|
في طبيعة العلاقة بين المعارضة السورية و القوى الكوردية
آراس كمال مسلم
الحوار المتمدن-العدد: 4216 - 2013 / 9 / 15 - 14:30
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
مع بداية الحراك السلمي السوري في درعا و ما قابلها من عنف شديد من قبل السلطة السورية -;- بدأت تنتقل عدوى هذا الحراك الى المدن السورية بسياسة أقرب إلى الدومينو-;- اتخذت حكومة بشار الأسد و الدائرة الضيقة سياسة واحدة و حازمة تجاه هذا الحراك-;- وهي مقابلة هذا الحراك بأقسى درجات العنف و القمع على أمل أن يهدأ الشارع و تعود الأمور الى ماهي عليه قبل 15/3/2011 -;-بالمقابل على الطرف الآخر في القضية الكوردية كانت سياسة بشار الأسد مختلفة كليا و جذريا عن سياساتها في باقي سوريا. فالبرغم من المظاهرات التي اندعلت في مدن قامشلو و سري كانييه و عامودا و الدرباسية و في عفرين و كوباني قبل مدن سورية ثانية مثل دير الزور و حماة -;- كانت الشعارات التي ترفع لاتختلف عن الشعارات التي ترفع في مختلف المظاهرات السورية -;-و كانت تستخدم نفس التسميات التي تستخدم في مظاهرات سوريا لكن بشار الأسد فضل مقاربة أخرى-;- بدأت من القبول الفوري و الغير مشروط لمنح ما يعرفون ب (الكورد الأجانب) الجنسية السورية )علماً أن هذا الموضوع كان قيد الدراسة و البحث لمدة أكثر من أربعين عاما في عهدي الأسد الأب و الأبن و كانت هي نفسها الإجابات الفسلفية التي لاتغني و لا تسمن ( -;-بالإضافة إلى إعفاء المجنسين حديثا من الخدمة العسكرية انتقالا الى السماح بالنشاط السلمي للحراك الكوردي و الإكتفاء باعتقالات محدودة للناشطين الكورد . السؤال هو لماذا ؟ بشار الأسد رغب في تحقيق غايتين اثنتين من هذه المقاربة مع الكورد: الأولى لم يرد بشار الأسد ان يفتح جبهة مع القوى الأكثر تنظيما و قدرة على الإطاحة بنظامه في سوريا و التي تعرف بتماسكها -;-و التركيز على الحراك الموجود في درعا و حمص و اللاذقية. الثانية هي رسالة للعالم ان بشار الأسد لا يمانع في وجود معارضة سلمية تتظاهر بشكل يومي او اسبوعي -;-و انه يحارب فقط المتشددين من السنة الذين ينتمون للقاعدة فكرا او تنظيما . بينما نجد المعارضة السورية بذلت جهدا و حيدا يتيما -;-هو تسمية أحد ايام الجمع ب جمعة آزادي -;-و في نفس الوقت رفضت التقرب من القوى الكوردية و دراسة مطالبها التي قدمت في مؤتمرات المعارضة -;-و اعتبرت (بسذاجة) ان أي نجاح للثورة السورية و سقوط الأسد هو نجاح للكورد بشكل اتوامتيكي -;-دون الأخذ بعين الإعتبار لخصوصية علاقة الكورد تجاه السلطة السورية التي كانت خارج اطار الطائفية و انما اقرب للثنائية القومية -;-حيث ان المشكلة الكوردية الحديثة ابتدأت بالإحصاء الإستثنائي في محافظة الحسكة و نزع الجنسية عن 150 ألفا من الكورد السوريين -;-و البدء بمشروع الحزام العربي -;-و تغيير ديموغرافيية المنطقة -;-و هي اجراءات ابتدأت من حكومة الإنفصال و استمرت مع الحكومات المتعاقبة حتى تاريخه. وبالرغم من شعور عدم االثقة الذي يحس به الكورد بشكل عام تجاه شركائهم بالوطن إلا ان هؤلاء الشركاء رفضوا اي تقارب معهم و تبديد الشكوك و اشاعة أجواء الثقة. وعلى العكس استخدموا نفس الخطاب البعثي الخشبي -;-و ساقوا لهم نفس التهم التي كانت تساق في عهد الأسد مثل الإنفصال و عدم الوطنية