أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - الوقع الاجتماعي للتكنولوجيا الحديثة على الحرفية التقليدية لسكان جبال الأطلس الكبير الشرقي بالمغرب















المزيد.....

الوقع الاجتماعي للتكنولوجيا الحديثة على الحرفية التقليدية لسكان جبال الأطلس الكبير الشرقي بالمغرب


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 14:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بداية أريد أن أشير إلى أن هذه المقالة موضوع مداخلة ألقيتها باللغة الأمازيغية في ندوة حول «سؤال التنمية المستدامة بالمناطق الجبلية بسلسلة جبال الأطلس الكبير الشرقي»، وهي –الندوة- حلقة قوية في مهرجان موسيقا الأعالي بإملشيل، المنظم هذه السنة تحت شعار«الجبال منابع الثروات المستدامة». وللإشارة فقد انتظمت الندوة في يومين متتابعين، الخميس 29 من شهر غشت 2013 والجمعة 30 منه بقاعة الجماعة القروية بمركز إملشيل، وفي أربع حصص تعرضت للتعديل، لما تأكد صعوبة حضور كل المتدخلين. وكان أشرف على الندوة جمعية أدرار بدعم من أوكسفام إيطاليا، ودُعي لحضورها كل جمعيات المجتمع المدني بجبال الأطلس الكبير الشرقي. وكان عدد الحاضرين حسب ما رسم في لائحة الحضور 45 مشاركا في اليوم الأول، و46 في اليوم الثاني. ومما ميز اللقاء توظيف الأمازيغية في الإلقاء والنقاش إلى جانب الفرنسية لحضور المتتبعين الأجانب. ولأن الوقت لم يمكنني بعضه من إعداد التغطية الشاملة للندوة، فقد أقتصر على نشر المضمون العربي لمداخلتي الملقاة بالأمازيغية تحت عنوان:«Ugguz amunan n tatiknulujit tamaynutt ghif tikinas taqburt g udrar axatar u naqqar» أي: الوقع الاجتماعي للتكنولوجيا الحديثة على الحرفية التقليدية لسكان جبال الأطلس الكبير الشرقي.
عرف الأطلس الكبير الشرقي تحولات قروية ما فتئت تضرب مكونات التراث المادي والرمزي، وكذا استقرار البنية الاجتماعية التقليدية. ومما تضرر من ذلك التحول المعرفة الحرفية التقليدية، على وجه الخصوص، بما هي تراث ثقافي إنساني، مما يستدعي الوقوف مليا عند وقع التحولات التي استصحبت معها التكنولوجيا الحديثة، بما هي مسؤولة بشكل مباشر، على تراجع المعرفة الحرفية بالوسط.
1- وضع المعرفة الحرفية التقليدية قبل عصر التحولات القروية
تتوافر المنطقة على مواد أولية تمكن من إنشاء صناعة في بعض النقط العمرانية الإستراتيجية.
والخشب أول مادة يمكن الوقوف عندها، بما هي مادة غابوية طبيعية. ذلك أن الغابات، وإن تراجعت كثافتها، تشكل مصدرا لقيام صناعة خشبية بالمنطقة. ولا غرو، فالمواد المصنوعة من الخشب تكاد أن تغطي جل الحاجات المنزلية والزراعية والرعوية. وحسبنا أن كل السقوف خشبية بنسب كثيرة، إذ ليست سوى سطوح مركبة من ركائز العرعار، في الغالب، أو الأرز، أو الصفصاف الأبيض والأخضر، ينشر فوقها القصب ويصفف، وتطلى بالطين الممزوج بالتبن. وفي حال ندرة القصب تستعمل أعواد الدفلى، وأعواد الماء، (تيسمليل) بالأمازيغية. والخشب مادة لصناعة الأبواب وإنشاء أعتابها، وبناء الجسور، وصناعة المحاريث والأقفال، والصحُن والأواني، والنعش ومغاسل الموتى، ورفوف الأواني، وصناديق الملابس، والخزانات، والطاولات، والعصي.
ولا تزال بجبال الأطلس الكبير الشرقي أدوات حجرية، تُلفى دونما مجهود للبحث. فهناك أفران الخبز قاعدتها ألواح حجرية من الشيست. وإلى حدود السبعينات من القرن الماضي كان الثريد يطهى في ألواح حجرية بأعلى حوض زيز. ولا تزال التوابل والحبوب والملح تطحن بمطاحن حجرية، وتهشم بمدقات حجرية. ولئن كانت السقوف كلها من خشب، فإن جل أركان البيوت، في القمم الجبلية، من حجر الكلس.
وأما الجلود، فتكاد أن تضاهي الخشب، نظرا لوفرتها بفعل غنى المنطقة من الوحيش. يصنع من الخشب النعل وقِرَب الماء، وقِرَب ضخ الحليب، والمزاود، (تيسوفرا) بالأمازيغية، والفرش والوسائد، والأحزمة، والمكاحل.
ونسجل أن المنطقة تتوافر على مناجم الرصاص، بكل من جبل بوعروس، وتابوعروست، وتيزي نتملالت، وبورديم، توظف لصناعة الرصاص، وإنشاء خلطات تملأ بها مكاحل التزيين. وهناك مناجم لاستخراج تربة الخزف في كثير من المواضع: زاوية سيدي حمزة، وزاوية سيدي بوكيل، وأيت يعقوب، وامزيزل بحوض زيز، وتيط نعلي بحوض گير.
