أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - متى يقوم -أوباما- باستبدال اسم سوريا ليصبح -سوريستان-؟















المزيد.....


متى يقوم -أوباما- باستبدال اسم سوريا ليصبح -سوريستان-؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 08:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي
السؤال الرابع والأربعون:
متى يقوم "أوباما" باستبدال اسم سوريا ليصبح "سوريستان"؟

يبدو أن الرئيس باراك أوباما ،غير مدرك تماما بحقيقة ما يجري في سوريا. ويبدو أن أجهزة مخابراته لا تزوده بالحقائق الفعلية كما هي على الأرض. بل تزوده كما يبدو بالمعلومات التي يرغب في سماعها، وهي أن حربا نظيفة تجري في سوريا ، وأن جيش سوريا الحر يقود العمليات العسكرية هناك،وأنه يسيطر على زمام الموقف، بل ويسيطر على ستين بالمائة من الأراضي السورية ، فلم يبق من تلك الأراضي تحت سيطرة القوات الرسمية الموالية للنظام السوري إلا أربعين بالمائة فقط لا غير، مما يجعله يتصور (أي الرئيس أوباما ) أن المعركة باتت على وشك الحسم، وعندئذ سيسيطر الجيش السوري الحر على كامل الأراضي السورية، ويشكل عندئذ حكومة وطنية مستقلة وديمقراطية النهج ، ترتبط بصداقة وطيدة مع الولايات المتحدة ، ساعية لتحقيق ما تسعى إليه في المنطقة. إذ تنهي سوريا الجديدة عندئذ كل ارتباطاتها مع إيران، وكذلك مع حزب الله، وقبل كل شيء مع روسيا الاتحادية، المنافس اللدود للولايات المتحدة في الحصول على مراكز النفوذ هنا وهناك.

فالعلاقة مع روسيا هي الهم الكبير، لكنها ليست الهم الأكبر. فالهم الأكبر هو العلاقة مع إيران التي باتت تشكل أكبر دواعي القلق لأميركا حتى بعد انتخاب حسن روحاني، المعتدل نسبيا ، رئيسا لإيران. فالولايات المتحدة تدرك أربعة أمور هامة وهي: أولا) أن صاحب القرار الفعلي في إيران هو آية الله خامننائي وليس حسن روحاني . ثانيا) أن إيران تسعى جاهدة، كما تقدر الولايات المتحدة، لإنتاج سلاح نووي يرفعها إلى مقام الدول القوية الكبرى. ثالثا ) أن إيران تسعى لبسط نفوذها على دول الخليج الغنية بالنفط، وبالتالي لأن تحل محل الولايات المتحدة في مراكز النفوذ تلك التي تحتلها الآن الولايات المتحدة. رابعا ) أن إيران تشكل خطرا على إسرائيل، ربيبة الولايات المتحدة، والتي تسعى أميركا على الدوام لضمان أمنها المهدد حاليا من إيران، وهو تهديد سيزداد قوة إذا ما امتلكت إيران السلاح النووي.

فإيران قد باتت العدو اللدود لأميركا منذ أن اقتحم الطلبة الإيرانيون الإسلاميون السفارة الأميركية في الرابع من تشرين أول 1980، وأخذوا رهائن كل المتواجدين فيها من دبلوماسيين وغيرهم من العاملين في السفارة. فمنذ تلك اللحظة، تحولت إيران الإسلامية إلى العدو اللدود للولايات المتحدة، وبقيت كذلك رغم الصفقة السرية التي عقدها رجالات جورج بوش الأب مع عدد من عملاء الخميني، وهي الصفقة التي عززت مكانة بوش الأب في مواجهة الرئيس كارتر في الانتخابات الرئاسية، وأفرزت إطلاق سراح الرهائن عشية تسلم بوش كرسي الرئاسة . وكان الثمن الذي دفعه بوش، هو تزويد إيران ببعض السلاح لتعزيز موقفها في الحرب التي كانت مستعرة ضد العراق والتي استمرت ثماني سنوات، وكانت بكل معنى الكلمة ، كما أثبت التاريخ، حرب استنزاف للدولتين الجارتين .

