|
لن ينهزم بشار الاسد......ولن ينتصر ايضا
عماد الحسيناوي
الحوار المتمدن-العدد: 4209 - 2013 / 9 / 8 - 12:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تُهَنْ الامة الامريكية في تاريخها كما اُهينت في عام 1979 عندما قامت مجموعة من الشباب الايراني الثائر ( كان من بينهم الرئيس الايراني السابق احمدي نجاد واصبحت المجموعة المهاجمة النواة التي تشكّل منها الحرس الثوري الايراني ) بالهجوم على السفارة الامريكية في طهران وألقت القبض على اثنين وخمسين موظفا واخرجوهم من السفارة معصوبي العيون ومقيدي الايادي بطريقة مذلة ومهينة... كان على الرئيس الامريكي جيمي كارتر التحرك سريعا فارسل قوة بحدود ثمان طائرات هليكوبتر وستة طائرات نقل جوي سي 130 للقيام بعملية انقاذ الموظفين المحجوزين في طهران ليدخل الانتخابات وفي يده انتصار يرجح كفته على غريمه آنذاك رونالد ريغان . لم تنجح العملية نتيجة هبوب عاصفة ترابية شديدة ادّت الى تصادم الطائرات المهاجمة مع بعضها البعض وفٌسّرت بتدخل يد الغيب لإفشالها ...استغل رونالد ريغان خيبة الرئيس الامريكي جيمي كارتر -والتي افضت لخسارته في الانتخابات لاحقا- وتفاوض مع الايرانيين ووافق على تلبية شروطهم بالأفراج عن الحسابات المصرفية الايرانية المجمّدة وتنفيذ عقود المواد الاحتياطية للدبابات والطائرات المتعاقد عليها زمن الشاه واطلق سراح الموظفين الامريكيين المحتجزين بعد 444 يوما قضوها في الاعتقال.. لم يترك الامريكيون اهانة مثل هذه تمر دون انتقام ووجدوا في صدام -الرئيس الجديد- في العراق ضالتهم وافضل من يقوم بهذه المهمة فدفعوه لشن حرب ضد مهينهم الايراني ووعدوه بانهم "لن يتركوه وحيدا" ... فهم صدام من كلمة "لن نتركك وحيدا" انهم سيرجّحون كفته وسيعلن الايرانيون هزيمتهم بعد فترة قصيرة اذا ما شن حربا عليهم وهو ما دفعه للاسراع فيها. اما الامريكيون فقصدوا انهم لن يتركوه وحيدا "لينهزم" ولن يدعوه ينتصر ايضا كما صرح ريغان عام 1982 اذ قال ( لن نترك صداما وحيدا ولن ندعه ينهزم ولكننا لن ندعه ينتصر ايضا) ..عرف صدام ان الامريكيين خدعوه فأعاد قواته التي كانت متوغلةً في العمق الايراني الى الحدود واعلن استعداده لوقف الحرب وتوسّط الكثيرون لهذه المهمة من زعماء العرب والعالم الاسلامي لكن محاولاتهم اصطدمت بعناد الايرانيين الذين توهموا ان قرار أعادة العراق قواته لحدوده الدولية لضعف ووهن اصابه فرفعوا شعارا جديدا للحرب من دفاع مقدس عن الجمهورية الاسلامية الى اسقاط الحكم في بغداد وتصدير الثورة لدول الجوار حرص الرئيس الامريكي رونالد ريغان على ادامة المعركة بين العراق وايران وكان داهية ماكرا فيها.... استمتع الملعون بهذا الانتقام حيث "جلس على مرتفع" يشاهد عدويه اللدودين يتقاتلان حتى الموت طيلة ثمان سنوات...كانت كل طلقة وكل قذيفة تخرج من طرف وتصيب الاخر توفر له انتصارا مجانيا على الاثنين معا نهاية عام 1987 وبداية عام 1988 كانت بحق فترة الانتصار الساحق للعراق ولو بقيت الحرب وقتا اطول لأعلنت ايران هزيمتها وفق الشروط العراقية لكن تَيَقّن سياسيي الجمهورية الاسلامية-وليس ثورييها- باستحالة الاستمرار في الحرب وفَهْم السيد الامام الخميني رحمه الله للعبة ريغان عند اكتشاف عملية ايران غيت التي زودت ايران "الضعيفة" بالسلاح دفعت السيد الامام الخميني للموافقة على وقف الحرب بالرغم من ان القرار كان "سما" تجرّعوه..
