سامان كريم
الحوار المتمدن-العدد: 4217 - 2013 / 9 / 16 - 13:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كل شئ في سورية فوضى, إنسداد الافق للمستقبل, سيناريو اسود, مستقبل غير مرئي, قتل ودمار مستمر, تصدير المفخخات والعبوات, والارهابيين, قتل بدم بارد, هدم المجتمع بكامله, يضاف الى ذلك انتظار هذه الجماهير لحرب وتهديدات امريكية. المجتمع السوري وقع بين مطرقة الارهابين الاسلامين وسندان النظام القومي البعثي. بين الصراع الامريكي والروسي. في ظل هذه الكارثة التاريخية, ليس لدى الجماهير قوة ولا قوت. ليس لدى الجماهير افق ما للتحرر من هذه الحالة اليائسة, من هذا السيناريو الأسود القاتم.
عملية تصدير الارهابيين وتمويلهم, عمليه سياسية. اما تصدير "السياسية" وتشكيل الميليشيات الاسلامية الارهابية من قبل قلعة الرجعية في المنطقة اي السعودية, وتمويلها ليس كافيا وفق المنظور الاسلامي – الغربي هذا, بل هذه النوعية الوحشية من الجنس البشري التي توارثها التاريخ جيل بعد جيل منذ مجئ الاسلام... يتطلب التسلية والترفية والمتعة, مثل اي حروب اخرى, مثل حرب العصابات مثل الطواقم العسكرية في الغواصات... مثل الفتوحات الاسلامية الاولي يتطلب "الجاريات". ولكن ترفيههم ومتعتهم وتسليتهم تختلف كليا عن الاخرين, انها ليست تكنولوجيا التسلية المتوفرة في الاسواق... بل انها تسلية ومتعة بجنس بشري بجنس انساني, من هنا وجد الاسلام السياسي ظالته "المرأة" هذه الشيطان اللعين, تبرز وكأنها ملاك النجاة. هذه الشيطان من وجه النظر الاسلامي ولكن وفق منظوره ايضا حاوية يفرغ فيها الرجل شهواته من هنا تبرزهذه الشيطان كملاك, ويشبهها مثل الناقة ويصفها كأنها ناقة وصاحبها الرجل البعير. هذه الشيطان الملاك تبرز وتظهر ولكن ليس بصورة طبيعية ليس بامر ذاتي ومنطق عقلي ذاتي, بل بعد تفخيخها مثل السيارات المفخخة... تفخيخها عقليا... اي غسل العقل بالكامل ليصبح أبيضً وصافي ليتسنى لهم اي للمصدرين ان يكتبوا عليه كما يشاؤن... وفق نظرية ايوين كاميرون النفسية..
هذه النظرية تدلنا على اعادة صياغة العقل.. وفق قطع "الحس والشعور" وهكذا راينا تعذيب السجناء في ابو غريب في بغداد ومناطق عدة في العالم: "في البدء تحرم الحواس كليا من استقبال أي معلومات (وذلك بواسطة اغطية وسطامَي الأذنين والاغلال والعزل التام). من ثم يعصف الجسد بمحفزات مفرطة القوة (أضواء مبهرة, وموسيقى صاخبة وضرب وصدمات كهربائية) والهدف من مرحلة (التطويع) هذه, هو تحفيز نوع من الاعصار في الدماغ: فيستسلم السجين ويشتد الخوف من نفسه الى درجة انه يصبح عاجزا عن التفكير بعقلانية او حماية مصالحه الخاصة" (عقيدة الصدمة – صعود رأسمالية الكوارث/ نعومي كلاين).