هناك بطبيعة الحال حزب الله الذي لا تكن له الود كل ما أميركا وإسرائيل. وهي إذ تعزز ما تعتقد أنه قوة الجيش السوري الحر، إنما تعتقد أن ذلك سيشكل خطوة هامة نحو القضاء على حزب الله الذي يستمد قوته من سوريا، ومن إيران أيضا التي تزوده بالسلاح عن طريق سوريا ، وبالتالي فإن النظام السوري هو مصدر القوة المباشر لحزب الله.

ولكن الوضع العسكري في سوريا كما تعتقده أو تظنه الولايات المتحدة ، وبالذات الرئيس أوباما، لا يمثل الحقيقة في شيء. فالوضع الحقيقي على الأرض مختلف تماما. ذلك أن ما يقارب عشر تيارات تخوض القتال على الأراضي السورية ضد الجيش النظامي. تسعة من هذه التيارات هي ذات اتجاهات إسلامية بدرجات متفاوتة بين السلفيين والإخوان المسلمين والمتشددين جدا المنتمين للقاعدة. أما التيار العاشر فهو الجيش السوري الحر الذي لا تتجاوز قوته أكثر من عشرة إلى خمسة عشر بالمائة من جميع قوات المعارضة المقاتلة، وربما بات دوره يقتصر على دور بروتوكولي أكثر منه قتالي، وولاؤه موزع بين القيادة، وهيئة الأركان، وقيادة الجبهة الشرقية.

أما التيارات الإسلامية، فهي موزعة على ثلاث فئات رئيسية، وذلك كالتالي :
الفئة الأولى وهي مجموعات إسلامية سلفية بشكل عام، وتسمى جبهة تحرير سوريا الإسلامية. وهذه تضم: لواء الإسلام والتوحيد والفرقان. كما تضم أيضا كتائب الفاروق. وهذه الفئة من المقاتلين، لديهم مشروع سياسي ينفذونه لدى تسلمهم السلطة، وهو بطبيعة الحال مشروع إسلامي.

الفئة الثانية وتسمى بالجبهة الإسلامية السورية ،وهي تضم المجموعات الإسلامية الأكثر تشددا، والأكثر بأسا وانتشارا. وهذه الفئة تتضمن ثلاث مجموعات مقاتلة هي كتائب أحرار الشام الإسلامية، وجبهة النصرة، وجماعة دولة العراق والشام الإسلامية، علما أن الفريقين الأخيرين كانا يشكلان تيارا واحدا، لكن وقع الخلاف بين قادتهما، فانقسموا إلى مجموعتين، إحداهما بقيادة أبو بكر البغدادي، زعيم تجمع دولة العراق والشام الإسلامية التي لها جذور في العراق أيضا، والأخرى بقيادة أبو محمد الجولاني (الملقب بالفاتح )، زعيم جبهة النصرة. ولولا تدخل أيمن الظواهري بينهما، لساءت الأمور ووصلت حد الاقتتال بين الطرفين. وهذه الفئة ليس لديها مشروع سياسي خاص، لأن مشروعها السياسي هو ما تقضي به القاعدة، العدوة اللدود للولايات المتحدة.

الفئة الثالثة وهذه في غالبيتها تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين السورية والعربية، بل والإسلامية القادمة من كل المناطق الإسلامية التي تتواجد فيها جماعة الإخوان المسلمين. وتضم الفئة الثالثة كتائب الحبيب المصطفى، وكتائب شباب الهدى، وكتائب الفاروق، ولست على ثقة بأن كتائب الفاروق هذه هي ذات كتائب الفاروق الموجودة ضمن الفئة الأولى السلفية وولاؤها يتوزع بين الفئة الأولى والثالثة، أم هي فريق آخر مع تشابه في التسميات.

