أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خالد غميرو - ثلاثة هدايا من مدينة -آسفي-.















المزيد.....

ثلاثة هدايا من مدينة -آسفي-.


خالد غميرو

الحوار المتمدن-العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 19:24
المحور: كتابات ساخرة
    


لكي لا تقولوا أني بخيل، فلقد أحضرت لكم معي ثلاثة هدايا من رحلة قصيرة إلى مدينة" أسفي" المغربية، فافتحوا أذانكم جيدا لتسمعوا وتعوا ما في جعبتي من هدايا، وتروا ما فيها من إختلاف عن الكل الهدايا التي حصلتم عليها من قبل وأنا متأكد أنها ستنال إعجابكم بنفس الدرجة التي متأكد بها "النيني عبد الرحيم ادرويشي" أنه شاعر. (ستعرفون حكاية هذا الشاعر إدا أكملتم المقال)

الهدية الأولى: شهادة

إن هذه المدينة التي تبدوا إن نظرت إليها من مقهى "la corniche" في سيدي بوزيد، كأنها تغرق في البحر بهدوء، فبالإضافة إلى أنها تعجب زائرها كمدينة ساحلية وتاريخية، فإن سكانها لهم سعة خاطر فريدة من نوعها، وهذا ما تكتشفه بسرعة عندما تسأل أي شخص في المدينة عن مكان تريد الذهاب إليه، ففي الغالب يجيبك الناس بعفوية وحماس لا نظير لهما، بل فيهم من من يكون مستعدا لمساعدتك إلى أقصى درجة، وأظن أنه إن لم يكن متبوعا بإلتزام لأوصلك إلى المكان الذي تريد أن تذهب إليه بنفسه (كما أرادت أن تفعل معي إمراة كبير في السن)، وبالإضافة أيضا إلى سعة الخاطر هته، قدرتهم العجيبة على التواصل بسرعة و لهجتهم "الأسفوية" المتميزة، وكما قال أحد سائقي سيارات الأجرة عن سكان مدينته "آسفي"، "إنهم اناس طيبون ومتسامحون، لكنهم عصبيون و يغضبون بسرعة أحيانا".

الهدية الثانية: قضية

إن أول ما تلاحظه في المدينة بوضوح عندما تجول في دروبها القديمة التاريخية، أن السياح الأجانب في هذه المدينة قليلون جدا رغم أنها جديرة بالزيارة، ولقد فهمت لماذا عندما قررت أن أزور "الكتدرائية البرتغالية" التي دفعت من أجل ذلك 10 دراهم، وهدا هو أول ما طلبه مني الرجل الذي يقف على باب "الكتدرائية" بدون مقدمات، وبعد أن أعطيته المبلغ، قال هل تريد أن ترى فقط أم تريد أن أشرح لك، فأجبته أني أريد أن أرى فقط، لكنه أصر على أن يشرح لي طمعا في مبلغ آخر، فسألني عن ماذا أعرف عن الكاتدرائية، وهل تعرف لماذا هذه الصومعة هنا فريدة من نوعها، فأجبته لقد سبق لي أن قرأت قليلا عن الكتدرائيات عموما في الأنترنت، فأجابني أنك لن تجد شيئا عن هذه الكاتدرائية في الانترنت وهو فقط من يعرف عنها... في الحقيقة قبل دخولي كنت أعتقد أنني سأجد مكانا كبيرا وفيه الكثير لكي أراه، لكن هذه الكاتدرائية كانت صغيرة للغاية معلق على جدرانها بعض اللوحات التي قال الرجل، أنها لطالب وضعها هنا من أجل أن "يسترزق" من وراء بيعها، وطلب مني أن لا أصورها رغم اني لم أكن أرغب في ذلك، لأنها تشبه تلك اللوحات المألوفة التي تباع على الأرصفة وليست جديرة بالتصوير، ولقد قال لي الرجل أيضا أن هذا المكان قد حوله المسلمون في فترة من الزمن إلى "حمام"، فقلت مع نفسي وأنا أهم بالخروج من الأفضل لو تركوه كذلك على الأقل سيكون لعشرة دراهم ما يبررها.
إن مثل هذه الزيارة القصيرة تجعلك تفهم طبيعة السياحة الثقافية في بلدنا وأزمتها، وبأي منطق يتم التعامل مع مثل هده الآماكن التاريخية التقافية، وإن قارنت بين هده المدينة التاريخية ومدينة أكادير مثلا، التي يطوف حجاجها على مطعم (ماكدونالد) ، ستفهم ماذا تعني السياحة بالنسبة لدولتنا وفي أي إتجاه تسير، وأنا لا ألوم صراحة ذلك الرجل الواقف على باب الكتدرائية، فهو رجل مغلوب على أمره يهمه أن يجد ما يسد به رمقه أكثر مما تهمه الثقافة والتاريخ، لكني ألوم بشكل مباشر وزارتي الثقافة والسياحة التي لا يهتمان لا بالسياحة ولا بالثقافة ولا بالرجل الذي ينتظر العشرة دراهم.



