|
حوار مع الروائي والناقد المغربي جلول قاسمي.. في الإبداع والثقافات والأنترنت
خليفة الدرعي
الحوار المتمدن-العدد: 4209 - 2013 / 9 / 8 - 02:18
المحور:
الادب والفن
الحديث عن الذات،بالصيغة المتداولة في حوارات التعريف والتعرف،عادة ما تعيش فيه الذات الشاهدة،وضعا ملتبسا،تغيب فيه عناصر كان يجب أن تحضر وتحضر فيه أخرى كان يجب أن تغيب ،وهذه هي طبيعة الشهادة ذات الخط السير ذاتي،والأتوبيوغرافي، في مجتمع يخشى الرقيب،ويحذر الرقباء،ويُعتبر فيه الحديث العاري،ربما الصريح، مطبا ومزلقا،يوقع صاحبه في المحذور،، لذلك سأستعيض عنه، بالحديث عن التجربة،وهو ما يعني من بعض الوجوه، أن ما نُوَرّثُه للقراء،المتعاقبين، كفيل بوضعنا في الموضع المناسب..كما أنه الوحيد الذي يتحدث عنا.. ــ شروط الحياة التي عشتها،حالت دون تعلم شيء آخر غير القراءة التي كانت بمثابة تعويض،عن حاجات،ظلت مغيبة،،لأسباب مرتبطة بوضع عام عشته في مدينتي المنجمية الواقعة في شرق الوطن،، فحلت مكان التلفاز ـ الغائب ـ الذي كنا نتلصص عليه عند الجيران..كما حلت محل عدد من الهوايات الأخرى،لما استحكمت،وأصبحت هي الهواية والغاية والملاذ..وبالقدر الذي اتخذت القراءة، صورتها تلك،أصبحت بعد ذلك، عادة مثل التنفس وشرب الشاي الثقيل أثناء وجبة أدبية دسمة.. ــ أنتجتٌ روايتي الأولى،برغبة من يريد أن يقول :ها أنا ذا.. وبالشغف عينه كتبت غيرها..ومارست حقي في رصد تواريخ المعالم الموات،من المغرب العميق،وفي كشف المسكوت عنها في فضاأت الربع الخالي،،مجازيا، أماكن لم يذكرها السرد الروائي المتمركز حينها،في الوسط والعواصم،ومدن العمار..ليصبح السرد/الوصف أحيانا حالة توازي الإعتراف،حتى ولم تكن نصوصي وشخصياتي هي أنا،،فهناك منطقة معتمة نسعى دوما لإضاءتها..وهذه هي محصلة الرواية/ الواقعة، عندي..فهي تاريخ خاص/يرسم معالم العام.. ــ عدا ما كتبته من روايات(أربع روايات،آخرها "العابر" الصادرة عن أفريقيا الشرق،وكتاب نقدي،تحت عنوان الكتابة والنص الغائب،صدر عن اتحاد كتاب المغرب). ـفي حاسوبي الشخصي يرقد نصان روائيان..انشغلت عنهما بالعمل الجمعوي..وبأنشطة البحث والدراسة النقدي.وعلى الرغم من أنني لا أرى نفسي ناقدا حاذقا،برغم تثمين عدد من الإخوة الكتاب لطريقتي في ممارسة النقد..فهناك بصمة ذاتية،عندي، تخرج النقد من خانة وتدرجه ضمن خانة أخرى..ليصبح إبداعا يحاور إبداعا آخر...هل نسميه نقدا شاعريا،على غرار عدد من التجارب المعروفة في الغرب والشرق..أظن ذلك،فنحن صنائع التيارات الفلسفية، والثقافية والمراهنات النقدية القديمة والحديثة:نحن ملتقى النصوص والعلامات والفجائع والإنتكاسات النقدية والأدبية والتاريخية على وجه الإجمال.. ـ سؤالكم عن تعريف الإبداع يحيلني رأسا إلى تعريف الحياة..ولن ننجر للتعريف المعجمي والاصطلاحي وننساق وراء الكلام وتكملاته وذيول التكملات.. الإبداع حقيقة،جمالية أولا،تمتاز بالإغراء،الشبيه بالنشوة..بحالة ربانية من الوجد..بطفرة نفسية، تنتقل فيها النفس، من حال الكمون، إلى حال الجلاء..حيت يتجلى الموصوف:نصا روائيا كان أم قصيدة شعرية أم لوحة زيتية أم مقطوعة موسيقية أم نصا فيلميا على الشاشة،مبهرا، فاتنا، معروضا، في كامل بهائه، وأناقته.. الإبداع هو حالة من التخلق بين وجودين:وجود الممكن ووجود الكائن..والنفس الجميلة تنتج جمالا..حيت تنتج إحساسها بالجمال..وهنا مكمن الإختلاف بين فنان وفنان.بين مبدع ومبدع...لذلك نقول بأن لحظات الجمال هي لحظات نادرة..وقليلة ومتباعدة..والجمال هو عدو الإسفاف..والإسهال الكتابي والإبداعي.وكل مراهنة على الكثرة هي مراهنة على التسيب الإبداعي والتكرار والتناسخ وإعادة إنتاج التجارب..وتكريس مبدأ سباق الأقوياء..وهذا مشبن للإبداع ومسف للكتابة..عدد من الكتاب يعمرون الأرض زعيقا وجعجعة،ولا نرى لهم طحينا.كما يقول المثل العربي القديم.لذلك ترتد أصواتهم لحناجرهم هواء، ثم ترتطم ببعضها في واد سحيق،فتغدو نسيا منسيا،،في حين أن ثلة من الأدباء المجيدين ،على قلة نصوصهم لهم من القراء ما يوازي عدد كبيرا من الأدباء مجتمعين.. وهذا ما أشار إليه أديب قديم قائلا: بُغاثُ الطير أكثرها فراخا////وأم الطير مٌقــلاتٌ نٌزٌر
فالجمال،تبعا لذلك، ليس حالة استيهامية، أشبه بالعصاب والجنون المرضي، معزولة عن أسباب وجودها، كما يعتقد البعض، بل هو لحظة،مثل كل لحظات التلذذ،والنشوة ـ لصلة الإبداع بالجمال ـ تنتج عن علاقة بين عدد من المركبات ذات صلة بتاريخ النوع وتاريخ المجتمع وتاريخ الشخص،،وهو بطبيعته تلك، ممارسة جمالية،(أدبية، تشكيلية موسيقية) تنضاف للتراكم السابق،وتدفع نحو تعميق الخبرات أو تصحيحها أو تكريس نوع معين،،هي محطة منتجة في تاريخ الإبداع تلتقي عندها، خبرة المبدع مع خبرة المتلقي،،هي محصلة النصوص والعلامات ..هي كيمياء المعرفة،،كيمياء الحياة،،.