الفئة الرابعة وهي الفصيل العاشر بين المقاتلين، حيث أن كل فئة من الفئات الثلاث الأولى ضمت ثلاث مجموعات، بمجموع كلي قدره تسع مجموعات. فالفئة الرابعة هي الفصيل العاشر إذن. وهذه تضم الجيش السوري الحر المنقسم أيضا على نفسه في ولآته . والجيش السوري الحر يضم عسكريين منشقين عن الجيش النظامي، كما يضم بعض المدنيين المنشقين عن الحكومة، أو مدنيين غير إسلاميين يقطنون في المناطق التي يتواجد فيها الجيش الحر. وولاء المنتسبين للجيش الحر تتوزع بين المجالس العسكرية، فهناك القيادة العسكرية، وهناك هيئة الأركان، إضافة إلى قيادة الجبهة الشرقية.

هناك فئة أخرى قد يمكن اعتبارها فئة مستقلة عن الفئات الأخرى. وأولئك هم الأكراد اللذين ما زالوا يحتفظون، كما يرجح البعض، بشيء من الولاء للدولة السورية على أمل أن يحصلوا في نهاية الأمر على حكم ذاتي. ولكن هذه الفئة دخلت في معارك مسلحة ضد قوات دولة العراق والشام الإسلامية التي حاولت بسط نفوذها على المنطقة الكردية، كما حاولت فرض تطبيق المفاهيم الشرعية الإسلامية كما فهمها هؤلاء فقاومها مقاتلو الأكراد وأبعدوها عن مناطقهم .

وهناك أمر آخر قد يجدر ذكره، وهو أن قوات المعارضة ذات التيار الإسلامي بتنوع درجاته، هي التي تقاتل فعلا في سوريا. أما الجيش السوري الحر، فدوره القتالي يكاد يكون هامشيا، وأحيانا بروتوكوليا . فعندما سيطرت قوات حزب النصرة على مدينة معلولة، وبدأت ترتفع الأصوات خوفا على مصير المسيحيين الذين يشكلون النسبة الكبرى من سكان المدينة ، واللذين نزح نسبة كبيرة منهم من المدينة لدى دخول " النصرة " إليها خوفا من الذبح الذي كانت جماعة النصرة قد هددت به المسيحيين إذا ما أسقط أوباما الحكومة السورية ،( وذلك كما ورد في مقال كتبته رايموند الطويل، وعززته أخبار نشرتها وكالة الأنباء العربية "الحدث"). عندئذ وافقت مجموعة النصرة على الانسحاب من "معلولة" مستدعية الجيش السوري الحر للحلول محلها ،بغية طمأنة سكان المدينة والرأي العام الدولي والمسيحي خاصة، علما بأن راهبة من معلولة قد تلت بيانا أمام الكاميرا يقول أنهم قد عوملوا معاملة جيدة، في وقت ذكرت فيه قناة تليفزيونية لبنانية، أن الراهبة قد قرأت ذاك البيان مضطرة لوجود مسدس كان موجها نحو رأسها، علما أن المسدس لم يظهر في تلك الصورة.

ومن الأدلة الأخرى على الدور البروتوكولي لجيش سوريا الحر، هو ما ذكره لي أحد الإعلاميين الأردنيين الذي غطى المنطقة الشمالية في سوريا ومنها الرقة وحلب، أن الكنائس في شمال سوريا، قد وضعت تحت حراسة الجيش السوري الحر، وذلك بناء على طلب القساوسة اللذين كان لهم ثقة أكبر بالجيش الحر من ثقتهم بالجبهات المنتمية للقاعدة والتي سيطرت على تلك المناطق.

والمعروف أن قوات المعارضة، تسيطر على قرابة الستين بالمائة من الأراضي السورية، كما سبق وذكرنا، بينما تسيطر الحكومة على الأربعين بالمائة المتبقية. وهذه الأرقام قد لا تكون دقيقة تماما، فهي أرقام تقريبية. ولكن رغم سيطرة الدولة على مساحة أقل من المساحة التي تسيطر عليها المعارضة، إلا أن الحكومة تسيطر على المدن الرئيسية أمثال دمشق وحلب وادلب. الحسكة ومناطق الأكراد تسيطر عليها الحكومة بالتعاون مع الأكراد. أما دير الزور وحمص وحماة ودرعا، فهذه كلها موضع اشتباكات مستمرة ولم تحسم بعد بشكل نهائي.

