عامر الأمير
الحوار المتمدن-العدد: 1203 - 2005 / 5 / 20 - 09:28
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
( ... لا نريد ديموقراطية و جثث أولادنا مرمية في النهر ) ...
قالها رجل عراقي مسن , قتل أحد أبنائه بطريقة بشعة على يد أحد المجاهدين الأرهابيين الذي أعترف بنحره و قطعه رؤوس و قلعه عيون و تمثيله بجثث و رميه في النهر لأكثر من 95 ضحية من رجال و نساء و أطفال , رافقها عمليات أغتصاب و سرقة و جرائم خطف و تعذيب جاوزت في بشاعتها كل حدود السادية المرضية و الأنتقام و الثأر و الجريمة .. كل هذه البشاعة كانت بمباركة و دعم الحاج محمود الجحيشي أحد المجاهدين الذين أنتجتهم النصوص المقدسة و فتاوى الكراهية و القتل و الأرهاب .. و الذي جاوز الوحوش الكاسرة و الكلاب المسعورة و المجرمين المعتوهين .. بساديته و حقده الأعمى و كراهيته السوداء و أرهابه و جرائمه !! و الذي أتخذ من مزرعته في المدائن مرتعا لممارسة هوايته الجهادية المقدسة !!
هذا هو نموذج واحد من آلاف المجاهدين الأرهابيين الساديين الذين أنتجهم العقل العربي الأسلامي التكفيري الحاقد و المريض ...
لعل هناك من يتسائل عن " ما الذي يؤكد أن من يقوم بهذه الأفعال مسلمون ، فهل كل من رفع راية عليها بعض الآيات أو الأحاديث أو الأدعية يمثل الإسلام ؟؟ " !! و هو سؤال يتكرر كثيرا .. و فيه من الوجاهة ما يستحق الرد عليه كالتالي : نعم ربما من يقوم بها هم من اليهود أو الصليبيين أو الهندوس أو البوذيين من عشاق حور العين و الغلمان المخلدين ... ربما .. .أو تقوم بها كائنات غريبة قدمت الينا من الفضاء الخارجي لتمارس هوايتها في قتل الآدميين على كوكب الأرض المعادي , و دليلنا في ذلك أن تلك المخلوقات تطل علينا ملثمة لم تكشف عن وجهها الذي سيفضح المؤامرة المريخية الصهيونية الصليبية ضد الأسلام و المسلمين ... و ربما كان هؤلاء ( و هو الأقرب الى الصواب ) هم مجاميع من البشر المتوحشين قدموا الينا من جزر البهاما أو برمودا أو الواق واق ليمارسوا هواية صيد و أكل لحوم البشر ؟؟ صحيح من يدري ؟؟ لماذا نستبعد هذه الأحتمالات ؟؟؟ و لماذا نصدق أعترافات أشخاص يطلون علينا على شاشة التلفاز و يكذبون بأرتكابهم هذه الأعمال مقابل أجر مادي مدفوع لهم لتشويه صورة المقاومة الشريفة العفيفة ؟؟؟
.. أما كونهم يمثلون الأسلام أم لا .. فذلك أمر لا نستطيع الخوض فيه كوننا غير متخصصين في العقيدة الأسلامية و دروبها العويصة و العصية على الفهم و الأفهام .. و نحيل السؤال بدورنا الى الكهنوت العالم المتخصص في الفقه الأسلامي ليردوا عليه !! و أغلب الظن ( و ان بعض الظن أثم ) أنهم سيفتون لنا بنصرتهم كونهم مجاهدين نذروا أنفسهم للدفاع عن الدين الحنيف .. و ليتقول علينا الأعداء ما يشائون مادام نشيدنا هو : " أرهابي أنا .. أرهب أعداء الدين " !!
