أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - العرس 8














المزيد.....

العرس 8


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4210 - 2013 / 9 / 9 - 01:06
المحور: الادب والفن
    



اللسعة

وبينما الناس منتشون في احتفالاتهم ورقصهم، والدفوف والمزامير تصدح بالإيقاع السريع لرقصات لعلاوي، انتبه البعض إلى صوت استغاثة بالكاد يُسمع، قادمٍ من وراء رابية السِّدر القريبة. فحمل بعضهم ممن تطوعوا للذهاب لأجل استجلاء الأمر بعض "اللمبات" الزيتية، وبينما هم يتحسسون في الظلمة طريقهم، لاح لهم طيف فتاة تهرول إليهم متعثرة في الأحجار والأشواك، ولما استوقفوها، فهموا بصعوبة من كلامها المتقطع بحشرجات بكائية عميقة تمزق سكون الليل، أن هنالك فتاة أخرى ممددة على الأرض في الناحية الأخرى من الربوة لتعرضها للسعة سامة، لم يسألها أحد عن سبب ذهابهما إلى هنالك، فالأمر بديهي، ففي عدم توفر المدشر على المراحيض، يبقى الخلاء الملاذ الوحيد لقضاء الحاجات.

قادت الفتاة الجمع إلى حيث تستلقي الفتاة الأخرى، وتحت الضوء الخافت لفوانيس الزيت ظهرت لهم وهي تئن من وجعها، ويتلوى جسمها تحت تأثير تشنجات طويلة، وتصدر عطاسا متواصلا حتى تكاد تختنق بسببه فتسترسل في نوبة سعال حاد وقد امتلأت الأرض تحتها ببقعة من القيء. اختلفوا حول مصدر اللسعة هل هي لثعبان أم لعقرب، فتجرأ أحدهم لمعاينة جسم الفتاة بحثا عن مكان العظة، بينما أصدر أمره للباقين بأخذ الحذر من معاودة الهجوم من مصدره المجهول وسط هذا المكان الخطر بين الأشواك وركام الأحجار. وبعد مدة وجيزة استجلى الرجل مكان اللسعة في أعلى كعب الفتاة، فتبين له أن الأمر يتعلق بلسعة عقرب وذلك من خلال الآثار الظاهرة على كاحل المُصابة.

قام أحد العيساويين والذي كان ضمن الحضور بتشريط مكان اللسعة وامتصاص الدم حتى يسحب ما أمكن من السم قبل أن يسري في كامل الجسد. وبعد هذا تناوبوا على حمل المريضة إلى المدشر و سألوا عن والديها الذين هالهما منظر ابنتهما. تحلقت الجموع حول الفتاة التي وبالرغم من تصببها عرقا ترتعد من شدة البرد الذي يسري في أوصالها.

اختلف الناس حول طرق علاجها في مثل هذا الليل البعيد عن مستوصف المدينة، فقام أحدهم بوضع قطعة نقدية معدنية على مكان الجرح، وسأل ثان أهل الديار عن قطعة مغناطيس مدعيا قدرته على جذب السم كما يجذب الحديد. بينما قامت امرأة بتقطير ماء بصلة في فم الفتاة الغافية، في حين جلب صاحب الخيمة معدة أحد الخراف التي ذبحوها خلال النهار فلفَّ بها كاحل الفتاة.

وبالرغم من كل هذا التلاحم لم تفلح المحاولات من التخفيف من ألم السم. فقرر جد العريس بأن يستدعي سائق الشاحنة المركونة في طرف بعيد شيئا ما من المَضرب لكي ينزل بالفتاة مسرعا إلى المدينة لعرضها على الطبيب قبل فوات الأوان. وقبل أن يُقلع قام السائق بصب زيت المحرك المحروقة على ثقب اللسعة مدعيا قدرة السائل على علاج مثل هذه الحالات، ولكن دون جدوى.

رافق العديد من الرجال والد الفتاة إلى المدينة مستقلين صندوق الشاحنة الخشبي. وبعد وقت طويل قضوه في المنعرجات الجبلية لاحت لهم أنوار مدينة العيون الشرقية تتلألأ من بعيد بوداعة وفي هدوء تام. ولما عبروا وادي موه جديد توجهوا مباشرة إلى شمال المدينة حيث يتواجد مستوصفها الصغير. قام أحدهم بطرق الباب بقوة ففتحه لهم الممرض مداريا آثار النعاس عن طرفَيه، صارخا في وجههم على جلفهم، ولما رأى عددهم الكبير على ضوء كاشفي الشاحنة، غير من لهجته ودعا حامل الفتاة إلى وضعها على منضدة العلاجات بعد أن سمع منهم سبب تأزمها. قام المعالج بتنظيف مكان الجراح متمتما بصوت خفيض لاعنا من قام بتشريط الجلد ومن لوثه بسواد زيت المحرك، ثم حقن الفتاة بمصل وسقاها بالكثير من الماء ، عكس ما روَّجه بعض الناس عن احتمال مضاعفة الماء لخطر سريان السم في الجسد. وبعد أن طمأنهم على صحتها دعاهم إلى المغادرة إلا والدها الذي سيمكث هنالك إلى جانب ابنته المريضة.

خرجوا جميعا في ارتياح تام زاده صوت المهلل لصلاة الفجر خشوعا وطمأنينة فتوجهوا جميعا إلى مسجد القصبة للصلاة.

يتبع...



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرس 7
- العرس 6
- العرس 5
- العرس4
- العرس III
- العرس الجزء II
- العرس /الجزء II
- العرس
- تجارة موجهة في أغلبها إلى الأطفال
- صانع السفنج
- الجزء الأخير
- الجزء V
- فقيه القبيلة ، خياط للعامة
- الجزء III
- الوفاء للصامدين على رصيف الموقف*
- فقيه القبيلة
- إمام القبيلة
- وتتوالا حكايات الوفاء
- البحر ضريخه
- لقطات لا تنسى


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - العرس 8