أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد محجوب - أحزان هند ... قراءة فى مشهد مكسور - دعوة لحملة ضد البربرية والتكتم















المزيد.....


أحزان هند ... قراءة فى مشهد مكسور - دعوة لحملة ضد البربرية والتكتم


أحمد محجوب

الحوار المتمدن-العدد: 1204 - 2005 / 5 / 21 - 09:49
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


النوع باعتباره خطيئة


هند هو نفس الاسم الشائع الذي ارتبط في المخيلة العربية بأنثى تستحق المعاناة من أجلها لا لشيء إلا لضخامة ما يمكننا جميعا أن نتقاسمه - عن طريق مجهود جماعي دعائي ضخم- من فوز كبير نظرا لضخامة المحصول الأنثوي المزعوم وفضلا عن نكراننا لحقيقة أساسية مفادها أن طريق التعاون الجماعي على ارتكاب كارثة إنسانية هو بالتأكيد أقل تكلفة من مثيله في أي عمل تنويري على كل المستويات

هند هنا لم تكن تمت بأي حال من الأحوال إلى جلال ملك مزعوم وبالتالي سقطت عنها شهوة التطلع إلى استراق السلطة عبر مؤسسة نسائية قديرة وهو الأمر الذي أخرجها من خيالنا الجاف وأسقط عنها الصفات العربية الحسية للمرأة ليتغير لونها بشكل ٍ لافت ومركزها الجديد المهزوم ارتاح للجميع ادعاء الوقوف مع " السماحة " ضد السخف القديم تجاه الأنثى الأمر الذي بدا مشكوكا في صحته حتى نصل إلى محك تجريبي يؤكد أو ينفي صحة هذا الادعاء .

كالعادة لم يكن مفترضا أبدا وبكل السبل الممكنة أن يستمر وعى جماعي مشوش بهذا الشكل في لعبة التمشي مع الطفرات اللحظية وبالتالي تحدث من آن لآخر حوادث وحواديت لا تشي بتكوين المجتمع وإنما تعكس هشاشة القشرة الصناعية واللامعه تلك التي لم يكلف أحدنا خاطره إلى الآن ويتوغل فيما بعدها رغم قابليتها الشديدة للكسر عند أي موقف حقيقي ومخلص ولا دور هنا بالطبع لعمليات " سلق التنظيرات الضخمة " التي تمارسها أجهزة إعلام داخلية تسعى للقفز على الأسس الأولية لبناء المجتمع وإكسابه ادعاء جماهيري بامتياز للكمال باعتباره هوسا لا تكاملا أصيلا .


هند بنت الأربعة عشر عاما لا تمت للطابور الطويل والمميز من " هنداوت " الميثولوجيا العربية سواء بشقها الديني أو البشري لذا لا يمكننا تحت أي ضغط انسانى أو حتى دولي حاسم أن نقبل انضمامها إلى حزب الوعي المسبق الخاص بالهنداوات السابقات ليس كخطأ في الذوق تجاه البشر ولكن كخطية مركبة بين النوع والجنسية

بامكانى ككل الذين يتابعون الأحداث أن التواطؤ مع حسي الذكوري رافضا أية محاولات لهز ثبات تفوقي البيولوجي باعتباري أمثل " أحمد المذكر السالم " وباعتبار شديد الخصوصية أيضا يمكنني التحدث طويلا عن فوائد أن تكون مذكرا وسالما في الوقت نفسه ودون أخطاء كبيرة قد يكون بالامكان أيضا إقامة علاقات جدلية بين نصفي السفلي وبين المميزات التي يجب أن اتخذ منها ستارا ضد أي تحرك من الجانب الآخر نوعيا

ولكنه بالتأكيد ليس بامكاني أن احدد نوعيات أخرى في القاموس الحيوي فلا فرق بين أي نوع بيولوجي مختلف وبين حالة التغير الجسمانى داخل كائن حي ربما كنت صديقه قبل أن أعي كم أنا رائع بذكورتي وكم هو مخذول بكونه عاطلا عن فرادة المذكر وبالتالي فكرة " الغنج الذكوري " بصفة " السالم "



من لم يتلق " علقة " من مدرس اللغة العربية أثناء حصة النحو لهو فرد شديد البراعة أو الغباء فليس منطقيا منذ البداية أن أتعلم - ككل الأطفال - فكرة أن أي مجهود جماعي يحتله المذكر يصبح سالما من كل سوء على فرض مثلا أن الاجتماع على عملٍ ما ايا كانت درجة ساديته أو صوابه مرادفا للسلامة أو بمعنى أدق بتحقيق فوز درامي تجاه أي حدث متوقع أو حتى مفاجئ