هناك من يعتقد أن : "الكره في الله والحب في الله من القواعد التي تهذب تصرفات الإنسان وسلوكه ، ومعناه أن الإنسان يربط حبه وكرهه بما كرهه الله وأحبه، أي الإنسان لا يُغلب هواه في الحب والكره بل لابد من ضابط يضبطهما حتى لا تصبح الأمور حسب هوانا ..."!! .. هكذا أذن هو الكره و الحب في الله كما يفهمه و ينشره مشايخ الكراهية الذين من الصعب التحرر من سلطتهم الآيديولوجية الديماغوجية التي تتحكم بعقول الملايين من عوام الناس البسطاء ,لأنهم يلعبون على وتر حساس جدا ألا و هو النجاة في الدار الآخرة .. فهؤلاء هم نواب الله في الأرض و هم من يتكلم بأسمه و يصدر الأحكام و التشريعات بأسمه و يقتلون بأسمه و يحثون على الكراهية بأسمه ( أنظروا مناهج التعليم في السعودية : هناك عنوان أسمه " الكره في الله " تحت باب التوحيد من كتاب يدرس لطلبة لا تتجاوز أعمارهم ال 12 - 15 سنة ) فبدلا من غرس فكرة الحب في الله يغسلون أدمغة التلاميذ الصغار ب ( كيف تكره من أجل الله ) !! فهل نتعجب بعد ذلك من أنتحار هؤلاء المغرر بهم بين الناس الأبرياء بذريعة الجهاد ضد الكفارو الذي هو واجب شرعي و فرض عين يدخلك الجنة من أوسع أبوابها تستقبلك حورها العين و غلمانها المخلدون بالأحضان و القبلات و كل أنواع النكاح و المضاجعات في جنان من عنب و تين وأنهار تجري من تحتك بالخمر و العسل !!! ؟؟؟
و هناك من يقول أن أعمال العنف و القتل و الحروب المقدسة لا تقتصر على المسلمين فقط .. فهنالك مثلا الحروب الصليبية .. و تلك وجهة نظر لا تخلو من الصحة لكنها مضللة في نفس الوقت , فالمعروف تاريخيا أن الصليبيين شنوا حروبهم المقدسة و أرتكبوا المجازر والمذابح على الرغم من عدم وجود نص في الانجيل مايحث على القتل بشكل صريح .. فقد قام الصليبيون بحملاتهم الشهيرة بناءا على فتاوى الكهنوت المسيحي لتحرير قبر المسيح و أورشليم من المسلمين المحتلين التي لا تعني لهم شيئا و تعني لهم كل شيء وفقا لما ينسب الى قول صلاح الدين بعد توقيعه الصلح مع ريتشارد ( قلب الأسد ) !!... و لا نريد هنا أن نبرر تلك الحملات العسكرية و نمنحها الشرعية , لكننا لو نظرنا اليها ضمن سياقها التاريخي نجد أنها كانت مبررة وفقا للأطار العقلي و الفكري لتلك المرحلة من التاريخ التي كانت تهيمن عليها النصوص التكفيرية الهرطقية التي نادت بها الكنيسة في حربها الطويلة ضد كل من لا يؤمن بطريق الخلاص المسيحي .. و لو تسائلنا من وجهة نظر تلك العقلية الدينية المتطرفة و الأحتكارية للأيمان : ترى كيف ستكون ردة فعل المسلمين لو أحتلت مقدساتهم في الكعبة او المدينة ؟؟؟ أليس من حقهم ساعتها أن يشنوا حملات حروب أسلامية على الطريقة الصليبية لتحرير بيت الله العتيق و قبر النبي من الأحتلال المسيحي أو اليهودي ..؟؟
لقد أنتهت الحروب الصليبية و كف العالم الغربي عن شن الحروب المقدسة بأسم المسيح بعد أنتصار عقل الأنوار و الحداثة على العقل الدوغمائي الكنيسي .. فأرغمت الكنيسة على التخلي عن هيمنتها على مصير البشر و التحكم في تفاصيل حياتهم و قراراتهم المصيرية !!