الهدية الثالثة: كتاب

الاسم : النيني عبد الرحيم الدرويشي
العنوان : متاعب كاتب كلمات (مقالات)
المهمة : "شاعر غنائي و أديب وجندي وأستاد و بحار"، مع الكثير من المتاعب
المطبعة : مؤسسة الديوان للطباعة والنشر
السنة : 2013


إبتداء من الصفحة أربعة، وبقلم الأستاد "سالم الكويندي"، تحت عنوان "كتاب البوح"، ستقرأ عن شاعر وأديب يمكن أن يكون أسطورة زمانه، "فنان مرهف الحس، يثمتل الإبداع مبنى ومعنى"، "إنه شاعر عامي يستحضر اللغة عندما تضيع وتستحضره معانيها عندما تغيب المعاني"، يا إلهي ما هذا الشاعر الذي لا علم لنا به، و يختبئ كل هذه المدة في دروب مدينة آسفي، ولولا رحلتي لأسفي والصدفة التي جعلتني أشتري هذا الكتاب، لما علم به أحد وضاع علينا أن نعرف أن لنا مبدعا من هذا النوع وهذه الطينة الفريدة من نوعها.
إبتداءا من الصفحة سبعة يقدم لنا الشاعر كتابه، فهو تعب كثيرا ليخرج لنا هذا الكتاب، "فقد تسلح بالصبر وتوكل على الله وأقدم بكل جهد ومثابرة على إنجاز كتابه، و يا ليته ما أنجزه.
من الصفحة عشرة تبدأ البداية، ففكرة إنجاز هذا الكتاب أتته وهو صغير، سنة بعد دخوله للمدرسة في الستينات، أي في المستوى الابتدائي، وفعلا كتاب كهذا لا يمكن أن يأتي إلى من طفل في المستوى الأول إبتدائي، وفي تلك الفترة أيضا "ولدت في داخله فكرة أن يصير من كتاب الكلمة الزجلية الغنائية"، ليقول لنا في نهاية هذه البداية انه يضع بين أيدينا هدا الكتاب، وأتخيل انه يضعه ثم يطلق ساقيه إلى الريح.
بعد التقديم والمقدمة والبداية، تبدا متاعب الكاتب بكلمة مرة للحاقدين على أغنيتنا المغربية، ويرد بها على الناعقين، فهذا الشاعر مناصر للأغنية المغربية، ومن اللذين يعملون على الدفع بها إلى الأمام، وإنه ليصرخ في وجهنا أن أغنيتنا بخير والحمد لله، "و سيضرب أقوالكم في صفر ليبقى الحاصل صفر..أي كأنكم لم تقولوا شيئا وكأننا لم نسمع شيئا"، في الحقيقة أعجبتني غيرت هذا الشاعر القوية على الأغنية المغربية، ويمكن أن أتوقع أنه يمكن أن يكون شاعرا، فهو يقول "أن أغنيتنا قادمة وبقوة، فكونوا على إستعداد لتلقي المفاجأة، وحتى لا تصعقوا بالحقيقة الدامغة"، بعدها يسرد علينا أسماء كل المغنين المغاربة حتى رئيس الجوقة الوطنية لم يرحمه من ذكر اسمه في هذا الكتاب، ليعتذر لنا في الهامش عن سهوه إن نسي مغنيا لم يذكره.
سيتحدث أيضا هذا الكاتب عن الفكرة والكلمة والموهبة، ولن أسرد عليكم ما قاله لأني آخاف كثيرا على أعصابكم، يكفي أني أعرف عنكم أن هذا الكاتب، أعطاه الله سبحانه موهبة أسعدته كثيرا...لكنها من الصعب أن تسعدكم، وسيتحدث لنا عن الزجل أيضا، ويقول لنا عن شيء لم نكن نعرفه عن كلمة الزجل، "أن كلمة زجل هذه تتكون كما يتضح لكل من يعرف التهجي من ثلاثة حروف، وهي زاي والجيم واللام، وهي الحروف الحادي عشر والخامس والثالث والعشرون من حروف الهجاء.." ألم أقل لكم أنه وضع في يدنا الكتاب وأطلق ساقيه للريح؟
العجيب أن هذا الكاتب كان أستاذ للثانوي، وبعدها أصبح عسكريا في السبعينات، رغم أنه قال في البداية أنه في السيتنات كان في المستوى الأول إبتدائي، ليصبح في الأخير بحارا، و سأترك لكم أن تحلوا هذه المعادلة لأنني في الحقيقة لا أفهم كثيرا في الحساب كما يفهم هذا الكاتب، فمن الصعب أن تحدد زمن هذا الكتاب والوقت الذي كتبت فيه مقالته، وما يزيد من صعوبة هذا التحديد أنه يضع على ظهر الكتاب صورة له وهو شاب، رغم انه حاليا في السنة التي صدر فيها الكتاب سيكون قد تجاوز الستين.
المهم فإن متاعب الكاتب هي كالآتي: (مضايقة، ضياع كلمات، المقلب، القرصنة، وقاحة متهور، الكمين، نظرات عجرفة، الرضاء بالحال، قطع مظلومة)، وخلاصة هذه المتاعب أن الرجل يا عيني مظلوم، وتحس أن كل العالم يقف ضد أن تظهر لنا موهبته، لذلك قد ضاعت منه كل أشعاره وقصصه ورواياته التي كتبها، وهو متأسف لذلك ويشعر بالألم، و لقد حذف الكثير من الشتائم في مقالات الكتاب، كان سيكتبها مكان النقط التي يضعها بين الجُمل والكلمات، وأتخيل حجم هذه الشتائم التي كان سيقذفنا بها، لولا أن الله أمره بالستر كما قال.
في آخر مقال في الكتاب يقول لنا الكاتب بصوت مرتفع وبدون خجل وبكل فخر و إعتزاز، " أنا...من يستطيع أن يتجرأ وينطق أمام الناس بهذه الكلمة..كلمة-أنا-"، فهو تحلى بالصبر والشجاعة لكي يقول هذه الكلمة التي قلما يتجرأ المبدعين على قولها، فهم تملأهم الشكوك، لكن كاتبنا هذا لا يشك ولو للحظة "أنه فنان حقيقي" ويتحدى كل من حاول تهميشه هو المبدع المتواضع الخجول والمهمش ظلما بالرغم من إبداعاته العديدة الرائعة، التي وللأسف ضاعت ولم نرى شيئا منها في هذا الكتاب ولا أظن أننا سنراها في كتاب آخر.
بعد هذا كله وأخيرا اعترف الكاتب بشيء مهم، هو أنه يعتبر الشعراء الذي هو ينتمي إليهم بطبيعة الحال، "أنهم قد يعتبرون في محيطهم من أشباه المجانين أو المجانين بالكامل"، ويأتي بنظرية جديدة تقول أن كل من تراهم في الشارع يحدثون أنفسهم هم إما شعراء أو أدباء ومبدعين، في الحقيقة عندما رأيت عنوان هذا الكتاب، قلت مع نفسي ربما سيضع هذا الكاتب يده على جرح الكتاب والمثقفين في بلدنا، ويتكلم عن متاعبهم وواقعهم، لكنه لم يرد إلى أن يزيد من عمق الجرح، ويحبط حلمنا في أن نقرأ كتاب جديرا بالقراءة في هذا الزمن الرديء.