الأمر الذي يرتبط ذهنيا وبصورة فورية بتصوري العام عن أي تجمع يحمل راية مضادة و بالاحرى عن فكرة " الفريسة " تجاه أي حالة فردية خاصة في الأوضاع التي تجتمع فيها الفردية مع الاختلاف النوعي فتكون بكل تأكيد حالة انتصار منطقية لذا يمكننا جميعا و بلا استثناء الاحتفاء بدروس اللغة العربية تلك التي تعلمنا ضمن منظومتها اللغوية فرضية انتصار درامي تجاه الفرد وتجاه النوع .

يمكننا بقليل من التصديق - أو المماحكة - أن نتخيل مشهدا غاية في العادية على اعتبار أن الأمر برمته مفروغ منه لغويا على الأقل فكون احتلال جمع مذكر سالم - ممثلا في أربعة أفراد كاملي التذكير - لموقع حداثي - ممثلا في الجو العام لحركة المشهد مع السيارة الفخمة و عدد الجوالات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة - يعطي أبجدية معينة خلال القراءة تجعل من العسير أو ربما من المستحيل تخيل نهايات غير هوليودية للمشهد بشكله العام وهى المسالة التي دحضتها التجربة الفعلية فرغم مرور مفرد مؤنث طفل - ممثلا في هند بنت الرابعة عشر - في طريقه إلى مؤسسة دينية تتعامل مع التربية - ممثلة في مدرسة تحفيظ قرآن - وفى الوقت نفسه يتصادف وجود حالة من الجمع المذكر - الذي هو بكل تأكيدات النحو العربي سالما من أي شبهات في الهزيمة - تحاول تأكيد الفكرة العربية حول ممارسة القمع بوصفه انتصارا لذا يمكنني أن افترض مناقشات حامية داخل السيارة الحديثة بين أفراد الفيلق الذكوري المتحمس تدور كلها حول فكرة أنه وبرغم من كل الأحداث التي انهالت على رؤوس الجميع مؤكدة أن فكرة النصر لم تزل تدخل ضمن المتخيل والغير مرئي إلا أن الوقت قد حان لإعادة النسق العام إلى صورته النحوية نتيجة اكتشاف انفرادي للجمع المذكر في السيارة أن الوضع العام يشي بوجود " لحن " نحوي بداخله

لذا لم يكن من المتعذر أبدا وتحت نطاق حريات مكبوته من الأصل إلا أن تخضع الفكرة النحوية للتطبيق الحياتي وبصورة فورية تبدأ منذ فتح الأربعة باب السيارة و مطاردتهم " المفرد الفريسة " في شارع عام ولا تنتهي بكل تأكيد قبل أن تصرخ المفرد - وليذهب النحو بعيدا عني - مؤكدة أنها كانت قبل دقائق فقط في حماية أحد أفراد السالم إياه لكن معادلة دينية دخلت في الأمر ومن ثم فرضت على " حامي الحمى " أن يتغيب داخل مسجد لأداء فريضة سماوية رغم صراخ النحو العربي بكل صورة و أشكاله

هند لم تدخل السيارة ليس بسبب وجود أسطورة نحوية أخرى عن الشرف - الذي صادره المذكر أيضا - وليس امتناعها عن الدخول من قبيل الثورة على نظام سيبويه في الحكم الديكتاتوري ولكنه بالاحرى خضوعا لمبدأ عسكري بامتياز يتلخص حول الطريقة التي يجب أن تتبع من منتصر ضد مهزوم وتماشيا مع اتفاقيه غير مكتوبة تطبقها كل التجمعات المنتصرة بحسها الذكوري الواضح تجاه كل التجمعات المهزومة بخذلانها الأنثوي المفترض .

