|
النكسة القادمة علي مصر
أسعد أسعد
الحوار المتمدن-العدد: 1204 - 2005 / 5 / 21 - 09:51
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
تلقت مصر يوم 5 يونيو عام 67 ضربة قاصمة علي يد الطيران الاسرائيلي أدت إلي هزيمتها النكراء أمام الدولة العبرية الناشئة حديثا و كانت هذه أبشغ هزيمة بُليت بها مصر في تاريخها الحديث من حيث تأثيرها علي الوجدان القومي و لولا الصلابة التي يتحلي بها المصريون في مواجهة الشدائد و الكوارث لما قامت لمصر قائمة و لأصبح إحتلال سيناء قضية مُسلّمة إلي إسرائيل ربما إلي الأبد و أبشع ما في تلك الهزيمة هو أنها بالنسبة لرجل الشارع العادي كانت أبعد من كل تصوراته و توقعاته فالبيانات العسكرية و الدعايات السياسية و مقالات الصحف و ما ترسمه كلها من هالة مقدسة حول شخصية القائد و ارتعاب الدول الكبري منه و من خُطبِه الحماسية و كيف أننا بحكمته قد صار لنا أكبر قوة ضاربة في الشرق الأوسط و أنه لايمنعنا من تمزيق الشرزمة الصهيونيه الجبانة المرتعشة سوي قوات الأمم المتحدة التي اذا انزاحت من طريقنا لوصلت دباباتنا إلي تل أبيب في أقل من خمس دقائق و أن سبب كل المشاكل التي نعانيها هو وجود تلك الشرزمة اليهودية علي أرض فلسطين فإذا ما ذهبوا من حيث أتوا إنحلّت مشاكلنا كلها فجأة و بقدرة قادر و هكذا لعبت الدعاية الحماسية دور الحشيش المخدِّر الذي استمرأه العقل المصري الذي يعبد الصنم الفرعون و يصدّق حوله كل الأساطير مهما كانت غير معقوليتها و عدم منطقيتها لأي نمط من مبادئ التفكير البسيط فصارت الخرافة الناصرية تنخر في خلايا عقل الشعب المصري المستمرئ عسل السم الذي يَعِيث في خياله حتي سكب الواقع علي وجهه ماء الحقيقة الباردة القاسية و إذا كانت أشد مرارات النكسة الأولي هو أنها كانت غير متوقعة إلا أن هذه النكسة القادمة تلوح بوادرها و تثبت رؤيتها كل يوم - و اذا كانت نكسة 67 هزيمة عسكرية امام عدو ضرب مصر من الخارج - فهذه النكسة التي تزحف علي مصر الآن ستكون من أمـرّ الهزائم السياسية التي ستدمر قدرة الغالبية من الشعب المصري علي المشاركة السياسية الفعالة في إدارة شؤن بلاده لمدة طويلة لأن الضربة هذه المرة من الداخل و لن تضربنا إسرائيل و لا أمريكا بل سَيُضرَب الشعب المصري بيد الشعب المصري بين نعم و لا و أيوه و آه و سيقع الشعب فريسة للقول المشهور "سعد زغلول قال مافيش فايده" أن النكسة القادمة ستكون في سبتمبر 2005 عندما تنقشع الغيوم الحماسية التي بثها قادة المعارضة العاطفية المراهقة تحت شعار التغيير و كفاية و لا للتمديد و كلها قائمة علي مناصبة الفرعون العداء و الرغبة في زحزحته عن عرشه و استبداله بفرعون آخر من أسرة أخري فإن قادة التحشيش السياسي قد بثوا في الشعب المصري و جندّوا حَماسه للإطاحة بحكم الرئيس محمد حسني مبارك و جعلوا من قضية تغيير شخص رئيس الجمهورية منتهي الأماني و كأنه اذا شالوا الضوا و جابوا شاهين سيتحقق لمصر النصر المبين و تنفك أزماتنا الإقتصادية و سيسود العَدل في أقسام جهنم الحمراء المكني عنها بالشرطة التي هي في خدمة الشعب لتعذيبه و قهره و إذلاله و ستنتهي السرقات و نهب المال العام و سيجد كل مصري ثمن الدواء و العلاج و سريرا نظيفا في مستشفي نظيف و سيرتقي التعليم في المدارس و ينتهي شبح الدروس الخصوصية من كل بيت و ستُفتح أبواب المعتقلات و تُغلق إلي الأبد بعد إخلائها من سكانها و نزلائها و ستكون الجرائد مِلكا لأقلام كُتّابها و سينطق كل قلم حر بما يراه لا بما يُملي عليه و ستُحل أزمة المساكن و المواصلات و الزحام و تلوث البيئة و سيكون الغذاء في متناول الجميع فقط إذا ذهب حسني و جاء فلان أو علان و انا أعجب كم من المصريين يبكون الآن صمتا و قد تحجرت دموعهم في مآقيها و هم يرون النكسة قادمة و الشعب منغمس بعضه في جهاده العنتري ضد الفرعون و بعضه مع الراجل الطيب اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش و البعض منساق وراء وحدة الوطن و إن التغيير بيد الامريكان الملاعين و بعض المغامرين السياسيين الذين يرون أنها فرصة لتمرين و تقوية العضلات السياسية لعل رياح المستقبل تأتي بما تشتهي السفن فإذا ارتفعت بعض الاصوات تُنبه إلي الحاجة الحقيقية