في النهاية إن سعة صدر سكان مدينة آسفي هي فقط من تستطيع ان تتحمل ان يعيش كاتب من هذه الطينة بينها، وهذا الكتاب أيضا أكبر دليل على ان وزارة الثقافة لا تهمها الثقافة، لأنها لو كانت كدلك لأقفلت المطبعة التي طبعت هدا الكتاب، وجمعت كل نسخه من مكتبات المدينة خوفا على سياحتها وزوارها اللذين يفكرون في شراء كتاب، ولا تقولوا لي أنها "حرية التعبير"، فالتعبير له شروط ووسائل وأهداف لا يعرفها "النيني عبد الرحيم" ولا حتى وزارة ثقافتنا، وللأسف فإن الكثير في بلدنا لا يستطيعون ان يميزوا بين الصوت الدي يصدره "آكل الشعير" وبين قصيدة شعرية.



#خالد_غميرو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواجهة الشيطان هو الحل !!
- لا تظلموا امريكا...
- -شجرة القايد- - قصة قصيرة
- زعيم مملكة الشعب
- دي كوورة يا عم !!
- ثورية اليسار و فروسية الدون كيشوت !!
- الحلم أمريكي...الكابوس إرهابي !!
- لكي لا ننسى ما نسيناه !! -سبق الميم ترتاح-
- ماذا عن الديمقراطية؟؟
- التحرر الجنسي...تكتيك أم إستراتيجية؟؟ -رد على حالة إفتراضية-
- إنها -ثورة-... !!
- -يكفينا الوحدة التي نحسها.-
- الحب و-الثورة-
- مع القلم تستمر الحكاية...
- كلام مختصر عن السياسة !!
- لنناضل جميعا، من أجل إغلاق البرلمان !!
- قضية إغتصاب...!! سنتابع يومنا في جميع الأحوال...
- لكننا شفينا الآن... !!
- ...يريد إسقاط الفساد؟؟ (إلى روح حركة 20 فبراير)
- انقلاب شعبي


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خالد غميرو - ثلاثة هدايا من مدينة -آسفي-.