ولم تخل المنطقة من نباتات طبية ونبات سحرية كثُرت اللحظات التي فصلنا القول فيها بموقع الحوار المتمدن الأغر ولا مجال للتكرار. وأما الحديد فكان يُستورد من خارج المنطقة، ويعالج من لدن الحدادين محليا.
وفضلا عن وجود مادة لإنشاء حرف يدوية، فإن نزوع السكان نحو الترحال، فوق أن كل الحرف تمارسها الأقليات العرقية اليهودية والإفريقية، نتج عنه قلة النقط العمرانية في مستوى المراكز الحرفية، إذ يمكن عدها على رؤوس الأصابيع، أگدال، أيت يعقوب، زاوية سيدي حمزة، تيط نعلي، أسول. لذلك ظلت المنطقة تعتمد على استيراد المصنوعات من سجلماسة (الريصاني)، وفاس، وتينغير، ومراكش، ولقباب من (أقباب) بالأمازيغية أي: النجار.
ولقد حافظت الحرفية التقليدية على ثقافة المجتمع الأمازيغي بجبال الأطلس الكبير الشرقي. ذلك أن كل أداة من الأدوات مرتبطة بطقس معين ورموز ما، وشعائر.
2- وضع المعرفة الحرفية التقليدية في عصر التحولات القروية
ساهم في تحول الوسط القروي بجبال الأطلس الكبير الشرقي عدة عوامل معظمها خارجية، كظهور الدخل غير الزراعي، إلى جانب الدخل الزراعي، بارتفاع نسبة انخراط أبناء المنطقة في صفوف الجيش، ابتداء من سنة 1976، وهجرة بعضهم إلى دول أوروبا الغربية، أو المدن المغربية الكبرى، بحثا عن العمل. وسُجل تطور مراكز عمرانية وأنوية أنشئت في عهد الحماية الفرنسية لإيواء جنود الاحتلال والإدارات مثل إملشيل، وأسول، والريش، وگرامة، وبنيتجيت، وتالسينت. وساهم تزويد الوسط القروي بالكهرباء بين سنتي 1995 و2010 على تسريع وثيرة التحول، وانتشار الإعلام البصري. وللوقع السيئ للتغيرات المناخية على تدهور المراعي، والتربة الزراعية، دورُه في حث السكان على التفكير في ممارسة بستنة التفاح وأشجار الفواكه الأخرى، بما هي زراعة تسويقية ضامنة للدخل النقدي. وهناك عامل آخر يكمن في هجرة اليهود الممارسين الحرف التقليدية إلى الدار البيضاء وفلسطين المحتلة. وقد نتج عن ذلك كله السير نحو انهيار الأنساق التقليدية، وضمنها المعرفة الحرفية.
في بدء عصر التحولات القروية برزت الأدوات الحديثة وانتشرت، وغزت تدريجيا ميدان الزراعة والطبخ المنزلي والأزياء والتنقل، فكان الوضع الحالي موسوما بازدواجية التقليدي والحديث، الازدواجية غير المستقرة وغير المتكافئة، مما يندر باختفاء الممارسة الحرفية التقليدية والمعرفة، وقد يمس ذلك ذاكرة المنطقة الجماعية. فكيف السبيل إلى الخروج من هذه الازدواجية بشكل لا يضر نزوع السكان نحو الانفتاح والحداثة، والحفاظ على التراث الثقافي الأمازيغي بالمنطقة؟
3- من أجل الحفاظ على الأنساق الثقافية التقليدية
تبين أن الحرفية التقليدية متجهة نحو الانهيار بفعل ما أشير إليه من عوامل. فمن جهة، لا بد من الحرص على الحفاظ على المعرفة الحرفية بتدوينها، وتشجيع الصامد منها للاستمرار، ومقاومتها منافسة الصناعة العصرية، وذلك بضمان تسويقها بفتح منافذ لها بمواضع السياحة الثقافية ومداراتها، وتشجيع السكان على الحفاظ عليها بما هي مرتبطة بهويتهم الثقافية. وكل ذلك لا يعفي سكان المنطقة من الممارسة المتحفية والعناية بها.
تتوافر جبال الأطلس الكبير الشرقي على إمكانيات متحفية مهمة تؤهلها لتحتضن المتاحف الأثرية والفنون المحلية. فمن الإمكانيات المادية المتوافرة كل الأدوات التقليدية المشار إليها سابقا. فهناك صحُن الخشب والخزف والنحاس، وهناك قِرب الخزف وقِرب الجلد. وهناك صباغة طبيعية وأزياء منها ما أُنتج محليا أو مستورد من مراكز المحيط، وهناك تراث طبيعي متنوع. وقبل ذلك، تتوافر المنطقة على أنوية متحفية بإملشيل وزاوية سيدي حمزة التي لا تزال تختزن رفوف مكتبتها عدة مخطوطات.
ويبدو مفيدا فتح نقاش علمي حول الكيفية التي ينبغي أن تدعم بها الممارسة المتحفية، بالنظر إلى غناها الثقافي المادي والرمزي. ولا شك أن الممارسة المتحفية لا تهدف إلى الحفاظ على التراث بل تهدف إلى دعم السياحة الثقافية.