غضب صدام من خداع الامريكان له في حربه مع الايرانيين فاحتل الكويت .. بعد ان قالت له سفيرتهم في بغداد غلاسبي (ان الحكومة الامريكية لا تتدخل في الخلافات الحدودية بين دولتين عربيتين) وظن صدام انها اجازة له لاحتلال الكويت وليست مصيدة كما هي حربه مع ايران فكانت خدعة ايضا. ... خدع الامريكيون صداما مرتين ودفعنا نحن العراقيين ثمن الاستحمار الصدامي من خيرة شبابنا وثرواتنا في حروب خاسرة تبرع بشنها " اخو حفرة " عوضا عن الاخرين ليشبع نرجسيته الطاغوتية..... رسم الرئيس الامريكي بوش الاب سيناريوها مشابها للسيناريو الريغاني وترك صدام جريحا في السلطة بعد ان وقف بالضد من الانتفاضة الشعبانية ولئلا تستنسخ هذه الانتفاضة ( الشيعية حسب توصيف الخليجيين للرئيس الامريكي بوش الاب وتخويفه منها) الثورة الاسلامية الايرانية في العراق وتجلب له وجع راس اكثر مما سببه الايرانيون.. ما يحصل في سوريا سيناريوٌ مشابهٌ ومكررٌ للنسخة الريغانية والبوشية السابقتين ونسختها هذه اوبامية بامتياز ..ولو رجعنا الى بداية الاحداث في سوريا لشابه ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية مع ما قامت به في الحرب العراقية الايرانية في ادامة غليان المعارك وسعيرها ومن يحتاج الى وقود من المتصارعَين فاليد الامريكية السخية لا تتردد في الكرم الطائي التسليحي او ضرب احدهما – الحكومة السورية الان- كما هو متوقع خلال الايام او الاسابيع القادمة مادام مارد النفط الخليجي "يبول" بقوة في بالوعات العم سام .. قد تضرب امريكا حكومة بشار الاسد لتوازن كفة المعارضة التي قُصِمَ ظهرها في ثلاث معارك, القصير وحمص وقرية معلولا المسيحية والتي بالرغم من صغر مساحتها الا انها كانت ستشكل حبلا يلتف حول دمشق العاصمة ويقطع الاوستراد بينها وبين الشمال ( لم يتأكد خبر طرد المعارضة المسلحة منها حتى الان ويبدو ان الجيش السوري في طريقه لذلك) ولابد من ايقاف المعارضة المسلحة على قدميها بعد ترنحها او سقوطها عسكريا كندٍ لسلطة دمشق في الوقت الراهن ... حين قويت شوكة المعارضة في معارك حلب واضافت اراضي شاسعة لسيطرتها قبل نحو سبعة اشهر تدخلت امريكا واعلنت اعتبارها جبهة النصرة التي تقاتل في سوريا منظمة ارهابية تتبع القاعدة ... اعلان امريكا رفع من قوة الحكومة السورية ودفعها للهجوم على القصير واعادتها لسيطرته لتنقذ الحكومة من السقوط وتديم دوران طاحونة المعارك... امريكا ليست بالغباء الذي يجعلها تسقط بشارا وتفتح على اسرائيل باب جحيم في حال سيطر المتشددون على الحكم وتمردوا على متعهدهم الخليجي كما فعل الطالبانيون حين تمردوا عليه بعد الانسحاب السوفيتي عام 1989( برغم تعهد الخليجيين للأمريكيين بان هؤلاء المتشددين تحت السيطرة ) واسسوا الدولة الطالبانية... بعدها هجم الطالبانيون على الداعم الامريكي السابق وازهقوا ثلاثة الاف من ارواح مواطنيه المدنيين في هجوم سبتمبر عام 2001 ... وقادة المعارضة السورية هم نفسهم الطالبانيون والشيشانيون والمقاتلون العرب الذين غدروا بالأمريكان والاحمق من يلدغ من الطالبانيين و" مشتقاتهم" مرتين.. لا يرغب الامريكيون بوقف الحرب وسيتدخلون لإنقاذ اي طرف من الطرفين المتحاربين سوى المعارضة او الحكومة لمنع استسلام احدهما للأخر واستمرار التمتع بلذة مشاهدة عدويهما اللدودين يتقاتلان حتى الموت امريكا لن تسلم السلطة في دمشق الاّ الى "نوري مالكي " سوري يحسن التوقيع فقط على الأملآت الامريكية كما هو نورينا العراقي..
لا يوجد خميني في الحكومة السورية ولا في المعارضة " يتجرع السم "ويوقف هذه المهزلة ..ومادام الاثنان يعتبران صداما بطلا برغم أستحماره ستستمر الحرب حتى يفقد الاسد كل مخالبه واسنانه و وسَيٌرسَل معارضوه لضحية اخرى وقد تكون اليمن او مصر المرشحتين التاليتين في القائمة وبعد ان تكون امريكا قد ورّدت اكبر كمية سلاح مخزون عن طريق التاجر الخليجي للمعارضة المسلحة او الحكومة ب" سوريا غيت" جديدة.. الهدف الامريكي هو بقاء بشار الاسد جريحا افضل من حكومة طالبانية ...واسقاط سوريا من معادلة توازن القوى الشرق اوسطية مع اسرائيل افضل من وجودها قوية وتشكل تهديدا مباشرا الى اللقيط المدلل... لا ندري كم ستستمر المعارك في سوريا لتصل الى هذا الهدف الامريكي لكن بالتأكيد سيكون الخاسر الاكبر هو الشعب السوري النبيل للأسف ..
#عماد_الحسيناوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبطال الأنتفاضة الشعبانية ......حقوقكم عندي
-
الاكراد والحمار سموك
-
حمد بن جاسم رئيساً للوزراء؟
-
طارق الهاشمي رئيساً للوزراء؟
-
شبوطٌ..في بركة المالكي
-
فتح الفخذين في عيد الصحافة العراقية
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|