي تأخذ من سلمان هاجسها وتقول : ((تتحدثوا عن الشوق في العلن لأنه عندما لا يكون سرا مكتوما فلن يُخلدْ الشوق أبدا.. ! أمي تلتْ هذه العبارة في قداس الأميرين شارلز وديانا : لا تسمعوا موزارت والموسيقى الارمنية المدهشة قبل أن تسمعوا سلمان المنكوب .وأبي كتب هذا في وصية موته :لا تقولوا إلا وبطونكم تغرد فيها عصافير البرتقال ...هذا ما أخبرنا به الحاج ماركس....تعرفونه كلكم .....الرجل الذي دخل كتب الابتدائية من استمناء الخبز وعصي الشرطة وشفاه مارلين مونرو...الرجل الذي غنى ( شمس الأصيل وأنت عمري ) في جبهات الحرب بشمال العراق وجنوبه...الرجل الذي لم يبعنا ولكننا بعناه بقرعة السلع المعمرة واجبان لا فاش كيري وفيزا الصيف إلى سواحل اليونان .. وأنت يا شاكيرا أنا أسمعكِ الآن وأعيد قراءة ماركيزا مع الغنج الفاحش بين نهديكِ اكتشف الكوليرا وخواطر العقيد والعزلة ونبات البابنك يشرب فينا أقداح الحمى .وأنت يا شاكيرا التي تحب سلمان وأمريكا ألاتينية وقطاع (55)* في مدينة الصدر..لكِ كل دهشة سقراط ، لك لذة قيصر في فم الملكة المصرية .لكِ محبة الله، فكل الطرق تؤدي إلى خصركِ .وحدها دمعتي طريقها إلى آلة التسجيل فيلبس..! )) الكولمبي كتب رواياته بطريقته المبتكرة وطبعها على آلته الكتابة وصدرها الينا رواياتً وربما فقدت الكثير من متعتها أثناء الترجمة ، وسلمان كتب رواياته دون أن يبتكر شيئا لأن مافي حنجرته من شذى ومتعة ودموع هو المتوارث الشرعي ورثه من بحة الحزن الاولى التي تحدثت عنها الالواح السومرية وضحايا المختنقين بسبب نفاد الهواء في اقبية الموت الجماعي في مقبرة اور المقدسة وهم يستمعون بخشوع ويأس الى نغم قيثارة شبعاد اليائسة مثلهم في موتها الجماعي الذي ربما يؤكده الرواي سلمان المنكوب من خلال صدى حنجرته انها الاب الحقيقي للمقابر الجماعية التي صنعتها الحروب وطغاتها في العصر الحديث .
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرواية والميثولوجيا ودبابة بول بريمر ....!
-
المدينة الرياضية وهمُ الخليج وكأسه
-
بورخيس ينظر اليها ...وماركيز يسميها أمرأة ( الرواية )*
-
الناصرية مفخخات وأوربا وداخل حسن
-
خاطرتان عن الرواية
-
حرب الجوامع والحسينيات
-
يا أولاد الحلال ( محدش شاف مصر ؟)
-
الفقراء والسياسة.......!
-
جنكيزخان في دبي بحزامهِ الناسف
-
البغدادية وحالة الرئيس الطلباني الصحية...!
-
يزورهُ القديس كل ليلة
-
قل لنار قلبي لاتنطفىء...!
-
المنابر لم تُحسمها بعد ...؟
-
موسيقى الدمعة في تفجيرات الناصرية
-
في مديح الراحل شيركو بيكاس
-
مُوسيقى المِفراس..!
-
رثاء الى فلك الدين كاكائي...!
-
عبد الستار ناصر ..من الطاطران الى موت في كندا ........!
-
القصيدة والمدينة ( الناصرية كافافيس )
-
أساطيرُ مسماية* ( الرزُ بالحنين ..مطبكْ سَمك ْ*)
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|