و التبعية للخارج. فهم رفضوا تغير اسم البلد من الجمهورية العربية السورية الى الجمهورية السورية بالرغم من أنه تم اعتماد علم الإستقلال رمزا للثورة وهو الإسم الذي استخدم حتى مجيء البعث -;-و تم رفض اعتماد أي صيغة مفصلة للإعتراف بالهوية القومية الكوردية في سوريا -;-و رفضوا الإعتراف بالإجراءات التميزية التي كانت تتم ضد الكورد تحديدا اضافة لإضهاد بيت الأسد لعامة السوريين . المشكلة الأساسية أن المعارضة لم تفهم ان مشكلة الكورد ليست مع بشار الأسد انما مع منظومة فكرية متكاملة و بالنسبة للكورد لم يكن هناك فرق اذا كان ضابط الأمن من ريف اللاذقية أو من ريف دير الزور او من درعا او من حلب . و في نفس الوقت التي كانت تعيب المعارضة السورية على القوى الكوردية التنسيق مع حكومة أقليم كوردستان العراق و تعتبره عملاً هدفه الإنفصال -;-كانت هذه المعارضة تتلقى تمويلا من قطر و السعودية من باب الأخوة العربية و العروبة و تمويلا تركيا من باب الوحدة الإسلامية و التي لا ترى فيه أي تناقض بين دعوتها لعدم التدخل الأجنبي في الشأن السوري و الترحاب المستمر في وجود مقاتليين أجانب من جنسيات مختلفة داخل الجيش الحر . الإشكالية الحقيقية التي وقعت فيها المعارضة السورية هي انها ارادت من الكورد ان يكونو مقاتلين لديها و هي لا تعترف بوجودهم اساسا , تستخدمهم لتحقيق غايتها ثم التخلص منهم بعد ذلك . أدرك الكورد هذه الإشكالية مبكرا و اختاروا طريقا يفضي إلى اسقاط نظام الأسد و ضمان الحقوق الكوردية و لم يسعوا للهرولة للإنضمام غلى تشكيلات المعارضة السورية التي كانت تتغير بشكل موسمي . الطريف بالموضوع هو الطريقة التي كانت تطرح فيها الحل للقضية الكوردية هي انه بعد سقوط الأسد سوف يتم الإحتكام الى استفتاء لعامة الشعب السوري حول القضية الكوردية و بناءا عليه سيتم حل القضية الكوردية. لكن السؤال هنا ماذا لو قررت الأغلبية السورية انه لا يوجد كورد في سوريا و انه لا يجوز التعليم بلغة غير اللغة العربية و المحافظة على الإجراءات التميزية ضد الكورد ؟ الرد بسيط من جانب المعارضة السورية انه لا يمكن ان يحدث ذلك لأن الشعب السوري حضاري و تعددي بطبيعته ! و هنا يحق لنا أن نسأل : مادامت النتيجة مضمونة! لماذا التاجيل و ترك الأمور لبعد سقوط الأسد ؟ الحقيقة أن واقع المعارضة السورية مثل واقع الشيخ الذي يضمن الجنة لمريديه في سبيل زيادة عددهم و ضمان و لائهم نتيجة لكل من سياستي المعارضة و النظام ان بشار الأسد استطاع تحقيق غايتيه بتحييد القوى الكوردية عن الصدام المباشر معها و ايصال رسالة للعالم انه يحارب قوى تكفريية و ارهابية و ليس معارضة سلمية و قد ساعدته تصرفات المعارضة في ذلك و كما يقول المثل السوري " الحكي ما عليه جمرك " يبقى كلام المعارضة عن الحرية و الديموقراطية و التعددية و السماواة ما لم تقترن بافعال ..و القضية الكوردية في سوريا هي امتحان للمعارضة السورية و تبيان مدى التزامها بالقيم التي تتدعي أنها تناضل من أجلها.
آراس كمال مسلم مدير وحدة الدراسات الدولية المركز الكوردي للدراسات و الأبحاث الإستراتيجية
#آراس_كمال_مسلم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في تحليل الضربة الأمريكية و ردود الفعل عليها
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|