ـ أرجو من ربي جلت قدرته،أن يهبني العمر والقدرة لأكتب نصا يغنيني عن كل النصوص..نصا يقارب جماله جمال الجمال وكمال الكمال.
وجود الإنترنيت وجود إيجابي،هو واحد من الوسائط التي ترتفع بقيمة الأبداع وجدواه،ومقروءيته،كما تسمو بخصوبته الجمالية وبثرائه النصي،،غير أن هناك إشكالية تعترض الكتابة الإلكترونية هي السرعة في التلقي،والسرعة في طي النص..هي تحمل صفة الخبر الأدبي..الذي يشبه إلى حد ما الخبر السفاهي الذي ينتقل ويثير ما يثير في أوانه لكنه سرعان ما يذهب وتذروه الرياح..لذلك كان للكتاب نكهته المميزة..الخاصة والتاريخية،،الكتاب هو الفاعل الحقيقي في صياغة الوجدان الإنساني"الكتاب الذي لاريب في حضوره..الكتاب يجعل الابداع حالة تنقل الفكر بطريقة سلسة.... هل تصنع الشبكة العنبوتية شعراء ومبدعين؟ نقول نعم ولا..نعم بالقياس إلى طبيعة دور النشر وبعض الجرائد التي أصبحت حكرا على عينة قليلة من الشعراء والكتاب والنقاد وكأن البلد العريض الكبير لم يلد أدباء غيرهم ..الإنترنيت فضاء واسع للنشر والنقاش المفتوح ..يوفر سرعة النص وانتشاره وتلقيه بكيفية واسعة ودون رقابة....لكن هل كل التجارب تستحق أن توصف بالإبداعية؟ هنا نجيب بلا .بحيث يصبح معها الإنترنيت عرضة للإنتهاك في غياب رقيب محترف يصحح وينقح ويوجه ويدفع من أجل الكشف عن الصحيح الجميل وتوجيه الرديء..هناك نوع من المجاملات النقدية،تمليها دوافع شخصية،،تزكي أغاليط لغوية وتركيبية ونصية...وهو أمر سيبقى قائما مادام كل متأدب وساع للدخول في صفوف الأدباء لم ينتبه إلى ان الكتابة هي "صنعة" أولا..والصانع لا بد له من مادة أولية ودربة وموهبة..ثم يسعى من خلال دربته إلى تجويد صنعته حتى ينتقل من حال التلمذة إلى حال"المعلم" ..صحيح هناك عدد من التجارب الواعدة التي تطلع علينا من الفايس تدعو نحو خرق قواعد الإبداع..ولكنها في مجملها دعوات يتقن أصحابها صنعة الكتابة..ومنهم شعراء أصلاء وكتاب محترفون..
وهذا يقودنا توا إلى سؤالكم حول الثقافة وعلاقتها بالمتغير في العالم..أعتبر أن عددا من التجارب الجديدة هي وليدة المتغير العام في العالم..الانسان كائن ثقافي بامتياز..والثقافة عند العرب مرتبطة بالخبرة والدراية وهي من هذه الزاوية فرصة تفيد التعلم،والاكتساب..كونها كذلك مع طبيعة العصر الالكتروني،يجعل منها أحد الواجهات لتمثل الحداثة المعرفية في مختلف أبعادها الثقافية والفلسفية..وهي حينئذ ستصبح أحد المرتكزات لنهضة الشعوب والوعي بالذات بالطريقة التي تفسح المجال للتواصل مع العالم ولكن في افق الاحترام المتبادل والتواصل الذي لا يلغي الآخر..في الفايس نتواصل مع ديانات وثقافات ومذاهب ولغات ومسلكيات نختلف عنها بالضرورة،،ولكننا نظل كما نحن نأخذ منها المفيد وندع الذي لاينسجم مع ذواتنا..يتواصل السني مع الشيعي المؤمن والكافر والعلماني والمؤمن..لكن قاعدة التعارف يجب أن تراعي مواقف الآخرين وآراءهم ومعتقداتهم..وهذه هي الصيغة السليمة للتفاعل بين المتفاعلين ..أما الرغبة في تأجيج الحروب الكلامية ..فهو يزري بالمتحدث وطالب الحديث..الناس معادن،،خيارهم في التواصل خيارهم في التبليغ..
#خليفة_الدرعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|