للتغير فان اتهام العمالة و الخيانه و العداء للديموقراطية الحقيقية جاهز لوصم أي صوت يحاول أن يتكلم بما يراه لمصلحة مصر سواء كان مصيبا أو مخطئا لقد قام الرئيس حسني مبارك بفرض تعديل مادة الدستور الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية لإتاحة الفرصة لمرشحين غيره بدخول انتخابات الرئاسة للفترة القادمة و قدم الحزب الوطني المحكوم بمنصب رئيس الجمهورية - الذي هو صاحب الايادي البيضاء علي كل عضو في مجلس الموافقون - التعديل المُملي عليه لنفسه و اقترع عليه بنفسه لصالح الحاكم نفسه و لعل مقاتلين و فرسان طواحين الهواء قد تخيلوا أن بطولتهم و فروسيتهم قد حققت لهم المنال و بلغت بهم الأمل الذي كان قبلا من المحال لقد ألقت المعارضة و الأحزاب الغير وطنية ـ نسبة لعدم إنتسابها إلي الحزب الوطني ـ كل ثقلها وراء المطالبة بتغيير رئيس الجمهورية و كانت الفرصة للمناورة السياسية المضمونة الربح أن يوافق مجلس الموافقون علي تعديل هزيل للدستور اللي بلاش الكلام عنه خلي الطابق مستور و القيت هذه العضمة إلي المعارضة لتُمَصمِصها و تفرح بها و ألقت امريكا بثقلها وراء تلك الخطوة لعلمها بمكسبها لأنها مناورة سياسية مضمونه من رئيس الجمهورية و حتي تنخفض النسبة 9, 99 % إلي أي نسبة أخري فيؤكد الرئيس أيّا كان حرية الإنتخابات و نزاهتها و يتربع فرعون آخر علي عرش مصر و يخر الشعب أمامه و يسجد و يعبد و هذه المرّة لن يستطيع أحد أن ينبس ببنت شفة عن عدم نزاهة الإنتخابات عندئذ سيحكُم رئيس الجمهورية أيا من كان البلاد بقبضة من حديد و ستنحني له كل العباد بفضل قوانين الحكم التي تركناها في يد الحكام مهما كانوا لقد كان الأولي بالمعارضة أن تضع ثقلها أولا لإلغاء قانون الطوارئ و أن يتم تعديل الدستور بحيث لا تُحكم البلد بهذا القانون إلا بموافقة مجلس الشعب و لمدة أقصاها شهرين يزول بعدها كل الاثار المترتبة علي القانون في فترة العمل به و لا يجدد العمل به في كل مره إلاّ بموافقه ثلثي أعضاء مجلس الشعب . إن وجود هذا القانون و العمل به لهذه المدة الطويلة لهوَ سبّة في جبين الشعب كيف لا تُلقي المعارضة بكل ثقلها لإنهاء العمل بهذا القانون أولا و تقنين حدود إستعماله إلاّ بموافقة مجلس الشعب تحت ظروف قهرية للحفاظ علي الأمن القومي و عند الضرورة القصوي فقط كيف لا تُلقي المعارضة بثقلها لتقليص سلطات رئيس الجمهورية و توسيع البنود الدستورية لمساءلته و محاسبته إلي متي سنظل في جهلنا السياسي لا ندرك إن الشعوب المتقدمة تحكمها أنظمه ديموقراطية متقدمة و ليس زعيم ملهم يسجد له القطيع علي صفحات الجرائد و الاعلام إلي متي سيطول بنا الامر قبل أن ندرك ان النظام يلد القائد وليس القائد هو الذي يلد النظام إن إصلاح مصر لا يبدأ بتغيير رئيس الجمهورية بل بتغببر النظام و وضع الشعب في وضع المسؤلية عن النظام و ساعتها لنبحث عن من هو أقدر المصريين علي إدارة النظام تحت مراقبة المصريين و أن يكون عرضة لأن يحاسبه المصريين في أي وقت لقد فات الوقت الآن و لم تبقي إلاّ مراقبة النكسة القادمة حين يفوز الرئيس محمد حسني مبارك باغلبية الأصوات في الإنتخابات القادمة في هزيمة ساحقة بالضربة القاضية للمعارضة التي تفتخر أن لديها القدرة أن تخرج إلي الشارع و تهتف ضد رئيس الجمهورية و تنسب لنفسها أنها خطفت العضمة من يد سيدها بإرادة شعبية عنترية و الويل كل الويل للمعارضة حين تقع النكسة القادمة لا محالة و تُضَرب كل قوات المعارضة علي الأرض قبل الطيران و الارتفاع و التحليق و ساعتها من سيبكي علي مصر و المصريين الذين يتصورون أن الحرية هي تغيير الفرعون و إقامة فرعون آخر أما السياسة و البلد و مستقبلها و مصيرها فلا بأس من أن تُترك كلها مرّة اخري مركزة في يد الفرعون و قول يا باسط لأن المكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين.
#أسعد_أسعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رد علي ... الإسلام دين التسامح و المحبة ... بيع الميّه في حا
...
-
الصراع العظيم ... متي سيبني اليهود هيكلهم الثالث في مدينة ال
...
-
هكذا احب الله العالم اغنية اهديها الي كل عمال العالم
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|