وفق هذه النظرية النفسية التي تسمى "القيادة النفسية" حيث رفض ايوين كاميرون النظرية الفرويدية "المعالجة بالكلام" او وفق هذا الاسلوب "الاستجواب القسري" يتم تحضير الفتاة, ويتم غسل دماغها عبر عزلها عن العالم الخارجي بواسطة الخرافات والتبجيل والمواويل المختلفة التي تروج ضد الخوف من الشياطين والجن وتقديس الاخرة, وايضا كيس من النقود, وفق عملية الشراء والبيع في اي خانٍ لبيع جسد المرأة والمتوافرة في امكان كثيرة في العالم. في الفلبين البلد الذي يعتاش الراسمال على عمل بائعات الجسد, يطلق الاسم على هذا العمل "فتيات للضيافة" إسم إيحائي لبائعات الجسد, إسم ملطف ويدل على حسن الضيافة الجنسية مع وجبات طعام راقية وفنادق من درجات عالية, وهكذا تم تسمية الفتيات التي تم تصدريهن الى سورية "بجهاد النكاح". الراسمال في الفليبين يجني ربحه من وراء "فتيات الضيافة" وهنا ايضا السعودية وقطر وتركيا وامريكا اي الراسمال على الصعيد الدولي يجني ربحه من وراء "جهاد النكاح" والربح السياسي يتقدم على الربح الأقتصادي وهذه هي ميزة مراحل الازمات السياسية او المراحل الانتقالية. المنفعة السياسية هي إن الارهابيين تطول مدة بقائهم, عليه يحتاجون الجنس. لهذا السبب ومن أجل بقائهم, على قواديهم "من هنا ان القواد يفقد صفته الشخصية, الدولة تقوم بذلك بصورة غير مباشرة" ان يصدروا لهم الجنس. كيف وفي اي اطار يفكر الانسان, سواء كان اسلامي او شيوعي او اصلاحي او قومي, امرأة أو رجل .. سيبقى الجنس مثله مثل الاكل ضرورة من ضروريات الحياة. وهذا يفشل كافة الادعاءات الفارغة واكاذيب الاسلام السياسي. اذا لا فيكف بهم بإرسال الجنس الى سورية الى هؤلاء "المجهادين المطهرين!!"؟
المرأة التي يصدرها هولاء المصدرين لا تتعرض الى المعالجة الكهربائية مثل النزلاء في سجن ابو غريب او غوانتانامو او سجن المطار في بغداد, بل تتعرض لأبشع انواع القطع الحسي مع العالم الواقعي, بواسطة الخرافات وتبجيل الخزعبلات, عبر فتاوى الفتونجية. في عالمنا المعاصر للفتوى سوقها, بزنس مثل اية عملية اخرى. تباع وتشترى, وفق مصلحة الراسمالية, في هذه المنطقة او تلك, وفق معيار الربح من هذه العملية, مثلها مثل بيع النفط او اللحم. الفتوى لديها صفة دينية او شرعية, وهذا بالضبط يدل على ان الفتاوي هي في كل مرحلة من مراحل التاريخ في خدمة القوى المسيطرة, والفتاوي هي سياسية بأمتياز, مثل فتوى القزويني الاخيرة ضد الشيوعيين.
