|
النظام السوري وجوقته / خطاب كاذب وتافه
فيصل البيطار
الحوار المتمدن-العدد: 4212 - 2013 / 9 / 11 - 20:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التصريح الأخير لمستشارة الرئيس السوري بثينه شعبان يجب ألا يثير الدهشه والإستغراب بقدر ما يؤكد بؤس أنظمة الديكتاتوريات وتفاهتها للدرجة التي تعجز فيها عن الدفاع عن سياساتها ولو بقدر ضئيل من العقلانيه والواقعيه . تصريحها لم يشذ عن منهج الخطاب الإعلامي للنظام منذ فجر الثوره السوريه وهو الذي أتسم بالكذب والمخادعه وتشويه الثوره كنهج ثابت ودائم حتى الآن . وما زال في الذاكره تلك الصور التي عرضها وزير الخارجيه المعلم في مؤتمر صحفي له بعد أشهر قليلة من إندلاع الثورة على أنها لتكفيريين داخل سوريا ليتبين بعد ساعات أنها لمقاتلين في باب التبانة في طرابلس ولمواطن مصري إقترف جريمة قتل في إحدى الضيع اللبنانيه، والسيده شعبان هي نفسها التي أتهمت الفلسطينيين بوقاحة من أنهم هم من يقفون خلف الثوره في درعا وحمص قبل أن تمتد لتنتشر في كافة أصقاع سوريا، وقاحة لقيت الإستهجان من أنصار النظام من الفلسطينيين قبل غيرهم وفي مقدمتهم أحمد جبريل زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة . لكن مالذي أتحفتنا به مؤخرا السيده شعبان بعد صمت طويل ؟ بمختصر العباره، تقول السيده شعبان لمحطة سكاي نيوز الإنجليزيه وهي تخاطب الرأي العام الغربي، أن المعارضه هي التي قتلت الناس في الغوطه الشرقيه بالسلاح الكيمياوي بعد أن خطفتهم من قرى اللاذقيه وجمعتهم في مكان واحد . شعبان تريد أن تقول أن قتلى الكيمياوي هم من علويي قرى اللاذقيه دون أن تفسر الطريقة الجهنمية التي نقل بها الثوار أكثر من 1400 علوي لمسافة تزيد عن 350 كم متخطيه حواجز الجيش وأجهزة الأمن وحزب الله الى الغوطه الشرقيه المحاصرة تماما من جيش النظام منذ عدة أشهر، هذا عدى عن أمور أخرى لا تقل أهميه تحتاج الى تفسيرات عقلانيه ليصدق أحد السيده شعبان . الديكتاتوريه السوريه كغيرها من الديكتاتوريات لا تقاتل بقدراتها العسكريه فقط، تحتاج الى ماكنة إعلاميه واسعه وظهير داعم ناعق من خارج حدودها تتناسب في حجمها وحيويتها مع الجرائم التي تقترفها كل يوم بحق السوريين، ماكنة لا تجد بدا من إعتماد الكذب والتشويه في عملها الشاق فمن المستحيل عليها أن تبرر قتل الأطفال والمدنيين وإغتصاب النساء وتدمير المدن بالأسلحة الثقيلة ودفع ثلث السكان للهجره وإستخدام السلاح الكيمياوي وكل الجرائم الموثقة بدون اللجوء الى نمطها هذا مضافا اليه الصمت المطبق في غالب الإحيان، هكذا كان شأن الخطاب الإعلامي منذ بداية الثورة وعلى كل مستويات النظام بدءا من رأسه الذي اتهم الثوار بالجراثيم، وسقوط الضحايا وإسالة الدماء بالعمليات الجراحيه الضروريه، مرورا بإركانه على المستويات المختلفه لساسته وإعلامييه ورجاله من شيوخ الدين، إنتهاء بأنصاره في الشارع العربي وخصوصا في لبنان والأردن . أحزاب من الوان عدة ومنظمات نقابيه وصحف وأفراد يحسبون أنفسهم على قوى التقدم ومع هذا لا يرون في كل موضوعة الصراع السوري أكثر من طرفين . النظام الذي يصفه البعض بالديكتاتوري مواربة وخجلا أحيانا ويالوطني أحايين أخرى، ولا يميزون بينه وبين الدوله الوطنيه، بين الديكتاتوريه والشعب، بين الوريث وبطانته من اللصوص وبين ملايين السوريين الذين يتضورون جوعا في المنافي بعد أن هدمت منازلهم وغاب عن أنظارهم شبابهم