بقي أن نذكرأن تسعة من عشرة فصائل مقاتلة هي فصائل إسلامية، تتراوح اتجاهاتها بين السلفية ، والإخوانية والقاعدية الانتماء. ومع ذلك تسارع الولايات المتحدة ودول الخليج إلى التعاون معها وإلى مدها بالمال وبالسلاح ، خلافا لموقف مناقض اتخذته لدى إقصاء الرئيس الإخواني الإسلامي محمد مرسي عن كرسي الرئاسة في مصر، إذ سارعت كبرى دول الخليج ، كالسعودية والإمارات والكويت ، إلى تقديم الدعم المالي والسياسي للحكومة الثورية الجديدة التي حلت محل الحكومة الإسلامية. وفي هذا ما فيه من تناقض بين الموقفين، إذ لا يدرك أحد كنه هذا التمسك الخليجي، وخصوصا القطري والسعودي، بتقديم الدعم لتلك الفصائل الإسلامية المقاتلة في سوريا على خلاف درجات انتمائها للحركات الإسلامية، من سلفية، إلى إخوانية، إلى قاعدية الانتماء.

أمر آخر يستدعي الاستغراب، وهو إصرار الولايات المتحدة على التعامل مع تيارات الإسلام السياسي بأنواعها، من القاعدة إلى الإخوان، وكأنها لم تتعلم دروسا بعد من تجربتها في أفغانستان التي أثمرت تدمير الأبراج في نيويورك، إضافة إلى بعض السفارات هنا وهناك. ولم تتعلم من تجربتها مع إيران، وخصوصا تجربة احتلال السفارة الأميركية في عام 1980، إضافة إلى مواجهات أخرى مع إيران، أبرزها ما يجري الآن من خلاف حول تطوير مشروعها النووي إن وجد، والتنافس بينهما على مراكز النفوذ في الخليج، إضافة إلى التهديد المتكرر أحيانا بإغلاق مضيق هرمز، مع الإصرار على تزويد حزب الله بالسلاح وتقديم الدعم لسوريا.

والتعامل بشيء من الود مع تيار الإسلام السياسي على درجاته المختلفة، تمثل في التعامل مع الإخوان في مصر وأدى إلى اتفاقات سرية بينهما كانت ستؤدي إلى إنشاء وطن قومي للفلسطينيين في سيناء التي ستضم إلى غزة. فالتعامل قد شمل إخوان مصر، وإخوان غزة أيضا. وهناك نوع من التعامل مع إخوان تركيا ممثلين برجب طيب أردوغان وحزبه الإسلامي. ولكن التعامل الأكثر استغرابا، هو ذاك التعامل مع الإسلاميين المقاتلين في سوريا ، والذين يشكلون أكثر من 85 بالمائة من عدد المقاتلين السوريين ضد الحكومة السورية . ولعل أكثرهم شدة وبأسا، وأحيانا وحشية في القتال، إضافة إلى الروح الاستشهادية لديهم، كان مقاتلو حزب النصرة وجماعة دولة العراق والشام الإسلامية، وألوية أحرار الشام الإسلامية المنتمية للقاعدة. وهذا كله أمر غريب ويستدعي الدهشة والتعجب. فبأي منطق تتعامل الولايات المتحدة معهم، فتزودهم بالسلاح والمال، إن لم يكن مباشرة ، فعن طريق دول الخليج. كيف تثق بهم ؟ وما هو المنطق وراء سلوكها ذاك ؟

الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، حذر من ذلك أكثر من مرة قائلا بأن تقديم الدعم العسكري للمعارضة في سوريا، لن يخدم مصالح الولايات المتحدة . وجاءت تصريحاته تلك، قبل ظهور قضية استخدام الكيماوي التي اتهمت فيها الحكومة السورية . ولكن بعد ظهور تلك المعضلة، ألمح أيضا بأن عملية عسكرية ضد سوريا قد لا تكون مفيدة وربما ضارة، بل ولام الرئيس أوباما لأنه يستشير الكونجرس قبل استشارته هو، ملمحا بشكل خاص لآراء السناتور جون ماكين (دون ذكر إسمه) المشتعل رغبة بقصف سوريا. فهو(أي الجنرال مارتن ديمبسي ) القائد العسكري الذي يتوجب عليه أن يقود عملية عسكرية كهذه، وبالتالي ينبغي استشارته هو قبل استشارة الكونجرس والسناتورز.
ولكن الرئيس أوباما ما زال ماضيا في أسلوبه في التعامل مع المسألة السورية . وهو يرى بأم عينه تعاظم القوة الإسلامية بين تلك المعارضة. ومع ذلك فهو لا يتوقف ليفكر ، ولو لبضع دقائق، إن كان ما يفعله هو الصحيح، وأنه لا يحمل أية مخاطر على مستقبل الوجود الأميركي في المنطقة إذا ما انتصرت المعارضة الإسلامية المتشددة ، والتي ستتجه لممارسة السلطة منفردة نظرا لوجود مشروع سياسي جاهز لديها يستوجب الانضواء تحت علم القاعدة . للفلسطينيين في سيناء التي ستضم إلى غزة. فالتعامل قد شمل إخوان مصر، وإخوان غزة أيضا. وهناك نوع من التعامل مع إخوان تركيا ممثلين برجب طيب أردوغان وحزبه الإسلامي. ولكن التعامل الأكثر استغرابا، هو ذاك التعامل مع الإسلاميين المقاتلين في سوريا ، والذين يشكلون أكثر من 85 بالمائة من عدد المقاتلين السوريين ضد الحكومة السورية . ولعل أكثرهم شدة وبأسا، وأحيانا وحشية في القتال، إضافة إلى الروح الاستشهادية لديهم، كان مقاتلو حزب النصرة وجماعة دولة العراق والشام الإسلامية، وألوية أحرار الشام الإسلامية المنتمية للقاعدة. وهذا كله أمر غريب ويستدعي الدهشة والتعجب. فبأي منطق تتعامل الولايات المتحدة معهم، فتزودهم بالسلاح والمال، إن لم يكن مباشرة ، فعن طريق دول الخليج. كيف تثق بهم ؟ وما هو المنطق وراء سلوكها ذاك ؟

الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، حذر من ذلك أكثر من مرة قائلا بأن تقديم الدعم العسكري للمعارضة في سوريا، لن يخدم مصالح الولايات المتحدة . وجاءت تصريحاته تلك، قبل ظهور قضية استخدام الكيماوي التي اتهمت فيها الحكومة السورية . ولكن بعد ظهور تلك المعضلة، ألمح أيضا بأن عملية عسكرية ضد سوريا قد لا تكون مفيدة وربما ضارة، بل ولام الرئيس أوباما لأنه يستشير الكونجرس قبل استشارته هو، ملمحا بشكل خاص لآراء السناتور جون ماكين (دون ذكر إسمه) المشتعل رغبة بقصف سوريا. فهو(أي الجنرال مارتن ديمبسي ) القائد العسكري الذي يتوجب عليه أن يقود عملية عسكرية كهذه، وبالتالي ينبغي استشارته هو قبل استشارة الكونجرس والسناتورز.