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات: الاستئناس با ...
- آفاق التنمية بحوض كير بالجنوب الشرقي المغربي
- هل هي بداية موفقة لتصحيح مفاهيم الخطوبة والزواج والتحرش الجن ...
- السجن والسجناء في تاريخ المغرب الوسيط
- من أجل حكامة جيدة في تدبير أرض الجموع بجهة الجنوب الشرقي - ا ...
- دراسة حول المقابر المغربية، ومقترحات عملية من أجل إصلاحها- ح ...
- ورزازات:أي بعد للتخطيط الإستراتيجي التشاركي للجماعات الترابي ...
- الأرض والإنسان في الجنوب الشرقي المغربي في مرأة الصحافة المك ...
- ندوة افتتاح مشروع (من أجل تعبئة منظمات المجتمع المدني لإدماج ...
- ورزازات: أي موقع للمجتمع المدني في تفعيل الجهوية الموسعة وإر ...
- الرأي العام الفرنسي وصناعة ذاكرة الثورة الجزائرية ما بين 195 ...
- ما يجب التركيز عليه في ندوة « سؤال المواطنة بين المسؤولية وا ...
- أفاق المشاركة الفعلية للنساء في تدبير الشأن المحلي والجهوي ف ...
- التاريخ والأرشيف وحفظ الذاكرة في التجربة المغربية للعدالة ال ...
- حرب الذاكرة ومستقبل العلاقة بين فرنسا والجزائر
- متى يأتي الاكتشاف الرابع لجبال الأطلس الكبير الشرقي المصاحب ...
- ورزازات: اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لجهة الر ...
- اللقاء الوطني حول: «الحكامة الترابية والجهوية بالمغرب، أي مق ...
- ورزازات: الإعلام البديل بين حرية التعبير وأخلاقيات المهنة با ...
- ميدلت: الديموقراطية التشاركية تؤسس للمشاركة الفعلية للنساء ب ...


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - الوقع الاجتماعي للتكنولوجيا الحديثة على الحرفية التقليدية لسكان جبال الأطلس الكبير الشرقي بالمغرب