إما تحت التراب أو في المعتقلات، وطرف آخر تكفيري رجعي همجي آكل للكبود يريد العوده بسوريا الى ما قبل قرون . ولا من أثر لشعب سوريا وحركته الوطنيه فقد تبخر من عقولهم تماما . الخطاب الإعلامي للنظام وجوقته لا يرى من الثورة السوريه الا جانبها المظلم، وهو الجانب الحتمي والضروري الذي لا يمكن القفز من فوقه طالما هناك ثورة، تلك الجماعات التكفيرية المؤلمة لخواصر النظام الآن هي نفسها التى إستدعاها ورعاها في محطات سابقه وفتح أبوابه مشرعه لعبورها من كل حدب وصوب نحو العراق، وهو نفسه المؤسس الحقيقي لتنظيم فتح الإسلام بقيادة شاكر العبسي والمشرف على جرائمه في لبنان وعلى الأخص في مخيم نهر البارد، وهو الذي إحتفظ بقيادة وقواعد جبهة النصرة في سجونه وأطلق سراحها عندما أحتاجها ليسم الثورة السورية بطابع الإرهاب دون أن يحسب إمكانية تمددها وخروجها عن طاعته في يوم قادم، قادة البعث العراقي المتحالف مع الإسلام التكفيري كانوا ينشطون من الأراضي السوريه برعاية أجهزة النظام الأمنية، ونشاط القاعده في تجنيد القتله وتدريبهم وإستقبال العرب منهم لإرسالهم لقتل المدنيين العراقيين في الشوارع والأسواق الشعبية وأماكن العبادة كان برعاية النظام نفسه كما كان برعاية حليفه الإيراني بشهادة النظام الطائفي في العراق عدو الأمس حليف اليوم، ومثال الداعيه السوري عضو القاعدة محمود قول أغاسي المعروف بأبو القعقاع والذي كان ينشط علنا من مسجده في حلب في تجنيد المقاتلين للقتال في العراق، يشهد على تحالف النظام مع الإرهاب السني الذي يسم به الآن الحركه الوطنيه السوريه . كعادة النظام، وكما إغتال الشيخ البوطي بطلقة مسدس في رأسه بعد أن إستنفذه، إغتال أبو القعقاع بأربعة طلقات وبدء في التضييق على نشاط القاعده بعد أن إنتهى دورههم السوري ولاح في الأفق بداية شهر العسل مع نظام الحكم الطائفي في العراق . جوقة النظام ترى في الإسلام السياسي السني المتطرف مشروعا لإلغاء مكونات الوطن الأخرى، مسيحيون وكورد ودروز وشيعة وعلويون . لكنهم لا يشيرون ولو من بعيد الى أن نفس المشروع قد تحقق بالفعل في الجمهوريه الإسلامية الإيرانيه راعية النظام وحارسه الأمين ومعها حزبها الشيعي اللبناني . كما تحقق على الأرض السوريه بأيدي طائفة ممسكة بزمام السلطة منذ مازاد على الأربعة عقود . تهميش للسنه والكورد والدروز على كافة مستويات إدارة الدولة الرئيسية، الإقتصاد والجيش والأجهزة الأمنيه وتمكين طائفة واحده من الحياة السورية عامة . سيقدم النظام بسياسة الإلغاء أو التهميش لسنة سوريا هديته الثمينة لمتطرفيهم، تماما كما هي سياسة الإستحواذ على ثروات الوطن وقمع الحريات وهدر كرامة الناس ستكون المسبب الرئيسي لإندلاع الثورة الديمقراطيه . لا أحد ينكر نشاط وتمدد مجموعات الإسلام السياسي بألوانهم المتعدده، لكن تلك المجموعات ليست أكثر من جانب من المشهد الذي يسلط النظام وجوقته في الخارج والداخل الضوء عليه . في أيام سلمية الثورة التي إستمرت لأكثر من خمسة أشهر، إعترف النظام بمشروعية مطالب المتظاهرين وأعلن رأسه بعد أيام من إنطلاقها ومن على منبر مجلس الشعب تبنيه لها ونيته في تحقيقها، كان هذا لفظا، أما على الأرض فقد كان له رأي آخر مغاير، إستمر في قتل المتظاهرين وإعتقالهم لتتحول الثورة تحت ضغوطات النظام نفسه الى ثورة مسلحة الإسلام المتطرف بدأ يظهر ضعيفا كأحد أركانها منذ الشهر العاشر من عمرها وهو الذي لا ينمو