ولن يختلف الأمر كثيرا إذا ما رجحت كفة السلفيين اللذين قد يضطرون عندئذ للتحالف مع الفئات الإسلامية الأخرى، نظرا لعدم وجود مشروع سياسي واضح لديهم. مع ذلك فإنه من المعروف استنادا لتجربة السلفيين في مصر، بأن السلفيين منقسمين إلى تيارات مختلفة منها المتشددة كتيار حازم أبو إسماعيل (تياره معروف باسم حازمون ). وهناك تيارات سلفية أخرى منوعة تختلف بدرجة معتقداتها السلفية ، لكن أبرزها تيار معتدل وعقلاني نسبيا، ومنه يتشكل حزب النور السلفي المصري الذي وافق أخيرا وبعد تردد طويل، على المشاركة في لجنة الخمسين التي تعكف الآن على إعداد دستور لمصر الثورة. كل ما في الأمر، أن هذه الفئة السلفية السورية التي تشكل جبهة تحرير سوريا الإسلامية وتضم لواء الإسلام والتوحيد والفرقان، كما تضم كتائب الفاروق، قد لا تكون قادرة على تشكيل حكومة بمفردها، وستضطر عندئذ للتحالف مع الجبهة الإسلامية السورية والتي تضم أحرار الشام الإسلاميين، وجبهة النصرة، وحركة دولة العراق والشام الإسلامية أيضا. وهي إذا فعلت ذلك، تكون قد انضوت تدريجيا تحت لواء القاعدة الأكثر تشددا.

أما التحالف الذي تعول عليه الولايات المتحدة، وربما تساندها في هذه الرؤيا دول الخليج العربي وتركيا، فهو تحالف مدني من الائتلاف السوري الحر الذي يضم أيضا المجلس الوطني السوري، مع الجيش السوري الحر، وربما مع تيار الإخوان المسلمين الذي يضم ألوية الحبيب المصطفى وكتائب شباب الهدى. ولكن مقاتلي الجيش السوري الحر ليسوا بأعداد كبيرة أو كافية للسيطرة على شؤون البلاد، حتى لو استعانوا أيضا بألوية الحبيب المصطفى وكتائب شباب الهدى، المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين. فكل هؤلاء مجتمعين لا يشكلون القوة الكافية للسيطرة على شؤون البلاد والحفاظ على أمنها، إذ أن كلا الفئتين هما الحلقتين الأضعف في تشكيلات المعارضة المسلحة حتى لو اتحدا في فصيل واحد متحد. إذ تظل قوى القاعدة، وخصوصا إذا تحالفت مع السلفيين، هي القوة الأكثر فاعلية وسيطرة على شؤون معركة المعارضة العسكرية . صحيح أن جميع الفئات تدعى أحيانا للمشاركة في المعارك الكبرى، لكن قوات الجبهة الإسلامية السورية بتنظيماتها المتعددة المنتمية إلى القاعدة، تظل في مقدمة كل المعارك، وأعضاؤها الانتحاريون هم الذين ينفذون عمليات الاقتحام الكبرى والرئيسية لحواجز الخصم من الجيش السوري النظامي. وهم يظلون كذلك، أي في مقدمة المهاجمين، حتى عندما تشارك جبهة تحرير سوريا الإسلامية السلفية في تلك المعارك .

وهكذا يتبدى لنا تدريجيا أن قوة الفصل الحقيقية هي قوات الجبهة الإسلامية السورية المنتمية بولائها للقاعدة، وهي بالتالي المرشحة الأكبر والأقوى لتولي زمام الأمور في البلاد إذا ما نجحت الولايات المتحدة فعلا في إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وطبعا في هذا ما فيه من مخاطر خصوصا بعد الأعمال الوحشية العديدة التي ارتكبها جماعات القاعدة سواء من أعضاء حزب النصرة، أو أعضاء منتمين لدولة العراق والشام الإسلامية، من تناول قلب جندي أمام الكاميرات،وقتل صبي يافع أمام والديه، وأخذ رهائن مدنيين، إضافة إلى قطع بعض الرؤوس ومنها رأس كاهن ايطالي، وقد يكون من بينها أيضا قطع رأسي مطرانين اختفيا منذ أربعة أشهر ولم يسمع بعد ذلك عنهما شيئا . أضف إلى ذلك تهديد المسيحيين بالقتل إذا لم يشهروا إسلامهم بعد الانتصار الذي سيحققونه إثر المساعدة العسكرية التي كانت متوقعة من الولايات المتحدة عبر الضربات العسكرية التي هددوا بها وربما ما زالوا يهددون .