يمكننا في نفس الوقت تخيل المشهد بصورة أخرى تضع الإنساني قبل النحوي و الطبيعي مقابل الوهم القسري فنتخيل مثلا مشهدا دراماتيكيا بامتياز عن تدخل أكثر من عشرين مليون مفرد يحملون أفكارا ما عن الانتماء والقيم الإنسانية بدرجة معينة لصالح فض الاشتباك أو على الأقل وقف التدهور على مستوى الوعي القائم داخل المشهد وبالتالي تكون لدينا - كبشر فقط - الحجة المنطقية لإبداء الرأي وأحيانا التعاطف مع الشعور العام بالذعر

لكن للأسف يبدو أن العدد الضخم الذي يتعدى عشرين مليون مفرد لم يتواجدوا تلك اللحظة وحتى الممثلين الفرديين لم يكونوا مرشحين أكفاء لتمثيل العدد في حادث مأساوي مهين لذا فالأمر برمته ليس نتاجا للغياب ولكنه افتراضا أساسيا بوجود حالة من الذعر تجاه التجمعات الذكورية السالمة وهو الذي ينشأ عنه فرضية أخرى اشد ضرواة تعني وبكل تأكيد أن الفردية حين تصبح - كما هو الحال في اللغة - مؤنثة بشكل بيولوجي يتوجب عليها لعب دور الفريسة بلا مماحكات وليس اقل من إشباع المشهد البربري المعتاد بعدد غير محدد سلفا من الصرخات وعدد مساوي له من الصمم الجماعي ليبدو الأمر بشكل ٍ أو بآخر على سبيل التتويج العام للفعل النحوي المستقيم .


على المستوى الشخصي لا يعنيني أبدا مناقشة الحكاية بوصفها عملا صحافيا يهتم بمادة سرد معينة ولكن الأمر يتعدى لحظات " الفرجة " التي تؤكد غياب هند مدة 60 يوما وتعرضها للاغتصاب المتتالي في عدة أماكن متباعدة اخرها مكان عام ليصل بنا إلى متابعة تفاصيل الحدث من زاوية نظر أخرى تستقيم - للأسف الشديد - مع الفكرة النحوية التي ملكتنا جميعا

لنرى المسالة بوضوح يشبه الفضيحة العربية التي دوما ما نحبها ولو بشكل ٍ سري مريض نحاول أن نفكك الحدث نفسه عبر مراحل معينة كالتالي

1- هند اختطفها جمع مذكر سالم لتأكيد فكرتهم الصحيحة نحويا و ذكوريا عن الفريسة وتعريفها القابل للافتراس تحت أي ضغط وبأي وسيلة ممكنه مادمت تحمل صفتي الفرادانية والأنثوية

2- لحظة العماء المتعمدة من جميع من كانوا متواجدين في ذات الموقع الجغرافي - شارع عام شهير - ليؤكدوا وبصورة حازمة اتفاقهم مع الأخ سيبويه في تنظيره اللغوي الحاد

3- كفرضية جانبية كان من الممكن ان تربك المشهد الذكوري بامتياز وتعطل ولو قليلا دينامكية النحو العربي كله من الممكن أن نعول - كما كان يدور في ذهنية هند - على محايدة الهواء لنقل الحدث بوصفه صراخا قويا لأجهزة الاستقبال الخاصة بوالدها العجوز في المسجد


لكن للأسف يبدو أن لحظات العماء والتواطؤ الغير مكتوب والساري أيضا بين الجميع قد أصاب الهواء ذاته بالذهول وله العذر الكامل في المسالة حيث أن الموقف غير متوقع فضلا عن كون الهواء يتمتع بفضيلة وجود كونية تتيح له – و يالحظه السعيد - أن يتعامل من خارج المنظومة العربية للنحو والصرف أحيانا


سرد أحداث موت معلن

ليعذرني الجميع وفى مقدمتهم ماركيز نفسه على سرقة عنوان احد أهم وأشهر رواياته ولا يفترض بالجميع أيضا - حيث أنى وحيد وأعاني من مفهوم الفريسة بدرجة أو بأخرى سوى احتمائي بذكورتي مما يجعلني عصيا أو أبدو كذلك - أن يتهمني بالتواطؤ مع " نصار " بطل الرواية الذي يحمل اسما عربيا يشي أيضا بأصوله العربية الواضحة في الرواية وعلى خلفية الحدث داخل الرواية - الذي كان اغتصابا أيضا- أو حتى داخل حالتنا الراهنة يمكننا أن نفكك سرد محضر الشرطة - بعد مرور 60 يوما على الحادثة - ورواية هند ووالدتها - بعد 60 يوما أيضا من اختفاءها القسري- بشكل ٍ أكثر تحررا من هواجسنا الداخلية وبعيدا عن كل تطبيقات نظرية المؤامرة التي نحبها كذكورتنا