أما العرب المسلمون فأنهم و منذ ما يزيد على 14 قرنا يخوضون حروبا مقدسة متتالية بأسم الله و نيابة عنه و بقوة نصوص مقدسة وفتاوى دينية تحثهم على خوض غمار تلك المعارك التي أنتصروا في العديد منها و هزموا في العديد أيضا ..
منذ مايقارب الألف عام يتلقى المسلمون الصفعات المتتالية و الهزائم المنكرة دون أن يعترفوا أن الزمن قد تغير وأن قيما جديدة قد أنجزها العقل البشري في كفاحه الطويل للتخلص من عبوديته ... و بدلا من الأعتراف بهذه الأنجازات الحضارية الهامة , دأب العرب المسلمون في عدم الأعتراف بالهزيمة الحضارية التي ألحقت بهم فأزدادوا عنادا في المضي في طريق جهادهم المزعوم عسى أن تتنزل لهم ملائكة السماء جنودا مجندة لتنصرهم في حربهم المقدسة على أعدائهم الكفار, يتقدمهم جبرائيل على فرسه حيزوم أو عسى أن تنطق الأحجار و الأشجار يوما ما بأن يهوديا يرتجف خوفا مختبئا ورائها خشية الموت ... و كلما أزدادت وطأة الهزائم الثقيلة كلما أزداد العرب المسلمون تمسكا بأوهامهم و أحلامهم الخارقة .. لقد أقسم أحد خطباء الجمعة في الأردن أنه رأى صدام راكبا فرسه و حاملا سيفه على وجه القمر فنادى الجمع : الله أكبر ... كان ذلك عام 1990 ... و في معركة الفلوجة أقسم أحد المشايخ أن النبي محمد قد نزع عمامته فأحاطت بالفلوجة .. ثم بكى الحضور و هللوا و كبروا ... بل أن أحد المجاهدين أقسم بأنه سمع جبرائيل ينادي من على ظهر فرسه : أقدم حيزوم .. و هي العبارة المنسوبة الى جبرائيل أثناء معركة بدر التي خاضها المسلمون بدعم من ملائكة السماء !!! أحد أفراد جيش المهدي أقسم بأنه لم يكن يرمي بالهاون بل الهاون يرمي ذاتيا بقدرة الله !!! هكذا هي أوهام أيديولوجيا العنف و الحرب المقدسة المستمرة منذ 14 قرنا حتى يأتي اليوم الذي ينتصر فيه الأسلام و يعم نوره أرجاء المعمورة ...
و هناك من يقول أيضا بأن تكفير غير المسلمين لا تعني من وجهة نظر أيمانية نبذه أو أحتقاره أو أستعدائه أو الحث على قتله !! و تلك مقولة تنقض نفسها بنفسها فالتكفير واحتكار الايمان هو من يخلق العداء للآخر و يولد مشاعر الكراهية و النبذ ثم الدعوة الى القتل في نهاية المطاف أذا تطلب الأمر المقدس ذلك ...
ان الاسلام كعقيدة و ديانة هو كغيره من الديانات و العقائد الأخرى لا يختلف عنها بشيء من وجهة النظر الأحادية لمعنى الأيمان و لا يزيد عليها بدرجة أو ينقص ... و ليس من حقه ان يكفر أو ينبذ الآخرين أو يحتقرهم و يدعو الى قتلهم تحت أي ذريعة من الذرائع المسماة ( شرعية ) ... ففيه من المساويء كما فيه من المحاسن ...و بيته من زجاج هو الآخر فليترك البشر و شأنهم يعتقدوا ماشاء لهم الأعتقاد به فلدى هؤلاء البشر من الأحجار ما يكفي لتهشيم الزجاج ...
ان العرب المسلمين أمامهم طريقان أو خياران لا ثالث لهما : أما أن ينصاعوا بشكل كامل لقيم الحضارة والحياة والانسانية , أو يربطوا أحزمة ناسفة حول أجسادهم أستعدادا للأنتحار ...
و لا أدري أي الحلين هو الأقرب أو الأصوب !!!
#عامر_الأمير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