ويتمدد إلا في بيئة قلقه سياسيا وطائفيا أوجدها النظام بعنجهينه وتصلبه أمام مطالب الشعب التي وصفها رياء يالمشروعه . النظم الديكتاتوريه لاهم لها الا الحفاظ على سلامتها في قمة هرم السلطة بإمتيازاتها الإقتصاديه والإجتماعية المغريه، أمنها وسلامتها هو المهم وليس أمن وكرامة الشعب، وكل الأسلحة التي كدستها على حساب قوت المعدمين هي لقتلهم فيما لو تنفسوا طلبا للحرية والكرامة ومستوى للعيش أفضل، الدين السياسي هو أحد أسلحتها كما تبين في تحالف النظام السوري مع التكفيري منه والمعتدل، ومهمة خطباء الجمعه عندهم هي في الترويج لنظامهم ودعوة الناس لإطاعة ولي الأمر والقبول بما قسمه لهم على الأرض، بكلمة أخرى، الدعوة للرضوخ للإستبداد وتمييع الصراع بين الشعب المطحون وبين مصاصي دماءه، من يسرقهم ويصادر حقهم في الحياة الكريمة ولا يهم هنا أن يدمر النظام في قصفه الأعمى أكثر من 1450 مسجدا والعديد من الكنائس . الديكتاتورية السوريه لا لون لها، ليست قوميه أو وطنيه، ليست مقاومه وممانعه ولا مهادنه أو راكعه، ليست مع هذا الدين أو ذاك ولا تنحاز لمذهب إلا بما يخدم وجودها وإستمرار نهبها، هي مع نفسها وتقف في المربع الذي يضمن مصالحها وسلامتها، بسويعات شلح النظام سلاحه الكيماوي وأبدى إستعداده للتوقيع على أتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية التي صرف عليها عقود من العمل ومئات الملايين من الدولارات من أموال الشعب، وأستعد لمواجهة الضربه الأمريكيه المحتمله بدعوة الشعب للصيام وبحملة مليونية لترديد دعاء ( حسبنا الله ونعم الوكيل، أستغفر الله وأتوب اليه ) .
لكن ماذا عن الوجه الآخر للثوره ! الوجه المشرق والذي تتناساه عمدا جوقة النظام في الداخل والخارج، ملايين السوريين خرجوا يطلبون الحريه والديمقراطيه وتبادل سلمي للسلطة وحياة أفضل في نظام جديد تعددي يضمن المساواة وحقوق كافة مكونات الشعب الأثنيه والدينيه والطائفيه، ومازالت شعارات الثورة السلمية هي نفسها التي تتكئ عليها غالبية الجموع المسلحة . لا خوف أبدا على مستقبل سوريا، هذا الشعب المنفتح على العصر لن يسمح بسقوط دولته بيد الإسلام السياسي، المصريون صنعوا نصرهم عليه، والليبيون يحاصرونه ويوقفون تمدده، وها هم التوانسه يلاحقونه يوما بيوم على طريق هزيمته . أما السوريون ولإعتبارات كثيره إقتصاديه وإجتماعيه، فهم أولى من غيرهم بصنع إنتصارهم على التخلف بعد كنس النظام .
#فيصل_البيطار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أهلا بالضربه الأمريكيه
-
عن القوميات وتقرير المصير ودولة فلسطين/ أسئلة وإجابات
-
من سيحمي الشعب السوري من قمع النظام ؟
-
من الجوامع للسلطة
-
الإنتفاضة السوريه/ الواقع والمسببات
-
في نقد الدين ومدارسه
-
الإقتصاد الفرنسي/ الأزمة والحل الرأسمالي
-
جنبلاط الحكيم
-
اليسار اللاتيني ويسار دول المركز الرأسمالي
-
وجها الإسلام السياسي القبيحان
-
عندما يقدم السيد نصرالله دلائله
-
حسن نصرالله والدرس الذي لن يعيه
-
اليسار الأردني والمراوحه في نفس المكان
-
ديموقراطيه وديكتاتوريات .
-
الحاله الفلسطينيه المستعصيه ... إلا بإنتفاضه جديده
-
برمجة الجماهير ودور الأحزاب الدينيه
-
رسائل المرمره التركيه ودرسها المستفاد
-
لِمَ نكتب ولمن وأين ؟ الأخير .
-
لِمَ نكتب ولمن وأين ؟ تابع ثان .
-
لِمَ نكتب ولمن وأين ؟ تابع أول .
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|