تؤكد المعطيات الأولية للحدث على مكان آخر لإتمام الجريمة الذكورية ليس مفتوحا كسابقة في حادث الاختطاف ولكنه أيضا ليس انفراديا بما يشي بإحساس معين بالجريمة فالمكان عبارة عن منزل عادي يقيم به الجمع السالم وبعض من المفردات الأنثوية - أم وعدد مختلف فيه من الأخوات - وبالتالي هناك مبرر منطقي للحادث بوصفة انتصارا يحمل الصفة السلطوية للحدث كله

فكون المشهد متسع لهذه الدرجة بل ومتصالح مع فكرة " الحق الذكوري " فلا يمنع أيضا ان يكون التأويل على مستوى الاتساع الكبير . . فوجود أم مفترضة نجحت وبمساعدة أكيدة من ذكر اكبر في إنتاج مثل هذه الكائنات المدعومة بالنظرية النحوية وبهاجس التفوق النوعي فضلا عن تجاهلها لنداءات متكررة من المفردة / الفريسة للكف أو على الأقل التمهل في اتخاذ قرار جماعي مثل هذا أمر مثير للدهشة ويقودنا بالتالي إلى تصور نوع من التفاهم الصامت والمسكوت عنه من قبل المؤنثات الباقيات في المشهد تجاه ما حدث أو بمعنى آخر هناك تواطؤ أكيد يحمل مضامين التسليم بفكرة أن وجود فريسة هو دافع منطقي للافتراس حتى ينطبق التمثيل اللغوي بحذافيره على عملية الافتراس وبالتالي نقلها من نطاق المضامين الاجتماعية والدينية والإنسانية إلى منطقة أخرى مغلقة على ذاتها تعنى بالوعي اللغوي ذاته فيما يشبه القداسة المطلقة لفردايس سبيويه الكبير

وقد ينصحني المشهد من الداخل لإعادة قراءة الفكرة العامة هاهنا فكون المجموع الذكوري قد أتم " قنص الفريسة " بحركة هوليودية متقنة ومتفق عليها وكونه قد جهز مسرح عمليات متقن أيضا فانه لم يغفل أبدا عن دور الديكور في العملية الإبداعية ومقدرته المدهشة على إكسابها بعدا تاريخيا طويلا من القهر فوجود الأنثى الأخرى أو حتى مجموع الإناث الأخريات يعد معادلة نمطية لمشهد كرسته الأدبيات العربية عن مجالس اللهو وفكرة الجهر بالقوة على سبيل اكتشاف مناطق مجهولة من الفكرة الذكورية السالمة نحويا و اجتماعيا فالأمر برمته يوحدنا بطريقة مسرحية فورية لتخيل قصر احد السلاطين مثلا أو احد " أكابر" المجتمع يستمتع بكل شبر يبسط عليه النفوذ الذكوري مؤكدا في الوقت نفسه - أي المشهد - على فرضية تعاطي اجتماعي سهل للقهر وعن فكرة مفادها أن تعامل المجتمع مع حالات قهر إنسانية مثل حالة هند يعد أمرا غير قابل للتفاوض ولكنه فقط قابل للتغطية لا خشية مفردة مثل " فضيحة " ولكن لتجنب التصادم مع نطاقات ذكورية أكثر قدرة في الصدام وبالتالي الدخول في حرب خاسرة نتيجة لـ " هجمة " ذكورية واحدة فقط

وعليه يكون لدينا ما يكفي من التنميط كي لا ندين المشهد في حد ذاته ولكن الأداء النمطي هنا يجعلنا نلتفت ولو قليلا إلى خلفية الوعي العاملة على إفرازه الصورة الحالية وترتيبها بشكل متواطئ مع الحدث ليس محاولة منا للتماهي مع الحالة قدر ما هي محاولة شخصية مني لتصديق أن كل هذا يمكن أن يحدث في أي مكان


على أطراف أصابعها


الكيفية التي جلعتني اسرق وبصورة أكيده عنوان رواية لماركيز واضمنها كاتبتي حاليا لا أجد لها مبررا ولا مشروعية قانونية ولا حتى أصدقائي يعرفون الطريقة التي يمكنني بها مداواة الموقف قبل أن يُصعد إلى القضاء ولكن هند بكل تأكيد تعرف . .