فهل هذا ما يريد الرئيس أوباما أن يحققه: ضربة عسكرية تفسح المجال لسيطرة الجماعات المتشددة من أتباع القاعدة والسلفية ؟ هل يسعى أوباما ، إذ ما ظل مصرا على الضربة العسكرية استجابة للصقور في الكونجرس، إلى تحويل سوريا إلى سوريستان ، أسوة بأفغانستان ؟ فهو يعلم تماما شدة أولئك المقاتلين الذين هم من نوعية مقاتلي طالبان اللذين ظهروا فجأة في أفغانستان ، واستطاعوا خلال أيام قليلة من دحر الحكومة التي كان يرأسها حكمتيار والسيطرة على مقاليد الأمور في البلاد، فارضين عليها قوانين مشددة سميت قوانين إسلامية (والإسلام السمح بريء منها )، وهي قوانين منعت تعليم النساء وفرضت عليهن البقاء في المنازل، مع إلغاء لأي استخدام للموسيقى ولدور السينما ولأشياء كثيرة أخرى . وقد ظلوا مسيطرين على أفغانستان إلى سنوات عدة اضطرت الولايات المتحدة بعدها إلى إرسال قواتها في عام 2001 إلى أفغانستان، بعد تفجير الأبراج في نيويورك، لمقاتلة طالبان وإجبارهم على الرحيل إلى الجبال ، لكن دون تمكنها من القضاء عليهم، مما اضطرها الآن (أي الولايات المتحدة ) للتفاوض معهم خصوصا وهي توشك على الانسحاب من أفغانستان مع بدايات عام 2014 .

فهل يسعى أوباما حقا لأن يحول سوريا إلى أفغانستان أخرى، بعد أن حول جزءا من جنوب اليمن إلى قاعدة أخرى للقاعدة. وإذا كان أوباما يجهل حقيقة تشكيلات القوات المعارضة المقاتلة في سوريا، ولا يدرك تماما مدى سيطرة التكفيريين والمنتمين للقاعدة على ساحات القتال، فهل هو لا يدرك أيضا نوعية تعامل أولئك المقاتلين مع النساء السوريات غير المنتميات إلى السنة، وخاصة إلى التعامل مع المسيحيات منهن؟ هل تبلغه تقارير عن حالات الاغتصاب الكثيرة التي تجري هنا وهناك، وأبرزها حالة اغتصاب الفتاة ماريا من مدينة القصير، والتي اغتصبت من زعيم جبهة النصرة، كما ذكر التقرير المنشور في أكثر من موقع على الإنترنت، وتلاه (أي بعد الزعيم ) أربعة عشر من المقاتلين في صفوفه. والغريب في الأمر أن كل عملية اغتصاب كانت تغلف بإطار من الشريعة حسب مفهوم أولئك. إذ عقد عليها الزعيم، وبعد أن مل منها ،طلقها وجيرها إلى أحد مقاتليه فعقد هذا عليها، وبعد أن اكتفى منها طلقها ثم حولها إلى زميل مقاتل خر، وهلم جرا إلى أن بلغ عددهم خمسة عشر مغتصبا. والأكثر إيلاما في الأمرأن المغتصب الأخير قام بقتلها، وألقى بجثتها أمام منزل ذويها.

هناك صور كثيرة حول حوادث الاغتصاب نشرت على أكثر من صفحة من صفحات اليو تيوب والإنترنت. ولكننا نعزف عن نشر هذه الصور. ومع ذلك كان لا بد أن نورد قصة الفتاة "ماريا" ذات الخمسة عشر ربيعا، إذ رواها أكثر من مصدر، ربما بسبب بشاعتها ووحشيتها. فقد رواها الأب عصام والأب الياس اللذين يخدمان في كنيسة مار الياس بالقصير. كما كتب عنها ديف جيبسون، وصحيفة مودرن طوكيو تايمز، وكاسيوس ميثي، وكلاي كليربورن، وآخرون.