وهكذا ان عملية تصدير "المراة" للقيام بزواج "المناكحة" او "جهاد النكاح" هي ايضا عملية سياسية وفي الوقت نفسه اقتصادية في التحليل الاخير. المراة هنا ليس فاقدة لاصل طبيعيتها, لاصل اصالتها الطبيعية, لاصل انسانيتها كانسانة كاملة فحسب بل انها تحولت بفعل عملية "قطع الشعور والحس" الى سلعة دينية تباع وتشترى وتنتهك كامل انسانيتها بكل معنى الكلمة. حيث تقوم المراة بتسليم جسدها "للإرهابي" او ما يسميه الاسلامين "للمجاهد" للترفية عنه جنسيا, هذا نوع من شراء اللذة والمتعة والاحاسيس الجنسية, بالمقابل تحصل المراة على "شرف الجهاد" كما يقولون. هل نرى ذلك في الملاهي او في معارض بائعات الجسد؟ قطعا لا. اللواتي يبيعن جسدهن لاسباب واقعية وموضوعية منها الفقر والمجاعة, ومنها الحرمان الجنسي في البداية وسلب الحريات الفردية والمدنية وفي النهاية ترى نفسها في هذه المحلات, واخيرا إن بيع الجسد اصبح عمل مثل اي عمل اخر في ظل النظام الراسمالي, والراسمال يوفر كل الارضية الملازمة لهذا العمل ليس لتركيع المراة فقط بل لانها عمل واستثمار مربح, هذا ناهيك عن الشهرة لاعداد غيرة قليلة من بائعات الجسد اللواتي تحولوا الى مشاهير واصحاب الملايين, وهذا بدوره ووفق عالم سليبريتزم "الشهرة" يجذب الكثيرين لكسب المال الاضافي حتى اذا كان ليس فقيراً... بواسطة الاعلام اليوم وخصوصا في ظل وجود نسبة عالية من العاطلين عن العمل.. في كل هذه الحالات المراة تعرف وتدرك لماذا تبيع جسدها. لكن في "جهاد النكاح" ليس هناك إلا غسيل الدماغ ولكن هذه العملية ايضا واقعية في عالمنا المعاصر. غسل الدماغ وتحويله الى دماغ أبيض عبر الخرافات كما اكدنا عليه, ليتسى للمصدرين ان يكتبوا عليها كما يشاؤون, وكتبوا عليه "شرف الجهاد" ان توفير اللذة الجنسية للاخرين "جهاداً" بارك الله!!! هذه ابشع واحقر عملية تواجه المراة عبر التاريخ الحديث وتثير الأشمئزاز وتبين حقارة ونفاق الرأسمالية والحركة البرجوازية الاسلامية.
التصدي ومواجهة هذه العملية هي عملية ثورية كبيرة بحد ذاتها, ليس دفاعا عن المراة وانسانيتها فقط, بل للدفاع عن المجتمع البشري قاطبة, وتحريره من براثين الرجعية للرأسمالية, التي لم يبقى لديها تقليد رجعي إلا ان مارسته. "جهاد النكاح" هي اخر علمية برجوازية لتركيع المراة, وقبر كبريائها وانسانيتها, واحساسيها وجنسها كغريزة انسانية. برايي ان صد هذه الهجمة بحق المراة, هي الوقوف بقوة بوجه مصدريها, السعودية وحكامها في المرتبة الاولى, حتى اذا هي بعيدة عنها. انها مركز وقلعة للرجعية في المنطقة وقلعة لتركيع المراة كأنسانة كاملة.
الوقوف بوجه هذه العملية هي التظاهرات والتحشدات امام السفارات السعودية والسفارات التونسية, وهي ايضا عملية ضد الاخوان المسلمين حيث مارسوا هذه العملية في رابعة العدوية والنهضة... ويتطلب ايضا توعية عبر ندوات ومقالات ومقابلات من اقلام تحررية... ويتطلب الوقوف الحازم بوجه الاسلام السياسي وتقاليده من الحجاب الى النقاب والبرقع, والقوف الحازم بوجه شريعتهم وخصوصا في ميدان الاحوال الشخصية... الاسلام السياسي هو المجرم الحقيقي في هذه العملية, ليس مهما من يصدر هذه السلعة "جهاد النكاح" , بل الاهم هي الحركة والقوى التي تقف ورائها, ولكن الاسلام السياسي في هذه المرحلة هي القوة البرجوازية الاكثر رجعية في العالم, وهي القوة المحببة لدى الغرب... عليه ان المجرم في الوقت نفسه هو النظام الموجود, النظام الراسمالي, فبدونه ستجد المراة لها موطئ قدم كإنسانة كاملة كانسانة طبيعية, وحين تريد مزاولة غريزتها الجنسية حينذاك "الطبيعة تعانق ذاتها". فليسقط هذا النظام.
#سامان_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