فحين تم إطلاق سراحها بعد الفراغ من عملية اختطاف واغتصاب استغرقت اقل قليلا من 60 يوم تم تأكيد خلالها قدرات الهجمة على إنهاك الفريسة وافتراسها بشكل كامل وهو الأمر الذي جعلها تطرق أول باب صادفها في البلدة التي بكل تأكيد أصبحت تذكرها بغابات الإنسان البدائي ولندقق في المشهد أكثر علينا أن نتماشى مع صيرورة الحكي فنقول مثلا أنها لحظة الاختطاف كانت ترتدي خمارا ونقابا وغطاء وجه وقفازات أيضا إمعانا في الحماية المتوهمة قبالة المجتمع و بالتأكيد بعد 60 يوم من الاغتصاب المتتالي وبعد فراغ التجمع الذكوري المهيب من وجبته الأساسية قرر احتجازها مدة أطول من المدة اللازمة لإتمام العملية السادية وذلك لدواعي إعلامية ربما في الجوار وربما بعيدا عنه أن لديهم ما يقضون به الوقت وبالتالي إرسال رسالة تهديد وتفاخر للإفراد الذين يشكلون شبكات متسعة من المذكر السالم مفادها أننا نسعى إلى تحقيق أرقام قياسية ومن يرغب في التأكد من ذلك فليتفضل ويري كيف افترسناها على مدة 60 يوم أو اقل قليلا

هنا المشهد يتخذ تنويعا آخر على مقام السرد فبالتأكيد لم تكن الحالة المزاجية للمذكريين تقبل و بأي حال عملية تشويش على " لذة النصر " بلملمة ملابس الفريسة أو على الأقل إظهارها بمظهر آدمي كي لا تصبح دليلا على خذلانهم خلال الأيام الفائتة وبالتالي تنعكس رسالتهم الدموية على هاجس أساسي يقولون أن اسمه العجز . لذا وبمنتهى المنطقية تخرج الفريسة بشكلها الدرامي منهكة ومفككة تماما إلى أن تطرق أول باب طلبا لا للنجدة ولكن تماشيا مع دورها الواعي بكونها فريسة ولهذا السبب تحديدا كأن القدر يخبئ لنا مشاهد درامية متلاحقة فيكون من صاحب الباب الجديد المأمول أن يحملها رسالة أخرى إلى التشكيل الذكوري المضاد مفادها انه بوسعه أن يفعل نفس الذي فعلوه دون أن يهتز له جفن مطلقا

هنا تصبح المباراة حامية الوطيس فكون الرجل الجديد على المشهد قد الم بسرعة خرافية بحالة الفريسة وبالتالي أصبح لديه الاستعداد الكامل و الطوعي أن يدخل المباراة وأمام كل التجمعات الذكورية الأخرى التي تنتظر دورها في السبق وتهتف تشجيعا للــ " اللعبة الحلوة" وبالتالي يكون من " واجبه " إتمام عملية الافتراس لاسيما أن عملية القنص وما بها من براعة قد تمت من قبل والفريسة جاهزة عند باب بيته و منهكة بل وأكثر من ذلك وحيدة كحبة قمح في مطحنة لا ترحم

يمكنني بالقليل من الجهد اعتبار هند مشروع رياضي عام خاصة في تلك اللحظة التي فرغ فيها المذكر الانفرادي - لا يعيبه انفراده أبدا دام يحتمي بذكورته وجدران بيته - من مهاجمة الفريسة والتهامها باحتراف متمرس على مثل هذه المواقف الحماسية وبداية تفكيره في الطريقة المثلي لإعلان فوزه بنفس الطريقة التي أعلن بها الأقران فوزهم مجتمعين بمدة أطول وقدرات تقنية اكبر لذا لجأ بعد طول تفكير إلى " تمرير " الفريسة نحو نفس النسق العام الذي كان مفترضا تواجدها فيه - الشارع - وبالتالي تصبح أمام الجميع منهكة من فرط حماسة السباق وكدليل حي يحمل أربعة عشر ربيعا جسد منهوش مسبقا ويدب على قدميه الواهنتين فضلا عن كون الفضول البشري لا يهدأ لذا نجد أن التصرف التراجيدي للشبكة الذكورية الأولى قد أصبح عرفا وطريقة متبعة في إعلان الانتصارات وتعليق بيانات حية في الشوارع التي تخلو من كل حراك بصورة أساسية في لحظات الجريمة


