وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 00:01
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
كوارث 1831
انتشر في هذه السنة في بغداد وباء رهيب كان يقضي , في ذروته , وحسب شهود العيان , على اكثر من ألف شخصاً يومياً . ولم تكد الأمور تهدأ حتى فجر دجلة ضفتيه وأغرق المدينة و هدم حوالي ثلثي بيوتها , ودفن تحت الأنقاض 15000 شخص في ليلة واحدة . وكذلك فقد انتهى كل الحصاد , وحتى على بعد ثلاثين ميلاً عن بغداد , إلى خراب . وتلت المجاعة . وعندها , وكأن بغداد لم تكن عانت بما فيه الكفاية , جاء جيش أرسله الباب العالي العثماني الذي لم يعد يتحمل استقلال المماليك الذي دام ثمانين سنة , فضرب الحصار حول المدينة المنكوبة والمذهولة . وبعد قتال حاد , وكثير من المذابح استسلم من بقي من المماليك , ونتيجة لهذه المحن المركبة تناقص سكان بغداد في أربعة أشهر قليلة من حوالي 80000 إلى 27000 نسمة . وكان هذا يعني , من الناحية الاقتصادية انخفاض انخفاضاً حاد في عدد المستهلكين وفي قدرة السوق المحلية على الاستيعاب . وكان الأهم اختفاء حرف عديدة إلى الأبد .
ولم يكن تحول الطبقة التجارية العربية باتجاه الفقر أيضاً منقطع العلاقة بتزايد الهيمنة التجارية الانجليزية في العراق . وكان التحضير لهذا قد بدأ منذ فترة طويلة , إذ كانت قد أرست أسسه شركة الهند الشرقية , التي رؤي عملاؤها ووكلاؤها في ميناء البصرة منذ وقت مبكر يعود إلى سنة 1640 , ومع أن الشركة لم تنجح في اقامة موطأ قدم ثابت لها في البلاد إلا بعد ذلك بقرن كامل . وحتى ذلك الحين كانت الشركة قد تحولت إلى قوة آسيوية , إذ صار لها جيشها وبحريتها وسلطة عقد السلام أو شن الحروب شرق راس الرجاء الصالح . وإضافة إلى هذا فإن نفوذها كبر في انجلترا إلى درجة أنها كانت تسيطر على 103 نواب في البرلمان . وأصبح وزن الشركة في العراق ملحوظاً منذ حوالي سنة 1775 , عندما صار الانجليز يحمون ويقودون السفن التي يملكها باشا بغداد , التي كانت – وهو الأمر الغريب – ترفع الراية البريطانية . وبعد سنة 1798 صار باشا بغداد نفسه يتصرف في معظم الأحيان بموجب ايحاءات الممثل المقيم للشركة , الذي كان له علاقات مع مشايخ العشائر الرئيسيين , الذي كان يملك تحت إمرته اسطولاً صغيراً من السفن ذات المدافع يتجول في نهري دجلة و الفرات من دون أن يعترضه أحد , وشذ عن هذا السلوك داود باشا , آخر المماليك .
وصفي السامرائي
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