ومن هنا لا بد من التذكير بأنه إذا كان الرئيس أوباما لا يطلع على حقيقة تشكيلات المقاتلين المعارضين على الأرض، فلا يعرف بدقة مدى حجم المعارضة الممثلة لتيار الإسلام السياسي وخاصة تيار القاعدة، فإنه في أدنى الحالات، يتوقع منه أن يلم ببعض قضايا الاغتصاب والوحشية والتي تؤلم قدر الإيلام الذي قد ينجم عن استخدام السلاح الكيماوي. إذ بات الاغتصاب سلاحا يستخدم في هذه الحرب، كما قال بعض الكتاب، وتحدثت عنه ممثلة الأمم المتحدة السيدة زينب بنغورا التي حذرت منه في تقرير أرسل للأمين العام للأمم المتحدة. فالاغتصاب سلاح له مفاعيل مماثلة لمفاعيل السلاح الكيماوي البشع والمدان، خصوصا عندما يصدر شيخ هو الشيخ ياسر العجلوني، كما أوردت بعض النصوص، فتوى تفيد بحق المقاتلين في اغتصاب كل النساء الغير منتميات للسنة. وهذا يعني أن الأمر قريبا سيشمل اغتصاب النساء الكرديات، والنساء العلويات، ونساء طائفة الموحدين الدروز إضافة إلى النساء المسيحيات. فهل يمكن أن يرضى ضمير إنسان متحضر عن ذلك ؟ هل يرضى عنه ضمير أوباما. ومع ذلك لا بد من التنويه لغايات الدقة والموضوعية ،أن الشيخ العجلوني قد نفى إصدار فتوى كهذه، علما أن هناك فتاوى مشابهة قد صدرت عن شيوخ آخرين منهم الداعية السعودي محمد العريفي، والشيخ المصري إسحق هوميني .

وبالتالي فإن الرئيس اوباما إذا فكر في يوم من الأيام بإطلاق صواريخ التوماهوك على سوريا، فإن عليه أن يطلقها في مواجهة المعارضة المتشددة، لا في موجهة القوات الحكومية. فإذا كان الرئيس بشار الأسد قد خالف الأصول الديمقراطية كما يعتقدون، فإن المعارضة المتشددة، قد خالفت أصول الأخلاق وكل المفاهيم الإنسانية والحضارية، ضاربة بعرض الحائط كل الحقوق التي أرستها شريعة حقوق الإنسان واتفاقيات الأمم المتحدة قاطبة .
Michel Haj



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يؤدي الاقتراح الروسي حول الكيماوي، إلى قرار شبيه بالقرار ...
- متى تسقط ورقة التين عن البعض، كما سقطت منذ حين عن البعض الآخ ...
- السؤال الحادي والأربعون : هل أصبح النفط نقمة ، ولم يعد نعمة ...
- السؤال الأربعون : هل باتت ما سميت بالثورة السورية ، هي الثور ...
- هل يتعظ اوباما من تجارب بوش وبوش في العراق ؟وهل انتهى زمن ان ...
- كم ستقتل الولايات المتحدة من السوريين، انتقاما لضحايا الكيما ...
- هل تسعى عملية دول الغرب العسكرية إلى إنهاء الحرب في سوريا، أ ...
- لماذا لا يسمح بإقامة التوازن النووي في الشرق الأوسط؟
- لماذا ...لماذا ...لماذا ؟؟؟
- متى يتعلم الأميركيون من أخطائهم ؟ متى ؟
- هل أطل علينا أخيرا ربيع عربي حقيقي، أم علينا أن ننتظر؟
- لماذا تقصف طائرات -درونز- الأميركية مواقع -القاعدة- في اليمن ...
- من ينقذ الأردن من بركان ربيعي مدمر ؟
- متى يزهر الربيع العربي في السودان، أم أنه قد تحقق قبل كل فصو ...
- متى يدرك القادة العرب أن -المغول- قادمون؟
- ألا يدرك الإخوان المسلمون في مصر، أن محاولتهم لاستدراج الحكو ...
- أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي
- أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي – ال ...
- Arab Spring Question 25 أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع ال ...
- أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي - ال ...


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - متى يقوم -أوباما- باستبدال اسم سوريا ليصبح -سوريستان-؟