وطني حقيبتي . . . رأى عام

من الممل جدا أن ابرر سرقاتي سواء كانت من ماركيز الكولومبي الشهير أو حتى ادعاء احتراف فاشل في تحوير عنوان عمل قصصي مثل " على رؤوس الأصابع " للقاصة السورية سوزان خواتمي ونظرا لاكتشاف الفشل الكامل في التحرش تحت عباءة التناص بالنصوص الإبداعية أقرر وبصورة كاملة الوعي أن اختطف محمود درويش في وطني حقيبتي

هنا بالتحديد لا يمكن لهند أن تفسر الموقف ولا تبرر فعلتي العلنية بالسرقة عبر سرد المزيد من الحواديت عن مأساتها الضخمة كأسطورة فالموقف كله الآن يتلخص في الإجراء الحكومي الناتج من وعي ذكوري أيضا الذي أبدا تحفظه الشديد على ما تم من " أحداث " - هكذا كانت البيانات الرسمية بوصف الجريمة بمجرد عدد من الأحداث - وقرر علاج المسالة عن طريق البتر وذلك طعما في تجفيف المنابع لذا نجده قد ألقى القبض على الفتاه واحتجازها في سجن النساء والتحقيق معها كمشتبه فيها وبالتالي إجراء كشف " شرعي " عليها كما أورد البيان الرسمي وحقيقة الأمر لا اعرف في مسالة " الكشف الشرعي " بصورة تتيح لي أن أتصور المشهد الداخلي ولكنني فقط اكتفي بالتحقيق لسرد متوالية الجرائم كنوع من تأكيد الصلة بين التحقيقات الدائمة في مجتمعاتنا العربية وفكرة الظلم الإنساني

الشرطة إلى هذه اللحظة لم تزل مصرة أن هند لم تسجن ورغم أن أهلها قد دفعوا " كفالة " مالية معينة " للإفراج عنها " ورغم كل الذي أثير حول ميكانيزم السجن وكيف أن طفلة تعرضت للاغتصاب تصبح وبكل سهولة مجرمة في حق المجتمع الذي تعيش فيه وتتهم بشكل غير مباشر بإثارة الرأي العام - أن وجد أصلا - وبالتالي يتم التحفظ عليها في السجن - وكلمة التحفظ هي أحدث صيحة قانونية في عالم الميكاج - ويستدعى " الإفراج " عنها دفع مبلغ مالي يحمل لفظة " كفالة "

الأمر الذي يمكنني أن أتصالح معه تدريجيا يحلل المشهد كله على اعتبارات مختلفة تصب في اتجاه واحد ’ وهذا الاتجاه يسير مع التحليل أن لدي الجميع ما يخفيه عن الجميع سواء سلطة ذكورية مشتركة تتيح للنحو العربي أن يتدخل في القوانين السائدة شرطيا لنقول مثلا أن فضيلة وجود جميع مذكر في مكان ما يستتبع بعدها وجود منطقي نحوي لفكرة السلامة لذا على الجميع من المذكرة أجسادهم أن يتواطئوا بشكل ٍ أكثر من حاد مع الحالة باعتبارها نفير عام يهدد ليس فقط وجود الجمع المذكر ولكن أيضا فكرة كونه سالما منذ الآلاف السنين

وإكمالا لهذا الاتجاه الممكن التصالح معه تكون هند مجرمة بالفعل في حق الجميع ليس فقط لكونها مفرد ولكن أيضا لكونها مؤنث وهذا مما يجعل لها دورا اجتماعيا قسريا يتمثل في فكرة كارثية عن الفريسة بوصفها مفعول به مطلق لم يكتشفه سيبويه في بحوثه النحوية المعمقة وبنفس الطريقة تأثم هند وتتعامل مع الواقع بفرض أن وطنها الأصلي هناك في الحقيبة التي أتت بها طفلة وستخرج بها منهوشة

ستعود مع أهلها للسودان الشقيق وهناك وعلى ضفاف النيل الأبيض وجبل الكحل و حواديت الجدود عن البنت التي خرجت لتتعلم القرآن ولم تعد منذ ستين يوما سيكون هناك ما يدعو للحزن حقا حين تجلس هند بعد أن تلملم أشلاءها بعيدا عن أعيننا لتؤكد لأطفالها في المستقبل أن سيبويه كان متورطا في المجزرة وبصورة لا يمكن التصالح معها أبدا



أحمد محجوب

شاعر وكاتب مصري



#أحمد_محجوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...
- السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب ...
- تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد محجوب - أحزان هند ... قراءة فى مشهد مكسور - دعوة لحملة ضد البربرية والتكتم